قاضٍ مصرى: القاضية الأوغندية تنكر اختصاص المحكمة الدولية وتهدر تطبيق أهم مصادرالقانون
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
قال المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إن القاضية الأوغندي بالمحكمة الدولية فيما يخص الأحداث في قطاع غزة، تنكر اختصاص المحكمة الدولية وتهدر تطبيق أهم مصادرالقانون الدولى لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، وأنه يجب عليها التنحى وإذا أصرت يجب على رئيس المحكمة إجبارها ،وإذا ثار بينهما نزاع وجب عرضه على المحكمة.
يقول الدكتور محمد خفاجى الرأى المخالف الذى أدلت به القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي والتى تشغل الاَن منصب نائب رئيس محكمة العدل الدولة ينحصر فى نقطتين إنحيازًا إسرائيل: الأولى أنها انكرت الولاية والاختصاص للمحكمة بحجة أن القضية سياسية وليست قانونية ! بزعم أن النزاع بين دولة إسرائيل وشعب فلسطين ليس نزاعًا قانونيا مما تختص به المحكمة، بل نزاع سياسى ليس مكانه المحكمة ! والنقطة الثانية إنحيازًا لإسرائيل بقولها أن التدابير المؤقتة لم يتم استيفاؤها وأن جنوب إفريقيا لم تثبت من حيث الظاهر، أن الأفعال التي يُزعم أن إسرائيل ارتكبتها قد ارتكبت مع نية الإبادة الجماعية اللازمة، وارتات سيادتها أن التدابير المؤقتة التي أشارت إليها المحكمة في الأمر ليس لها ما يبررها ! وذلك على الرغم من أن نية الإبادة لدى إسرائيل ثابتة على مرأى ومسمع من العالم.
ويضيف عن النقطة الثانية التى دونتها القاضية الأوغندية فى رأيها المخالف عن عدم ثبوت نية الإبادة الجماعية فى جانب إسرائيل وأن فتات التدابير المؤقتة ليس لها ما يبررها، فقد أجاز لها القانون الدولى أن تقول رأيها المخالف كيفما شاءت حسب قناعتها رغم أن ظاهر نية الإبادة واضح للعالم كله، أما النقطة الأولى الخطيرة التى أركز عليها هى قول القاضية الأوغندية بإنكار اختصاص المحكمة بنظر قضية إبادة إسرائيل لشعب فلسطين بقطاع غزة ، فهل يمثل ذلك منها إنكارًا للعدالة بحيث أن رأيها إن تم الأخذ به فيجعل النزاع بلا قاضٍ يفصل فيه ؟ هذا هو السؤال الأخطر عالميًا ونطرحه ليكون محلًا لقول الحق بفكر مستجد يتفق وروح قواعد القانون الدولى.
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن القاضية الأوغندية تهدر تطبيق مصادرالقانون الدولى فى القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية على قمتها اتفاقية منع الإبادة الجماعية ، وتفصيل ذلك أنه يوجد مصادر رئيسية لتطبيق القانون الدولى فى القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية على قمتها الاتفاقيات الدولية وأخرى احتياطية، وﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟرﺳﻣﯾﺔ وأخرى احتياطية أوﺿﺣتها اﻟﻣﺎدة ٣٨ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺟزءًا ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻻﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻗد ﺟﺎء ﻓﯾﮭﺎ: "١-وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ إﻟﯾﮭﺎ وﻓﻘﺎً لأﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ، وھﻲ ﺗطﺑق ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﺄن: (أ) اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻊ ﻗواﻋد ﻣﻌﺗرﻓﺎً ﺑﮭﺎ ﺻراﺣﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدول اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺔ.(ب) العرف الدولي، كدليل على ممارسة عامة مقبولة كقانون، أى العادات الدولية المرعية المعتبرة ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧون دل عليه تواتر الاستعمال (ج) ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ أﻗرﺗﮭﺎ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﻣدينة (د) أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم وﻣذاھب ﻛﺑﺎر اﻟﻣؤﻟﻔﯾن ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻣم. وﯾﻌﺗﺑر ھذا أو ذاك ﻣﺻدرا ً اﺣﺗﯾﺎطﯾﺎً ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون وذﻟك ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة (٥٩) التى تتعلق بمبدأ نسبية أثر الأحكام فلا يكون للحكم قوة الإلزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفى خصوص النزاع الذى فصل فيه. وﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻧص اﻟﻣﺗﻘدم ذﻛره أي إﺧﻼل ﺑﻣﺎ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ وﻓﻘﺎً ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎف ﻣﺗﻰ واﻓق أطراف اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ ذﻟك"
فكيف يتنسى للقاضية الأوغندية كنائبة رئيس محكمة العدل الدولية أن تهدر أهم مصادر القانون الدولى وهو اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ المتمثلة فى اتفاقية منع الإبادة الجماعية ! وتتملص من خضوع قضية إبادة إسرائيل للشعب الفلسطينى بقطاع غزة من اختصاص المحكمة الدولية ! وتمتنع عن تطبيق الاتفاقية التى تمنع الإبادة الجماعية وهى على قمة مصادر القانون الدولى كمعاهدة دولية بحجة أنها قضية سياسية لا تخضع لاختصاص المحكمة! مما باتت معه غير صالحة لنظر القضية ووجدانها منحاز لإسرائيل بحجة السياسة.
يذكر الدكتور محمد خفاجى ألم تعلم القاضية الأوغندية ما تنص عليه المادة 24 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية فى فقرتها الأولى " إذا رأى أحد أعضاء المحكمة، لسبب خاص، أنه لا ينبغي أن يشارك في الفصل في قضية معينة فعليه إبلاغ الرئيس بذلك." فإذا هى أفصحت بالفعل عن رأيها المخالف – والرأى المخالف مكنة يمنحها القانون الدولى شريطة ألا تتسلب المحكمة من ولايتها - بأن قضية إبادة إسرائيل لشعب فلسطين بقطاع غزة هى قضية سياسية وليست قانونية ! وبالتالى ينبغي عليها ألا تشارك في الفصل فيها، فى ضوء قناعتها بعدم ولاية المحكمة لها ويجب عليها إبلاغ رئيس المحكمة بذلك، فلماذا تصر على نظر قضية غير قانونية من وجهة نظرها وتعتبرها عملا من أعمال السياسة.
ويضيف إذا تمادت القاضية الأوغندية نائب رئيس محكمة العدل الدولية فى الإصرار على نظر قضية إبادة شعب فلسطين وهى غير صالحة لنظرها لإفصاحها الجهير أمام العالم أن القضية سياسية، لا يجب على المحكمة نظرها فإنه ينبغى على رئيس محكمة العدل الدولية القاضي اللبناني نواف سلام إجبارها على التنحى، ولا ينبغي أن يسمح لها بأن تحضر فى جلسات قضية جنوب إفريقيا وإسرائيل، وعليه أن يخبرها بذلك، نزولًا على ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة المادة 24 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية والتى بموجبها " إذا رأى الرئيس، لسبب خاص، أن أحد أعضاء المحكمة لا ينبغي أن يحضر قضية معينة فعليه أن يخبره بذلك." بل واجب على رئيس المحكمة فى حالة إذا ما ثار خلاف بينه وبينها أن يعرض الأمر برمته على المحكمة لتصدر قرارًا بشأن إجبارها على التنحى إعمالًا للفقرة الثالثة من المادة 24 المشار إليها التى نصت على أن " إذا اختلف عضو المحكمة والرئيس في أي حالة من هذا القبيل، يتم الفصل في الأمر بقرار من المحكمة".
ويختتم أن إجبار القاضية الأوغندية لن يؤثر على صحة تشكيل المحكمة وفقًا للمادة 25 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية فى فقراتها الثلاث بأن " تنعقد المحكمة بكامل هيئتها ما لم يُنص صراحة على خلاف ذلك في هذا النظام الأساسى رهنا بشرط ألا ينخفض بذلك عدد القضاة المتاحين لتشكيل المحكمة إلى ما دون أحد عشر، ويجوز أن تنص لوائح المحكمة على السماح لقاض أو أكثر، حسب الظروف وبالتناوب، بالاستغناء عن الجلسة. ويكفي وجود تسعة قضاة نصاب المحكمة لتشكيل المحكمة".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مجلس الدولة قطاع غزة المستشار محمد عبد الوهاب القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي إبادة الجماعية القضية سياسية محکمة العدل الدولیة القاضیة الأوغندیة الإبادة الجماعیة رئیس محکمة العدل القانون الدولى اختصاص المحکمة قضیة سیاسیة نیة الإبادة قضیة إبادة
إقرأ أيضاً:
خطاب زعيم طالبان.. هل ينجح فى تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى رسالة بمناسبة عيد الفطر، أكد زعيم طالبان، هيبة الله أخوندزاده، رغبة الجماعة فى إقامة علاقات قوية مع العالم الإسلامى تقوم على مبدأ "الأخوة الإسلامية"، إلى جانب علاقات "جيدة ومفيدة" مع الدول الأخرى، وفقًا لمبادئ الجماعة.
ودعا أخوندزاده المجتمع الدولى إلى احترام معتقدات الشعب الأفغاني، وعدم التدخل فى شؤون البلاد الداخلية، مشددًا على أهمية الاستقرار والأمن والتقدم. كما أعرب عن دعمه لأداء وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، متجاهلًا الانتقادات الموجهة إليها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، واعتبر أن عملها يهدف إلى منع الفساد وتحقيق الإصلاح الاجتماعي.
وأضاف أن جهود هذه الوزارة ساهمت فى تقليل "مستوى الشر"، مشجعًا إدارات طالبان والمواطنين على التعاون مع مفتشيها للقضاء على الفساد. ومع ذلك، تتهم منظمات حقوق الإنسان هذه الوزارة بانتهاكات واسعة، لا سيما ضد النساء والفتيات، كما تواجه اتهامات باحتجاز الأفراد تعسفيًا ومضايقة النساء فى الأماكن العامة.
وفى جزء آخر من رسالته، دعا زعيم طالبان إلى وحدة الصف بين الجماعة والشعب الأفغاني، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت سنوات طويلة من الصراعات والحروب، ولكنها أصبحت الآن تتمتع بالاستقرار.
وأكد أن الوضع الأمنى أصبح مضمونًا، مستذكرًا المعاناة التى عاشها الأفغان خلال العقود الماضية، حيث كانت البلاد تشهد عمليات قصف واعتقالات، فى حين أن الوضع الراهن، وفقًا له، يمثل تحولًا نحو الأمن والازدهار.
كما شدد على أن طالبان تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع تنموية، داعيًا علماء الدين إلى شرح قوانين الجماعة، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وحثّهم على تعزيز التزام المجتمع بهذه القوانين.
ورغم دعوته إلى إقامة علاقات جيدة مع العالم، لم يبدِ زعيم طالبان أى استعداد لقبول الشروط الدولية لتطبيع العلاقات، مثل رفع القيود المفروضة على النساء وتشكيل حكومة شاملة.
يُذكر أن طالبان فرضت قيودًا صارمة على حقوق النساء والفتيات، بينما تُوصف حكومتها بأنها تفتقر إلى التنوع العرقى واللغوى والديني.
ويبدو من خلال لغة خطاب زعيم طالبان تمسكه بالأطر المفاهيمية واللغوية التى تعبر عن أيدولوجيا الحركة، حيث إنه يلجأ إلى توظيف اللغة الدينية لتعزيز شرعية حكم طالبان، مثل الإشارة إلى "الأخوة الإسلامية" و"نعمة الأمن"، إضافة إلى توظيف مصطلحات مثل "إصلاح الناس" و"منع الفساد" لتبرير سياسات الجماعة المثيرة للجدل.
ويحاول زعيم طالبان فى خطابه التأكيد على أن حكومة طالبان نجحت فى تحقيق الاستقلالية والسيادة الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي، وتقديم طالبان كحامية للأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب، فضلا عن محاولة تحسين صورة وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر رغم الانتقادات الواسعة.
واللافت فى خطاب زعيم طالبان الأخير، وهو التأكيد على ضرورة تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى أو العالم الخارجي، وذلك على الرغم من تمسك الحركة بسياسات تثير استياء المجتمع الدولي، فى ظل الرفض للشروط الدولية، مثل حقوق المرأة وتمثيل شامل فى الحكومة.
ويبدو من خلال خطاب زعيم طالبان أنه ليس لديه أية استعدادات لتقديم أى تنازلات أو تغيير فى السياسات التى تنتهجها الحركة لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي، لكنه يريد من المجتمع الدولى أن يتقبل الحركة كما هى وأن يتقبل سياساتها وإن كانت تخالف قناعات العالم الذى يريد أن يندمج فيه.
وفى ظل الانتقادات المستمرة من جانب المجتمع الدولى لسياسات طالبان، لا يبدو أن هناك إمكانية للتوافق، فى ظل تجاهل الحركة لكل المطالبات المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفع القيود التى تم فرضها على المرأة الأفغانية، خاصة فيما يتعلق بالتعليم، إضافة إلى ملف الحريات الذى يشهد مزيدًا من التضييق.
وقد خلا الخطاب الذى ألقاه زعيم طالبان من أى رسائل طمأنة للمجتمع الدولى بشأن الملفات الخلافية، كما أنه بم يقدم أيضًا رسائل طمأنة للداخل رغم الاعتراضات المستمرة على القيود المفروضة، لكن الخطاب ركز فقط على استحسان السياسات الحالية لترسيخ حكم طالبان مهما كانت تتسبب فى غضب شعبي.
كما أن خطاب زعيم طالبان يؤسس لقاعدة تبدو راسخة لديه، والتى تتمثل فى أن أى علاقات تقيمها طالبان سواء مع الدول الإسلامية أو الدول الأخرى سوف تكون وفقا لـ"مبادئ الجماعة"، وهو الأمر الذى يشير إلى أن دعوة التقارب وتحسين العلاقات مع المجتمع الدولى لن يتوفر لها ما يجعلها قابلة للتنفيذ ن جانب الحركة.