قال الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، الأسبق،  إن الأطباء يطالبون منذ سنوات بإقرار قانون -علمى وليس جنائى-  للمسئولية الطبية، وقد سبق للنقابة أن تقدمت منذ سنوات بمشروع قانون متكامل أسوة بالدول الأخرى، إذ أن استمرار محاسبة الأطباء بقانون العقوبات فى قضايا المهنة هو أمر لم يعد يحدث فى دول العالم التى تحرص على منظومتها الصحية، حيث أن الغرض ليس الإنتقام وإنما الحد من نسبة حدوث الأخطاء وحصول المريض على حقه دون وقوع ظلم على الطبيب.



وأوضح “الطاهر” في تصريح خاص ل"البوابة نيوز"  فلسفة أى مشروع قانون للمسئولية الطبية من المفترض أن ترتكز على وجود لجان علمية تدرس الموضوع وتفرق بين الأخطاء الطبية الوارد حدوثها طبقا لنوع المرض وبين الجريمة الطبية وهى ما يطلق عليها الإهمال الجسيم،  فالأخطاء الطبية الوارد حدوثها لا يجوز حبس الطبيب فيها بل يتم التعويض عنها ماديا حيث أن الطبيب كان يسعى بالضرورة لنفع المريض، أما الجرائم الطبية مثل العمل دون ترخيص أو إتخاذ إجراء غير قانونى أو إجراء تجارب على المرضى فى غير حالات التجارب السريرية فهى التى يطبق فيها قانون العقوبات ويتم الحكم فيها بالحبس وخلافه طبقا لفداحة الجريمة.

وأشار عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، من المعلوم أن وضع القانون بهذه الطريقة العلمية سيكون أمرا إيجابيا للمريض والطبيب والمنظومة الصحية، فحال وجود خطأ فإن المريض سيحصل على التعويض المناسب من شركة تأمين أو صندوق يلتزم كل طبيب بالإشتراك فيه ودون الحاجة لقضاء سنوات طويلة فى أروقة المحاكم، والطبيب لن يتم التعسف معه وبالتالى سيعمل لصالح المريض بدون أيدى مرتعشة، والمنظومة الصحية ستستفيد من عدم لجوء بعض الأطباء لمنظومة الطب الدفاعى بالامتناع عن علاج بعض الحالات المعقدة أو ازدياد وتيرة هجرتهم خوفا من سيف الحبس المسلط على رقابهم.

واستكمل الدكتور إيهاب الطاهر، للأسف فوجئنا بوجود نص مشروع قانون للمسئولية الطبية يتم تداوله تمهيدا لتقديمه للبرلمان، وهذا المشروع ينسف الفلسفة الأساسية التى ننتظرها لتحقيق الأهداف المنشودة، فنحن لا نبحث عن مجرد مسمى أوعنوان ولكننا نبحث عن المتن الذى يحقق الأهداف لصالح الجميع.

وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء، فمشروع القانون لم يمنع الحبس فى الأخطاء الطبية، فهو يسمح بالحبس الإحتياطى بقرار من رئيس النيابة (المادة 17)، كما أنه أيضا يسمح للمحكمة بتوقيع عقوبة الحبس (المادة 16)، وبالتالى فهو يفرغ القانون تماما من أغراضه، كما أن هذه العقوبات ليست بمفردها ولكنها يمكن أن تكون مضافة لأى عقوبات أخرى أشد مقررة بموجب أى قانون آخر (المادة 13)، وبالتالى فالطبيب سيكون خاضع لعقوبات هذا القانون الجديد بالإضافة لإمكانية خضوعه لمواد قانون العقوبات القديم طبقا لتوصيف الإتهام فيزداد الأمر سوءا. 

واضاف الدكتور إيهاب الطاهر، أنه يضاف لذلك عدم شمول مشروع القانون للجان طبية يتم اللجوء إليها لدراسة المشكلة وتوصيفها علميا قبل الإحالة للجهات القضائية، ولكن فقط سيتم إعداد جدول بالأطباء الحاصلين على الدكتوراه منذ عشر سنوات بكل تخصص حتى يستعين بهم الطب الشرعى أو جهات التحقيق فى إبداء الرأى الفنى، والمشروع حتى لم يلزم الطب الشرعى أو جهات التحقيق بطلب الاستعانة بهم كما لم يلزمهم بالأخذ برأيهم الفنى، وبالتالى فلن ننتظر تغيرا ملموسا عن الوضع القائم حاليا.

واستنكر عضو مجلس نقابة الأطباء، 

أما بخصوص حماية الأطباء من الإعتداء عليهم أثناء تأدية عملهم، فالعقوبات الواردة بالمشروع غير كافية على الإطلاق ولا تحقق الردع المطلوب، فعقوبات التعدى بالقول أو التهديد عقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر (أو) غرامة لا تزيد عن عشرة آلاف جنيه، أما عقوبات التعدى بالقوة والعنف فعقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن سنة واحدة (أو) الغرامة التى لا تتجاوز عشرين ألف جنيه، ولن يكون الحبس وجوبى إلا تم استخدام عصى أو أسلحة فيكون الحبس مدة لا تقل عن سنة (المواد 14 و 15).

واوضح عضو مجلس نقابة الأطباء، بالطبع هناك ملاحظات تفصيلية أخرى مثل وجوب أن يجرى العملية الجراحية طبيب متخصص ووفقا للمزايا الإكلينيكية مع العلم بأن نظام المزايا الإكلينيكية لم يتم تطبيقه بشكل رسمى بمصر حتى الآن فكيف سنحاسب الطبيب وفقا لنظام غير موجود أصلا (المادة 6)، ومثل إلتزام الطبيب بإجراء الجراحة فى منشأة مهيأة تهيئة كافية لإجراء الجراحة ويتم توقيع عقوبات عليه حال مخالفته ذلك طبقا للمادة (16) وسيتم فقط إضافة المسئول عن إدارة المنشأة لذات العقوبة (أى أن الطبيب لن يتم حتى إعفاءه من العقوبة إذا كان التقصير من جهة العمل) وبالتالى سيكون على الطبيب المعالج التأكد بنفسه من تمام جميع التجهيزات وهذا مستحيل عمليا وكان من المفترض أن تكون العقوبة هنا على الإدارة فقط، وأيضا مثل عدم السماح بخروج المريض من المستشفى إلا بعد تمام الشفاء (مادة7) ومن المعلوم أن المريض يخرج عند تحسن حالته ليكمل العلاج بالمنزل ولا يبقى بالمستشفى لحين تمام الشفاء لأن هذا ضار به علميا، أما بخصوص ما ورد بالمشروع عن إنشاء صندوق تأمينى لتغطية التعويض المالى ويلتزم الأطباء بالاشتراك فيه فهذا لن يكون له قيمة عملية طالما بقيت عقوبات الحبس كما هى، لأن معظم الأطباء سيضطرون للاستجابة للابتزاز المالى خوفا من عقوبة الحبس قبل حتى أن يصدر حكما بالتعويض.
وفى الحقيقة لا أود الاسترسال فى ذكر تفاصيل الملاحظات على  كل مادة من مشروع القانون، حيث أن مشروع القانون يجب أولا أن يلبى الحد الأدنى المطلوب فى الأمور الجوهرية قبل أن ننتقل لمناقشة الأمور الفرعية، فجوهر القانون يجب أن يرتكز على إلغاء عقوبة الحبس فى الأخطاء الوارد حدوثها (سواء حبس احتياطى أو قضائى) مع ضرورة وجود لجان علمية لتوصيف المشكلة، ودون ذلك فلن يكون هذا هو المشروع الذى ننتظر منه أن يحقق تغيرا للأفضل فى منظومة ممارسة الطب فى مصر.

واشار الدكتور إيهاب الطاهر، أما إذا كانت وزارة العدل ترى وجود شبهة عدم دستورية فى إلغاء عقوبة الحبس وترى ذلك تمييزا بين المواطنين كما توارد منذ سنوات، فنطلب منها مراجعة حكم المحكمة الدستورية بالقضية رقم 19 لسنة 8 قضائية دستورية لسنة 1992، فقد جاء ملخص حكمها بأن صور التمييز التي تعنيها  المادة (53) من الدستور تقوم على أساس عدم جواز التمييز بين المواطنين الذين تتساوى مراكزهم القانونية، وأن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة.


وأوضح، ولعنا نعلم جميعا أن المراكز القانونية تختلف بين الإصابة والقتل الخطأ نتيجة تدخل طبى كان يسعى بالضرورة لنفع الإنسان، ويبن الإصابة والقتل الخطأ نتيجة أى سبب آخر (مشاجرة – حادث سيارة – إنهيار منزل  ... وخلافه)، وبالتالى فلا نرى وجود تمييز أو عدم دستورية.

وطالب الدكتور إيهاب الطاهر، فى النهاية ننتظر أن تقوم نقابة الأطباء بالتواصل العاجل مع وزارة العدل ورئاسة مجلس الوزراء والقيام باتخاذ جميع الإجراءات من أجل عدم عرض مشروع القانون المشار إليه إلا بعد أن يفى أولا بالجوهر المطلوب لصالح المريض والطبيب والمنظومة الصحية، وحتى لا يصبح مستقبل الطب أشد إيلاما من الواقع.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نقابة الأطباء مشروع قانون المسئولية الطبية حبس الأطباء مجلس نقابة الأطباء مشروع القانون مشروع قانون عقوبة الحبس عضو مجلس

إقرأ أيضاً:

مشرّعون أمريكيون يقدّمون مشروع قانون لمنع دعم صندوق “النقد الدولي” لبعض دول وسط أفريقيا

يمانيون../
قدّم مشرّعون أمريكيون مشروع قانون بهدف منع صندوق “النقد الدولي” من تقديم الدعم لبعض دول وسط أفريقيا في مسعى لحماية مليارات الدولارات التي يتعيّن على شركات النفط تخصيصها لاستعادة البيئة.

ويسلّط مشروع القانون الضوء، بحسب ما ذكرت وكالة “رويترز”، على المواجهة بين المستثمرين الأجانب من جهة والسلطات النقدية في وسط أفريقيا التي تحاول فرض ضوابط رأسمالية أكثر صرامة على الصناعات الاستخراجية لدعم الاحتياطيات المستنفدة من جهة أخرى.

وقدّم مشروع القانون الأمريكي النائبان الجمهوريان، بيل هويزينغا، ودان موزر، وهو يستهدف القواعد الجديدة التي فرضها بنك دول وسط أفريقيا، والبنك المركزي الإقليمي، والتي تلزم شركات النفط الدولية إيداع أموال استعادة البيئة في حسابات خاضعة لسيطرة بنك دول وسط أفريقيا.

لقاء يجمع رئيسي جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي ورواندا بول كاغامي بوساطة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني

“رويترز” عن مصادر: وفدا حكومة الكونغو و”أم-23″ في الدوحة لإجراء محادثات

زعيم حزب المعارضة الرئيسي في تنزانيا توندو ليسو لمطالبته بإصلاحات انتخابية.. محكمة في تنزانيا تتّهم زعيم المعارضة بـ”الخيانة”

وبحسب تقرير “السياسة النقدية” لبنك أفريقيا الوسطى لشهر آذار/مارس 2025، من المتوقّع أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أيار/مايو المقبل، بما يتماشى مع قرارات القمة، مع فرض عقوبات تصل إلى 150% من أموال الاستعادة في حالة عدم الامتثال. كما اقترحت لجنة الاستثمار في أفريقيا الوسطى أيضاً رفع معدلات إعادة الأموال الأخرى إلى المنطقة، بما في ذلك الإنفاق التشغيلي لشركات الاستخراج، والتي تمّ تحديدها حالياً عند 35%.

بدوره، قال متحدّث باسم “النقد الدولي”، لوكالة “رويترز”: “نحن على علم بالتشريع الأمريكي المقترح وسنراقب أيّ تطوّرات”، مضيفاً أنّ “الصندوق يشجّع المفاوضات”.

ويرى المنتقدون، بما في ذلك رعاة مشروع القانون، أنّ تفويض لجنة التعاون الاقتصادي لدول وسط أفريقيا يهدّد بتقويض مليارات الدولارات من الاستثمارات الأمريكية في النفط والغاز في مختلف أنحاء وسط أفريقيا.

وجاء في مشروع القانون: “من خلال رفض توضيح أنّ أموال الترميم هذه لن تحسب ضمن احتياطيات النقد الأجنبي الإجمالية، ضلّل صندوق النقد الدولي الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي والاقتصادي لوسط أفريقيا وعرّض بشكل مباشر عشرات المليارات من الدولارات من استثمارات شركات النفط الدولية في المنطقة للخطر”، وأنّ “الأموال مقيّدة تعاقدياً ومخصصة لإعادة تأهيل البيئة في المستقبل، وبالتالي لا ينبغي أن تكون متاحة بسهولة أو خاضعة لسيطرة السلطات النقدية ليتمّ احتسابها ضمن احتياطيات النقد الأجنبي”.

وبموجب التشريع المقترح، سيتمّ منع “الخزانة الأمريكية” من دعم أيّ مقترحات من “النقد الدولي” تتعلّق بدول المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا حتى يؤكد الصندوق علناً أنّ هذه الأموال لا يمكن تصنيفها كاحتياطيات إجمالية من النقد الأجنبي. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى منع الموافقات الإضافية على الدعم المالي من صندوق النقد لبعض البلدان في المنطقة التي تعتمد بشكل كبير على دعم الصندوق، مثل الكاميرون وجمهورية الكونغو.

مقالات مشابهة

  • "النواب" يقر مواد تحظر التشغيل سخرة أو جبرا بقانون العمل الجديد
  • مشرّعون أمريكيون يقدّمون مشروع قانون لمنع دعم صندوق “النقد الدولي” لبعض دول وسط أفريقيا
  • الفئات المعفاة من الرسوم في قضايا قانون العمل
  • 4 محاور.. خير راغب مرشح مجلس الصحفيين يعلن برنامجه الانتخابي
  • مناقشة سير التدريب في مساق الباطنية بفرع مجلس الاختصاصات الطبية في الحديدة
  • مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني مع فرق خيرية
  • احذر.. إتلاف المنشآت الصحية يعرضك للحبس وغرامة 50 ألف جنيه وفقًا للقانون
  • قانون جديد لتنظيم الحشد الشعبي.. دون أعباء مالية ومع توقعات بتمريره بسلاسة
  • "اجتماعية الشورى" تواصل مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني
  • تواصل مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني بـالشورى