الجزيرة:
2024-10-02@00:19:35 GMT

رحيل عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

رحيل عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح

غيّب الموت، نهار أمس الثلاثاء في العاصمة المصرية القاهرة، الصحفي السوداني محجوب محمد صالح، الموصوف بعميد الصحفيين السودانيين، عن عمر ناهز 96 عاما.

وُلد الراحل محمد صالح في العام 1928 بالخرطوم، حيث تلقى مراحل دراسته الأولية واللاحقة، ليتخرج في كلية غردون التذكارية الثانوية، التي تحولت لاحقا إلى جامعة الخرطوم.

بدأ الصحفي محمد صالح مسيرته الصحفية في العام 1949، وفي العام 1953 أسس صالح مع كل من الصحفيين بشير محمد سعيد ومحجوب عثمان صحيفة "الأيام"، التي صدر عددها الأول في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، وشغل فيها عددا من المناصب التحريرية. كما أصدر صحيفة "سودان تايمز" الصادرة باللغة الإنجليزية، بشراكة مع الكاتب والسياسي من جنوب السودان بونا ملوال.

التحق محمد صالح بالحركة السودانية للتحرر الوطني المختصرة "بحسدتو" آخر العام 1946، حيث مارس من خلالها نشاطه السياسي ضد الإدارة البريطانية، وتحولت "حسدتو" بعد ذلك إلى الجبهة المعادية للاستعمار ومن ثم إلى الحزب الشيوعي السوداني، وفي العام 1947 التحق بكلية الآداب، وفي العام 1948 انتخب نائبا لسكرتير لجنة اتحاد طلبة الكلية الجامعية، وأصبح السكرتير عام 1949، ولقيادته إضرابا طلابيا فصل محجوب ومعه زميلاه اليساريان الراحلان مصطفى السيد والطاهر عبد الباسط من الكلية، بحسب الصحفي والكتاب السوداني صديق محيسي الذي نعاه بمقال بعنوان "رحيل آخر أهرامات الصحافة".

وينقل محيسي عن الصحفي الراحل قوله "بدأت الصحافة من أسفل السلم وانخرطت في العمل الميداني كضرورة على أي صحفي في سني أن يقوم بها، وبعد أن انخرطت في المجتمع السياسي وتوسعت دائرة مصادري السياسية والاجتماعية ابتعثت عام 1952 إلى بريطانيا بمنحة من المجلس الثقافي البريطاني لقضاء دورة صحفية لمدة 6 أشهر في صحيفة "الديلي إكسبريس" وبعض الصحف الإقليمية، وكانت تلك أول خطوة في اكتساب التجربة العالمية".

بمزيد من الحزن و الأسى ينعي منبر المغردين السودانيين

الأستاذ محجوب محمد صالح الذي فاضت روحه بالقاهرة اليوم لنفقد علما وقلما شجاعا و ذاكرة ثرية بتاريخ الصحافة والثقافة والإعلام

ونتقدم بالتعازي لجموع الشعب السوداني ولأسرته الكريمة وزملائه وتلاميذه

وانا لله وانا اليه راجعون pic.twitter.com/o1XvJAu4Ky

— منبر المغردين السودانيين (@SUDTwittForum) February 13, 2024

ويكمل "عدت من بريطانيا لأطبق ما تعلمته من فنون الصحافة، خصوصا الدقة في نشر الخبر وأركانه التي لم تكن معروفة في الصحافة السودانية، وبذلك تخلصت من اللغة الإنشائية في صياغة الأخبار معتمدا على المباشرة في الوصول إلى المعنى، وهناك أيضا عرفت كيف يتحول الخبر إلى تحقيق صحفي، وما هو الفرق بين المقابلة الشخصية والتحقيق الصحفي".

عُرف محمد صالح بمناصبه القيادية في اتحاد الصحفيين العرب واتحاد الصحفيين الأفارقة، ونال جائزة القلم الذهبي من المؤسسة العالمية للصحافة، وجائزة حقوق الإنسان من الاتحاد الأوروبي. يُذكر أن الراحل محمد صالح كان واحدا من الصحفيين المهتمين بقضية جنوب السودان ومسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتطوير مهنة الصحافة.

ألّف محمد صالح عددا من الكتب، أبرزها "أضواء على قضية جنوب السودان"، و"مستقبل الديمقراطية في السودان"، و"الصحافة السودانية في نصف قرن". كما انتُخب نائبا في البرلمان السوداني في العام 1965، في الحكم الديمقراطي الذي أعقب ثورة أكتوبر السودانية، التي أطاحت بحكم الفريق في الجيش السوداني إبراهيم عبود.

ووصف رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في نعي رسمي أصدره، الراحل محمد صالح بأنه يُعد رمزا من رموز الصحافة السودانية وقلما وطنيا نذر حياته في خدمة القضايا الوطنية، مهتما بالشأن العام، ومشاركا في عدد من المنظمات الوطنية والمنابر المعنية بالشأن السوداني داخل الوطن وخارجه. واعتبره من الشخصيات الرائدة التي نهضت بمسيرة الصحافة السودانية وعمقت ارتباطها بالرأي العام، حسب تعبيره.

وقال البرهان إن الراحل محمد صالح كان كاتبا وصحفيا لا يشق له غبار، وأحد المراجع الموثقة لتاريخ الصحافة السودانية، وفق قوله.

وكتب رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير منوها "بتاريخ الفقيد الكبير وواجبه الوطني والتنويري في مقتبل العمر، وعاش وفيا لهذا الواجب منذ أن كان طالبا في كلية الخرطوم الجامعية التي فُصِل منها بسبب نشاطه السياسي المناهض للاستعمار البريطاني من موقعه ضمن قيادة اتحاد الطلاب".

وداعاً عميد الصحافة السودانية

أغمض الأستاذ #محجوب_محمد_صالح عينيه وغفا وغفوته الأخيرة، بعد عقودٍ من العمل الدؤوب في مهنة الصحافة أنفقها في التنوير والتبشير بالحياة الكريمة والدفاع عن شروطها، تاركاً فراغاً يصعب أن يجد مَن يملؤه فى المدى المنظور.

لقد أدرك الفقيد الكبير واجبه… pic.twitter.com/sRlgasyEHU

— Omer Eldigair (@omereldigair) February 14, 2024

وأشار إلى أن مساحته الشهيرة "أصوات وأصداء" مدرسة‭ ‬عالية‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬المقالة الصحفية، إذ لم‭ ‬تكن لاهثة‭ ‬وراء‭ ‬الأحداث والإثارة أو واقفة عند العوارض والهوامش، بل كانت موسومة بالموضوعية والرصانة ومعنية‭ ‬بالأسباب‭ ‬والجذور -دون وجل ولا حول- حفرا في باطن الفرص والتحديات وبحثا عن أفق مُضاء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الصحافة السودانیة الراحل محمد صالح محجوب محمد صالح فی العام

إقرأ أيضاً:

رحيل هرم شعري ناطق، ومفعم بالتجاوز

وجدي كامل

لم يكونا شاعرين كبيرين فقط، بل صديقين عزيزين جمعت بينهما صداقة ستينية، قديمة، عميقة أقام فيها ود المكي قسطا من الزمن، وسكن أحيانا بدار العوض الجزولي.

ما بين كمال، ومحمد، كانت أكثر من توأمة، ورباط من صداقة متينة، وذكريات مشتركة، ومحبة مشتركة جمعتهما وآمالا عراضا لمستقبل يستحقه هذا الشعب الأبي. كانت، وحين يغيب محمد المكي في مهاجره المتعددة حسب الوظيفة الديبلوماسية والهجرة الأخيرة لبلاد العم سام تشتعل المراسلات، والاتصالات الهاتفية، وينتظر صديقه كمال قدومه على أحر من الجمر. ما أن يحط الرحال، حتى يقوم كمال بتعطيره على المجالس، والجلسات، وينتقلان بعسل المؤانسة من مكان إلى مكان، وتتألق الخرطوم، وبيوت المثقفين والفنانين.

سعدت بأن كنت شاهدا على ذلك، وواحدا من أولئك ممن تشرفت بيوتهم بزيارتهما معا، بعد مشاهدة فيلمية مشتركة لفيلمي (جراح الحرية). كانت تلك واحدة من مرات عديدة، استطعت التعرف فيها على الرجل السهل الممتنع، اللطيف، المبتسم، الهادئ، الدمث الخلق، والمعجون بالتواضع الجم، وحب الآخرين.

حزن محمد المكي أيما حزن وفاة صديق عمره كمال الجزولي، وكانت زيارته للتعزية بالقاهرة بمجرد وصوله لها. ولكن وحسبما كان قد أسر لي الدكتور أبي كمال الجزولي قبل أيام، وكان العلم قد نما إلى أن شاعرنا قد توفي سريريا منذ دخوله مستشفى الفؤاد، بأن ود المكي كان، وفي حزنه العميق على غياب صديقه بدا مشغولا في تلك الزيارة بالتعرف من أبي على تفاصيل تحضير جثمان الميت، ودفنه، والإجراءات المتبعة بالقاهرة لتلك الطقوس، وكأنه قد اختار الموت، وكأنه قد عاد ليموت في مكان أقرب لموطنه الذي أحب وعشق.

عاد ليموت ويشيعه من عرف أفضاله الثقافية والإنسانية علينا بعد أن امتنع الوطن الممزق، المحترق هذه المرة عن الاستقبال، وحيث لم تكن هناك (أمته) التي تشتت في بقاع الأرض ونزحت، ولكن يحمد إلى أن احتفظت بكثافة من وجود بقاهرة المعز.

كم كنت أتمنى أن أكون أحد المودعين لولا العوائق. ها ذا أني أشاهد الوجوه، وقد تبللت بالدموع، واسمع العويل، وبكاء من عرفوك. ها ذا إني أرى وداعا جليلا، ضخما يليق بمقامك، وقامتك يا محمد المكي، يا من أسعدتنا بحياتك، ومساهماتك الشعرية المتميزة، المتفردة.

أقول باسمك وباسم صديقك، وكل من رحل عنا في هذه الظروف القاهرة، العصيبة سوف تتوقف الحرب، سينتصر الشعب، وسينكسر حائط السجن الرمزي الكبير الذي شيدته مؤسسات القهر والقمع التاريخية والمستحدثة، وستشتعل الحقول قمحا ووعدا وتمني ومدنية.

ستبقى ذكراك خالدة فينا، وفي الأجيال القادمة، ولن تنقطع سقياك لقلوبنا ولذاكرتنا أبدا. الوداع، ولا أجد في هذه اللحظات الحزينة أبلغ من مرثيتك لشيخك، وشيخ شعرائنا المحدثين محمد المهدي المجذوب في وداعك المهيب له شعرا عند الرحيل: من جمالك في الموت

يتخذ الورد زينته

والمواسم حناؤها

والعصافير تترك توقيعها في رمالك

برحيلك

ﺃﻇﻠﻤﺖ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺩﻳﺲ ﺃﺿﺄﻥ

ﺑﺮﺣﻴﻠﻚ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻨﺪﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ

ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ

ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ

ﺗﻔﺘﻘﺪ ﺍﻷﺑﺠﺪﻳﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﺮﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺩﻳﻌﺘﻬﺎ ( ﻟﺆﻟﺆ ﺍﻟﺸﻌﺮ ) ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ

ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﺷﻌﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ

ﻭﺗﻌﻮﺩ إﻟﻴﻚ ﻃﻔﻮﻟﺘﻚ ﺍﻟﺬﺍﻫﺒﺔ.

الوسوموجدي كامل

مقالات مشابهة

  • فاروق: الأهلي يؤجل رحيل خالد عبد الفتاح إلى يناير
  • 9 معلومات حول الشاعر السوداني الراحل محمد المكي إبراهيم
  • نِقابة الصحفيين السودانيين تختتم فعاليات مؤتمر قضايا الإعلام السوداني الأول
  • تذليل كافة العقبات والتحديات التي تواجه إدارة امتحانات الشهادة السودانية
  • نقابة الصحفيين تحتفي برموز الصحافة المصرية والعربية
  • على هامش معرض الكتاب.. نقابة الصحفيين تحتفي برموز الصحافة المصرية والعربية
  • على هامش معرض كتاب “الصحفيين”.. عرض الفيلم الوثائقي "التابعي.. أمير الصحافة" الثلاثاء
  • على هامش معرض كتاب “الصحفيين”.. محاضرة عن "تجربة محمود عوض بين السياسة والفن والصحافة" الثلاثاء
  • جراح منسية.. الصحة النفسية ليست أولوية للمؤسسات التي تُشغّل الصحفيين في غزة
  • رحيل هرم شعري ناطق، ومفعم بالتجاوز