تميل دول الشرق الأوسط إلى تنويع شراكاتها الدولية، ومن المحتمل أن تفعل ذلك عبر التعاون مع القوتين المتنافستين الصين والولايات المتحدة، من خلال مشاريع مبادرة الحزام والطريق والممر الاقتصادي، في ظل تنافس على الأسواق والموارد والنفوذ في المنطقة الحيوية.

تلك القراءة طرحها عبد الله باعبود، هو زميل أول غير مقيم في مركز مالكولم كير- كارنيجي للشرق الأوسط، عبر تحليل في مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي (Carnegie) ترجمه "الخليج الجديد".

وأضاف أن الممر الاقتصادي، الذي يهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر ددول في الشرق الأوسط، "هو إعادة لتشكيل المظاهر الجيوسياسية والجيواقتصادية والاجتماعية المكانية للرأسمالية العالمية في هذا القرن، ويحتل الشرق الأوسط موقعا جيوستراتيجيا حاسما في هذه العملية المستمرة".

وتابع أن "الولايات المتحدة والصين تسعيان إلى توسيع نطاق المنافسة العالمية بينهما إلى الشرق الأوسط، لكن هذه المنطقة الحيوية مليئة بالصراعات، كما تتنافسان على إعادة تصور الروابط بين العصور الماضية التي لعبت فيها المنطقة دورا مركزيا".

اقرأ أيضاً

رغم اتفاق الهند والإمارات.. ستراتفور: الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا لا يزال بعيد المنال

أسواق وموارد ونفوذ

و"منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق، تعمق تعاون الصين مع دول الشرق الأوسط بشكل مطرد، بينما الممر الاقتصادي هو استجابة غربية ناشئة لمبادرة الحزام والطريق وجزء من المنافسة الأمريكية الصينية على الأسواق والموارد والنفوذ في المنطقة"، كما زاد باعبود.

وأردف أن "مبادرة الحزام والطريق تتقدم بوتيرة أسرع بكثير من مشروع الممر الاقتصادي، بل إنها تعمل على تعزيز المصالحة الإقليمية، كما هو الحال مع التقارب الإيراني السعودي الذي توسطت فيه الصين (في مارس/ آذار 2023)".

وتابع أنه "بصرف النظر عن التجارة المزدهرة بسبب انضمامهم إلى مبادرة الحزام والطريق، فإن مصر وإيران والسعودية والإمارات هم أيضا شركاء حوار في منظمة شنجهاي للتعاون التي تديرها الصين، وانضموا للتو إلى منظمة البريكس الحكومية الدولية للقوى الصاعدة، والتي تتمتع فيها بكين بنفوذ كبير".

اقرأ أيضاً

بجانب مشكلات التمويل وغياب التنسيق.. حرب غزة تجدد آلام "الممر الاقتصادي"

توسيع الاستقلال الاستراتيجي

باعبود قال إنه "بينما تحاول دول الشرق الأوسط توسيع استقلالها الاستراتيجي، وفي ظل تنافسها للتحول إلى لاعبين إقليميين ودوليين مؤثرين، تقدم مبادرة الحزام والطريق وغيرها من المشاريع الصينية نماذج جذابة للتعاون".

واستدرك: "ومع ذلك، بقدر ما قد ترغب دول المنطقة في الاستفادة من صعود الصين، فمن غير المرجح أن تنحاز إلى بكين بشكل مباشر"، في إشارة إلى رغبة في التحوط بين القوتين العظميين.

و"يبدو أن دول الشرق الأوسط تميل إلى توسيع وتنويع شراكاتها الدولية، ومن المحتمل أن تفعل ذلك بهدف موازنة علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة، وربما أحيانا اللعب مع  كل قوة عالمية منهما ضد الأخرى"، بحسب باعبود.

وزاد بأنه "قبل اتخاذها قرارا بشأن أفضل مسار للعمل، من المرجح أن تزن دول الشرق الأوسط، وخاصة الخليجية، تكاليفها وفوائدها عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الولايات المتحدة والصين، وخاصة إذا كانت لا تثق في نوايا البلدين".

اقرأ أيضاً

طريق التنمية والممر الاقتصادي.. فصل جديد من تنافس الصين وأمريكا بالشرق الأوسط

المصدر | عبد الله باعبود/ كارنيجي-  ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا الصين الحزام والطريق الممر الاقتصادي الشرق الأوسط مبادرة الحزام والطریق دول الشرق الأوسط الممر الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

رؤية جريئة للسلام في الشرق الأوسط

سلط جاكوب هيلبرون، محرر وزميل أول غير مقيم في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، الضوء على رؤية المؤلف أحمد الشرعي الطموحة للسلام في المنطقة في كتابه الجديد، "تشكيل المستقبل: رؤية للسلام والازدهار في الشرق الأوسط" (Shaping the Future: A Vision for Peace and Prosperity in the Middle East)، مقدماً إياه باعتباره مدافعاً حازماً عن الإصلاح في الشرق الأوسط، ومنوهاً بالتزامه بتعزيز السلام والتسامح والتقدم على الرغم من التحديات الشخصية والسياسية الكبيرة.

الرخاء الاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق للحريات السياسية والحكم المستقر

ولطالما دافع أحمد الشرعي، وهو الناشر المغربي لصحيفة "جيروزالم ستراتيجيك تريبيون"، عن العلاقات السلمية في الشرق الأوسط. ووفقاً لكاتب المقال، فإن إيمان الشرعي بالقيم الغربية يؤكد رؤيته لتعزيز التسامح والتفاهم في المنطقة.

وقال الكاتب إن عمل الشرعي يأتي في الوقت المناسب بشكل خاص، نظراً للتحولات الجيوسياسية الحالية، بما في ذلك إضعاف إيران وحزب الله وحماس، وإمكانية إعادة بناء الاستقرار في الشرق الأوسط. 

My full remarks this morning at @PressClubDC:

Ladies and gentlemen, good morning. It’s a pleasure to be back at the National Press Club. Thank you for the invitation and I look forward to taking your questions later.

Today the Middle East is on the cusp of fundamental change —… pic.twitter.com/DniwOVKotf

— Reza Pahlavi (@PahlaviReza) January 28, 2025

ويجمع كتاب الشرعي "تشكيل المستقبل" كتاباته الواسعة النطاق في مطبوعات بارزة مثل The National Interest وIsrael Hayom.

ويتضمن مقدمة بقلم "دوف زاخيم"، مراقب البنتاغون السابق، الذي أشاد بالشرعي باعتباره صاحب رؤية وعلى استعداد لمواجهة التحديات بشكل مباشر لتعزيز مُثُله.

اعتراف الشرعي بالتحولات الإقليمية يستكشف هيلبرون تحليل الشرعي الثاقب لديناميكيات الشرق الأوسط، مسلطاً الضوء على اعترافه المبكر بالتغيرات المحورية في المنطقة. وفي عام 2018، أشاد الشرعي بجاريد كوشنر، الذي شغل منصب مستشار دونالد ترامب في الشرق الأوسط، لإنجازاته الدبلوماسية.
وبينما رفض كثيرون كوشنر، أشار الشرعي إلى فهمه الدقيق للأولويات الإقليمية، خاصة المخاوف بشأن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، كما لاحظ الشرعي تغييراً في المواقف بين الأجيال العربية، الذين ينظر الكثيرون منهم الآن إلى وجود إسرائيل كحقيقة واقعة ويسعون إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية بدلاً من الحروب.

VERY IMPORTANT TO WATCH

The birth of pragmatic Political Jihadism in the Middle East

We are witnessing a critical shift in the history of the Middle East. What we are seeing today is similar to what happened in the 1980s after the Islamic Revolution took over Iran.

The… pic.twitter.com/ZJAM0uta8l

— Dalia Ziada - داليا زيادة (@daliaziada) December 10, 2024
النمو الاقتصادي كمسار نحو الاستقرار

وقال الكاتب إن حجر الزاوية في رؤية الشرعي هو الاعتقاد بأن الرخاء الاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق للحريات السياسية والحكم المستقر.

وقارن هذا النهج بنهج رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، الذي انتهت مهمته في تنشيط لبنان بشكل مأساوي باغتياله في عام 2005.

وسلط هيلبرون الضوء على تركيز الشرعي على البعد الاقتصادي للدبلوماسية، مشيراً إلى أن الاتفاقية البحرية بين إسرائيل ولبنان التي توسطت فيها الولايات المتحدة في عام 2020 حلت النزاعات التي استمرت عقوداً من الزمان حول المياه الإقليمية، مما مكَّن من استكشاف الطاقة والتعاون الاقتصادي، والذي يعده الشرعي ضربة حاسمة لخنق حزب الله لتجارة لبنان مع إسرائيل.

 إيران والإرهاب العالمي

وتشمل واقعية الشرعي بشأن الشرق الأوسط انتقاداً لا يتزعزع لإيران، التي يعدها مركز الإرهاب العالمي.

ولفت الكاتب النظر إلى تحذيرات الشرعي بشأن الدور المزعزع للاستقرار الذي تلعبه إيران، بدءاً من دعمها لحزب الله والحوثيين إلى تزويد روسيا بالطائرات دون طيار في الصراع في أوكرانيا.
ودعا الشرعي الولايات المتحدة إلى محاسبة القادة الإيرانيين على الإرهاب، واقترح اتخاذ إجراءات قانونية كوسيلة لإرسال رسالة قوية مفادها أن مثل هذه الأعمال لن يتم التسامح معها.

الفرص المستقبلية

واختتم هالكاتب مقاله بالقول إلى الشرعي يقدم رؤية جريئة وعملية للتغلب على الانقسامات التاريخية في الشرق الأوسط ورسم مسار نحو الاستقرار والتعاون.

مقالات مشابهة

  • قراءة في مخاطبات ترمب تجاه الشرق الأوسط والسودان
  • ورقة ديب سيك الرابحة.. كيف قلبت الصين الطاولة على أمريكا؟
  • الصين تهدد عرش أمريكا في الذكاء الاصطناعي.. تفاصيل
  • رؤية جريئة للسلام في الشرق الأوسط
  • عن زلازل وشيكة في الشرق الأوسط... إليكم ما أوضحه خبير لبنانيّ
  • وزيرا خارجية أمريكا وبريطانيا يبحثان الصراع في الشرق الأوسط وأوكرانيا ضمن قضايا عالمية
  • منير أديب يكتب: مخطط محكم.. خريطة الشرق الأوسط الجديد ودور التنظيمات الإسلاموية في رسمها
  • الاتحاد الأوروبي: نلتزم بحل الدولتين كإطار لتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط
  • هل يتعارض شعار "أمريكا أولاً" مع المصالح الإسرائيلية؟
  • تيك توك تكرم المواهب والإبداعات المتميزة في المنطقة