أظهرت نتائج دراسات حديثة علاقة مباشرة بين ارتفاع مستوى الاحتباس الحراري وزيادة مستويات القلق والتوتر لدى الإنسان، في علاقة مثيرة للاهتمام تربط بين المناخ والصحة العقلية والنفسية للأفراد. وأبلغ خبراء الصحة العقلية عن ارتفاع عدد المرضى الذين يعانون من مستويات عالية من التوتر بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيراتها.



وتقول المعالجة النفسية كارولين هيكمان إن القلق المناخي "وحش مختلف"، وفي إشارة إلى حداثة اكتشاف تأثيرات تغير المناخ على الصحة العقلية للاشخاص تقول هيكمان "لا نعرف بنسبة 100% كيفية التعامل معها".

وأوضحت أنه "سيكون من الخطأ الفادح محاولة التعامل مع الأمر مثل المخاوف الأخرى التي نعرفها جيدًا والتي كانت موجودة منذ عقود. وهذا الأمر أسوأ بكثير”.

وفي الحالات الأكثر خطورة، يؤدي القلق المناخي إلى تعطيل القدرة على العمل اليومي. يشعر الأطفال والشباب في هذه الفئة بالغربة عن الأصدقاء والعائلة، والضيق عند التفكير في المستقبل، والأفكار المتطفلة حول من سينجو، وفقًا لبحث أعدته هيكمان.

يقوم المرضى بفحص هوس الطقس القاسي، وقراءة دراسات تغير المناخ ومتابعة النشاط الراديكالي والبعض، بشكل مدمر، يعتبر "الانتحار" هو الحل الوحيد.

وحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية فإن هيكمان ليست الخبير الوحيد الذي يرى ذلك، ففي كتابها "الدليل الميداني للقلق المناخي"، تصف سارة راي طالبة كانت تعاني من "الذنب البيئي الذي يجعلها تكره نفسها بشدة" لدرجة أنها توقفت عن استهلاك الكثير على الإطلاق، بما في ذلك الطعام.

إن مخاوف أغلب الناس بشأن الانحباس الحراري العالمي ليست واضحة إلى هذا الحد، وقد يكون من الصعب تحديد ماهية القلق المناخي بالضبط، وبالتالي ما يجب فعله حيال ذلك.

وبالنسبة للبالغين، لا تزال هناك "وصمة عار" في الاعتراف بأن ذلك يؤثر بشدة على حياتك، لكن المعالجين يقولون إنهم يواجهون زيادة في الطلب من العملاء الذين يقولون إن تغير المناخ له تأثير عميق على صحتهم العقلية.

وتشير الدراسات إلى أن القلق منتشر على نطاق واسع بشكل متزايد، والأساليب المهنية الحالية للتعامل مع القلق ليست مناسبة دائمًا في هذه المواقف، وبالنسبة للمجتمع الاستشاري الصحي، يتطلب الوضع قواعد لعب جديدة.

الدراسات تؤكد تأثير تغير المناخ على الصحة العقلية للإنسان

في عام 2021، وجدت دراسة أجريت على 10 آلاف طفل وشاب في 10 دول، شاركت في تأليفها هيكمان ونشرت في مجلة "لانسيت بلانيتاري هيلث"، أن 59% كانوا قلقين للغاية أو شديدين بشأن تغير المناخ، وقال أكثر من 45% إن له تأثيرًا سلبيًا على حياتهم اليومية.

كما وجدت دراسة استقصائية لأخصائيي الصحة العقلية في المملكة المتحدة، نُشرت العام الماضي في مجلة تغير المناخ والصحة، أنهم ينظرون إلى "عدد أكبر بكثير" من المرضى الذين يصفون تغير المناخ كعامل في صحتهم العقلية أو ضائقتهم العاطفية، وهي زيادة توقعها المشاركون.

ومن المحبط أن القلق المناخي يمكن أن يتداخل أيضًا مع مشاكل الصحة العقلية الموجودة، مما يجعل من الصعب تحليلها بمعزل عن غيرها.

وقال المعالجون لـ"بلومبرغ غرين" إنهم عادة ما يرون ارتفاعًا طفيفًا في عدد المرضى الذين يعانون من القلق المناخي عندما يكون تغير المناخ في الأخبار؛ في كثير من الأحيان في وقت قريب من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، أو تقرير علمي كبير، أو حلقة من الطقس القاسي.

وقال المعالجون إن العلماء الذين يعملون في مجال تغير المناخ كانوا من بين المجموعات الأولى التي رأوا أنها تعاني من هذا النوع من القلق، ولا تزال هذه المجموعات تكافح.

ومن بين ما يقرب من 300 شخص استجابوا لاستطلاع آراء قراء "بلومبرغ غرين" حول القلق المناخي، قال أقل من واحد من كل 5 إنهم يناقشون هذه القضية مع متخصص في الصحة العقلية.

وقالت إحدى المشاركات، ناتالي وارين، وهي مغتربة بريطانية تبلغ من العمر 42 عامًا وتعيش في سيدني بأستراليا، إنها شعرت برغبة قوية في التصرف رغم أنها لا تخضع للعلاج، مشيرة أن القلق المناخي كان مختلفًا عن تحدي الصحة العقلية السابق: فهو خارجي وليس داخليًا.

وتقول وارين: "لا يوجد شيء خاطئ مع شخص يعاني من القلق المناخي"، "ليسوا هم الذين يحتاجون إلى الإصلاح."

السؤال الأهم وفقا لهذه الدراسات والمؤشرات التي تربط بين المناخ والصحة العقلية هو ما الذي يفعله المعالجون فعليًا في غرف العلاج الخاصة بهم؟.

النقطة الأولى هي أنهم لا يقومون بأي تشخيص، لأن القلق بشأن تغير المناخ ليس اضطرابًا.

ويقول باتريك كينيدي ويليامز، عالم النفس السريري المقيم في أكسفورد بالمملكة المتحدة: "إننا نعتبره استجابة مفهومة لخطر حقيقي وعقلاني".

ويرى ويليامز أن العمل مع شخص يعاني من القلق الاجتماعي أو الرهاب يتعلق جزئيًا بـ"إعادة ضبط إحساسه بالمخاطر والتهديدات"، وإعادة تنظيم الخوف مع مستوى التهديد الفعلي، معتبرا أن هذا ليس هو الحال عادة مع تغير المناخ، لأن "التهديد حقيقي".

كما أنه لا توجد "حالة كلاسيكية" للقلق المناخي أو البيئي، وقد يحتاج بعض المرضى إلى مناقشة تجربتهم المباشرة مع التأثيرات المناخية، مثل الفيضانات أو حرائق الغابات التي تدمر المنزل، بينما قد يرغب آخرون، على سبيل المثال، في التحدث عن شعورهم بالذنب عند مشاهدة معاناة الآخرين، أو صراعاتهم مع الأصدقاء أو العائلة الذين يرفضون أو يتجاهلون عدائي.

ويقول الخبير النفسي إن الناس قد لا يقولون حتى إنهم يشعرون "بالقلق"، بل يستخدمون كلمات مثل الصدمة والحزن والاكتئاب.

ويتابع كينيدي ويليامز: "إن هذا لا يتناسب تمامًا مع طريقة تفكيرنا بشأن الصحة العقلية، ربما لأن أزمة المناخ وعلاقتنا بأزمة المناخ أكثر تعدد الأوجه من ذلك بكثير".

وغالبًا ما ينتهي الأمر بالقلق المناخي بالارتباط بالعديد من المعضلات الأخرى في المسار الطبيعي لحياة الشخص، بما في ذلك الاختيارات الكبيرة مثل إنجاب الأطفال أو عدمه، أو مكان العيش أو ما يجب القيام به من أجل العمل.

ويقارن ويليامز تجربته مع المرضى الذين يعانون من القلق المناخي بالعمل مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض تحد من نشاطهم أو صعوبات طبية، حيث لا تتوفر حلول واضحة في كثير من الأحيان.

ويقول "لا يمكنك أن تقول فقط: في الواقع، أنا متأكد من أنه لا يوجد ما يدعو للقلق".

ويتابع: "أنا متأكد من أن كل شيء سيكون على ما يرام"، وبدلاً من ذلك، يحاول مساعدة المرضى على "الازدهار وإيجاد السعادة في الظروف الصعبة".

وتقول لويز إدجينجتون، عالمة النفس التربوي البريطانية المتخصصة في علم نفس المناخ، إن التغلب على كل هذه المشاعر هو المفتاح لاتخاذ إجراءات فعلية لحل أزمة المناخ.

ويقود الخوف وعدم التمكين الناس إلى الانغلاق على الذات، مع التركيز على الحفاظ على الذات والبقاء على قيد الحياة، بدلاً من الوسائل الجماعية اللازمة لمعالجة تغير المناخ كمشكلة، كما

وتتابع إدجينجتون: "إن الرفاهية لا تقتصر فقط على العناق اللطيف والشعور بالرضا.. إنه جزء مهم من إجراء التغييرات التي نحتاج إلى إجرائها فعليًا."

شاركت ليزلي دافنبورت، المعالجة النفسية المقيمة في ولاية واشنطن، في تطوير دورة تدريبية للمهنيين الآخرين الذين يبحثون عن طرق لعلاج المرضى الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية المرتبطة بالمناخ، وهي تسلط الضوء على نوعين واسعين من استراتيجيات المواجهة: الداخلية والخارجية.

إنها تشبه القلق المناخي بحمل كرة تحت الماء، ففي نهاية المطاف، سوف تتعب ذراعك، وسوف تظهر – لا يمكن قمعها إلى الأبد.

ويمكن أن تتضمن الاستراتيجيات الداخلية تعلم كيفية تهدئة جهازك العصبي، وأخذ فترات راحة واعية، والتركيز على رواياتك العقلية.

كما تتضمن الاستراتيجيات الخارجية إيجاد طرق لاتخاذ الإجراءات بأي طريقة مناسبة، سواء كان ذلك بالتبرع بالمال أو الانضمام إلى مجموعة مجتمع محلي من أجل الهواء النظيف.

ويقول راي أستاذ ورئيس قسم الدراسات البيئية في جامعة بوليتكنيك بولاية كاليفورنيا في هومبولت: "أستطيع أن أقول إن ما يقرب من نصف قلقنا المناخي يتعلق بالشعور بعدم الفعالية في القيام بشيء حيال ذلك".

ويتابع: "قد يكون من المفيد القيام بشيء ما ضمن مجموعة بدلًا من القيام به بمفردك.

"الشيء الذي يقلل من القلق المناخي هو أن تكون جزءًا من مجموعة.. حيث يهتم الناس بقدر ما تهتم به أنت. أنت لست الوحيد."

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: المرضى الذین یعانون من المناخ والصحة الصحة العقلیة تغیر المناخ أن القلق

إقرأ أيضاً:

رئاستا مؤتمر الأطراف COP28 وCOP29 تستضيفان حدثاً رفيع المستوى لدعم العمل المناخي

استضافت رئاستا مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 وCOP29 حدثاً رفيع المستوى لتسليط الضوء على الدول الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ والتي تواجه نزاعات وأزمات إنسانية. وقد عُقد هذا الحدث على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة وشارك فيه أكثر من 30 طرفاً، حيث يهدف الاجتماع إلى عرض الخطط المخصصة لـ«الإغاثة والتعافي والسلام» في مؤتمر الأطراف COP29 والمقرر انعقاده في باكو بتاريخ 15 نوفمبر، وذلك للمرة الثانية بعد COP28 الذي عقد أواخر العام الماضي في مدينة إكسبو دبي، حيث شهد لأول مرة تخصيص يوم لـ«الإغاثة والتعافي والسلام» في تاريخ مؤتمرات COP.
جرى، خلال المحادثات، تسليط الضوء على السياسات والتمويل والإجراءات الميدانية المتعلقة بإمكانية الوصول إلى الموارد المالية، وتطبيق إجراءات التكيف لمواجهة التحديات المستمرة للدول الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ، والتي تواجه نزاعات وأزمات إنسانية كذلك، حيث تحظى هذه الدول بأقل مستويات التمويل في العمل المناخي على مستوى العالم، على الرغم من الفوائد البارزة التي يحققها الاستثمار في الغذاء والمياه والطاقة، وتعزيز القدرة على التكيف في التوصل إلى التنمية والاستقرار.
وأعرب عبدالله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة: «يُعد الاستثمار المناخي في الدول الأكثر ضعفاً أولوية ملحة وفرصة هامة لتحقيق التنمية والإغاثة الإنسانية والسلام، فقد حشد مؤتمر الأطراف COP28، اهتماماً غير مسبوق وسخر الموارد في هذا الصدد، كما يسر دولة الإمارات التعاون مع أذربيجان لضمان مواصلة الجهود في مجال العمل المناخي الذي يسلط الضوء على المجتمعات التي تحظى بأقل مستويات الدعم، بالإضافة إلى منع الخسائر والأضرار».
وصرح السفير إلشاد إسكنداروف، المستشار الأول لرئاسة مؤتمر الأطراف 29: «نقدر التعاون المخلص مع دولة الإمارات في متابعة إعلان برنامج التعافي من المناخ التابع لمؤتمر الأطراف COP28، وتسجيل النداء العاجل من أكثر الدول تضرراً بشأن ضرورة تفعيله في مؤتمر الأطراف COP29. كما نعرب عن شكرنا في هذا الصدد للدعم الواسع من المشاركين في الحدث رفيع المستوى تجاه مركز العمل المناخي والسلام في باكو، الذي سيتم إطلاقه في يوم الإغاثة والتعافي والسلام لمؤتمر الأطراف 29. الهدف المشترك الذي نتقاسمه مع دولة الإمارات وشركاء القيادة المشتركة هو جمع مختلف المبادرات المتعلقة بالمناخ والسلام لخلق تآزر يمكن من خلاله تعزيز التعاون الدولي وتمويل المناخ لصالح الأكثر تضرراً».
شهد العمل المناخي، خلال السنوات السابقة، اهتماما ملحوظاً ضمن الالتزام السياسي وتطبيق الإصلاحات لتقديم الدعم للدول التي تواجه النزاعات والأزمات الإنسانية. وقد وقعت 93 دولة و43 منظمة على إعلان الإمارات COP28 بشأن «الإغاثة والتعافي والسلام». وقد استضاف مؤتمر الأطراف COP28 العام الماضي أول يوم مخصص للإغاثة والتعافي والسلام في تاريخ مؤتمرات COP.
وأكدت جمهورية أذربيجان دعمها لخطة العمل ذاتها خلال رئاستها، حيث أصدرت «مجموعة القيادة المشتركة لمؤتمر الأطراف COP29 للمناخ والسلام» في يوليو، بياناً يدعو إلى أهمية تعزيز الجهود، بما في ذلك إطلاق مركز للعمل المناخي والسلام لتعميق الحوار، وتعزيز أوجه التآزر بين مبادرات المناخ والسلام الإقليمية وعبر الإقليمية، والاضطلاع بالإجراءات المشتركة.
كما حدد البيان القضايا الرئيسية المتعلقة في مجال ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي وتدهور الأراضي، واستعادة النظم البيئية والهجرة المرتبطة بالمناخ. وفي هذا الحدث الذي عُقد في نيويورك، بالتعاون مع تشاد وألمانيا وتيمور الشرقية وأوغندا والمملكة المتحدة، قامت الجهات الرئيسية المانحة للتمويل المناخي بتحديد مجموعة من الإجراءات المتخذة بهدف تسهيل المبادرات المناخية لدى الدول الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي، والتي شملت إعلان الصندوق الأخضر للمناخ عن مجموعة خطط للبرامج المناخية المخصصة للدول الأكثر ضعفاً، للبناء على الاتفاقية التاريخية بين الصندوق والصومال والتي تم إبرامها بعد مؤتمر الأطراف COP28.
كما استعرض البنك الإسلامي للتنمية العملية المطبقة لتسهيل منح التمويل للدول الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ بقيمة مليار دولار والتي تم إطلاقها في مؤتمر الأطراف COP28.
كما سلط مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) الضوء على الحصة المتزايدة من الإجراءات الاستباقية لمواجهة التهديدات المناخية في إطار الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ.
واستعرضت رئاسة COP29 خططها لليوم المخصص للسلام والإغاثة والتعافي، والاجتماع الوزاري رفيع المستوى المقرر بتاريخ 15 نوفمبر ضمن مؤتمر الأطراف COP29، لتقييم مدى تطبيق خطة العمل خلال مؤتمر الأطراف COP28 وتحفيز الالتزامات الجديدة.

أخبار ذات صلة رئاستا «COP28» و«COP29» تستضيفان حدثًا رفيع المستوى لدعم العمل المناخي وتحقيق الأمن والإغاثة والتعافي الإمارات تؤكد التزامها بدعم الابتكارات المفيدة للكوكب

مقالات مشابهة

  • فهم الترابط بين الإجهاد والصحة العقلية والقلب
  • رزان المبارك تدعو إلى تكامل إجراءات مواجهة تغير المناخ
  • سلطان الجابر يدعو لتنفيذ «اتفاق الإمارات» المناخي
  • هاميلتون يعترف بمشاكل "الصحة العقلية"
  • هاميلتون يعترف بالمعاناة في «الصحة العقلية»!
  • رئاستا مؤتمر الأطراف COP28 وCOP29 تستضيفان حدثاً رفيع المستوى لدعم العمل المناخي
  • الإمارات: الاستثمار المناخي في الدول الأكثر ضعفاً أولوية
  • قرض من "صندوق أوبك" لتعزيز معالجة تغير المناخ في أرمينيا
  • قرض من "صندوق أوبك" لتعزيز معالجة تغير المناخ في أرمينيا
  • COP28 وCOP29 يبحثان سبل دعم الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ