أحمد العسم يكتب: عكازان للحياة..
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
عكازان للحياة.. لرجل أعرفه دخل المسجد ونسي عكازه وجدته يتكئ على يده التي ترجُف وكرسي أسنده أحد المصلين للجلوس والصلاة، استوقفتني الأفكار وتأمل الحياة سريعة كأنها أمس ومضت كأنها حبل طويل امتد، كما كانت له خطوات ونفس جميلة تعين على الحق وتساعد، الدعاء الخاص بالشفاء والعافية، استمرار القدمين في حمل ثقل الأيام يحتاج إلى صداقة مع الجسد، وإلى تركيز وذهن حاضر، رأيت العديد منهم الأصدقاء والأحبة الذين استخدم بعضهم عكازاً يعينه على الوقوف ولازال في أول العمر، ومن ذات المكان رغم كل المعاناة عرفت بأن القوة فهم والاعتناء بالصحة عافية عقل، والأمر يمنح المزيد من الضوء ويسمح للأفكار على ماذا تستند، كم نحتاج إلى مفاصل وعظام حتى تعيننا على المضي لبهجة النفس والسرور حتى نرى صور الأيام في أحسن اكتمال وظن، أكيد نحتاج عكازين للحياة علينا الإيمان بالمتغيرات لأن دوام الحال من المحال ولا شيء يدوم ويستمر، ومن المؤلم أن تجد الذاكرة أحيطت بالنسيان ولم تعد تذكر شيئاً، وما أصعب ذلك، تخاطب صديقاً زرته وتحدثت معه، ويسألك من أنت ولا يذكر اسمك، دخل مرحلة «الزهايمر»، مرحلة تذرف من داخلك الدموع منفجراً غاضباً من نكران العطاء، ومن تقصير الزمن الذي أخذك في غفلة عتاب، وكأنك المسؤول عن ذلك، لابد من الوقوف وراء هذا العطل وإصلاح العطب المصاب من إيجاد ما يساعد على الوقوف مرةً ثانية، لابد من تنشيط يعيد للذاكرة الأهم، لم أخرج بعد، حاولت الحجر على العكاز، تنبيهه، وأن لا يمس النسيان روح وجسد وذاكرة صديقي عبدالله، وأن يراني من ذاكرته ويتقدم يقول نعم أنت أعرفك ويسميني باسمي، صديقي الذي قرأت معه الشعر في الأمسيات العديدة وتبادلنا السرور، أن يقف ويعانقني كشاعر ويلمس يدي حتى تذكّره بي دائماً، وبمن حوله، أعرف الأسرة التي تستحوذ على المضمون وتدس تحت الوسادة رسائل غير مكتملة وصعوبة في التنفس، أعرف النظام، لكني أكثر أعرف أصدقائي الذين زينة الحياة معهم القلب وازدادوا، حتماً سأمنح الروح شرفة وتأملات ولن أغادر من يمنح عكازين للعودة أو اللا عودة ويظهر قوته ويخرج ترف الآلام من الجسد ويعيده إلى الركض الأول السعيد وإلى الاستشفاء، سأقف هكذا في وجه التعب وأبعد العكازين وأقاوم لأجلهم.
«وجدت أكثرهم متعب/ أكثرنا حيرة/ من حجبت عنه الوسيلة/ لكن وجدت أبعدهم قريباً/ والقريب أمامي/ أرفض حيرتهم/ وأقبلهم هكذا/ مشرقين». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحمد العسم
إقرأ أيضاً:
بلال قنديل يكتب: الناس بالناس
الناس هم اساس المجتمع، و جوهر الحياة وهذا العنوان يحمل في معناه أنّ الناس بإيجابياتهم و سلبياتهم قوّتهم و ضعفهم هم أساس الحياة و هم من يُشكّلون نسيجها المُتداخل
في هذا العالم الواسع نجد أنفسنا مُحاطين بأناسٍ كُثر مختلفين في أشكالهم و أفكارهم و طبائعهم بعضهم قريبٌ منّا بِروابطِ الدم أو الصداقة أو المُجتمع و بعضهم آخر لا نعرفهم إلاّ بِمُجرد المُصادفة
و في هذا التفاعل المُستمر بين الناس تظهر معادنهم الحقيقية فنجد من يُسارع إلى مدّ يد العون و المُساعدة في أوقات الشّدّة و الضيق و نجد من يُغلق بابه في وجه المُحتاج و يُدير ظهره ويعامله بسلبيه وكانه لم يكن يعرفه يوما
و في مواقف الحياة المُختلفة تتجلّى قوّة التّرابط بين الناس فنجد أنّ الناس بالناس يُصبحون أقوى و أكثر قدرةً على تجاوز الصّعاب و المُشكلات و نجد أنّ التّعاون و التّضامن هما أساس النجاح و التّقدّم
و لكن في نفس الوقت نجد أنّ الناس بالناس يُمكن أن يُصبحوا أكثر ضعفاً و هشاشةً فالتّنافس و الحسد و الغدر و الخيانة كلّها أشياء تُؤثّر سلباً على المُجتمع و تُهدّد بِتفكّكه
و في هذا العالم المُعقّد يُصبح من الضروريّ أن نُدرك أهمية التّواصل و الفهم و التّسامح بين الناس يجب أن نُحاول أن نرى الجميل في الآخرين و أن نُقدّر جهودهم و أن نُساعدهم عندما يحتاجون إلى ذلك
و في النهاية يبقى الناس هم أساس الحياة و هم من يُحدّدون مسارها فبِحسن تعاملنا مع بعضنا نُبني مجتمعاً قوياً و متماسكاً و بِسوء تعاملنا نُهدّد بِتفكّكه و انهياره
فلتكن علاقتنا ببعضنا بناءة و إيجابية لتكن قائمة على المحبة و الاحترام و التّعاون لتكن مُلهمة لِجيلٍ قادم يُدرك أهمية التّرابط و التّضامن بين الناس ففي النهاية الناس بالناس و الحياة بِالناس
فلتكن حياتنا معاً أجمل و أكثر إشراقاً