أزمة البحر الأحمر…هل تؤثر على الاقتصاد اليمني والحياة المعيشية للمواطنين؟ (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
يمن مونيتور/ فتخار عبده
لم يكن الاقتصاد اليمني ينعم بالرخاء والسلامة قبل أن تبدأ أحداث البحر الأحمر، ولم يكن اليمنيون يعيشون بهناء قبل ذلك، لكن هجمات الحوثيين في البحر وما تلتها من ردود أفعال أمريكية وبريطانية زادت الطين بلة، وزادت من نكد العيش على المواطنين اليمنيين الذين يكابدون شطفه منذ اندلاع الحرب وحتى اللحظة.
وتواصل جماعة الحوثي هجماتها في البحر الأحمر منذ 19من نوفمبر حينما أعلنت الاستيلاء على سفينة تجارية إسرائيلية (غالاكسي) واحتجاز طاقمها المكون من 25 فردا.
تصعيد الحوثيين هذا أجبر بعض الشركات العالمية الكبرى على وقف نشاطها الملاحي في البحر الأحمر حتى إشعار آخر؛ نتيجة لتردي الوضع الأمني.
كما اضطرت أغلب السفن التجارية إلى اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح الواقع جنوبي دولة جنوب أفريقيا، ممرا بديلا عن مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وذلك خوفا من هجمات قد تشنها جماعة الحوثي.
وفي الفترة الأخيرة حصل ارتفاع فيما لا يقل عن 200 % بأسعار الشحن والتأمين في كثير من الحاويات التي تمر عبر باب المندب.
غارات أمريكية وبريطانية على اليمن
في ليل الجمعة الموافق/ 12 يناير، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على أهداف في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى؛ الأمر الذي أضاف طعنة أخرى إلى الاقتصاد اليمني وحياة المواطنين المعيشية المتدهورة.
هذه الغارات التي شنت على اليمن زادت من عنت الحوثيين في شن المزيد من الهجمات في البحر الأحمر ردا على الغارات التي تشنها كل من أمريكا وبريطانيا.
تأثير أحداث البحر الأحمر على أسعار السلع يصل إلى أوروبا
لم يقف الأمر عند تأثير أزمة البحر الأحمر على الاقتصاد اليمني؛ بل إن رياح التأثير في ارتفاع أسعار السلع وصلت إلى أوروبا، وسط تخوف عالمي من إذكاء أزمة البحر الأحمر التضخم وارتفاع الأسعار؛ من خلال زيادات أسعار الفائدة.
شركات شحن كبرى تعلن قلقها إزاء ذلك وتعمل على احتياطات لازمة، من تلك الشركات: شركة “MSC”- أكبر شركة شحن في العالم- والتي بدورها نبهت العملاء في بيان صحافي، إلى زيادات إضافية في أسعار بعض حركة الحاويات إلى الولايات المتحدة، بدءا من 12 فبراير/ شباط المقبل.
مكتب الإحصاءات الأوروبية يشير إلى أن “أزمة البحر الأحمر تتسبب في ارتفاع التضخم بنصف درجة مئوية على مدى الربعين الأول والثاني من 2024” مؤكدا أنه وفي أوروبا، تضغط أزمة البحر الأحمر على آمال اقتصاد منطقة اليورو، في احتمالية خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري، من القمة التاريخية الحالية البالغة 4 % “.
وبالنسبة لتأثر الاقتصاد اليمني وتدهور الوضع المعيشي نتيجة هذه الأزمة يقول الصحافي الاقتصادي وفيق صالح: إن” الهجمات المتصاعدة في البحر الأحمر لها تداعيات كبيرة على الاقتصاد اليمني وحركة الملاحة الدولية إذ ستؤدي إلى توقف الشركات الكبرى أنشطتها الملاحية عبر البحر الأحمر، وستنمي المخاوف من تأثر سلاسل الإمداد وتدفق السلع إلى اليمن، خصوصا وأن بلادنا تعتمد في أكثر من تسعين بالمائة على الاستيراد لتغطية الاحتياجات الغذائية للسكان “.
تضاعف تكلفة التأمين على الشحن البحري
وأضاف صالح ل” يمن مونيتور “هذه التطورات تأتي عقب تزايد الهجمات الحوية على السفن التجارية في البحر الأحمر، إذ تضاعفت تكلفة التأمين على الشحن البحري، بالإضافة إلى أن كبرى شركات الشحن الدولي أوقفت مرور سفنها عبر البحر الأحمر وباب المندب”.
وأشار إلى أنه “ظهرت أولى بوادر أزمات التدفق السلعي والتمويل إلى اليمن، من خلال مواجهة كثير من التجار والمستوردين، إشكاليات حقيقية مع شركات الملاحة التي ترفض المرور عبر البحر الأحمر، علاوة على ارتفاع تكلفة التأمين على الشحن البحري والذي وصل خلال الأيام الأخيرة إلى أكثر من 200 %، والتي يتوقع تزايد حدتها في الفترة المقبلة وسط تصاعد الاضطرابات في البحر الأحمر وباب المندب”.
ولفت صالح في حديثه ل “يمن مونيتور” إلى أن “إقدام عمالقة الشحن البحري على وقف مرور سفنها عبر البحر الأحمر، له تبعات جسمية، على عدد كبير من الدول ومنها اليمن نفسه، الذي يعتمد على الاستيراد لتوفير معظم احتياجاته، من المواد الغذائية الاستهلاكية”.
ووضح” تُنذر هذه التطورات الأمنية في البحر الأحمر، بعودة إشكاليات الشحن البحري إلى اليمن، والتي عانى منها القطاع الخاص طوال السنوات الماضية، في ظل ارتفاع كلفة التأمين على النقل البحري، والاضطرابات الأمنية التي تسود المنطقة”.
تهميش مضيق باب المندب
ورجح صالح أن “هذه الأحداث قد تدفع الدول الغربية الكبرى، إلى تهميش مضيق باب المندب من خلال توجيه حركة النقل التجاري البحري لطرق بديله تحت سيطرتها مثل مشروع الطريق الرابط بين دول آسيا وأوروبا عبر البحر المتوسط وإعادة تفعيل طريق رأس الرجاء الصالح”.
في السياق ذاته يقول الصحافي، محمد. الوجيه “الكثير من الناس ينظرون إلى أزمة البحر الأحمر من منظور سياسي واحد وزاوية معينة، ويتعاملون مع القضية بأنها ما بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية وحلفها المشكل مؤخرا؛ لكنهم مع الأسف يجهلون الآثار المترتبة عليها خاصة الآثار الاقتصادية”.
الصيادون اليمنيون هم الضحية الأولى
وأضاف الوجيه ل “يمن مونيتور” الجدير بالذكر أن أكثر من 28 ألف صياد يمني يعتمدون على العائدات من صيد الأسماك في البحر الأحمر ويعولون بذلك 28 ألف أسرة، ومع زيادة حدة التوترات المتصاعدة على الشريط الساحلي اليمني زادت مخاوف الصيادين مما جعلهم يضطرون إما إلى ترك المهنة التي تساعدهم في البقاء، أو المجازفة بحياتهم وفي كلتا الحالتين بات الصياد اليمني هو الضحية الأولى من تلك الحرب المزعومة “.
وتابع” من ناحية أخرى سنجد أن الإيرادات العامة والضريبية التي كانت تحصل عليها اليمن ستنخفض إلى أدنى المستويات وهو ما سيزيد من تفاقم الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد منذ عشرة أعوام “.
تجار يمنيوون قلقون من التوتر الحاصل في البحر الأحمر واصفون الوضع بأنه صفعة جديدة تضاف لتجارتهم بعد ما حدث في العام الماضي من إجبار الحوثيين التجار على إعادة توجيه البضائع المستوردة إلى ميناء الحديدة.
وعلق محمد أبو هاني (تاجر بالمواد الغذائية في مدينة تعز” على الوضع قائلا “لا مجال لنا للتفاؤل بمستقبل أفضل، نحن تعودنا على أن نهيئ أنفسنا لاستقبال الصدمات المتتالية وتوقع الأسوأ”.
وأضاف ل “يمن مونيتور” اليوم البضاعة التي نستوردها من خارج المدينة أصبحت تأتي بسعر أكبر وهذا ما يضطرنا لبيعها بسعر أكبر على الرغم من سخط المواطنين علينا “.
وتابع” نخشى كثيرا من أن تسوء الأوضاع أكثر مما هي عليه اليوم، من أن تغادر السفن التجارية جميعها مضيق باب المندب، كيف سيكون الوضع المعيشي للمواطنين بعد ذلك؟ “.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي البحر الأحمر الحوثي عمالقة الشحن غزة أزمة البحر الأحمر عبر البحر الأحمر الاقتصاد الیمنی مضیق باب المندب فی البحر الأحمر الشحن البحری یمن مونیتور التأمین على إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي: اليمن يتحول إلى قوة استراتيجية تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة
يمانيون../
أصدر معهد أمريكي مختص بدراسات الحرب تقريراً مطولاً يكشف عن تنامي القدرات العسكرية اليمنية بشكل ملحوظ، ما جعل من اليمن قوة مناوئة للولايات المتحدة، وتهديداً استراتيجياً لمصالحها في الشرق الأوسط والمحيطين الهندي والهادئ.
وذكر التقرير، الذي أعده الباحث الاستراتيجي “بريان كارتر”، أن الإدارة الأمريكية فشلت في الحد من التهديد الذي يمثله اليمنيون، ولم تتمكن من منع تعزيز قدراتهم العسكرية التي باتت تشكل تحدياً يرتبط مباشرة بخصوم واشنطن على المستوى الدولي. وأوضح أن العمليات العسكرية اليمنية أجبرت الولايات المتحدة على إعطاء الأولوية للبحر الأحمر، وهي أولوية تتعارض مع استراتيجيتها المعلنة في التركيز على المحيط الهادئ.
القدرات العسكرية المتنامية
أشار التقرير إلى أن اليمنيين اكتسبوا خلال عام من العمليات القتالية في البحر الأحمر خبرات عسكرية متقدمة، بما في ذلك معلومات حساسة عن نظم الدفاع الأمريكية. وأبدى مخاوف من احتمال مشاركة هذه المعلومات مع خصوم الولايات المتحدة، مثل روسيا، مما قد يعزز من فعالية الهجمات اليمنية مستقبلاً.
وأضاف التقرير أن القوات المسلحة اليمنية تمكنت من بناء مخزون كبير من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والصواريخ المجنحة، التي تمثل تهديداً حقيقياً للمصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة. كما أكد أن الهجمات اليمنية باتت أكثر دقة وفعالية في عام 2024، ما يعكس تطوراً مستمراً في القدرات القتالية.
فشل أمريكي في مواجهة التصعيد
انتقد التقرير محدودية الجهود الأمريكية في التصدي للعمليات اليمنية، مشيراً إلى فشل واشنطن في إحداث تأثير حاسم على القدرات الهجومية اليمنية. وأكد أن استمرار العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر والمناطق المحيطة يضع الولايات المتحدة في موقف صعب، حيث تضطر إلى تحويل تركيزها عن تهديدات أخرى استراتيجية، مثل التحديات في مضيق تايوان.
تحذيرات من السيطرة اليمنية
من أخطر ما ورد في التقرير تحذيره من إمكانية أن ينجح اليمنيون في إحكام السيطرة على منطقة الخليج، خاصة في ظل تصاعد التوترات العالمية. واعتبر التقرير أن هذا السيناريو يمثل تهديداً وجودياً للمصالح الأمريكية وشركائها الإقليميين.
تجاهل السياق الإنساني
في الوقت ذاته، تجاهل التقرير أهداف العمليات اليمنية المعلنة، والتي ترتكز على رفع الحصار عن اليمن ووقف الإبادة الجماعية في غزة، إضافة إلى استهداف الملاحة الصهيونية والشركات المتعاونة معها في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
رسالة لصنّاع القرار
أنهى التقرير بتحذير صريح لصناع القرار الأمريكيين، داعياً إلى مراجعة السياسات الحالية لمواجهة التصعيد اليمني، ومحذراً من استغلال هذه التهديدات لتأجيج التوترات مع دول المنطقة ودفعها نحو مزيد من التدخل العسكري ضد اليمن.