لعبت القمة العالمية للحكومات على مدى دوراتها السابقة، دوراً كبيراً في تعزيز الوعي وتحفيز العمل الاستباقي من قبل الحكومات والمؤسسات؛ لتطوير وتبني الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات من أجل أن تكون حكومات أكثر ديناميكية وفعالة قادرة على الدفع باتجاه مستقبل أفضل وأكثر سعادة ورفاهية للمجتمعات وتفادي أن تكون حكومات متأخرة وقاصرة.

ولم تغب قضايا الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا عن دورات القمة السابقة كافة، إذ بحثت هذه القضايا وأثرها على حياتنا من مختلف النواحي سواء في التعليم أو الصحة أو المدن التي نعيش فيها وطرق التنقل والتواصل والتفاعل، في حين وفي ستتناول نسخة هذا العام قضايا التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

ووفق موقع القمة فقد أسهمت مبادرات حكومات العالم الرقمية واعتمادها على التكنولوجيا في مختلف المجالات، في خلق فرص وتحديات عديدة، وينبغي أن تسهم السياسات المستقبلية في معالجة الفجوة الرقمية وضمان عدم تخلف أحد عن الركب في مواجهة المتغيرات العالمية المتسارعة، هذا إضافة إلى أن عالمنا أمام تغييرات تكنولوجية جذرية، أهمها الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يعني ضرورة تنظيم هذه التكنولوجيا، وتصميمها أخلاقياً، إضافة إلى التعرف على الاتجاهات الناشئة التي تعد واحدة من الضروريات للحكومات والمنظمات الدولية.

وخلال القمة الحكومية الأولى عام 2013، شهدت جلسات وورش عمل، مناقشة العديد من القضايا الخاصة بتحقيق الفعالية في تقديم الخدمات التي تلبي احتياجات المتعاملين، واستخدام أحدث التقنيات في التحليل ووضع السيناريوهات المستقبلية والتغيرات التي ستشهدها الخدمات الحكومية في السنوات المقبلة.

وتناولت بعض الورش تجارب الخدمات الحكومية في بعض دول العالم، وشهدت استعراض عملية التحول الإلكتروني، وتجارب إنشاء ما يسمى بالنوافذ الموحدة للخدمات، وآليات تسهيل حصول المتعاملين على الخدمات في أي وقت من خلال حكومات تعمل على مدار اليوم.

وبعد نحو ثلاثة أشهر على انعقاد القمة الحكومية الأولى، أطلقت الإمارات “الحكومة الذكية” وشرعت في تنفيذ الخطوات المطلوبة لتحويل خدمات “الحكومة الإلكترونية” إلى “حكومة ذكية”، أي حكومة يمكن لأفراد المجتمع أن يستفيدوا من خدماتها عبر الهواتف النقالة الذكية وفي أي وقت.

وشهدت القمة الحكومية الثانية زخماً مضافاً في بحث الخدمات الذكية والرقمية وتوسيع الاعتماد عليها في العمل الحكومي ليلبي تطلعات المتعاملين المتنامية، وتم خلالها افتتاح متحف الخدمات الحكومية المستقبلية، وهو معرض تفاعلي استكشف مستقبل خدمات السفر والرعاية الصحية والتعليم، واختتمت أعمالها بتقديم جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول.

كمال تناولت بعض الورش والجلسات في النسخة الثانية من القمة، العديد من القضايا الرائدة مثل المدن الذكية، ومواكبة العصر المعرفي في خدمات التعليم المستقبلية، واستخدام التكنولوجيا لتطوير خدمات التعليم، بالإضافة إلى أثر التطور التكنولوجي وما يوفره من فرص للحصول على البيانات والمعلومات والاستفادة منها والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، وشهدت إحدى الجلسات حديثا عن التنقل الذكي وتأثيره على جودة الحياة، والابتكارات في مجال البنية التحتية الذكية وأثرها على التنقل.

وخلال الدورة الثالثة من القمة الحكومية عام 2015، كانت الثورة الرقمية على طاولة النقاش، إذ تم بحث تأثيرها على حياة الناس ودورها في تغيير طريقة ممارسة الأعمال ومستقبل الخدمات الحكومية، مع التأكيد على ضرورة وضع آليات تنظم استخدام التكنولوجيا الحديثة، كما طرح البعض خلال النقاشات فرضية منافسة الأجهزة والآلات لقدرات الدماغ البشري، وهو الأمر الذي بات يشهد نقاشاً موسعاً وبين مختلف الفئات والشرائح في يومنا هذا، مع وجود شواهد على منافسة الآلات للعقل البشري.

وناقشت الجلسات أيضاً التجارب المتميزة عالمياً في الخدمات الحكومية الإلكترونية والذكية، ومستقبل التعليم الذكي، وثورة البيانات الضخمة وتحويل البيانات الأولية إلى رؤى مستقبلية، كما طرحت إحداها حينها تساؤلا حول مساهمة الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات الحكومية، مع تأكيدها أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستحدث تغييراً جذرياً في أسلوب العمل الحكومي وعمل المؤسسات، وتوسعت النقاشات في الحديث عن كيفية مساهمة الروبوتات في تحسين الخدمات الحكومية، وعن الرحلة نحو المستقبل فيما يخص الخدمات الحكومية والمدن الذكية التي تسعى مجتمعة إلى توفير السعادة للمجتمعات، كما شهدت القمة حينها النسخة الثانية من جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المتحرك.

وبقيت الرقمنة وتطوير البنى الرقمية المحور الأساس والمشترك في نسخ القمة العالمية للحكومات خلال السنوات الماضية، ففي النسخة الرابعة، شهدنا مناقشة دور علوم اليوم في صنع تكنولوجيا الغد، مع الحديث عن التكنولوجيا النظيفة ومستقبل الطاقة والاستعداد للمستقبل ودور البرمجة باعتبارها لغة المستقبل.

وناقشت جلسات وورش عمل أخرى في القمة الثالثة الكثير من القضايا بتعمق، بدءًا من المستقبل الرقمي والتعليم والجيل القادم من المدارس السحابية، مروراً بطبيعة الأخطار القادمة لعالمنا الرقمي، والهجمات الإلكترونية وفلسفة الأمن الرقمي.

وشهدت تلك النسخة من القمة، بحث التفاوت الرقمي بين الدول والمجتمعات، وحتى داخل المجتمع الواحد، كما تطرقت إلى مستقبل الطاقة المتجددة، والسفر بسرعة الصوت، إضافة إلى بحث مستقبل المال والعملات الرقمية.

وناقشت القمة العالمية للحكومات في العام 2017 الكثير من القضايا وعلى رأسها الاتجاهات العالمية للتكنولوجيا الرقمية والتحديات التي تواجهنا في التحول نحو العصر الرقمي، ومستقبل النقل في المدن والقيادة الذاتية والتحديات المرتبطة بالروبوت والذكاء الاصطناعي، وآليات وأثر العلوم المتقدمة على الحكومات وآليات تكيف الحكومات مع العالم سريع التغيّر.

وناقشت القمة من خلال إحدى الجلسات بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تكنولوجيا الخدمات المالية والانقسام الرقمي بين الذين يرغبون في الاستفادة من التكنولوجيا في جميع المعاملات البنكية اليومية وغير الراغبين بذلك، كما ناقشت جلسة أخرى بالتعاون مع البنك الدولي مستقبل الحكومات وتطرقت إلى العديد من النقاط التي تهم الحكومات الراغبة في استخدام البيانات الضخمة، وطرحت إحدى الجلسات سؤالا حول ما إذا كانت التكنولوجيا ستقود إلى عالم بلا حدود، كما شهدت تلك الدورة استعراض تجارب عدة من بينها ابتكارات الحكومات الخلاقة، والخروج عن النهج التقليدي في العمل الحكومي.

وخلال القمة العالمية للحكومات عام 2017 سافر الزوار ثلاثين عاماً عبر المستقبل عبر تقنية الواقع الافتراضي، إذ تم عرض ما ستبدو عليه مدينتا أبوظبي ودبي عام 2050، والكشف عن هدف بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ بحلول 2117 ضمن الفعاليات الابتكارية التي عقدت على هامش القمة.

وفي دورة العام 2018 ناقشت القمة الكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، وتطرقت إلى الذكاء الاصطناعي والدور الذي سيلعبه في حياة البشر، والبيانات باعتبارها أهم موارد المستقبل.

وتحدث خلال تلك القمة كلاوس شواب، المؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي عن الثورة الصناعية الرابعة باعتبارها تغييرا كاملا لكل ما يخص نماذج الأعمال والاقتصادات العالمية، فيما تطرقت إحدى الجلسات إلى دور التكنولوجيا الجديدة والبيانات الضخمة والرعاية الصحية الإلكترونية في تحسين فرص الوصول إلى الخدمات الصحية، وتناولت أخرى البيانات والذكاء الاصطناعي كسلاح لاستعداد الحكومات للمستقبل، وناقشت ثالثة أسباب تفوق الحكومات من خلال استخدام البيانات، والفرص التي يخلقها الذكاء الاصطناعي والبيانات والتي تقدر بتريليونات الدولارات.

وبحثت جلسة بعنوان “آفاق التجارة العالمية في عالم مترابط” ضمن محاورها قضية مستقبل التجارة الإلكترونية، وناقشت جلسات أخرى قضايا هندسة الحياة لأجيال خارقة والنسخة القادمة من البشر، ودور الرقمنة والتكنولوجيا في هذا التوجه، بالإضافة إلى قضايا حوكمة الذكاء الاصطناعي، ومدن المستقبل وتكنولوجيا الحياة الذكية، وكذلك مستقبل العملات الرقمية واتساع نطاق استخدامها وتداولها.

وتناولت نسخة العام 2019 من القمة العالمية للحكومات ضمن أجندتها مستقبل مدن العالم، ودور الذكاء الاصطناعي في تعزيز تطورها وأمنها، وطبيعة اعتماد الطاقة وإنتاج الغذاء فيها، وطرق الوصول إلى المدن السعيدة بالاعتماد على التكنولوجيا من حيث بناء نظم نقل متعددة الوسائط ونظيفة وذاتية القيادة.

وشهدت القمة استعراض بعض التجارب العالمية وقيادتها لعالم التكنولوجيا، ونقاشا حول الثورة التكنولوجية القادمة في عالم الاتصالات مثل التقنيات المتقدمة وإنترنت الأشياء وتقنيات الجيل الخامس، بجانب عرض مستقبل دور الحكومات في خلق بيئات محفزة للتكنولوجيا، والحاجة إلى التطور في البنى الرقمية والتكنولوجيا الحاسوبية والحواسيب الكمومية.

وكانت البنى الرقمية حاضرة بقوة في نسخة القمة العالمية للحكومات لعام 2022، من خلال تناول دور التكنولوجيا في بناء مستقبل مستقر، وآليات التوصل إلى إجراءات سريعة من قبل الحكومات لمواجهة التحديات العالمية؛ إذ تناولت القمة ضمن أجندتها الثورة الصناعية الرابعة والتحول السريع للاقتصاد الرقمي، والفجوة الموجودة في توافر الإنترنت بين الدول والمناطق المختلفة، وضرورات مواجهة ومعالجة الفجوة الرقمية، ومسار الاندماج الأكبر بين التكنولوجيا والحكومات، ودور التكنولوجيا في القضاء على البيروقراطية.

وشهدت القمة حينها حديثا حول عالم الميتافيرس ودوره في نقل الإنسان إلى أبعاد وتجارب جديدة كلياً وتأثيره على تصميم وتخطيط المدن والمشاريع المختلفة، كما تطرقت بعض الجلسات إلى الرقمنة والخصوصية في العصر الرقمي مع التركيز على ضرورة وضع القواعد لحماية المستخدمين من الاستخدام السيء في بعض الأحيان والمفرط في أحيان أخرى بشكل يمكن أن يؤدي إلى دمار عنصر الابتكار.

كما تطرقت القمة ضمن جدول أعمالها إلى قضية العمل عن بعد التي استجدت بعد جائحة كورونا، وآليات تصميم هذا النموذج باستخدام التكنولوجيا والبنية الرقمية، كما شهدت حواراً مع أصغر مبرمج في العالم الذي حث الحكومات على إدراج الحوسبة والذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية.

وشهدت النسخة الماضية من القمة العالمية للحكومات تركيزا كبيرا على قضايا التنمية والبنى الرقمية وآليات تأثير الذكاء الاصطناعي والرقمنة على المجتمعات، إذ بحثت إحدى الجلسات قضية الأتمتة ومستقبل العمل، كما شهدت القمة حديثاً مع إيلون ماسك، الذي استعرض رؤيته للمستقبل من ناحية تحول الطاقة والسيارات الكهربائية وفرص وأخطار الذكاء الاصطناعي.

كما تناولت القمة التطورات التي تشهدها تقنيات الواقع الافتراضي ودور الحكومات في تعزيز الابتكار في هذا المجال وتمكين الحوكمة، وناقشت من خلال العديد من الجلسات وورش العمل العديد من القضايا المتجددة فيما يخص المدن المستقبلية والابتكار ورقمنة البنى التحتية والمباني بما يتماشى مع الاستدامة والمرونة في نواحي الحياة كافة، بالإضافة إلى دور الرقمنة في تحسين رفاهية الأفراد وتحقيق وفورات مالية للحكومات.

وتطرقت القمة إلى هجرة الشعوب من العالم الواقعي إلى العالم الرقمي الافتراضي، وتسارع إنتاج البيانات التي تلعب دوراً في تشكيل وتوجيه الاقتصاد والسياسة في العالم.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: القمة العالمیة للحکومات والذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الخدمات الحکومیة القمة الحکومیة التکنولوجیا فی من القضایا شهدت القمة العدید من من القمة کما شهدت من خلال

إقرأ أيضاً:

القمة العالمية للطوارئ والأزمات 2025 تنطلق في أبوظبي 8 إبريل

تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، تُنظم الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث الدورة الثامنة من القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025 تحت شعار «معاً نحو بناء مرونة عالمية»، والتي ستعقد خلال الفترة من 08 إلى 09 إبريل 2025، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض – أدنيك، في إمارة أبوظبي.
تمثل القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025 إحدى المبادرات البارزة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وأحد أهم القمم المتخصصة عالمياً، ما يعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالمساهمة في تعزيز الجاهزية والاستعداد عالمياً للتعامل مع حالات الطوارئ والأزمات.
مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث من أهم المجالات عالمياً نظراً لعمومه وتنوع المجالات القطاعية المتداخلة في منظومة الطوارئ والأزمات والكوارث، لذلك تستقطب قمة إدارة الطوارئ والأزمات العديد من المختصين والخبراء في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث من مختلف الجهات الحكومية والمنظمات الدولية وممثلين من حكومات وسفراء، بالإضافة إلى الخبراء والعسكريين وكافة المعنيين في مختلف المجالات.
تنبثق هذه القمة من رؤية تركز على أهمية الاستمرار في تطوير منظومة إدارة الطوارئ والأزمات لمواجهة التحديات المستقبلية المحتملة، لا سيما في ظل التطورات التقنية التي يشهدها العالم وانتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي والحلول والمنصات الرقمية المتعددة.

مقالات مشابهة

  • نورة الكعبي تسلط في قمة تالين الرقمية الضوء على دور الإمارات القيادي في التكنولوجيا الناشئة
  • خلال قمة تالين الرقمية.. نورة الكعبي تسلط الضوء على دور الإمارات القيادي في مجال التكنولوجيا الناشئة
  • مستقبل التعليم في عصر التكنولوجيا.. الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة
  • الضغوط تتزايد على عمالقة التكنولوجيا.. ماذا يعني قانون الأسواق الرقمية للشركات الكبرى؟
  • خبير مغربي يحذر من استخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة المراسلات داخل المؤسسات الحكومية
  • القمة العالمية للطوارئ والأزمات 2025 تنطلق في أبوظبي 8 إبريل
  • القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات تنطلق في أبوظبي أبريل المقبل
  • هبوط معظم بورصات الخليج.. و"دبي" تبلغ القمة خلال 10 سنوات
  • IBM: الحوسبة الكمومية تستعد لمواجهة التحديات العالمية المستقبلية
  • الذكاء الاصطناعي ومستقبل التكنولوجيا: نقاشات موسعة في معرض "Cairo ICT 2024"