لعبة بال ورلد.. قصة النجاح المفاجئ لقاتلة بوكيمون
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
بشكل مفاجئ، تحولت لعبة بال ورلد إلى ظاهرة عالمية تنافس أعتى العناوين التي ظلت مستحوذة على قائمة الأكثر مبيعا والأكثر لعبا في "ستيم"، وهذا دون حملات دعاية ضخمة.
النجاح المفاجئ الذي تمكنت اللعبة من تحقيقه جذب أنظار العالم أجمع لأسباب عديدة، في مقدمتها أن اللعبة لا تأتي من مطور له سابقة في الألعاب الناجحة، كما أنها لم تقدم فكرة مبتكرة أو ثورية مثل "بابجي" في بداية ظهورها، وهو الأمر الذي يثير الإعجاب في هذا النجاح.
ولكن كيف تمكنت هذه اللعبة من الوصول إلى هذه المكانة، وهل تستمر فيها أم تندثر وسط الألعاب التي أحدثت ضجة قبل أن تختفي؟
رحلة مليئة بالصعوبات تكللت بالنجاحرغم أن "بال ورلد" اليوم هي ثاني أكثر الألعاب احتفاظا باللاعبين في منصة "ستيم"، فإن رحلة تطويرها لم تكن سلسة، وهو الأمر الذي دفع تاكورو ميزوبي المدير التنفيذي لشركة بوكيت باير المطورة للّعبة بوصف رحلة تطويرها في تدوينة نشرت على مدونة اللعبة الرسمية، على أنها ليست "رحلة تطوير بالشكل الصحيح المتعارف عليه".
رحلة التطوير المتعثرة التي مرت بها لعبة "بال ورلد" تجعل وجودها في حد ذاته معجزة، ناهيك عن النجاح الكبير الذي حققته، وهي الرحلة التي وصفها ميزوبي في تدوينة الاحتفال بإطلاق اللعبة.
في البداية، احتاج ميزوبي لشهر كامل حتى يتمكن من تطوير شخصية واحدة فقط في عالم اللعبة وحتى تخرج اللعبة إلى النور، مع أنها تحتاج إلى 100 شخصية أخرى. وإلى جانب ذلك أيضا، فإن الجوانب التنظيمية المعتادة للشركة كانت غائبة، حيث لم تضع الشركة ميزانية واضحة لعملية التطوير، ولم يكن هناك الكثير من الخبرات السابقة في تطوير الألعاب حتى ضمن الفريق الذي عمل على اللعبة.
فريق اللعبة كان يتألف من 40 شخصا عند نهاية تطوير لعبة "بال ورلد"، وبسبب مشاكل الميزانية التي عانت منها الشركة، فإنهم لم يستطيعوا تعيين الكثير من الخبراء في تطوير الألعاب أو حتى في البرمجة بشكل عام، وهو ما جعل عملية التطوير عشوائية في أفضل الأحوال، وربما كان المثال الأوضح على ذلك هو تحول محرك اللعبة من "يونتي" إلى "يونريل" بناء على تفضيل أحد خبراء تطوير الألعاب في الفريق؛ وهم قلة لا تذكر. وبسبب هذا القرار العشوائي، أُعيد تطوير اللعبة منذ الصفر في منتصف الطريق.
بقية أعضاء الفريق شكلوا توليفة غريبة من محبي تطوير الألعاب والتحريك، بداية من المسؤول عن تحريك الأسلحة في اللعبة، وهو كان يعمل في متجر تجزئة بنصف أجر ولم يحصل على شهادة جامعية، إلى جانب شخص رُفض سابقا عندما تقدم لوظيفة داخل أستوديو بوكيت باير قبل أن يعاد توظيفه من أجل تصميم وحوش اللعبة بالكامل.
وأما عن الميزانية، فإن فلسفة مزوبي توضح الأزمة التي كانوا يمرون بها، إذ قال في تدوينته: "حد الإنفاق الأقصى للميزانية كان حتى يصل حساب الشركة في البنك إلى صفر، وبعد ذلك يمكننا اقتراض المال، وعندما ينفد هذا المال نقترض مجددا حتى نطلق اللعبة وتنجح".
يُعد وصف لعبة "بال ورلد" بأنها "شبيهة بوكيمون" أو "بوكيمون مع أسلحة" مجحفا بحقها وبحق التجربة الفريدة التي تقدمها، إذ إنها تجمع العديد من جوانب الألعاب المختلفة بشكل أثار الشكوك في نجاحها في البداية، ولكن يبدو أن هذا ما كان يحتاجه اللاعبون تحديدا.
في البداية، تصنِّف اللعبة نفسها ضمن فئة "آر بي جي"، وهي تشير إلى ألعاب تقمص الأدوار، إذ يتاح لك بناء شخصية كما ترغب والتجول في العالم واكتساب القدرات والأسلحة. وهي أيضا لعبة نجاة، لأنك تحتاج لبناء قاعدة لك وتربية الوحوش الصغيرة والبحث عن الموارد باستمرار. كما أنها لعبة قتال بسبب المعارك التي تجري بين وحوش بالز التي تربيها داخل اللعبة. وأخيرا هي لعبة مغامرات وألغاز مثل "ليغيند أوف زيلدا: بريث أوف ذي وايلد".
هذا المزيج الفريد قدم تجربة أبعد ما تكون عن الملل، وهي تجربة تولد دائما محتوى جديدا عبر المعارك مع اللاعبين الآخرين أو محاولة صيد أقوى الوحوش، وربما اكتشاف ألغاز هذا العالم وقصته الفريدة. وهذا المزيج كان مفقودا لدى لاعبي الحاسب الشخصي.
ربما لهذا تواجه "نينتندو" تحديات في توجيه قضية مُحكمة ضد شركة بوكيت باير، لأنه حتى جوانب التشابه بين ألعاب "بوكيمون" وهذه اللعبة بعيدة وليست متطابقة إلى حد اتهامها بالسرقة الفكرية.
من الصعب الحديث عن النجاح الذي استطاعت لعبة "بال ورلد" تحقيقه، وذلك لأنها تستمر في تحطيم الأرقام القياسية باستمرار، بداية من عدد النسخ المباعة من اللعبة، وحتى عدد اللاعبين المسجلين في آن واحد، وهو المعيار الأهم والأفضل لدى "ستيم".
ومن أجل وصف هذا النجاح بشكل أفضل، فإنه من المهم معرفة حجم الألعاب الأخرى العملاقة في "ستيم"، إذ تتربع لعبة "بابجي" حتى الآن على عرش عدد اللاعبين المسجلين معا بفضل أكثر من 3.2 ملايين لاعب متصل معا. وكانت تليها "كاونتر سترايك 2" الشهيرة في المنطقة العربية والعالم مع أكثر من 1.8 مليون لاعب، ثم "لوست آرك" عند أكثر من 1.3 مليون لاعب، و"دوتا 2″ عند أكثر من 1.2 مليون لاعب.
خروج "بال ورلد" للنور كان سببا في تغير هذه القائمة التي ظلت لشهور ثابتة دون أي تغيير، إذ تسلقت القائمة شيئا فشيئا حتى وصلت إلى المرتبة الثانية مع 2.03 مليون لاعب متصل في غضون 5 أيام فقط، وذلك إلى جانب بيع أكثر من 8 ملايين نسخة في المدة ذاتها، بمقدار 86 ألف نسخة في اليوم الواحد، وذلك وفق موقع "ستيم دي بي" المختص بإحصاءات منصة "ستيم".
لم يكن صعود اللعبة بين ليلة وضحاها، إذ بدأت رحلتها لحظة الإطلاق مع 168 ألف لاعب يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لتقفز بعد ذلك إلى 910 ألف لاعب في يوم 21 يناير، وبحلول 22 يناير، تمكنت من تجاوز حاجز المليون مع 1.3 مليون لاعب متصل، ثم 1.6 مليون لاعب في 23 يناير، وبعد ذلك 1.9 مليون لاعب في 25 يناير، وأخيرا 2.03 مليون لاعب في 26 يناير.
أن يُنسب النجاح الذي حققته "بال ورلد" إلى نقطة واحدة فقط؛ أمر مجحف بحق التجربة التي تقدمها اللعبة، ولكن إن كان يجب اختيار نقطة واحدة فقط كانت سببا في هذا النجاح، فإنها تعود لغياب المنافسة الحقيقية في قطاع أشباه "بوكيمون".
فلعبة "بوكيمون" الأخيرة -وهي "بوكمون سكارليت آند فيوليت"- تمكنت من بيع 23 مليون نسخة حتى يومنا هذا منذ صدورها في 2022 وفق موقع "ستاتيستا"، وذلك في منصة واحدة فقط، كون اللعبة حصرية لأجهزة "نينتندو سويتش".
لذلك عندما تظهر لعبة تُقدم التجربة ذاتها التي يفتقدها لاعبو الحاسب الشخصي مع إضافات جديدة في العالم تجعله أكثر متعة، فإنه من المنطقي أن تحقق هذا النجاح الهائل في وقت قياسي.
ورغم أن نجم "بال ورلد" سطع في وقت قصير، فإنه يجب عدم نسيان الألعاب الأخرى التي كانت تحاول المنافسة في الفئة ذاتها ولكنها لم تحصد نجاحا مماثلا، ومن ضمنها لعبة "تيم تيم" التي كانت واعدة، غير أن نقص المحتوى الخاص بها جعلها تفقد فرصتها.
ماذا بعد؟نجاح "بال ورلد" الفوري لا يعني أن رحلتها انتهت، بل هي بداية الرحلة. وبينما تغيب المنافسة في قطاع أشباه "بوكيمون"، فإن ألعاب الحاسب الشخصي أكثر تنافسا من ألعاب "نينتندو"، وسيكون أمام "بال ورلد" طريق طويل حتى تتمكن من إتمام نجاحها.
في البداية، يجب أن تهتم اللعبة بتقديم محتوى إضافي مستمر متمثل في تحديات جديدة وشخصيات ووحوش جديدة، وهو الأمر الذي ساعد "بوكيمون" على الاستمرار حتى يومنا هذا، كما أن المطورين يجب أن يهتموا بتطوير مزايا اللعبة وإضافة المزيد والمزيد إليها حتى لا يفقد اللاعبون شغفهم بهذا العالم سريعا. كما أن حل المشاكل التقنية وحل مشاكل الخوادم التي يعاني منها اللاعبون حاليا؛ خطوة هامة في مسيرة اللعبة وتطويرها.
ولكن في النهاية، من النادر أن نشهد لحظات مثل نجاح "بال ورلد"، وهي لحظات تقلب عالم الألعاب على أعقابه، وتعيد توزيع موازين القوة في إحدى أكثر ساحات البرمجيات تنافسا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تطویر الألعاب ملیون لاعب فی البدایة هذا النجاح اللعبة من واحدة فقط أکثر من لاعب فی کما أن
إقرأ أيضاً:
الشباب العماني .. عطاء ومهارات مبتكرة في تحقيق النجاح
يسعى العديد من الشباب العماني إلى تحقيق النجاح في أعمالها بمهارات مبتكرة وقد أعدوا أنفسهم لتنمية معارفهم والتسلح بمهارات المستقبل لبذل المزيد من العطاء ومواجهة التحديات، وفي ضوء ذلك، التقت "عمان" بعدد من الشباب العمانيين، الذين شاركوا رؤاهم حول طموحاتهم المستقبلية وكيفية مواجهة التحديات التي تعترض طريقهم.
يقول حيان بن سعود اللمكي: "كل إنسان يمر بمرحلة صعبة يحاول خلالها أن يوفق بين إمكانياته والظروف المحيطة. لا يمكن أن نتخلى عن شيء نطمح إليه، وأنا أعمل جاهدًا لتحقيق ذلك. أستطيع تجاوز العقبات بفضل دعم أسرتي، وشهادتي العلمية، وتمسكي بكل ما هو مفيد ماديًا ومعرفيًا."
ويضيف اللمكي أنه يطمح إلى تحويل مشروعه الحالي إلى عمل خاص يسهم في زيادة دخله، رغم التحديات المتمثلة في نقص الموارد المالية والخبرة الكبيرة التي يحتاجها، فالريادة المهنية من أقوى المسارات التي يمكن أن يسلكها الإنسان، لأنها تشكل تحديًا وقدرة على صنع تأثير حقيقي في مجاله" مشيرًا إلى أن تطوير الذات والتعلم المستمر من خلال الممارسة والدورات التدريبية يشكلان مفتاحًا رئيسيًا للنمو الفكري.
ويختتم اللمكي حديثه بتأكيده على تأثير الذكاء الاصطناعي في مستقبل الشباب، قائلًا: "الذكاء الاصطناعي يوفر فرص عمل جديدة ويعزز الابتكار وريادة الأعمال، ولكن يجب التعامل معه بحرفية ووعي لضمان الحفاظ على الخصوصية وحماية الحقوق".
أما علي البادي، فيرى أن الشباب اليوم يجمعون بين الوعي بالتحديات والإصرار على صنع الفرص، سواء عبر التعلّم الذاتي أو من خلال المبادرات المجتمعية. ويؤكد على ضرورة توفير بيئة تشجع على الابتكار بدلًا من الخوف من المخاطرة فالتكنولوجيا اختصرت المسافات، ويمكنك بناء مشروع عالمي من غرفتك.
من جانبها، تؤكد سعاد البوسعيدية على أهمية احتضان أفكار الشباب، قائلة: "الشباب لديهم شغف كبير في ابتكار مشاريع حديثة، ولكن يجب تسهيل إجراءاتهم وتحقيق الدعم اللازم لهم كي لا تكون التحديات عائقًا أمام طموحاتهم". هذه الدعوة تشدد على ضرورة وجود آليات دعم حقيقية لتمكين الشباب من تحقيق طموحاتهم المستقبلية.
يشير سليمان بن سالم الحراصي إلى أن التحديات تختلف في مرحلة الثلاثين من العمر، حيث تصبح الأسرة وارتباطاتها هي التي تحدد الأولويات. "في وقتنا الحالي، لا بد من توظيف التكنولوجيا لإيجاد حلول سريعة وفعّالة"، يقول الحراصي، مؤكدًا على ضرورة فتح آفاق جديدة للشباب ودعم مشاريعهم باستمرار.
فيما يوضح ناصر بن محمد الشعيلي أهمية العمل في تحقيق الاستقرار الأسري، مشيرًا إلى أن أكبر التحديات التي يواجهها تكمن في إدارة الوقت بين العمل والأسرة والحياة الاجتماعية. ويضيف الشعيلي: "نحاول دائمًا الاطلاع على تجارب الآخرين وأفكارهم لتطوير مشاريع مبتكرة، عبر حضور دورات تدريبية واستخدام التطبيقات الإلكترونية".
يشارك عماد بن علي العامري تجربته مع التحديات التي يواجهها في مجال الأعمال، ويؤكد أن الاطلاع والقراءة هما مفتاحا النجاح. "من خلال القراءة نتعرف على تجارب الناجحين والعقبات التي واجهوها وكيفية تجاوزها بطرق أسهل"، يقول العامري، مشيرًا إلى رغبته في تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي واللغات الجديدة مثل الصينية والألمانية لتوسيع آفاقه المهنية.
أما حميد بن سالم الهطالي فيؤكد أن التخطيط الجيد وإدارة الوقت من أهم الأساسيات لتحقيق الأولويات في الحياة. ورغم التحديات الاجتماعية والمالية التي قد يواجهها، يرى الهطالي أن "المجتمع أصبح واعيًا ومثقفًا في العديد من المجالات، وأصبح بيئة داعمة للشباب العماني".
وتتفاوت التحديات التي يواجهها الشباب العماني في مسيرتهم نحو النجاح، إلا أن الأمل والطموح يبقيان حاضر دائمًا. من خلال التعلّم المستمر، واستخدام التكنولوجيا بشكل مدروس، يسعى هؤلاء الشباب إلى تحقيق أهدافهم وتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس، ليكونوا جزءًا فاعلًا في تنمية اقتصاد بلادهم وتحقيق تقدمها في المستقبل.