لغة الضاد في رعاية سلطان.. مكانة تاريخية وحضور عالمي
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
الشارقة: محمد إبراهيم
الإمارات من أكثر الدول العربية التي أولت لغة الضاد أهمية خاصة، وخصصت لها مبادرات ومسارات للمحافظة على مكوناتها ومكانتها عالمياً وإقليمياً ومحلياً، انطلاقاً من إيمانها بحماية الهُويّة الوطنية، التي تشكل اللغة العربية أحد أبرز مكوناتها.
الشارقة، بقيادة وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الإمارة، كان لها نصيب كبير في رعاية اللغة العربية، بمبادرات نوعية وجهود حثيثة من سموّه، لتعزيز مكانة لغة الضاد، وتمكينها في جوانب الحياة اليومية كافة، لتسجل حضوراً ومكانة عالميين يليقان بها بين لغات العالم، وقادرة على مواكبة اتجاهات التطور العالمية.
في وقت أكد عدد من خبراء اللغة والمتخصصين، أن سموّه، أخذ على عاتقه مهمة النهوض بلغة الضاد، وتمكينها منذ توليه مقاليد حكم الإمارة، فكانت رؤاه الثاقبة وتوجيهاته الحكيمة بإنشاء مؤسسات وطنية متخصصة في علوم اللغة، وبناء استراتيجيات عمل متكاملة، ومبادرات نوعية تشكل مسارات جديدة لتمكين اللغة العربية، موضحين أن المحافظة على لغة القرآن الكريم، تعد حفاظاً على الدين وعلى تاريخ العرب وحضارتهم.
واليوم نحتفي بمرور 52 عاماً على تولي صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، مقاليد حكم الإمارة، «الخليج» ترصد عدداً من الاتجاهات والخطط والمبادرات التي قدمتها الشارقة تحت قيادته الحكيمة، للمحافظة على مكوّنات لغتنا العربية ومكتسباتها، وتمكينها وتعزيز مكانتها بين لغات العالم.
الهوية الوطنية
البداية كانت مع قراءة «الخليج» جانباً من مسيرة المحافظة على اللغة العربية ومكتسباتها وتعزيز مكانتها في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، إذ اتخذت الجهود والمبادرات الخاصة بلغة الضاد، طابعاً تحفيزياً يستهدف الفئات العمرية كافة، لتعزيز الهوية الوطنية، والمحافظة على إرث اللغة الحضاري وتاريخها المجيد.
والمرسوم الأميري رقم (96) لسنة 2016 بإنشاء مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة، أحد أهم المسارات التي وجدت من أجل حماية لغة الضاد والحفاظ على سلامتها، وانطلاقاً من اعتزاز سموّه، باللغة العربية وحرصه على حمايتها والمحافظة على تراثها وقواعدها، وتشجيع الأبحاث في مجالها.
قضايا اللغة
يركز المجمع على قضايا اللغة العربية ودعم المجامع اللغوية والعلمية في العالمين العربي والإسلامي، ويعدّ في مضمونه همزة وصل للحوار الثقافي والبحث اللغوي والمعجمي بين الباحثين في شتى دول العالم، إذ عدّه خبراء اللغة منارة أكاديمية للتمكين اللغوي، وتوثيق أواصر التعاون العلمي والمعرفي بين المجامع اللغوية والعلمية، في العالمين العربي والإسلامي.
ترتكز أهداف المجمع على 10 مرتكزات أبرزها رعاية الأعمال البحثية والمشاريع العلمية المتعلقة بالعربية، ورعاية برامج تسهيل تعلمها، وتحفيز النشء على التعامل بها، والإبداع في فنونها وأجناسها الأدبية، والإشراف والتخطيط والرعاية المادية لإنجاز المعجم التاريخي للغة العربية، والنهضة بالجانب المصطلحي وتهذيبه، والإشراف على إصدار قواميس ومعاجم لغوية عصرية تلبّي حاجيات المتحدّث باللغة الفصيحة والكاتب بها في العصر الحديث.
ويركز المجمع على مدّ جسور التّعاون، وتنسيق الجهود مع المجامع اللغوية والعلمية في عالمينا العربي والإسلامي للوصول إلى مخرجات معرفية هادفة وواعدة، والتواصل مع رجالات الفكر واللغة والثقافة والآداب والعلوم الإنسانيّة في شتى دول العالم، والمشاركة في برامج إدماج لغة الضاد في البحث، والإفادة من مفرزات الانفجار المعلوماتي لخدمة العربية، ورعاية الدراسات العلميّة التي تتناول تاريخ الأمة العربية وحضارتها وصلتها بالحضارات الأخرى، ورعاية المشاريع العلمية المتعلقة بتحقيق المخطوطات اللغوية والتراثيّة.
دعم لغوي
وأكد الدكتور عيسى الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، أن الشارقة مقر أمان لرعاية اللغة العربية بفضل الجهود المخلصة والمتابعة الحثيثة والرعاية السامية من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي حرص على دعمها بسخاء لا حدود له، إيماناً منه بعظمتها ومكانتها التاريخية والعالمية.
د.عيسى الحماديوقال «توجيهات سموّه أثرت بإيجابية في ترجمة خدمة لغتنا العظيمة إلى واقع عملي حقيقي، يتجلى في دعم الشارقة ل«شمس المعاجم» المعجم التاريخي الذي يعد إنجازاً تاريخياً عظيماً، وأكبر مشروع لغوي معاصر حيث يعمل فيه عدد ضخم من العلماء والمعجميين واللغويين ليل نهار، وسوف يكون مرجعاً لغوياً يحفظ ل«العربية» تاريخها وألفاظها ومعانيها وتراثها وقيمها.
إنجازات لغة الضاد
وأضاف أن جهود الشارقة بقيادة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لا تتوقف هنا فحسب، إنما تدعم لغة الضاد وتطوير تعليمها وتعلمها إقليمياً وخليجياً، فمنذ لحظة إعلان وزراء التربية والتعليم أعضاء المؤتمر العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج، تأسيس المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، بادر صاحب سموّه، باحتضان المركز في الشارقة ومنحه أرضاً ومبنى خاصاً في المدينة الجامعية وتأثيثه ودعمه بكل الاحتياجات، لتمكينه من تحقيق الكثير من الإنجازات على مستوى دول الخليج.
وأوضح أنه من أبرز منجزات المركز إصدار دراسات وبحوث نوعية فريدة، في تطوير سياسات تدريس العربية في أكثر من خمسين إصداراً أبرزها: الإطار المرجعي لتعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى (تأليفاً، تعليماً، وتدريباً) وهو أول إطار من في العالم ليكون إهداءً عالمياً من المركز التربوي بالشارقة إلى الناطقين بلغات أخرى. وقد نشر رقمياً لتعميم الاستفادة منه، فضلاً عن إصدارات أخرى تسهم في تطوير تعليم اللغة العربية في مجالات عدة، كالمفاهيم الجديدة والمواطنة والتنمية المستدامة والتعليم الأخضر، والمهارات الجديدة، واستراتيجيات تدريس اللغة العربية ومعايير مناهج لغة الضاد في ثمانية أجزاء تستهدف جميع المراحل الدراسية.
مناهزات اللغة
وأفاد بأن أهمية المؤتمر الذي ينظمه المركز، برعاية صاحب السموّ حاكم الشارقة، تكمن في توصياته لخبراء وأساتذة الجامعات والباحثين في مناهج العربية وطرائق تدريسها، فضلاً عن إصداراته في أربعة أو خمسة أجزاء، تتضمن بحوثاً ودراسات محكّمة من لجنة علمية تختار بعناية فائقة، كذلك «مناهزات اللغة العربية لدول الخليج»، وهي مسابقة ومنافسة خليجية بين الطلبة المبدعين والمتميزين في العربية وتكرم سموّه، باختيار هذا الاسم الفريد لها، وتفردت المسابقة في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج وأصبحت من أهم المنافسات الخليجية في لغة الضاد.
نتيجة طبيعية
ويرى الدكتور عطا حسن عبد الرحيم، مدير مركز التعليم المستمر والتطوير في «الجامعة القاسمية»، أن جهود صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في دعم مسارات الارتقاء بالعربية وحمايتها والمحافظة على مكتسباتها، مشهودة ومؤثرة، بمبادرات ممنهجة ومدروسة، أحدثت انتصارات نوعية للغة الضاد على الصعد كافة، وطالت في مضمونها طلاب العلم في جميع مراحل التعليم، وامتدت لتصل إلى خبراء اللغة والمتخصصين وأهل الثقافة والعلم.
د.عطا عبد الرحيموأفاد بأن الإنجازات التي حققتها العربية في الشارقة، نتيجة طبيعية لتوجيهات سموّه، وجهوده العظيمة في خدمة لغة القرآن الكريم.
مختبر مطور
وفي مداخلة له أكد الدكتور إبراهيم الحربلي، أستاذ الأدب العربي في «الجامعة العالمية» بلبنان، أن «مجمع اللغة العربية» الذي وجّه بتأسيسه صاحب السموّ حاكم الشارقة، مختبر لغوي مطور لعلوم العربية، إذ تجرى فيه دراسات وبحوث لغة الضاد بإشراف كامل ودقيق، والتركيز على الارتقاء باللغة العربية، وإحياء التراث العربي والإسلامي، وتوثيقه، ودراسة المصطلحات العلمية والأدبية والفنية والألفاظ الحضارية.
وفي حديثه عن المعجم التاريخي للغة العربية، أفاد بأنه أحد المشروعات المهمة التي تبنّاها صاحب السموّ حاكم الشارقة، للنهوض بلغة الضاد وخدمتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
حركة المجامع اللغوية
جاءت فكرة تأسيس مجمع اللغة العربية بالشارقة استجابة للكثير من الأهداف والمشاريع التي ركز عليها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، إذ إنه عايش حركة المجامع اللغوية والعلمية أكثر من ستة عقود ابتداء من ستينات القرن الماضي، في مرحلته الجامعية التي قضاها في القاهرة، وكان شاهداً على الأحداث الكبرى والنشاطات والإنجازات لمجمع اللغة العربيّة بالقاهرة.
الإنتاج الفكري
تعد جائزة الشّارقة للدّراسات اللّغويّة والمعجميّة، من أبرز المسارات المؤثرة في طريق الارتقاء بالعربية، إذ تركز على دعم البحث والإنتاج الفكري في الدراسات اللغوية والمعجمية، والإسهام في إبراز الجوانب المعرفية المتعلّقة بلغة القرآن الكريم، وتشجع الباحثين في الميدان اللغوي الفسيح على توجيه نشاطهم الفكري والبحثي إلى المحاور والموضوعات التي تهم مستقبل اللغة العربية وعلومها.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات العربی والإسلامی اللغة العربیة اللغة العربی للغة العربیة لدول الخلیج العربیة فی لغة الضاد ة التی
إقرأ أيضاً:
محمد الشرقي يشهد انطلاق مؤتمر الفجيرة للفلسفة ويؤكّد مكانة النقد في الثقافة العربية
أكّد سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، أهمية النقد ومكانته في تاريخ الثقافة العربيّة في الأدب والفلسفة والفكر ودوره في التعبير عن حرية العقل الموضوعية، وفهم الآخر، وتطوير الوعي الإنساني والمجتمعي عبر التفكير الناقد والحوار والتحليل.
جاء ذلك خلال حضور سموّه، انطلاق أعمال الدورة الرابعة من مؤتمر الفجيرة الدولي للفسلفة، الذي يُقام تحت رعاية سموه، وينظمه بيت الفلسفة بالفجيرة تزامنًا مع اليوم العالمي للفلسفة، تحت شعار “النقد الفلسفي”.
وأشار سمو ولي عهد الفجيرة، إلى الأهمية التي تُوليها حكومة الفجيرة لتعزيز دور الفكر والثقافة في المجتمع، ترجمةً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، التي تهدف إلى بناءِ مجتمعٍ معرفيٍّ يقوم على تمكين الإنسان، وإعداد أجيالٍ واعية بأهمية المعرفة والفِكر، تسهم في نهضة الوطن وتدعم تنافسيته العالمية على المستويات كافة.
ونوّه سموّه، إلى ضرورة الاهتمام بتعزيز التواصل الفكري والثقافي بين مختلف الأطياف الفكرية من حول العالم، وتبادل التجارب والمعارف والأفكار في المواضيع التي تخدم تطوّر الفكر الإنساني، وتدعم تقدّمه، وتمنحُ الفرص لإثراء النقاش حول مختلف القضايا الفلسفية المُلحّة وعلى رأسها النقد الفلسفي.
وأشاد سموه، بالمواضيع التي يشتمل عليها برنامج المؤتمر، مُثَمّناً سعي المشاركين في جلساته ومناقشاته وفعالياته إلى إنجاح مساعيه وتحقيق أهدافه نحو خدمة الثقافة عامة، والفلسفة خاصة.
تضمن الافتتاح كلمةً ترحيبيةً ألقاها الدكتور أحمد برقاوي، عميدُ بيت الفلسفة، تلاها عرضٌ مرئيٌّ سلّط الضوء على تاريخ تطور الفكر النقدي الفلسفي عبر العصور، ثمّ قدّم البروفيسور بوروشوتاما بيليموريا، عضو هيئة التدريس في جامعة سان فرانسيسكو، كلمةً مُلهمةً تحدّث فيها عن أهمية النقد الفلسفي من وجة نظر مختلف الثقافات.
وبدأت وقائعُ أعمال المؤتمربالجلسة الأولى التي قدّم فيها الدكتور أحمد برقاوي محاضرةً عن ماهيّة النقد الفلسفي، والمفكّر الدكتور عبدالله الغذامي محاضرةً عن النقد الثقافي، ترأّسها الدكتور سليمان الهتلان وسلّطت الضوءَ على الفروقات والمُتشابهات بين النقد الفلسفي والنقد الثقافي، وأهميتهما، ومفاهيمهما الشاملة والمفصَّلة.
حضر الافتتاح.. سعادة الدكتور أحمد حمدان الزيودي مدير مكتب سمو ولي عهد الفجيرة، وعددٌ من الفلاسفة والأكاديميين والمثقّفين والمهتمّين بالشأن الفلسفي من مختلف أنحاءِ العالم.