الإمارات ترسّخ نموذجاً عالمياً للبيئة الآمنة والمتسامحة
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
دينا جوني (دبي)
أطلقت «اليونسكو» شعار «التعلم من أجل سلام دائم»، بمناسبة اليوم الدولي السادس للتعليم الذي يصادف في 24 من شهر يناير. ودعت «اليونسكو» بهذه المناسبة إلى التركيز على مكانة التعليم في هذه المساعي، وأن يتّسم التعلم من أجل السلام بطابع تحويليّ، بما يساعد على تمكين المتعلمين، وتزويدهم بالمعارف الضرورية والقيم والمواقف والمهارات والسلوكيات كي يصبحوا دعاة للسلام في مجتمعاتهم المحلية.
في الإمارات، اتفق عدد من الخبراء في التعليم على أهمية النظر في موضوع التعليم واستقرار الأطفال في مجتمعاتهم ومدارسهم وإبقائها آمنة، في الدول والمناطق التي تشهد عنفاً واضطراباً من دون نبذ الاحتياجات الأساسية للشعوب في تلك المناطق.
كما أشاروا إلى الدور الكبير الذي تلعبه دولة الإمارات في ترسيخ قيم التسامح والسلام، ونشر قيمهما بين طلبة المدارس والجامعات، ونبذ العنصرية والتمييز والكراهية في المجتمع.
وقالت الدكتورة سونيا بن جعفر، المديرة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير، إنه عند التفكير في إطار النزاعات، أو أوضاع العنف في العديد من الدول، فهناك قضية حاسمة غالباً ما تكون خفية، وليست ضمن لائحة الأولويات، إذ في الحديث عن الآثار المباشرة للعنف والاضطرابات، يغلب التركيز على الاحتياجات الأساسية لأولئك الذين يعيشون مراحل صعبة للغاية، وهي المأوى والغذاء والرعاية الطبية، والنظافة، والصرف الصحي، والمياه.
ولكن في حين أن هذا يستحوذ على اهتمامنا في المؤسسة، لأن المساعدات الإنسانية والاستجابة لحالات الطوارئ تحتاج إلى تلبية تلك الاحتياجات العاجلة، فإن التعليم يبقى ضمن المحاور الثانوية، الأمر الذي يمثل مشكلة كبيرة لأجيال المستقبل.
وقالت إنه غالباً ما تتضرر، أو يتم تدمير المؤسسات التعليمية، واستخدامها كملاجئ، ثم يتم تدميرها مرة أخرى، ما يشكّل أولاً أزمة مؤقتة، ثم طويلة الأمد، ويحرم الشباب من مستقبلهم، لذا فإن التعليم لا يقتصر على التعلم فقط، بل يتعلق الأمر بإيجاد ما يشبه حياة طبيعية داخل هذه المؤسسات، وتمكين الأطفال، والسماح لهم بالتفكير النقدي والتساؤل، والحلم والابتكار. وللأسف العديد من الأطفال يُحرمون من ذلك.
وأضافت: «كل طفل يولد مع شعور فطري بالمساواة. الأطفال يعرفون أنهم مهمون، ويعلمون أن الجميع متساوون بالطريقة نفسها، لذلك من المهم جداً غرس مفاهيم التسامح والتعاطف والمسؤولية الاجتماعية، لأن التعليم يمكنه بالفعل تعزيز تلك القيم». وقالت: «ندرك بأن التحيز والعنصرية يتم تعلمهما، ولذا يمكننا أيضاً تعليم عكس ذلك، وتعزيز السلام من خلال تعليم أطفالنا أن الجميع متساوون. ويمكننا أن نرى ذلك في بيئات متنوعة، حيث يكون التسامح قيمة عالية، كما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعد البيئات الآمنة والمتنوعة والمتسامحة ضرورية، ونحن بحاجة إلى حماية أطفالنا من العنف والتمييز».
وأشارت إلى أن «المعاناة تلاحق الأطفال في جميع أنحاء العالم، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 400 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد نزاعات عنيفة، وهذا الرقم مرتفع جداً. ونعلم من البنك الدولي أن 11 تريليون دولار من الأرباح المستقبلية يتم فقدانها على مستوى العالم بسبب العنف داخل المدارس وحولها، فهذا أكثر من مجرد خسارة مستقبلهم، بل إن البلدان والمناطق تفقد فرصتها في التنمية الاقتصادية.
وأكدت أنه يجب أن يكون هذا كافياً لجعل الجميع يهتمون بحقوق الطفل والإنسان، ولكن يجب أيضاً الاهتمام بمستقبل الأطفال، والبحث عن طرق للتعاون عبر الحدود، للتمكّن من تعزيز مجتمع صحي وسلمي».
وقال الدكتور محمد المصلح، أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبي، يعدّ الاحتفاء باليوم العالمي للتعليم مناسبة بالغة الأهمية، ويُعتبر بمثابة الاعتراف بالتأثير القوى للتعليم على الأفراد والمجتمع ككل، وفي هذا العام بالأخص يتم التركيز على موضوع «التعلم من أجل السلام الدائم». وفي مشهد عالمي سريع التطور، يبرز التعليم منارة للأمل، ويعزز التفاهم والتسامح والتعاون بين المجتمعات المتنوعة، ويساعد على توحيد الأهداف وتقريب الأفكار.
وأشار إلى أن موضوع هذا العام يؤكد الدور الحاسم الذي يلعبه التعليم في بناء الأساس للسلام الدائم بين الشعوب، ويعمل التعليم على تمكين الأفراد، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة التحديات المجتمعية، وتعزيز الوئام الاجتماعي، وبالتالي الحد من الصراعات. ومن خلال غرس قيم التعاطف والشمول والاحترام المتبادل، وهي من المهارات الناعمة التي طالما شجع عليها التعليم في وقتنا هذا، خصوصاً في الآونة الأخيرة، يصبح التعليم أداة قوية في تشكيل مجتمع يتضمن أفراداً مسؤولين وقادرين على تقبل الآخر، وتقبّل الاختلافات.
وفي خضم التحديات التي يواجهها العالم في يومنا هذا، فإن التركيز على «التعلم من أجل السلام الدائم» يحثّ الدول على إعطاء الأولوية للتعليم محفزاً للتغيير الإيجابي. فهو يدرك أن التعليم لا يقتصر على الحصول على المعلومات فحسب، بل يتعلق أيضاً بتعزيز التفكير النقدي والإبداع والقدرة على التعاون، وهي صفات ضرورية لحل النزاعات سلمياً، وبناء مجتمعات مستدامة.
وأضاف أنه في هذا اليوم العالمي للتعليم، نؤكد من جديد التزامنا بتوفير التعليم الجيد للجميع، وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع على حد سواء، وكسر الحواجز التي تواجه تحقيق أهداف التعليم، وضمان عدم تخلف أحد عن الركب. يجب على الحكومات والمعلمين والمجتمعات العمل معاً لخلق فرص تعليمية شاملة وعادلة. ومن خلال الاستثمار في التعليم، فإننا نستثمر في المستقبل، وننشئ جيلاً يستطيع التغلب على الاختلافات، وسدّ الفجوات، والمساهمة في عالم يتسم بالسلام الدائم. إن اليوم العالمي للتعليم 2024 هو بمثابة تذكير بأنه من خلال التعلم، يمكننا بناء مستقبل أكثر إشراقاً وتناغماً للأجيال المقبلة.
دور رائد
قال الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن، مدير جامعة الوصل، إن عملية التعلم تعرف اصطلاحاً بأنها نشاط يهدف إلى اكتساب المهارات، والحصول على المعرفة الجديدة، وتنعكس هذه العملية التعليمية على السلوك، والقيم، والأفكار، وغيرها، لذا فالتعليم له دور مهم في تشكيل شخصية الفرد وإكسابه المعرفة والمهارات التي تؤثر في سلوكه مع أقرانه، ومجتمعه.
ولفت إلى أن دولة الإمارات لها دور رائد في ترسيخ قيم التسامح والسلام، ونشر قيمهما بين طلبة المدارس والجامعات، ونبذ العنصرية والتمييز والكراهية، فقد عملت على تطوير وإكساب مهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكار بين طلبة المدارس والجامعات ليكونوا أكثر قدرة وعقلانية في مواجهة التحديات على مستوى الفرد والمجتمع، وبما يحقق الأمن والسلام، ونشر قيم التسامح وتقبل الآخر، ومن ثم تحقيق الأمن والسلم المجتمعي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات اليونسكو اليوم الدولي للتعليم التعلم من أجل الترکیز على من خلال
إقرأ أيضاً:
هآرتس: عندما يصبح الجيش الإسرائيلي نموذجا للوحشية
ربطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية -في مقالين منفصلين- بين انتشار العنف والوحشية في جيش إسرائيل وخطاب الكراهية والانتقام الذي تنتهجه حكومتها، وشبهت ما يحدث في غزة بمعسكر الاعتقال النازي لليهود (أوشفيتز)، متأسفة على غياب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن ذكرى المحرقة لأن دولته أصبحت منبوذة، ولأنه مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب.
في المقال الأول وصف الأستاذ الفخري يوئيل إليزور باعتباره طبيبا نفسيا، حالة أفراد الجيش الإسرائيلي النفسية في حربه الجارية، وقال إنه يشعر بالرعب من القتل الجماعي للمدنيين في غزة وبالانزعاج من تأثير الوحشية التي يمارسونها على الصحة العقلية للجنود الذين يتعرضون للخطر بسبب خطاب الحكومة التحريضي وإضعاف أنظمة العدالة المدنية والعسكرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إنترسبت: هل ينكر مسؤولو أوروبا جرائم الحرب في غزة رغم الوثائق؟list 2 of 2نيويورك تايمز: الهند تشوه الحقيقة وهذا ما يحدث فعلا للهندوس ببنغلاديشend of listوأوضح إليزور هدفه من هذا المقال بصفته جَدا وطبيبا نفسيا بحث في تجربة الجنود مع الوحشية، وقال إنه يريد أن يحمي حفيده وكل من يخدم في الجيش الإسرائيلي، ويريدهم أن يعرفوا مدى صعوبة الوقوف في وجه قائد قاس ومقاومة ضغوط الأقران التي تشجع على الوحشية.
وصنف الكاتب 5 مجموعات من الجنود بناء على سمات الشخصية، استنادا إلى دراسة قامت بها ضابطة الرعاية الاجتماعية نوفار إيشاي أثناء الانتفاضة الأولى تحت إشرافه، نُشرت لاحقا عام 2012، باعتبارها الفصل الأول من كتاب بعنوان "بقعة من ضوء.. الجنود الإسرائيليون والجيش والمجتمع في الانتفاضة".
إعلان
تأثير الضباط الصغار
المجموعة الأولى صغيرة وقاسية تتألف من جنود قساة، اعترف بعضهم بالعنف قبل التجنيد، وقد ارتكب هؤلاء معظم الفظائع الشديدة، ونظروا إلى الوحشية باعتبارها تعبيرا عن القوة والرجولة، أسكرتهم السلطة التي تلقوها في الجيش، يقول "إنها مثل المخدرات. تشعر وكأنك أنت القانون، أنت من يضع القواعد. وكأنك منذ اللحظة التي تغادر فيها إسرائيل وتدخل قطاع غزة تصبح إلهًا".
يقول أحد هؤلاء "ليس لدي مشكلة مع النساء. رمتني إحداهن بحذاء، فركلتها هنا (أشار إلى الفخذ)، وحطمت كل هذا هنا. لا يمكنها إنجاب أطفال اليوم"، وأطلق أحدهم النار على عربي 4 مرات في ظهره وأفلت بدعوى الدفاع عن النفس، و"تلقى شاب عربي فجأة رصاصة في بطنه وكان يحتضر على الرصيف وابتعدنا بالسيارة بلامبالاة"، كما يقول جندي.
المجموعة الثانية مجموعة صغيرة عنيفة أيديولوجيًا، أيدت الوحشية دون المشاركة، كان أفرادها يؤمنون بتفوق اليهود وكانوا ينتقدون العرب، ولم يتم الإبلاغ عن الإصابات الأخلاقية في هذه المجموعة.
المجموعة الثالثة صغيرة وغير قابلة للفساد، عارضت تأثير المجموعات القاسية والأيديولوجية على ثقافة الفرقة، تم ترهيبهم في البداية من قبل القادة الوحشيين، ثم اتخذوا موقفا أخلاقيا واستمروا في الإبلاغ عن الفظائع إلى قائد الفرقة، تعرض أحدهم للنبذ، وأصيب بصدمة نفسية واكتئاب وغادر البلاد بعد التسريح.
المجموعة الرابعة كبيرة وتتكون من جنود ليس لديهم ميل مسبق للعنف، ولكن سلوكهم كان متأثرا بشكل كبير بنماذج الضباط الصغار ومعايير الفرقة.
أما المجموعة الخامسة فكانت كبيرة، وتشكلت من الجنود الذين يوجهون أنفسهم داخليا والذين حافظوا على المعايير العسكرية ولم يتركبوا فظائع، وقد استجابوا للعنف الفلسطيني والمواقف التي تهدد الحياة بطرق متوازنة ومبررة قانونيا، ولم يبلغوا عن إصابات أخلاقية.
إعلان سلوك صادموفي سياق تأثير القادة الصغار والجنود المؤثرين، يقول أحدهم "جاء قائد جديد إلينا. خرجنا معه في أول دورية، لم يكن هناك أحد في الشوارع سوى طفل صغير (4 سنوات) يلعب في فِناء منزله. فجأة جرى القائد وأمسك بالطفل وكسر ذراعه وساقه وداس على بطنه ثلاث مرات وغادر. نظرنا إليه في حالة من الصدمة. سألت القائد "ما قصتك؟" قال يجب قتل هؤلاء الأطفال منذ اليوم الذي يولدون فيه. وعندما يفعل القائد ذلك يصبح الأمر شرعيا".
وذكر إليزور أن هناك أدلة كثيرة على جرائم الحرب المزعومة في الحرب الحالية، وقد قام المؤرخ الإسرائيلي لي مردخاي بجمع البيانات وتصنيفها وتحديثها بانتظام، وهي تشمل تقارير من مؤسسات مرموقة كالأمم المتحدة، وتقارير من وسائل الإعلام الرئيسية، وصورا ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
نموذج مصغر للوحشية
وهناك توثيق لإطلاق النار على المدنيين الذين يلوحون بالأعلام البيضاء، وإساءة معاملة الأسرى والجثث، وحرق المنازل دون موافقة قانونية، والتدمير الانتقامي للممتلكات والنهب، مقابل عدد ضئيل من التحقيقات، حسب لي مردخاي.
واستغرب الكاتب كلمات التأبين التي ألقيت في جنازة جندي احتياطي قُتل في لبنان، حيث أشار أحد المتحدثين إلى قتله لفلسطيني كان يحصد الزيتون مع أطفاله، وروى أفراد وحدته كيف نجح في رفع الروح المعنوية في غزة بإشعال النار في منزل دون موافقة، وأعلنوا التزامهم بمواصلة أعمال الحرق والانتقام في غزة ولبنان والضفة الغربية.
أما مركز الاحتجاز سدي تيمان فهو بالنسبة ليوئيل إليزور نموذج مصغر للوحشية في الحرب الحالية، وقد أصبح سيئ السمعة عندما أبلغ طبيب عن علامات إساءة جنسية شديدة لدى أحد المعتقلين، وقد أبلغت تقارير إعلامية عن 36 تحقيقا بشأن وفاة معتقلين كانوا محتجزين فيه، كما تشير شهادات فلسطينيين مفرج عنهم، جمعتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية بتسيلم، إلى العنف القاسي والتعسفي بشكل متكرر والإذلال والإهانة والتجويع المتعمد وغير ذلك من الممارسات المسيئة.
إعلان الانتقام وخطاب الكراهيةوفي جو الانتقام هذا، ذكّر الكاتب بما كتبه اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور قائلا "الحرب شيء قاس، والسؤال الحقيقي هو كيف نركز القسوة على أولئك الذين يريدون إيذاءنا لا على الآخرين الذين يصادف وجودهم في المنطقة".
وفي هذا السياق، أدى خطاب الكراهية والانتقام الذي تنتهجه حكومتنا والذي تعزز بسبب تقويضها المتعمد لنظام العدالة -كما يقول الأستاذ- إلى الانتقام المفرط والقتل الجماعي للمدنيين في غزة، كما وفّر ذلك رياحا مواتية للفظائع التي يرتكبها الجنود القساة والعنيفون إيديولوجيًا، وزاد من نفوذهم على الأتباع، وأزاح غير القابلين للفساد جانبا.
ويستمر إليزور قائلا إنه وفي هذا الوضع الصعب، تقع على عاتق القيادة العليا مسؤولية الحفاظ على القيم المدرجة في مدونة أخلاقيات الجيش، وعلينا نحن المواطنين الذين نرسل أطفالنا وأزواجنا وأحفادنا إلى الخدمة العسكرية، أن نجد طرق المقاومة ونتحدث بوضوح من أجل الحفاظ على حدود قسوة الحرب والحفاظ على مدونتنا الأخلاقية، وحماية الجنود من الأذى الأخلاقي وعواقبه الطويلة الأجل.
أوشفيتز وغزة ولاهاي
أما في المقال الثاني، فيتأسف جدعون ليفي على أن نتنياهو لن يسافر إلى بولندا الشهر المقبل لحضور الحفل الرئيسي بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز بسبب المخاوف من احتمال اعتقاله على أساس مذكرة الاعتقال الصادرة ضده من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ورأى الكاتب في ذلك مفارقة مرَّة، أن من بين جميع الشخصيات والدول، يُمنع رئيس وزراء إسرائيل وحده من حضور النصب التذكاري لأفراد شعبه بسبب تهديد القانون الدولي الذي يلوح فوق رأسه، ويقبل حضور المستشار الألماني.
قبل 80 عاما، عندما تم تحرير أوشفيتز، مُنح اليهود الاختيار بين أمرين "لن يواجه اليهود أبدا خطرا مماثلا" و"لن يواجه أي شخص في العالم أبدا خطرا مماثلا"، ولكن إسرائيل اختارت الخيار الأول، مع إضافة قاتلة، بعد أوشفيتز يُسمح لليهود بفعل أي شيء.
إعلانوقد طبقت إسرائيل هذه العقيدة في العام الماضي كما لم تفعل من قبل -حسب الكاتب- ولعل هروب رئيس الوزراء من حفل أوشفيتز هو المثال الأكثر فظاعة على ذلك، وحقيقة أن أوشفيتز هو أول مكان يخشى نتنياهو الذهاب إليه من بين جميع الأماكن في العالم، تصرخ بالرمزية فضلا عن العدالة التاريخية.
همس ودوي الهولوكوستومع أن المسافة بين أوشفيتز وغزة مع توقف في لاهاي، لا تزال هائلة -حسب الكاتب- فإن المقارنة بينهما لم تعد سخيفة، فعندما يكون هناك خط وهمي للموت في غزة المحتلة، وكل من يعبره محكوم عليه بالموت، حتى لو كان طفلا جائعا أو معوقا، تبدأ ذكريات الهولوكوست في الهمس، وعندما يتم تنفيذ التطهير العرقي في شمال غزة، مع علامات واضحة على الإبادة الجماعية في جميع أنحاء القطاع، فإن ذكرى الهولوكوست تدوي بالفعل.
ويبرز السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كنقطة تحول مصيرية على غرار حرب عام 1967 حيث فقدت إسرائيل تواضعها، واليوم فقدت إنسانيتها، وفي كلتا الحالتين حصل ضرر لا رجعة فيه.
وخلص الكاتب إلى وجوب تأمل المناسبة التاريخية واستيعاب أهميتها، فالاحتفال بإحياء الذكرى الثمانين لتحرير أوشفيتز يسير فيه زعماء العالم في صمت ومعهم آخر الناجين الأحياء، ويصبح مكان رئيس وزراء الدولة التي نهضت من رماد الهولوكوست شاغرا، إذ لن يكون نتنياهو في أوشفيتز، لأنه مطلوب في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب.