صحيفة الخليج:
2024-11-22@17:41:21 GMT

العالم ينتظر حكومات ما بعد الرقمية

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

العالم ينتظر حكومات ما بعد الرقمية

إعداد: محمد ياسين

يعيش العالم تطورات كبيرة ومتسارعة في أسلوب إدارة الحكومات، وشهدنا في السنوات الأخيرة تحولًا هائلاً من الحكومات التقليدية إلى الحكومات الإلكترونية، ومن ثم إلى الحكومات الرقمية. يعكس هذا التحول استجابة لتقدم التكنولوجيا والطلب المتزايد على تحسين الخدمات الحكومية وتسهيل التفاعل بين المواطنين والحكومات.

ومع ذلك، فإن هذا التحول ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية لمرحلة جديدة تُعرف بالحكومات ما بعد الرقمية.

في البداية شهدنا انتقالاً من الحكومات التقليدية التي تعتمد على الأوراق والإجراءات البيروقراطية، إلى الحكومات الإلكترونية؛ وتمثلت هذه الخطوة في توفير الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، ما أسهم في تسريع عمليات التعامل وتقليل الإجراءات الإدارية، ومع تقدم التكنولوجيا، تطورت الحكومات الإلكترونية إلى حكومات رقمية تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والتحليل الضخم للبيانات، من أجل تحسين الأمان والشفافية.

ومع التطور المستمر، يتوقع أن يستمر التحول نحو حكومات أكثر تكاملًا وذكاء، ومن المتوقع أن تزيد استخدام تقنيات، مثل التعلم الآلي والتحليل التنبؤي، لتحسين اتخاذ القرارات الحكومية، وأن تشهد الخدمات الحكومية تخصيصاً أكبر لتلبية احتياجات المواطنين بشكل فعال.

نظم حوسبة

وفي مرحلة ما بعد الرقمية، يمكن توقع تفعيل تقنيات أكثر تقدماً في نظم الحوسبة في مجالات متعددة بشكل أعمق مع التكنولوجيا. حيث يتوقع أن تكون الحكومات متصلة بشكل أوسع مع المواطنين، والشركات، وأن تتسم بمرونة أكبر في التكيّف مع التحديات الحديثة.

ويبرز تحول الحكومات من التقليدية إلى الإلكترونية والرقمية كتطور مهم في تقديم الخدمات الحكومية مع النظر إلى المستقبل، ويجدر بنا أن نتوقع المزيد من التكنولوجيا والابتكار، ما يجعل الحكومات أكثر فعالية، وملائمة لاحتياجات المجتمعات التي تخدمها.

رحلة حكومة الإمارات

استفادت دولة الإمارات العربية المتحدة في رحلتها نحو التحول الحكومة إلى رقمية من خلوتها التي تنظم بشكل مستمر، للتعرف إلى الجاهزية الرقمية لقياداتها الحكومية. حيث تجسد هذه القيادات التفاني والالتزام في تحقيق أهداف التحول الرقمي، وشكلت هذه القيادات الحكومية الركيزة الأساسية في تطبيق المبادرات التي تعزز الجاهزية والتنافسية الرقمية للحكومة الإماراتية.

ويعد أحد أبرز الأحداث التي عكست تفوق الإمارات العربية المتحدة في مجال التحول الرقمي؛ مناقشة الجهات الحكومية لأهم المبادرات الرائدة. تلك المناقشات لم تكن مجرد حوار فني، بل كانت فرصة لتقديم رؤى ورسم استراتيجيات جديدة لتطوير القطاع الحكومي، وتعزيز التفاعل الرقمي مع المواطنين.

تعاون وتكامل

وعرضت الحكومة الإماراتية خلال هذه الفعاليات أحدث مشاريعها التكنولوجية، مشددة على التكامل والتعاون الرقمي بين مختلف الجهات الحكومية. ويسهم هذا التفاعل الرقمي في توفير خدمات حكومية متكاملة وفعالة، للمواطنين والمقيمين، ما يعكس التزام الحكومة بتوفير بيئة رقمية متقدمة.

وفي سياق الابتكار ومتابعة أحدث التوجهات العالمية، أظهرت حكومة الإمارات رؤية حضرية للمستقبل الرقمي. وسلطت الضوء على أهم التوجهات العالمية في مجال التحول الرقمي، الأمر الذي يعكس استعداد الإمارات لتبنّي أحدث التقنيات والابتكارات لتحقيق الاستدامة والريادة في عصر التحول الرقمي.

جاهزية رقمية

ويتجلى دور الإمارات في رحلتها من الحكومة التقليدية إلى الرقمية من خلال تبنيها للجاهزية الرقمية، والتفافها حول أحدث التقنيات والابتكارات. ما يعتبر تأكيداً على التزامها بتحسين خدماتها الحكومية، وتعزيز التفاعل مع مواطنيها، ومقيميها، حيث تبنت الإمارات مبادرات متقدمة في مجال التحول الرقمي، تعكس التزامها بأن تكون في صدارة الدول الرائدة في هذا المجال.

تحديات أمنية

تواجه الحكومات الرقمية تحديات أمنية، وتسعى جاهدة لتحقيق التحول التكنولوجي بكفاءة وبأمان. وتعتبر هذه التحديات الأمنية أحد العوامل الرئيسية التي تشكل تحدياً مستمراً في سعي الحكومات نحو تقديم خدمات رقمية متقدمة ومأمونة، من بينها التهديدات السيبرانية التي تتزايد بشكل ملحوظ. وتشمل هذه التهديدات الاختراقات الإلكترونية، والتجسس الإلكتروني، ما يتطلب استراتيجيات أمان قوية لحماية البيانات وضمان استمرارية الخدمات.

حماية البيانات

وتعد حماية البيانات من بين التحديات التي تواجه الحكومات، حيث يكمن التحدي في ضرورة ضمان السرية والنزاهة، مع احترام حقوق الأفراد، والحفاظ على خصوصيتهم، كما تمثل هجمات الاحتيال الرقمي تحدياً مستمراً، حيث يتعرض النظام الرقمي لهجمات الاحتيال الرقمي، سواء كان ذلك من خلال التزييف الإلكتروني، أو استخدام تقنيات الهندسة الاجتماعية، ما يتطلب إجراءات أمان دقيقة، ووعي مستمر.

تأمين البينة الرقمية

وتحتاج الحكومات الرقمية إلى تأمين هياكلها وبنيتها التحتية الرقمية من خلال تحديث وتعزيز أمان الأنظمة والشبكات لتجنّب الهجمات التي تستهدف هذه الهياكل، وسرعة التطور التكنولوجي التي تجعل التحكم في الأمان تحدياً كبيراً ومستمراً، حيث تتطلب الابتكارات المستمرة إعادة التفكير في استراتيجيات الأمان، وتحسين القدرة على التصدي للتحديات الجديدة، وتتطلب هذه التحديات الأمنية في سياق تحول الحكومات إلى الرقمية، تكامل استراتيجيات الأمان مع التطلعات الرقمية لتحقيق توازن فعال بين تقديم الخدمات وضمان أمان النظم الحكومية.

خطوات استراتيجية

تتطلع الحكومات الرقمية إلى تنفيذ خطوات فعّالة لحماية البيانات وضمان سريتها وأمانها؛ عبر استراتيجيات تشمل تقييم المخاطر وتحليل الثغرات قبل تنفيذ أي استراتيجية حماية للبيانات، حيث يجب على الحكومة تقييم المخاطر المحتملة، وتحليل الثغرات في الأمان، الأمر الذي يساعد على تحديد نقاط الضعف والتركيز على الجوانب التي تتطلب اهتماماً فورياً.

ومن بين الاستراتيجيات تطبيق معايير الأمان القوية والمعترف بها على جميع مستويات النظام الرقمي. وذلك يشمل حماية الاتصالات، وتشفير البيانات، وتحديد الوصول، والمزيد من تحديث هذه المعايير بشكل دوري، لمواكبة التطورات التكنولوجية، كما أن فحص جميع البرمجيات المستخدمة لتحديد الثغرات الأمنية وضمان تحديثها بانتظام من خطوات الحماية لضمان تصحيح أي ثغرات أمنية جديدة.

تدريب الموظفين

ويعتبر تدريب الموظفين وتوعيتهم بشكل منتظم بسبل أمان وحماية المعلومات وكيفية التعامل مع التهديدات السيبرانية، من بين الخطوات الناجعة؛ حيث تشجع على تفعيل مفاهيم الأمان في سلوكات العمل اليومية، فضلاً عن تحديد وإدارة حقوق الوصول إلى المعلومات بدقة، وتخصيص صلاحيات الوصول بناء على الحاجة، مع تحديثها عند تغيّر وظائف الموظفين، تقلل من فرص الوصول غير المصرح، به ومن المخاطر.

تشفير البيانات

ويسهم استخدام تقنيات تشفير البيانات المهمة، سواء أثناء النقل أو التخزين، في حمايتها من الوصول غير المصرح به، وتحسين مستوى الأمان، ومن بين الاستراتيجيات وخطوات حماية المعلومات تفعيل أمان الشبكات الرقمية بواسطة حواجز نارية قوية، واستخدام إجراءات اعتماد الهوية للوصول إلى الشبكة. ويفضل فحص حركة الشبكة بانتظام لاكتشاف أي نشاط غير مصرح به، ووضع خطط استجابة فعالة للتعامل مع حالات انتهاك الأمان. وهذا يتضمن تحديد الإجراءات الفورية والتواصل السريع مع الجهات المعنية.

واعتمدت دولة الإمارات خططاً واستراتيجيات مبتكرة لحماية أمانها السيبراني، لضمان استمرارية التحول الرقمي. وتأتي هذه الجهود ضمن تكامل القطاعات الحكومية، وتعاون المؤسسات لتعزيز الأمان السيبراني بشكل شامل؛ كجزء لا يتجزأ من رؤيتها للتطور الرقمي، حيث وضعت الحكومة خططاً محكمة لتعزيز الوعي بأمان المعلومات وتدريب الموظفين على التصدي للتهديدات السيبرانية، ما جعل الإمارات نموذجاً للتصدي للتحديات الأمنية في عصر الحكومة الرقمية.

مجلس الأمن السيبراني

من بين المؤسسات التي أطلقتها الإمارات لحماية أمانها الرقمي، «مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات»، الذي يعمل على تطوير وتنفيذ استراتيجيات تأمين الأنظمة الرقمية ومكافحة التهديدات السيبرانية. ويعتبر المجلس جزءاً من إطار الحكومة الرقمية الشامل، حيث تسعى لتحقيق أمان دائم واستمرارية في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية.

وفي سياق تعزيز الشراكات وتبادل المعرفة، أنشأت الإمارات «مركز دبي لأمان المعلومات»، الذي يعمل على تعزيز التوعية بمجال الأمان السيبراني، وتقديم الدعم والاستشارات للمؤسسات، الحكومية والخاصة. ويعكس المركز التزام الإمارات بتعزيز قدرات الحماية السيبرانية على مستوى الدولة.

وبالتوازي مع تلك المبادرات، تعزز الإمارات استخدام التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، لتحسين قدرتها على اكتشاف ومعالجة التهديدات السيبرانية بشكل فعّال، وبهذه الخطط والاستراتيجيات الريادية، تقف الإمارات في مقدمة الدول التي تضع الأمان السيبراني في صميم تحولها الرقمي، ما يجعلها قوة رائدة في مجال حماية المعلومات وضمان استمرارية الخدمات الحكومية الرقمية.

ما بعد الرقمية

تعمل دولة الإمارات على تصميم خطوات استشرافية لتحديد مسارها نحو المستقبل، خاصة في مجال الحكومة ما بعد الرقمية. وتبرز الخطوات التي تعكس استعدادها للتحول وتطوير الخدمات الحكومية بصورة مستمرة، ومن ضمنها اعتماد الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وتكاملهما في خدماتها الحكومية.

وتستثمر الإمارات في رعاية المبتكرين ودعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا، حيث تهدف إلى بناء اقتصاد مبتكر يعتمد على الصناعات المستقبلية، وتطوير بنية الاتصالات والتكنولوجيا لتحسين بنية الابتكار والتحول الرقمي، كما تعزز التواصل السريع والآمن لتحقيق فاعلية أفضل في تقديم الخدمات.

تكامل بين القطاعين

تعمل الحكومة الرشيدة في دولة الإمارات على تعزيز التعاون بين القطاعين، الحكومي والخاص، من أجل تعزيز التكامل في تقديم الخدمات، كما تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة. كما تهتم دولة الإمارات بتحسين التعليم وتطوير المهارات لضمان توفر الكفاءات المطلوبة لمستقبل رقمي وتسعى لتحفيز الشباب على اكتساب المهارات التكنولوجية.

وتبرز دولة الإمارات كرائدة في رحلتها نحو الحكومة المتطورة رقمياً. وبفضل الرؤية الرائدة والاستراتيجيات المبتكرة، نشهد تحولاً مهماً من الحكومة التقليدية إلى الحكومة الرقمية المتطورة والمستدامة.

وتعكس استراتيجيات حكومة الإمارات التزاماً بتوفير خدمات حكومية فعالة وآمنة، حيث يتم التفاعل بشكل متزايد مع تكنولوجيا المستقبل، كما تظهر الخطط الاستشرافية لما بعد الرقمية إصرار الإمارات على الابتكار وتطوير الصناعات المستقبلية.

وكنموذج للحكومة المفتوحة والشفافة، تتألق الإمارات، حيث يتم تحقيق التواصل الفعال مع المواطنين وتشجيعهم على المشاركة في صنع القرار. وبهذا، ترسخ الحكومة مكانتها كقوة رائدة في تحقيق التحول الرقمي وبناء مستقبل متقدم ومستدام.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات الإمارات التهدیدات السیبرانیة الحکومات الرقمیة الخدمات الحکومیة فی تقدیم الخدمات حمایة البیانات دولة الإمارات التحول الرقمی التقلیدیة إلى فی مجال من بین

إقرأ أيضاً:

«المالية» تطلق مشروع دليل معايير الاستدامة في الحكومة الاتحادية


دبي (الاتحاد)
أطلقت وزارة المالية «مشروع دليل معايير الاستدامة المالية في الحكومة الاتحادية» خلال لقاء عُقد في مركز الاستدامة والابتكار بدبي، بحضور عدد من ممثلي إدارات الوزارة والجهات الاتحادية بهدف ترسيخ مفهوم الاستدامة المالية في القطاع الحكومي، وتطوير العمليات المالية الحكومية بما يتوافق مع رؤية الدولة المستقبلية في تحقيق التنمية المستدامة.
ويغطي الدليل المفاهيم والمعايير الأساسية للاستدامة المالية الحكومية وأهميتها ويستعرض أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وذلك في إطار حرص دولة الإمارات على تحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات حيث تسعى الحكومة من خلال تعزيز الاستدامة المالية إلى ضمان استدامة الموارد المالية. 
وقالت مريم محمد الأميري الوكيل المساعد لقطاع الإدارة المالية الحكومية في وزارة المالية، إن مشروع دليل معايير الاستدامة المالية في الحكومة الاتحادية يشكل نقلة نوعية في مسيرتنا وجهودنا نحو تحقيق التنمية المستدامة. ويهدف هذا الدليل الشامل إلى توفير إطار عمل متكامل للجهات الحكومية، لتمكينها من اتخاذ قرارات مالية تساهم في تعزيز الشفافية والكفاءة في إدارة الموارد المالية، بما يدعم مرونة اقتصادنا الوطني وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة.
وتضمنت أجندة إطلاق مشروع دليل معايير الاستدامة المالية في الحكومة الاتحادية خمسة محاور الأول بعنوان «احتضان الاستدامة: ضرورة ثابتة لدولة الإمارات»، والثاني «أطر ومبادرات الاستدامة في دولة الإمارات»، والثالث «أهمية الاستدامة في المالية والعمليات الحكومية» والرابع «نظرة عامة على تطوير المبادئ التوجيهية للاستدامة» و«دمج الاستدامة في المجالات الوظيفية - التحديات والفرص» والخامس «تخطيط العمل من أجل الاستدامة - الخطوات القادمة».
واختتم اللقاء بجولة للمشاركين في مركز الاستدامة والابتكار.

أخبار ذات صلة "المالية": مزاد صكوك الخزينة الإسلامية يحقق عطاءات بـ5.43 مليار درهم «المالية» تبحث التعاون مع إندونيسيا في مجال التدقيق الداخلي

مقالات مشابهة

  • «المالية» تطلق مشروع دليل معايير الاستدامة في الحكومة الاتحادية
  • «جمارك الإمارات» و ونظيرتها البرازيلية تطلقان المرحلة التجريبية لمشروع الممر التجاري الرقمي
  • حكومة الإمارات تطلق منصة "اعرف عميلك" الرقمية.. فما هي؟
  • الإمارات تطلق منصة «اعرف عميلك» الرقمية
  • الإمارات تطلق منصة اعرف عميلك الرقمية لتقديم بيانات شاملة ودقيقة في التعاملات المالية
  • البرادعي يوجه رسالة إلى الحكومات العربية بعد مذكرة اعتقال نتنياهو
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • إطلاق مسار تصفير البيروقراطية الحكومية ضمن منصة “جاهز”