ابتكر علماء في جامعة برمنغهام البريطانية، بالتعاون مع المعهد الاتحادي الألماني لأبحاث واختبار المواد، جهاز استشعار ضوئي للكشف عن "المواد الكيميائية الأبدية" (بي إف إيه إس)، في الماء.

ويرمز "بي إف إيه إس" إلى مركبات "بير وبولي فلنورو ألكيل"، وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي تُستخدم على نطاق واسع في مختلف المنتجات الصناعية والاستهلاكية، مثل تجهيزات المطابخ غير اللاصقة، والمعدات الخارجية المقاومة للماء، وتغليف المواد الغذائية، ورغوة مكافحة الحرائق.

وتتمتع تلك المواد بروابط كيميائية قوية تجعلها مقاومة للماء والشحوم، مما أكسبها الحضور الطاغي في كثير من المنتجات، غير أن هذه الميزة سلاح ذو حدين، إذ إنها من ناحية أخرى، تمنح تلك المواد ثباتا شديدا في البيئة ولا تتحلل بسهولة، ويمكنها البقاء في الهواء والماء والتربة والكائنات الحية لفترة طويلة جدا، ولذلك سميت بـ"المواد الكيميائية الأبدية".

وربطت دراسات بين التعرض لبعض تلك المواد، والآثار الصحية الضارة، بما في ذلك مشاكل النمو، واختلال جهاز المناعة، وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات، لذلك تُبذل جهود على مستوى العالم للتوصل إلى أدوات لاكتشافها في الماء لمنع إحدى طرق انتقالها إلى الجسم، مسببة هذه الآثار الضارة. ويأتي جهاز الاستشعار الضوئي الذي أُعلن عنه في دورية "أناليتيكال كيمستري" في إطار هذه الجهود.

ملوثات البيئة قد تؤثر في حساسية وانتقائية الأدوات التحليلية فتؤدي إلى تحديات في التمييز بين مواد "بي إف إيه إس" والمواد الأخرى (شترستوك) تحديات خلقت الحاجة لحل جديد

وعلى مدار السنوات الماضية استُخدمت عدة طرق علمية وتحليلية مختلفة لاكتشاف تلك المواد في العينات البيئية، غير أن الطبيعة المعقدة لمواد "بي إف إيه إس" واستخدامها على نطاق واسع، شكّل تحديات في الكشف الدقيق عنها وقياسها كميا.. ومن هذه الطرق:

الطرق التحليلية:

استُخدمت الطرق التحليلية التقليدية مثل كروماتوغرافيا الغاز والكروماتوغرافيا السائلة، غير أن تنوع مواد "بي إف إيه إس" وخصائصها الكيميائية المتباينة، جعل من الصعب تطوير طريقة واحدة يمكنها الاكتشاف بشكل فعال.

التحليل المستهدف:

ركزت بعض المحاولات على مركبات محددة من مواد "بي إف إيه إس"، وغالبا ما كانت تلك الأكثر شهرة أو التي لها استخدامات صناعية معروفة، وقد تجاهل هذا النهج المستهدف الملوثات الناشئة.

وبالإضافة إلى الافتقار لطريقة تحليلية موحدة للقياس، والاهتمام في الرصد بمواد على حساب الأخرى، كانت هناك تحديات تتمثل في أن:

1- الملوثات الأخرى الموجودة في البيئة قد تؤثر في حساسية وانتقائية الأدوات التحليلية، مما يؤدي إلى تحديات في التمييز بين مواد "بي إف إيه إس" والمواد الأخرى. 2- توجد بعض مواد "بي إف إيه إس" بتركيزات منخفضة جدا في البيئة، مما يعوق اكتشافها بالطرق التقليدية. 3- التنوع الواسع لمواد "بي إف إيه إس" يجعل من الصعب الحصول على جميع المعايير المرجعية ذات الصلة بالعمل التحليلي. 4- الطرق الحالية صعبة التنفيذ وتستغرق وقتا طويلا ومكلفة. الطبيعة المعقدة لمواد "بي إف إيه إس" واستخدامها بشكل واسع أوجد تحديات في الكشف الدقيق عنها وقياسها كميا (شترستوك)

وانطلاقا من هذه التحديات أدرك الفريق البحثي من جامعة برمنغهام البريطانية بالتعاون مع المعهد الاتحادي الألماني لأبحاث واختبار المواد، حاجتهم إلى حل مبتكر يكون سهل التنفيذ، ويستطيع اكتشاف المواد حتى لو كانت بتركيزات منخفضة، ويكون انتقائيا لتلك المواد عن غيرها من الملوثات، وفوق كل ذلك تكون كلفته بسيطة، وهو ما قادهم إلى جهاز الاستشعار الضوئي.

جهاز الاستشعار الضوئي.. كيف يعمل؟

والجهاز الجديد عبارة عن مستشعر ضوئي يصدر ضوءا أحمر عند تعرضه للأشعة فوق البنفسجية، وتشير التغيرات في إشارة التألق المنبعثة من المعدن الموجود بالمستشعر إلى وجود مواد "بي إف إيه إس".

ووفق ما جاء بالدراسة يمكن تبسيط آلية عمل هذا المستشعر كالآتي:

جزيئات الضوء الصغيرة: تخيل أن لدينا جزيئات صغيرة تتوهج عند تسليط الضوء عليها، وتتكون هذه الجزيئات من معدن يسمى الإيريديوم، ولها سلاسل محبة للدهون (سلاسل هيدروكربونية مكونة من 6 و12 ذرة كربون على التوالي) متصلة بها. السلاسل الخاصة: وهذه السلاسل تشبه مخالب الجزيئات، أي أنها تساعد الجزيئات على تشكيل هياكل محددة. الكشف عن مواد "بي إف إيه إس": فعندما تضع هذه الجزيئات في الماء وكان به مواد "بي إف إيه إس"، ستتداخل تلك المواد مع الجزيئات ليغير ذلك من طريقة توهجها. الضوء المتوهج الطويل: فما يميز هذه الجزيئات هو أنها تستمر في التوهج مدة طويلة، ويمكننا قياس مدة توهجها، وأي تغييرات في التوهج تخبرنا بوجود مواد "بي إف أيه إس". دعم الذهب: فهذه الجزيئات ترتبط بسطح مصنوع من الذهب، مما يساعدها على البقاء ثابتة وعدم فقدان توهجها. المستشعر يعتمد على معدن الإيريديوم المطعم بسلاسل مُحبة للدهون والأثنان مثبتان على شريحة ذهبية (أناليتيكال كيمستري) اكتشاف حتى 220 ميكروغراما

يقول أستاذ الكيمياء غير العضوية والفيزياء الضوئية البروفيسور زوي بيكرامينو، في بيان صحفي أصدرته جامعة برمنغهام: إن "المستشعر تمكن من اكتشاف 220 ميكروغراما من مواد بي إف إيه إس لكل لتر من الماء، وهو مناسب لمياه الصرف الصناعي، ومع ذلك هناك حاجة إلى مزيد من التحسين لتعزيز الحساسية للكشف عن مستويات النانوغرام، وخاصة في مياه الشرب".

ويصف بيكرامينو اختراعهم بأنه في غاية الأهمية، مضيفا أن "مواد بي إف إيه إس تُستخدم في البيئات الصناعية بسبب خصائصها المفيدة، على سبيل المثال في الأقمشة المقاومة للبقع، ولكن إذا لم يتم التخلص منها بشكل آمن، فإن هذه المواد الكيميائية تشكل خطرا حقيقيا على الحياة المائية وصحتنا والبيئة الأوسع، هذا النموذج الأولي هو خطوة كبيرة إلى الأمام في إيجاد طريقة فعالة وسريعة ودقيقة للكشف عن هذا التلوث، مما يساعد على حماية عالمنا الطبيعي وربما الحفاظ على مياه الشرب نظيفة".

اختراق ينتظره تحدي التطبيق الموسع

ومن جانبه، أثنى أستاذ العلوم الكيميائية بجامعة ألمنيا المصرية وائل أبو المجد في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت"، على نتائج الدراسة التي قدمت حلا لتحديات واجهها المجتمع البحثي لسنوات، ولكنه شدد على أنه يجب وضع هذا الإنجاز في حجمه الطبيعي، وهو أنه "لا يزال في إطار العمل المختبري، ولم يخرج للتطبيق العملي على نطاق واسع".

ويضيف أبو المجد أن هناك ثلاثة أسئلة يجب معالجتها في دراسات لاحقة، حتى يمكن اعتماد هذا المستشعر في البيئة العملية التطبيقية، وهذه الأسئلة هي:

أولا:  ما مدى استقرار معدن الإيريديوم المضيء بمرور الوقت، وكيف يصمد أداء المستشعر في ظل الظروف البيئية المختلفة؟ ثانيا: هل يمكن للمستشعر تقديم نتائج موثوق بها باستمرار على مدى فترات طويلة؟ ثالثا: ما مدى جدوى جعل المستشعر محمولا للقياسات في الموقع، خاصة في المواقف التي تتطلب استجابة فورية؟

ويَعِد رئيس قسم الاستشعار الكيميائي والبصري بالمعهد الاتحادي الألماني لأبحاث واختبار المواد كنوت روراك، والباحث المشارك بالدراسة، بمعالجة هذه الأسئلة.

ويقول روراك في البيان الصحفي: "الآن بعد أن أصبح لدينا نموذج أولي لشريحة استشعار، نعتزم تحسينها ودمجها لجعلها محمولة وأكثر حساسية بحيث يمكن استخدامها في موقع الانسكابات، وتحديد مدى وجود هذه المواد الكيميائية في مياه الشرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المواد الکیمیائیة هذه الجزیئات تلک المواد تحدیات فی فی البیئة فی الماء

إقرأ أيضاً:

حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزل بفصيل الصيف

 يعتبر النمل من الحشرات الصيفية التي تطارد كل شئ في المنزل ويبحث الكثير من القراء على وجود حلول فعليه وطبيعة للتخلص من النمل بشكل نهائي منها  يستوطن النمل في المنزل  وهذا دليل على وجود مستعمرة منها ولا بد من التحرك بسرعة منعًا من تفاقم المشكلة التي قد تستدعي بعض الأحيان استخدام المواد الكيميائية أو الاستعانة بشركات مكافحة الحشرات مما يتطلب ذلك وقت وجهد كبيرين؛ لكن لا داعي للقلق في هذا الموضوع ينقل  لكم موقع الفجر مجموعة من الطرق تساعدكم على التخلص من النمل في المنزل بسهولة.

حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزلطرق للتخلص من النمل في فصل الصيف 2024

تتنوع النصائح والحيل التي يمكننا تقديمها التخلص من النمل نهائيًا في المنزل منها ما يكون ممارسات وقائية يومية نقوم بها نحاول من تواجد الحشرات بأنواعها والنمل على وجه الخصوص في المنزل وأخرى تتطلب استخدام بعض الطرق الطبيعية أو الكيميائية لحل المشكلة بعد ظهورها؛ وفي السطور التالية ننقل لكم أبرز هذه الطرق وأسهلها للتخلص من النمل الصغير في المنزل.

طرق طبيعية تساعد على طرد النمل من المنزل

وهناك مجموعة من الحيل والطرق الطبيعية التي تساعد بالقضاء على وجود النمل في المنزل والتي لا تتطلب الكثير؛ ومن هذه الطرق:

التخلص من النمل بالنعناع

ومن أولى طرق القضاء على النمل في المنزل الطبيعية هي استخدام زيت النعناع العطري وذلك بخلط تقريبًا من 10 – 20 نقطة منه مع كوبين من الماء ومن ثم رشه بجميع أنحاء المنزل والتركيز على المناطق التي يتواجد بها وحول حواف المنزل وحواف النوافذ والأبواب.

التخلص من النمل بالخل الأبيض

ولمن يتساءل عن كيفية التخلص من النمل في البيت بطرق طبيعية يعد الخل الأبيض من الحلول التي أثبتت فاعليتها بالتخلص من النمل بسهولة؛ وذلك بتجهيز محلول من الخل الأبيض بنسبة 50 إلى 50 من الخل والماء ومن ثم مسح الأرضيات والأسطح ورشه على الحواف وذلك منعًا من دخوله من الخارج والقضاء على الموجود في المنزل.

التخلص من النمل بنشا الذرة

ومن طرق التخلص من النمل في المنزل بسهولة هي رش نشا الذرة في الأماكن التي يتوقع وجود النمل فيها؛ ومن ثم استخدام المكنسة الكهربائية لتنظيف؛ ومن الجدير بالذكر هنا هو المسارعة بتنظيف كيس النفايات في المكنسة الكهربائية خارج المنزل منعًا من عودة النمل وانتشاره مره أخرى.

التخلص من النمل بالفلفل

وتعد أفضل طرق مكافحة النمل في المنزل السريعة والسهلة هي رش مسحوق الفلفل الأسود على الأسطح والأرضيات وبجميع الأماكن التي يتوقع دخوله أو تحركه بها؛ وذلك كون رائحة الفلفل الأسود مزعجه وطاردة للنمل.

التخلص من النمل بقشور الحمضيات

كما تعد هذه الطريقة من الطرق الوقائية حيث يمكن نشر قشور الحمضيات حول نباتات الزينة وغيرها في المنزل مما يمنع ذلك من تشكيل بيوت المستعمرات النمل تحت تربتها؛ وخاصة أن النمل كما هو معروف يتحرك بمستعمرات.

التخلص من النمل بالملح والقرنفل تابعي خطوات التخلص من النمل في المنزل بأقل تكلفة قضي صيفك بلا نمل أو حشرات..طرق طبيعية للتخلص من النمل بكل سهولة

ويمكن استخدام محلول الملح للحد من وجود النمل في المنزل حيث يعد من الطرق المجدية؛ فضلا عن وضع بعض حبات القرنفل في أكياس وعلب السكر لمنع اقتراب النمل إليها وخاصة أن رائحة القرنفل تعتبر منفرة للنمل.

التخلص من النمل في المنزل بالمواد الكيميائية

وللباحثين عن أسرع طريقة للتخلص النمل في المنزل يعد استخدام المبيدات والمواد الكيميائية من الطرق الفاعلة لذلك وخاصة في حال لا يتواجد أطفال في المنزل أو هناك إمكانية ترك المنزل لأوقات طويلة؛ فيما يلي أبرز هذه الطرق:

استخدام حمض البوريك

ومن طرق التخلص من النمل في المنزل باستخدام المواد الكيميائية هي استخدام حمض البوريك الذي يعتبر أحد المواد السامة لمكافحة الحشرات؛ وبحسب تجارب البعض أثبت فاعليته بالتخلص من النمل في غضون 3 أسابيع عبر توزيع كرات مشبعة بحمض البوريك بجميع انحاء المنزل؛ ولكن من الضروري الانتباه لعدم وجود الأطفال والحيوانات الأليفة في المنزل؛ فضلًا عن ارتداء القفازات أثناء تحضيره واستخدامه.

استخدام بوراكس

كما يتم الخلط بين البوراكس وحمض اليوريك إلا أنه هناك اختلاف بينهما؛ ولكن لهما نفس الفاعلية بالقضاء على مستعمرات النمل في المنزل؛وكما أسلفنا الذكر بطريقة استخدام حمض البوريك يستخدم بوراكس بنفس الطريقة مع الالتزام بالإرشادات الوقائية ذاتها.

استخدام محلول الماء والصابون

ومحلول الماء والصابون من الطرق الكيميائية السهلة والتي يمكن تطبيقها بسهولة في المنزل والذي يؤثر مباشرة على تواصل النمل مع باقي المستعمرة كونه يقضي على الرائحة ويؤثر على الفيرمونات التي يستخدمها النمل في التواصل، ةهناك العديد يتساءل عن طريقة مكافحة النمل الابيض في المنزل الذي يعد أكثر أنواع النمل خطورة كونه يغزو الأسطح الخشبية في المنزل بمختلف انواعه مما يعني ذلك تدميره للأثاث ومقتنيات المنزل؛ ولصعوبته قد يتطلب التخلص منه نهائيًا الاستعانة.

مقالات مشابهة

  • حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزل بفصيل الصيف
  • رغيف واحد يوميًا.. مدير مستشفى الشفاء يكشف أساليب التعذيب داخل سجون الإحتلال
  • 3 أطعمة شائعة "تغذي" السرطان
  • بعد اختلافهما فيها: الدولة والشورى يناقشان مواد 3 مشروعات لقوانين مُهمة
  • التائب: صرف شحنة مواد لمشروع تطوير البنية التحتية للشبكة الكهربائية في زوارة
  • تحذيرات من التسمم والسرطان.. هل ملابس الأردنيين الأون لاين آمنة؟
  • الدفاع المدني يحذر من ترك 4 مواد داخل المركبة في فصل الصيف
  • لارتفاع درجات الحرارة بعموم المملكة.. الدفاع المدني يُشدّد على عدم ترك أي مواد قابلة للاشتعال بالمركبات
  • هل الأمهات الحوامل المصابات بالسرطان ينقلن المرض لأطفالهن؟ تحذير من كارثة صحية
  • برج خليفة يشهد عرضًا ضوئيًا مبهرًا احتفالًا بشراكة هواوي ومنصة يلا لودو