استراتيجية لإصلاح التعليم في السودان: تماشياً مع شعارات ثورة ديسمبر 2018
(قدر الأمم ومصيرها يبدأ من الفصل الدراسي)

بقلم
الدكتور أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الأزهري - جامعة الخرطوم
(الجزء الرابع)

استقطاب حكومة رواندا للعون الخارجي لدعم مشاريع التعليم
• التمويل:
المال بلا شك، هو اساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهو يمثل الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها تحقيق الازدهار الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للأفراد والمجتمعات بشكل عام.

والمال هو العنصر الأساسي الذي يسهم في تحفيز الاستثمار، وتمويل الأنشطة الاقتصادية، وتحقيق التوازن في الأسواق، وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع، مما يعزز من فرص النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. فهو قبل كل شيء، يُعَد عاملاً أساسياً لتمويل الاستثمارات، وهي العمليات التي تسهم في بناء وتطوير البنية التحتية، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحسين التكنولوجيا، وتوفير فرص العمل. ويعتبر ايضاً أداة لتحقيق التنمية الاجتماعية من خلال دعم البرامج والمشاريع الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين جودة حياة الفئات الضعيفة والمحرومة في المجتمع. فمن خلال تخصيص الموارد المالية للتعليم، والصحة، والسكن، والقضايا الاجتماعية الأخرى يمكن تحقيق تقدم كبير في مستوى المعيشة والتمتع بفرص متساوية للجميع.
ونخلص الى ان المال ليس مجرد وسيلة للتبادل التجاري، بل هو عنصر أساسي يؤثر بشكل كبير في تطور وازدهار الاقتصادات والمجتمعات. ومن هنا، يتبين أهمية إدارة الموارد المالية بشكل فعال وفعالية لضمان استخدامها بطريقة تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل شامل ومستدام. هذا المدخل الذي يتحدث عن بعض البديهيات في اهمية المال هو المدخل لنا في تامل المجهودات التي بذلتها الحكومة الراوندية لتوفير المال لدفع مشاريعها التنموية وخاصة في مجال المتعليم.
ففي المقال الثالث، تحدثت عن تطور التعليم في رواندا، حيث أشرت إلى أن الجرح العميق الذي خلفته الحرب الأهلية كان درساً استفاد منه الشعب الرواندي، وعمل بجد لتجاوز هذه المأساة. وأكدت على أن الحكومة والدولة قامتا بالاستثمار في التعليم، مؤكدةً بذلك أن الإنسان هو أعظم رأسمال في أي نشاط بشري على هذه الأرض.
استهدف العمل الرئيسي للحكومة والدولة في رواندا التطوير في التعليم، وذلك من خلال تخصيص ما يعادل 4% من الدخل القومي للتعليم، وما يعادل 20% من الميزانية السنوية للدولة للتعليم العام، مع تخصيص 47% من هذه الميزانية للتعليم الابتدائي. وأشرت في المقال اياه إلى نجاح الحكومة الرواندية في جذب الدعم المالي من مؤسسات الأمم المتحدة والدول المانحة والمنظمات الخيرية، حيث بلغت نسبة هذا الدعم 46% من ميزانية التعليم، وهذا يتماشى مع رؤية الدولة لعام 2050. وتمكنت الحكومة من جذب هذا الدعم من خلال فرض قوانين النزاهة في التصرف في المال بشفافية وتكليف المختصين بالعمل كل في مجاله. ومن خلال هذه الشفافية ووضوح الرؤية، تحفزت المنظمات المانحة على تقديم الدعم المالي بسخاء. وتتم مراجعة جميع التخصيصات المالية بدقة مع التركيز على تحقيق الأهداف المطلوبة. وقد هدفتُ من خلال استعراض تجربة رواندا إلى تثقيف أصحاب الوجعة في السودان (السياسي والمخطط والمواطن والطالب) حول الجهود والخطوات التي اتخذتها هذه الدولة الأفريقية الصغيرة لتخطي المحنة وصنع نموذج يحتذى به لباقي دول القارة، وربما للعديد من دول العالم الثالث.
• كيف يمكن ان يستفيد السودان من التجربة الراوندية بعد توقف الحرب؟
تمثلت نجاحات ثورة ديسمبر2018 في الاتي:
- خروج السودانيين في المسيرات المليونية - وهو أمر غير مسبوق في التاريخ الأنساني القديم والحديث- اسقط حكومة الكيزان الى الابد.
- تكوين الحكومة - مع ما صاحب ذلك من نقص في استيعاب العسكر ، كان يعني بداية العصر المدني للدولة السودانية.
- انجازات لجنة ازالة التمكين أرعبت المنظومة الاخوانية الفاسدة وضربتها في مقتل في المال والممتلكات والسلطة.
- اتفاق جوبا مع عيوبه استطاع ان يسكت صوت البندقية الى الابد.
- مؤتمر باريس :
وكان هذا قاصمة الظهر اذ بيّن اليد الطولى واللاحقة لرئيس الوزراء ومجموعة الطاقم الفني من الوزراء حيث نجح المؤتمر برفع اسم السودان من القائمة السوداء وارجع السودان الى حظيرة الانسانية التي حرمنا منها وخففت الديون عن كاهل السودان وتأهل للمساعدات والقروض الدولية التي تؤهله لدخول عصر التنمية واستقطاب العون الخارجي.
نجح مؤتمر باريس كما قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد العظيم المهل، إن "المؤتمر كان إيجابياً عكس المؤتمرات السابقة، حيث حقق جزءاً كبيراً من أهدافه"، مشيراً إلى أن "تحقيق هذه الأهداف ينفصل تماماً عن مسألة تأثير ذلك على المواطن مباشرة في المدى القريب، لكن من الطبيعي أن يظهر هذا الأثر في حال استلام السودان لأي مبلغ تم التعهد به سواء في شكل منح أو قروض، وأضاف المهل "في شأن الديون، فإنه تم التعهد بإعفاء السودان من 90 في المئة من مجملها، ويتوقع أن يتم ذلك في يونيو (حزيران) المقبل. وفي المقابل، يعتقد المحلل المالي السوداني طه حسين، أن مؤتمر باريس نجح من حيث المبدأ، مقارنة مع المؤتمرات الثمانية السابقة، فقد تم الإعداد له بطريقة مختلفة، مشيراً إلى أنه للمرة الأولى يحدث التزام السداد والتنفيذ، فهناك تعهدات منذ عام 2005، وآخرها ما تم الإعلان عنه في مؤتمر أصدقاء السودان الذي عقد نهاية عام 2020 في برلين، ولم يتم سداد غير 20.5 في المئة من إجمالي التعهدات فقط. وفي نفس السياق توقع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في تصريحات صحافية، عقب عودته إلى الخرطوم من العاصمة الفرنسية باريس، أن يتم إعفاء بلاده من حوالى 80 في المئة من ديونه الخارجية، أي ما يعادل 46.44 مليار دولار، بموجب مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون "هيبيك"، وذلك في نهاية يونيو المقبل، لافتاً إلى أن بقية الديون البالغة 14 مليار دولار هي بمثابة ديون خاصة على الحكومة السودانية. وبيّن حمدوك أن مؤتمر باريس أعاد السودان إلى منظومة التنمية الدولية، وقدمه بوجه استثماري وسياسي جديد، موضحاً أنه شكل علامة فارقة في مسار الانتقال المعقد نحو ديمقراطية راسخة في البلاد، كما اعتبر نتائجه أقل هدية يقدمها للسودانيين. ودعا مواطنيه إلى مواجهة تحديات الانتقال ومعالجتها محلياً من دون التفكير في تصديرها إلى العالم، الذي أكد بأنه معجب بالتجربة السودانية. كما لعبت الولايات المتحدة دوراً مهماً في حث كثير من الدول ومؤسسات التمويل الكبرى على تقديم العون والمساعدة للسودان، من أجل تجاوز أزمته الاقتصادية.
لقد اوردت هذه المقدمة لكي استنبط منها ان هذا الطاقم الذي نجح بهذا المستوى في مخاطبة العالم بهذا القدر من الاداء؛ هذا الطاقم لا شك انه سيكون اكثر قدرة على لعب دورا اكبر لو كتب لنا ان تتوقف هذه الحرب و يعود اللاعب الرئيسي الدكتور حمدوك ليقوم بنفس الدور مرة أخرى. فالرجل يحوز على قدر من المعرفة والمهارات والقبول ستمكنه أن يحدث التغيير المنشود في بلادنا ان شاء الله. فهو بخلفيته الاقتصادية يكون هو الرجل المعني بالتغيير، لان التنمية في السودان تنطلق من هذا القطاع للقطاعات الاخرى ومنها التعليم.
في الفقرات التالية، سنقوم بتفصيل الوسائل التي استخدمتها رواندا لجذب الدعم المالي العالمي وسنستعرض أسماء شركائها في التنمية وههم أيضاً شركماء في هذا النجاح اذ ساهموا في مساعدتها على الخروج إلى بر الأمان. سنقوم بعرض أسماء المؤسسات والمنظمات الرئيسية السبع التي ساهمت بشكل فعّال في دعم الاقتصاد الرواندي عمومًا ومشاريع التعليم خاصةً، وبتركيز خاص على التعليم الابتدائي الذي حظي بأكبر قدر من التمويل لأهميته في تأهيل المواطنين الروانديين لمستقبلهم العظيم في المنظور القريب والبعيد كمنتجين ومستهلكين في اقتصاد عالمي سريع الايقاع ويتطلب معارف ومهارات عالية للتنافس في السوق العالمي الجديد.
الشركاء الدوليين الرئيسين السبعة في تنمية قطاع التعليم الأساسي في رواندا
1. FCDO Foreign, Commonwealth & Development Office (United Kingdom)
التعليم للجميع: قيمة المشروع (97.6 مليون جنيه إسترليني، 2015–23). وهو برنامج فني لتحسين الجودة ورفع مستوى المسئولية على مستوى المدرسة في رواندا (2015–2023) بدعم وتنفيذ من ESSP)) Education Sector Strategic Plan بالتعاون مع وزارة التربية MINEDUC، REB Rwanda Basic Education Board والوكالات المركزية لتعليم الاساس والمدارس. كانت أهداف المشروع العامة هو تصميم وتنفيذ برنامج لتعزيز المهارات الفنية والقدرات في ثلاث مجالات أساسية:
(i) تحسين تدريس اللغة الإنجليزية والرياضيات في الصفوف من الصف الأول إلى الصف الثالث؛
(ii) تحسين قيادة المدرسة مع التركيز على التعليم؛
(iii) تعزيز الأنظمة التعليمية التي تعالج الفجوات الرئيسية على مستوى القطاع والوطني.
شمل البرنامج مكوناً للمساعدة الفنية (ارساء أسس التعلم:Basic Leraning Foundation (BLF)) بالإضافة إلى مساعدة مالية خارج الميزانية كمنح مالية للمدارس، والكتب الدراسية، والتدريب المستمر للمعلمين لدعم المنهج الجديد. تعمل (الBLF) على تحسين نتائج التعلم في اللغة الإنجليزية والحساب من الصف الأول إلى الخامس في جميع المدارس الابتدائية الحكومية والتي تحظى بدعم الحكومة، مما يضمن أن الأطفال الروانديين لديهم المهارات الأساسية للتقدم بنجاح من خلال هذا النظام. وكان من المقرر أن ينتهي المشروع الأصلي في عام 2021. لكن تم التمديد له في التكلفة والوقت لمواصلة وتعزيز مهارات اللغة الإنجليزية لكل من المعلمين والدارسين .
2. World Bank –Quality Basic Education for Human Capital Development Project (US$200 million, 2019–24)
البنك الدولي – مشروع تحسين التعليم الأساسي لتنمية رأس المال البشري (200 مليون دولار أمريكي، 2019–24. قيمة المشروع كانت 200 مليون دولار أمريكي تهدف إلى تحسين كفاءة المعلمين وتشجيع الطلاب بعدم التسرب كفاقد تربوي في مرحلة التعليم الأساسي. يركز الهدف الأول على تعزيز فعالية المعلم لتحسين تدريس الطلاب. و الهدف الثاني، تحسين بيئة المدرسة لجعل المدرسة مكانا جاذبا للطلاب، كذلك حلت بعض القضايا الحرجة المتعلقة بالازدحام والمسافات الطويلة إلى المدارس من خلال بناء فصول دراسية إضافية ومدارس جديدة على مستوى المرحلة الابتدائية. والهدف الثالث، كان لتطوير القدرات المؤسسية لتعزيز وتطوير القدرات المؤسسية لتعزيز التعيلم والتدريس وتحديث مهارات ومعرفة الموظفين الرئيسيين في الوحدات التي تدير وتنفذ المشروع.
3. Lego Foundation and UNICEF-Learning through Play (US$4 million, 2020-23)
اليونيسيف ومؤسسة LEGO– التعلم من خلال اللعب (4 مليون دولار أمريكي، 2020–23). يسعى هذا المشروع الى تنفيذ منهج الكفاءات المعتمد في المدارس الابتدائية في رواندا. ويقوم بتدريب المعلمين على تقنيات التدريس المركزة على الطفل والقائمة على اللعب التي تشمل على الأنشطة الحرة والموجهة معاً
4. Belgium and the ELMA Foundation – Induction System for Newly Qualified Teachers (EUR 2.15 million, 2017–24)
بلجيكا ومؤسسة ELMA – نظام تدريب للمعلمين الجدد المؤهلين (2.15 مليون يورو، 2017–(2024. الغرض من هذا البرنامج هوتطوير إرشاد ومراقبة المعلمين الجدد المؤهلين بوساطة الموجهين التربويين. ويتم ذلك بالتزامن مع المدربين من المعاهد التقنية. والهدف من التوجيه والمراقبة هو التعزيز والربط بين التدريب قبل الخدمة وأثناء الخدمة. ولن تقف فائدة هذه العملية على المعلمين الجدد فقط في اعدادهم لمهنتهم؛ بل تتعداها الى المعاهد التقنية التي تشارك فيما يحدث في المدارس والمامها بالتحديات التي تواجه المعلمين الجدد في السنة الأولى من الخدمة. ويمكن للمعاهد التقنية المرجعية بدورها تحسين تدريب المعلمين الاساسي. يعمل البرنامج في أربع مقاطعات في مقاطعة الشرق ومقاطعتين في مقاطعة الغرب.
5. United States Agency for International Development USAID
n.d.a).– سوما أميني (72.5 مليون دولار أمريكي، 2016–21). دعم هذا المشروع الجهود الحكومية لتحسين جودة تعليم القراءة في الفصول الدراسية، وتعزيز قدرة النظام في جميع أنحاء القطاع التعليمي، والحفاظ على تحسين القراءة وزيادة عدد الطلاب في الصفوف 1-3 قادرين على قراءة وفهم النصوص على مستوى الصف؛ ومن بين الأنشطة تحسين التطوير المهني وتقديم الدعم المستمر للمعلمين، وضمان توفر المعلمين والطلاب المواد الكافية لتعليم القراءة والممارسة، ومساعدة المعلمين على التركيز على نتائج تعلم الطلاب.
6. United States Agency for International Development USAID– Literacy, Language and Learning (L3) Initiative (US$26.6 million, 2011–17(
USAID– مبادرة القراءة واللغة والتعلم (26.6 مليون دولار أمريكي، 2011–2017). دعم هذا المشروع جهود MINEDUC لتحسين مهارات القراءة والحساب للطلاب في المدارس الابتدائية. هدف البرنامج الى التدريب قبل واثناء الخدمة لإدخال استراتيجيات التدريس وشمل متطوعين من المجتمع. وكان المقصود منه إحداث مكاسب في القراءة المبكرة والحساب واللغة الإنجليزية كلغة ثانية (EDC، 2011). وشملت الاهداف:
• الوصول إلى أكثر من 25,290 معلمًا من خلال برامج التدريب قبل الخدمة وأثناءها والتدريب المكثف
• الوصول إلى أكثر من 1.8 مليون طالب في جميع المدارس الابتدائية الرواندية البالغ عددها 2,400
• تدريب أكثر من 1,140 لجان أهلية تعليمية في دعم التعلم في القراءة.
• توزيع أكثر من 9 ملايين مواد تعليمية على المدارس.
7. United States Agency for International Development. USAID Soma Umenye (US$72.5 million, 2016-21)
هذا المشروع كان بغرض دعم جهود الحكومة لتحسين جودة تعليم القراءة في الصفوف الدراسية، وتعزيز قدرات الحكومة في قطاع التعليم، والحفاظ على تحسين القراءة وزيادة عدد طلاب الصفوف من الصف الأول إلى الثالث القادرين على قراءة النصوص على مستوى الصف؛ وشملت الأنشطة تحسين التنمية المهنية وتوفير الدعم المستمر للمعلمين، وضمان توفر المواد الكافية لتعليم القراءة والممارسة، ومساعدة المعلمين في التركيز على نتائج تعلم الطلاب.
وباختصار قدم النموذج الراوندي في ادارة الدولة دروساً يمكن الافادة منها في كثير من المجالات. وبالنسبة لي فان هذا النموذج السياسي الرواندي قد ادخل على نفسي شيء من الطمأنينة –كما فعلت جنوب افريقيا مع القضية الفسلطينية في الجمعية العامة للامم المتحدة- اذ بالامكان ان يقوم الافارقة بمبادرات على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخ تكون اضافة حقيقة في العالم المتحضر اليوم. وهذا النموذج في التعليم في رواندا جدير بالاحتفاء والافادة منه ولا غرابة اذ هاجرت بعض الفعاليات العلمية السودانية لمواصلة تعليمها في رواندا نتيجة لعدم الاستقرار في السودان كما هو الحال في هجرة طلاب الطب ب(جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا) الى كيجالي لمواصلة دراستهم في جوي آمن ومحفز. ولا غرابة اذ صارت رواندا كذلك واحدة من أنجح الدول التي استجابت للعمل بنجاح في محاربة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) في إفريقيا، والآن تعمل بجد لوقف انتقال فيروس الإيدز من الأم إلى الطفل. ويتم ذلك من خلال مزيج مبتكر من العلم والتكنولوجيا.
(انتهى)
وفي الحلقة الخامسة سنتحدث ان شاء الله عن:
(i) فلسفة التعليم في السودان
(ii) اقتصاديات التعليم في السودان
(iii) التخطيط التربوي في السودان
For more denials you can consult:
• Spotlight on Basic Education Completion and Foundational Learning in Rwanda 2022.
• More details on HIV/AIDS see:https://www.pbs.org/newshour/show/rwanda-torn-genocide-became-global-anti-aids-leader

aahmedgumaa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المدارس الابتدائیة ملیون دولار أمریکی مؤتمر باریس هذا المشروع الترکیز على فی السودان التعلیم فی على مستوى فی رواندا أکثر من من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن، والسودان

الناظر إلى العلاقات القائمة بين الدول في العصر الحديث يجد صوراً عديدة ومتنوعة وفقا لما يمليه الواقع العملي علي المستوي الدولي بكل تعقيداته، مما استدعي ذلك تأسيس هيئة عالمية تجتمع تحت مظلتها دول العالم ويتاح لجميع الدول الإنضمام الي عضويتها ، ففي البداية كانت عصبة الأمم وبعد فشلها جاءت الأمم المتحدة ، ثم توافقت الدول علي ميثاق عالمي ينظم العلاقات فيما بينها ويؤسس لعلاقات ودية هادئة ، ولكن ماذا لو حدثت نزاعات أو حروب ؟ كان لابد من تكوين آلية فاعلة لوقف الحرب وفض النزاعات.

بعد مؤتمر موسكو 1943م ومؤتمر طهران منتصف 1944م اجتمعت وفود روسيا والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة في مؤتمر دومبارتون أوكس في واشنطن للتفاوض حول هيكل الأمم المتحدة وبالفعل جاء النقاش حول تكوين مجلس الأمن ليكون آلية دولية تعمل علي منع النزاعات ووقف الحروب واتخاذ إجراءات قانونية تجاة المعتدي ، وعقدت أولى جلساته في 17 يناير 1946م ، وهو أحد الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وخصص له الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة لبيان طريقة تكوينه وإجراءات العمل الخاصة به.

ويتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة دائمين هما الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة أعضاء آخرين ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم تغييرهم كل سنتين ويراعي في ذلك التوزيع الجغرافي.

لكل عضو صوت واحد وتصدر القرارات في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من الأعضاء ، أما في المسائل الموضوعية فتصدر القرارات بموافقة تسعة من اعضائه علي ان يكون من بينهم أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
تكون رئاسته بالتناوب بين الدول الاعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الابجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنجليزية.

نطاق عمل مجلس الأمن واسع ، وقراراته ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، ويتميز مجلس الأمن دون أجهزة الأمم المتحدة بحق التدخل لتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول سواء طلب منه التدخل من الدول أو تدخل من تلقاء نفسه، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين ، وله سلطة تحديد الطرف المعتدي .

جاءت تلك المهام نتيجة للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة التي أوضحت أن جميع الدول الأعضاء يعهدون إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين وهو يعمل بالإنابة عنهم في هذة التبعات.

هذة المادة هي جوهر عمل مجلس الأمن، لأنها منحته الصلاحيات الواسعة بموافقة كافة الدول الأعضاء، والموافقة علي أن يعمل نيابة عنهم بموجب هذة الصلاحيات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.

و لمجلس الأمن، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، أن يدعو أطراف أي نزاع إلى التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية لحل النزاع، وله إيفاد بعثة أو تعيين مبعوثين أو توجيه الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مساعيه الحميدة لإخماد النزاعات والتوفيق بين أطرافها.

و إذا لم تنجح تلك المساعي السلمية، يكون لمجلس الأمن الحق في إرسال قوات لحفظ السلم والأمن الدوليين لمكان النزاع ، أو وقف العلاقات الاقتصادية، وله قطع المواصلات بجميع أنواعها براً وبحراً وجواً جزئياً أو كلياً ، وله قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعتدية و دول العالم .

لمجلس الأمن مهام كثيرة واختصاصات عديدة تمكنه من تطبيق أحكام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة بما يحقق ضبط النزاعات بين الدول أو النزاعات التي تنشأ داخل إقليم الدولة لكنها تنعكس سلبا علي أمن وسلام المنطقة.

من جهة أخرى نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتضمن أي نص يجيز الطعن في قرارات مجلس الأمن ، وبذلك لا تستطيع أي جهة أن تحاسبه أو تطعن في قراراته مما يجعله المتحكم الفعلي في أعمال الأمم المتحدة.

بموجب حق الفيتو الممنوح للدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن يتم التحكم في جميع القرارات الصادرة عنه أياً كان هدفها أو غايتها ، فإن كانت لاتخدم مصالح أي من الدول الخمس فالفيتو في انتظارها ، وهكذا يتعطل الدور الحقيقي والجوهري لمجلس الأمن في الحفاظ علي السلم والامن الدوليين بعدالة ويكون القرار مرتهنا بما تراه الدول الخمس محققا لمصالحها فقط.

*مجلس الأمن والحرب في السودان*
بين السودان ومجلس الأمن العديد من القرارات ، لكن في ملف الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023م وضع آخر ، حيث كان أول قرار لمجلس الأمن في 8 مارس 2023م وهو القرار رقم 2676 الذي يمدد نظام عقوبات علي السودان تتمثل في تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، وهو قرار فني لتجديد التدابير التي تم تجديدها سابقاً.

في يونيو 2023م ، طالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف الحرب ، وركزت على الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء وهي الغابون وغانا و موزمبيق و على جهود الإتحاد الأفريقي لتأمين وقف الحرب ، والتأكيد علي حماية المدنيين كركيزة أساسية، وذلك أثناء مناقشة مجلس الأمن لتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) .

في 11 أكتوبر 2023م صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16ضد وامتناع 12عن التصويت، لصالح اعتماد قرار بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية الحرب،
وأخطر مجلس الأمن بذلك.

في 8 مارس 2024م أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو لوقف فوري للعنف في السودان وإزالة أي عراقيل لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق خلال شهر رمضان.

ثم ناقش مجلس الأمن مشروع قرار حول الحرب في السودان ووقف العدائيات، إلا أن الدول الأفريقية الثلاث رفضت مسودة مشروع قرار صاغته بريطانيا لمجلس الأمن منتصف أبريل 2024م .

و في 29 أبريل 2024م عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث التصعيد للعمليات العسكرية مع التركيز على الأوضاع في مدينة الفاشر، وقلق المجلس بشأن الوضع الإنساني للمدنيين ، وطالبت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة مجلس الأمن لوضع حد حاسم لدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع وإصدار قرار بذلك .

في 30 مايو 2024م عقدت جلسة لمجلس الأمن لعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في السودان وتداعيات الحرب .

في 13 يونيو 2024م ، طالب مجلس الأمن من المليشيا الإرهابية إنهاء حصارها لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وأصدر القرار رقم 2736 ، حيث تحاصر المليشيا مئات الآلاف من المدنيين في أوضاع إنسانية متردية للغاية ، لكن المليشيا لم تستجب للقرار .

في منتصف أغسطس 2024م أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان (المضي قدما) في حل الأزمة السودانية بحضور أمريكا ومصر والسعودية والإمارات والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في اجتماع جنيف، رغم عدم وجود ممثل للحكومة السودانية، وبعد انتهاء الاجتماع وفشلهم ذكر المبعوث الأمريكي الخاص أن المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلا.

القراران الصادران في مارس ويونيو 2024م أيدتهما 14دولة مع امتناع روسيا عن التصويت، لكنه سمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن والابقاء علي معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحا لدخول المساعدات الإنسانية.

في11 سبتمبر 2024م قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن أوضاع الحرب في السودان والموقف الإنساني هناك ، وقدم ممثل بعثة السودان الدائمة كلمة السودان ، ثم جدد المجلس نظام العقوبات الخاص بالسودان (دارفور) حتى سبتمبر 2025م ، سعياً للحد من دخول الأسلحة لإقليم دارفور .

وفي أكتوبر 2024م ناقش مجلس الأمن إمكانية نشر بعثة مشتركة بقيادة الإتحاد الأفريقي للمساعدة في حماية المدنيين ، والاستماع لاحاطة مفتوحة من الأمين العام للأمم المتحدة .

18 نوفمبر 2024م ، ناقش مجلس الأمن مشروع قرار صاغته بريطانيا وسيراليون حيث كانت بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر 2024م ، ويدعو القرار إلى وقف الأعمال العدائية ووقف التصعيد العسكري، جاء مشروع القرار متخفياً وراء كلمات دبلوماسية يؤيد اتفاق جدة ويدعم دخول المساعدات الإنسانية، وهو في حد ذاته محاولة للسير بسرعة نحو تسوية مدنية تحافظ علي كيان المليشيا الهالكة، لذلك جاء مشروع القرار كأنه يستبق الزمن للوصول لحل سياسي دبلوماسي قبل أن تتورط المليشيا الإرهابية في المزيد من الجرائم ، مما يزيد سخط الشعب السوداني عليها وبالتالي يصعب للوصول إلى تسوية تنقذها من الهزيمة المحققة، غير أن مشروع القرار هذا حسم بفيتو روسي أعاد الامور إلى نصابها .

في نفس الوقت كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) قد أصدرت نشرة زرقاء بأسماء قائدين بالمليشيا بناء على قرار مجلس الأمن الصادر للدول الأعضاء بهدف منع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد الأرصدة المالية التي تخصهم .

لكن إلى الآن لم يتطرق مجلس الأمن لتوجيه اتهام للمليشيا الإرهابية بأنها جماعة إرهابية، رغم كل جرائمها ، ولم يوجه اتهاماُ للإمارات لدعمها المليشيا للاستمرار في عملياتها الإرهابية تجاة المدنيين العزل الذين يخشى عليهم مجلس الامن ويقلق لاجلهم !!

رغم الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي تصل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي وثقت من قبل المليشيا نفسها ونشرت علي المنصات الاعلامية المختلفة ، وذكرتها ووثقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية وتقرير لجنة الخبراء الدولية، إلا أن المجلس الموقر لم يصدر إدانة واحدة ضد المليشيا المغتصبة للآن !!

منذ بداية الحرب خصص مجلس الأمن جلسات كثيرة للسودان ولمناقشة الحرب والاوضاع الإنسانية للمدنيين ، جلسات منها المغلقة ومنها المفتوح ، منها جلسات إحاطة ومنها جلسات أصدر فيها مجلس الامن قرارات مباشرة ، وهناك حوالي خمس جلسات خصصت للنقاش حول اليونسفا (UNISFA) ، وست جلسات لمناقشة وضع يونيتامس (UNITAMS).

عدد كبيرمن الجلسات لكن للاسف أغلبه لايصب في مصلحة السودان وشعبه ، أغلبها محاولات ضغط من بريطانيا لكي ينصاع السودان للضغوط الأميركية و الإماراتية لوقف الحرب مع انحياز كامل من بريطانيا تجاة المليشيا، والتي ترفض أي إدانة للمليشيا الإرهابية عبر جلسات مجلس الأمن ، وهي نفسها التي سعت لإبعاد تقرير لجنة الخبراء التي كونها مجلس الأمن وقدمت تقريراً مفصلاً يتضمن وقائع وأحداث تدين المليشيا وتثبت علي الإمارات تهمة تمويل المليشيا الارهابية في السودان ، ثم عملت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة علي تعليق شكوي السودان ضد الإمارات ، وعدم تقديمها لمجلس الأمن حتي لا يتخذ قرار فيها رغم أن هذه الشكوي تستند إلى العديد من الأدلة والبراهين منها تقرير بعثة الخبراء الأممية سالفة الذكر ، ورغم اتهام اليونسيف للمليشيا المتمردة أنها تجند الأطفال وتدفع بهم لنيران الحرب بما يمثل انتهاكا دوليا يضاف إلى سجل المليشيا الاجرامي ، إلا أن بريطانيا لا تزال منحازة للمليشيا بصورة سافرة .

علي كل فإن مجلس الأمن يعقد جلسات إحاطة اليوم الخميس بشأن السودان ويترأس وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكين الاجتماع ، والذي من المقرر أن يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أو وكيله المعين ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توماس فليتشر ، إحاطة حول مستجدات الأوضاع في السودان.

نأمل أن تكون هذة الجلسة مختلفة عن سابقاتها،وان يكون يوم *(19 من ديسمبر)* علامة فارقة في السجل الأممي تجاة السودان كما كان علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث.

التهاني للشعب السوداني الأبي الحر بمناسبة ذكري اعلان الاستقلال المجيد من داخل البرلمان ، والتحية لقواتنا المسلحة الظافرة المنتصرة بإذن الله وحوله ، والتحية لقوات الشرطة والأمن والقوات المشتركة فرسان السودان ، والمستنفرين الأبطال ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل شهداءنا برحمته الواسعة في الفردوس الأعلى.

د. إيناس محمد أحمد احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها
  • مجلس الأمن، والسودان
  • مواقف دول الجوار من حرب السودان (1)
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • رسالة حادة من واشنطن للدول التي تدعم الأطراف المتحاربة بالسودان عسكريا
  • بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (68)
  • في ظل الحرب.. ما لا تعرفه عن استقلال السودان؟
  • حراك المعلمين المتعاقدين يستنكر إلزام التعليم عبر تيمز في المناطق المتضررة
  • مطالب دولية بحماية المدنيين مع تزايد انتهاكات “حرب السودان”