ماذا كان يقول رسول الله في السجود؟.. أحيي سنة مهجورة عظيمة الأجر
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود غير سبحان ربي الأعلى؟ سؤال يغفل عنه الكثيرون وإن كان من السنن المهجورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع دخول وقت الفجر عليك أن تعلم ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟
ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود؟وفي جواب ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟، يقول الشيخ محمد عبدالعظيم الأزهري : «أغلبنا في السجود بنقول "سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى"، فيه حاجه مهمة جدا نقدر نضيفها وهي سنة مهجورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويا بخت الي يحيي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم».
وأضاف: «دعاء جميل جدا ردده: "اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ"».
وفي جواب سؤال: ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟، قالت الإفتاء: يُستحب الدعاء والتسبيح في السجود عمومًا، وقد وردت بعض صيغ الدعاء والاستغفار في السجود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وأوضحت أن من ذلك ما يلي: ورد عن السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعَنْ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي»، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» رواه مسلمٌ وأبو داود في "سننه".
قد اختلف الفقهاء في حكم المصلي إذا تعذَّر عليه أن يُمَكِّنَ جبهته من الأرض عند السجود بسبب الزحام الشديد -خاصة في صلاة الجمعة كما هي مسألتنا-، فسجد على قَدَمِ المصلي الذي أمامه؛ هل تصح صلاته ويجزئه ذلك عن مباشرة الأرض بجبهته أو لا؟
فذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية -كما هو مقتضى مذهبهم-، والشافعية في الصحيح، والحنابلة: إلى أنه يجزئه السجود على قدم المصلي الذي أمامه وهو معه في نفس جماعة الصلاة، ولا يجب عليه في هذه الحالة إعادة الصلاة، وهو أيضًا قول الأئمة: الثوري، وأبي ثور، وابن المنذر، واستحب الحنفية تأخير السجود إلى أن يزول الزحام، واشترط بعضهم أن تكون ركبتاه -عند سجوده على قدم المصلي- على الأرض، وأن يكون المسجودُ عليه ساجدًا على الأرض، واشترط الشافعية مراعاةَ هيئة السجود؛ بحيث لا يرتفع رأسُه فيخرج عن هيئة الساجد.
ودليل ذلك: ما أخرجه الإمامان: البيهقي في "السنن الكبرى"، وأحمد في "المسند" عن سَيَّارِ بن الْمَعْرُورِ قال: سمعتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب وهو يقول: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ مَعَهُ؛ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَصَلُّوا فِيهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْكُمْ مَكَانًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ".
فإذا جاز سجود المصلي على ظهر مصلٍّ غيره عند الزحام وتعذر تمكين جبهته من الأرض؛ فلَأَن يجوز السجود على قدم المصلي الذي أمامه من باب أولى؛ إذ السجود على قدم المصلي أضبطُ وأمكنُ لهيئة السجود من الذي يسجد على الظهر؛ فإن الساجد على القدم لا يرتفع رأسه كما يرتفع الساجد على الظهر.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ الحنفي في "المبسوط" (1/ 207، ط. دار المعرفة): [قال: (ومَن زَحَمَهُ الناسُ فلم يجد موضعًا للسجود فسجد على ظهر رجلٍ أجزأه)؛ لقول عمر رضي الله تعالى عنه: "اسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيكَ؛ فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ لَكَ"، وقال في خطبته حين طلب من الناس أن يوسع المسجد: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا مَسْجِدٌ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ مَعَهُ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ"، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال: إن كان السجود على ظهر شريكه في الصلاة يجوز، وإلا فلا؛ لأن الجواز للضرورة، وذلك عند المشاركة في الصلاة، ومِن أصحابنا مَن قال: المراد ظهر القدم، فأما إذا سجد على ظهره فهو راكعٌ لا ساجد فلا يجزئه؛ وهو قول الحسن بن زياد، والأصح أنه يجوز؛ لأن الرخصة فيه ثابتةٌ شرعًا للضرورة] اهـ.
وقال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإن سجد للزحمة على ظهرِ مَن هو معه في صلاته) يعني لو سجد للزحام على ظهرِ مَن يصلي صلاته (جاز) للضرورة، ولا تجوز لو سجد على ظهرِ مَن لا يصلي أو يصلي ولكن لا يصلي صلاته؛ لعدم الضرورة، وهذا إذا كان ركبتاه على الأرض، وإلا فلا يجزيه، وقيل: لا يجزيه إلا إذا سجد الثاني على الأرض] اهـ.
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 232، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: (على ظهر مصلٍّ صلاتَه.. إلخ) وشرط في "الكفاية": كون ركبتي الساجد على الأرض، وشرط في "المجتبى": سجود المسجود عليه على الأرض، فجملة الشروط خمسة، بل ستة بزيادة الزحام، لكن في "الْقُهُسْتَانِيّ" عن "الأصل": أنه يجوز ولو على ظهر غير المصلي، ونقل الزاهدي جوازه على ظهر كلِّ مأكول، وفي "الْقُهُسْتَانِيّ" عن صدر القضاة: أنه يجوز وإن كان سجود الثاني على ظهر الثالث، وفيه: أنه في هذه الحالة يكون الساجد الثالث في صفة الراكع أو أَزْيَد، ونقل عن الجلابي: أنه يستحب التأخير حتى يزول الزحام اهـ. قوله: (وهو اختيار الفقيه) وقيل: إن وضع اليدين والركبتين سُنة، وعليه يقال: إنَّ الحديث يقتضي وجوب السجود على الأعضاء السبعة المصرح بها فيه، ولم يقولوا به. والجواب أن الاستدلال بهذا الحديث إنما هو على أن محل السجود هذه الأعضاء لا أنَّ وَضْعَ جميعها لازمٌ لا محالة؛ فوضع اليدين والركبتين سُنة عندنا] اهـ.
فإذا كانت نصوصُ فقهاء الحنفية السابقةُ تفيد جواز السجود على الظهر؛ فإنها تقتضي جواز السجود على القدم من باب أَوْلَى؛ كما سبق بيانه، بل هذا ما صرح به بعض فقهائهم؛ حيث حملوا لفظة "الظهر" على "ظهر القدم"؛ كما تقدم ذكره في كلام شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ في "المبسوط".
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 563-564، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: إذا مَنَعَتْهُ الزحمة من السجود على الأرض في الركعة الأولى مِن الجمعة مع الإمام؛ فإن أمكنه أن يسجد على ظهرِ إنسانٍ أو رِجله أو غير ذلك مِن أعضائه -قال الشيخ نصر المقدسي وغيره: أو ظهر بهيمةٍ-: لزمه ذلك على الصحيح الذي قطع به الجمهور ونص عليه الشافعي، ومِن أصحابنا مَن قال فيه قولان: (أحدهما): هذا. (والثاني): قاله في القديم: يتخير؛ إن شاء سجد على الظهر، وإن شاء صبر ليسجد على الأرض، وهذا الطريق حكاه المصنف وآخرون، واتفقوا على أن المذهب وجوب السجود على الظهر ونحوه؛ للحديث الصحيح: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، ولأثر عمر رضي الله عنه، ولأنه متمكنٌ منه، ثم قال الجمهور: إنما يسجد على الظهر ونحوه إذا أمكنه رعاية هيئة السجود؛ بأن يكون على موضعٍ مرتفعٍ، فإن لم يكن فالمأتيُّ به ليس بسجودٍ فلا يجوز فعله، وفيه وجه ضعيفٌ: أنه لا يَضُرُّ هنا ارتفاع رأسه وخروجه عن هيئة الساجد للعذر؛ حكاه الرافعي وغيره، والمذهب الأول] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 232-233، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهرِ إنسانٍ، أو قدمِه: لزمه ذلك، وأجزأه. قال أحمد في رواية أحمد بن هاشم: يسجد على ظهر الرجل والقدم، ويُمَكِّنُ الجبهة والأنف في العيدين والجمعة، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عن النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه على الأرض على الظهر رسول الله یسجد على م المصلی ى الله ع ی الله ع ول الله الله م
إقرأ أيضاً:
محمود التهامي يرد على فتوى عبد الله رشدي بتحريم الإنشاد المصحوب بالموسيقى
رد المنشد الديني، محمود التهامي، على منشور للشيخ عبدالله رشدي يفتي فيه الاخير بحرمة الغناء المصحوب بالموسيقى.
وقال التهامي في منشور على فيس بوك، إن الموسيقي والغناء تعتبر من أقدم وسائل البشر والمخلوقات للتعبير عن أفراحهم، وآلامهم، والتخفيف من أتعابهم.
وتابع : ولما جاء دين الحق، وكان من فطرة الإنسان ما تقدم، فإنه لم يصادمها، بل أكدها وأقرها، لذلك نراه يبيح للمسلمين أن يطربوا ويغنوا في مناسبات الأفراح، بل إنه يعتبر ذلك في العرس والعيد من المستحبات والقربات! وعندما نتحدث عن الغناء هنا، فنحن نقصد الغناء البعيد عن التغني بالفحشاء، والتحريض على الفجور والموبقات.
وأضاف التهامي، ان الحلال لا يحتاج إلى دليل لأن الأصل في الشيء الحل، والذي يحتاج إلى دليل هو التحريم والنهي، فعندما يقال الغناء حلال فهذا لا يحتاج إلى دليل أما قول الآخر أن الغناء حرام فهذا الذي يحتاج إلى دليل.
وذكر التهامي، أن دليل التحريم بطبيعة الحال هو كتاب الله "حصرا" أما من خارج كتاب الله فيكمن هناك النهي ولكن لا وجود للتحريم من خارج كتاب الله، فــالمولى عز وجل يحرم ويحلل .. ويأمر وينهى ولكن رسول الله "قد يأمر وينهى" ولكن لا يحلل محرما ولا يحرم محللا وهذه معلومة قد تكون جديدة لدى البعض من أصحاب الفكر التراثي.
وأشار إلى أن التحريم أمر شمولي وأبدي ويحمل طابع الأزلية كونه صادرا من رب العباد الأعلم بعباده "الآن وبعد غد أما النهي فهو أمر ظرفي لزمان ومكان معينين.
وتابع : فالغناء والموسيقى وهي موضوعنا من أعراف المجتمعات كأن يطرب شخص ما بالطبل والمزمار
ويطرب آخر بالموسيقى الكلاسيكية، ومن أبرز العلماء الذين تطرقوا لهذه القضية ابن حزم وأبو الفضل المقدسي وابن قتيبة الدينوري، وأبو منصور البغدادي، وابن طاهر المقدسي، والإمام الغزالي، والأدفوي، وابن دقيق العيد والشيخ الشعراوي ... رحمهم الله، وكلهم من المبيحين الذين يرون بأن الرجوع إلى (الأصل) وهو (الإباحة) ما دام لم يصح فيها تحريم.
ويقول ابن حزم الأندلسي في ذلك قولا هاما: "إنه لم يصح في باب تحريم الغناء حديث وكل ما فيه فموضوع"!! ثم يقول: "ووالله لو أسند جميعه أو واحد منه فأكثر من طريق الثقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تردّدنا في الأخذ به".
ومن ثم يتدرج ابن حزم بعد الانتهاء من تتبع أحاديث التحريم إلى المرحلة الثانية التي يقوم عليها الرأي القائل بالإباحة وهي تقديم عدد من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تفيد إباحة الرسول ـ قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً ـ للسماع.
ـ فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتضربان ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسْجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، وقال: "دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد".
وفي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كانت جارية من الأنصار في حجري، فزففتها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمع غناءً فقال: "يا عائشة ألا تبعثين معها من يغني؛ فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء؟
وعن جابر رضى الله عنه "نكح بعض الأنصار بعض أهل عائشة، فأهدتها إلى قباء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهديت عروسك؟" قالت نعم: قال: "فأرسلت معها بغناء فإن الأنصار يحبونه"؟ قالت: لا، قال: "فأدركيها يا زينب ـ وهي امرأة كانت تغني بالمدينة ـ".
ويروي المقدسي بسنده إلى خالد بن ذكوان عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوّذ قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ صبيحة بُني عليّ فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات يضربن بدف لهن، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبيٌّ يعلم ما في غد، فقال: "دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين قبله"...صحيح البخاري.
ويذكر عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر سفراً طويلاً فنذرت جارية من قريش لئن ردَّه الله تعالى أن تضرب في بيت عائشة بدفّ، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت الجارية فقالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فلانة ابنة فلان نذرت لئن ردّك الله تعالى أن تضرب في بيتي بدف، قال: "فلتضرب" قال أبو الفضل: وهذا إسناده مفصل، ورجاله ثقات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر في معصية الله" فلو كان ضرب الدف معصية لأمر بالتكفير عن نذرها أو منعها من فعله.
ويروى عن طريق أبي داود عن نافع مولى ابن عمر قال: سمع ابن عمر مزماراً فوضع إصبعيه في أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئاً؟ قلت: لا. فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وسمع مثل هذا، وصنع مثل هذا (ولو كان الغناء حراماً لما اكتفى الرسول بوضع يديه على أذنيه تنزيهاً لنفسه؛ بل كان نصّ على التحريم).
وعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قالت: جاء حبش يزقنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم، حتى كنت أنا التي انصرفت عن النظر.
وتابع: ما أريد أن أقول: اعتمد المانعون للغناء على بعض الأحاديث والآراء الفقهية سواء بسواء من رأى الإباحة منهم، مع محاولة البعض تأويل قوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) لقمان6، على أنه الغناء، في حين أن لهو الحديث هنا يحتمل الغيبة والنميمة وقول الشعر، وإن سلمنا جدلا بقولهم إنه الغناء فإن هناك شرطا بنص الآية الكريمة وهو الإضلال عن سبيل الله،ولكن هذا غير صحيح، فعندما يحرم الله شيئا تراه صريحا في كتاب الله كقوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم) وقوله تعالى (حرمت علیکم المیتة والدم ولحم الخنزیر وما اهل لغیر الله به) وقوله في مجمل المحرمات (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم... الاية)
وأكد التهامي، أنه لم يرد تحريم الغناء بنص كتاب الله إطلاقا، فلا تدخل في جدال مع من يرون أنفسهم وكلاء لله على الناس يحرمون على الناس ما لم يحرمه الله عز وجل في كتابه الكريم إنما يتبعون فقه آبائهم وأجدادهم الأولين، فقه الذين خلطوا كتاب الله بآخر من صنع البشر، وأخذوا يحرمون من عند أنفسهم بما تصف ألسنتهم الكذب، وهم يظنون أن ذلك شيئاً يسير.
وذكر التهامي، ان الغناء الطيب المقترن بآلات الموسيقى كالدف والطبل، سنة في الأعراس والأعياد والختان وقدوم الغائب، مباح في سائر الأيام والمناسبات.
وأضاف أن الدف والطبل والعود والناي والكمان ...الخ آلات ثبت جوازها بأدلة خاصة، وغيرها من الآلات لم يرد بشأنه نص صحيح بالحظر أو الإباحة، فالجواز هو الأرجح، قياسا على الآلات المباحة صراحة، ولأن الأصل في غير الأمور التوقيفية هو الإباحة، وبدليل بعض الأحاديث العامة.
وقال إن احتراف الغناء الهادف الخالي من المنكرات، ثم التكسب به أمر مشروع، فقد اشتهر كثير من النساء والرجال بذلك في عصر السلف الصالح، ولم يصح عن أحد منهم أي إنكار، وبعضهم كان معروفا به في أيام النبوة، كأرنب وسيرين.
وأوضح أن الغناء مباح للرجال والنساء على السواء، ولا يشترط فيه صغر السن، فإنه لم يثبت دليل واحد يخص قوما بالإباحة دون غيرهم، بل توفرت أحاديث وآثار صحيحة، تصرح بجوازه للجميع.
وقال ان أدلة المحرمين لا تنفع شيئا، فهي قسمان: قسم ضعيف أو موضوع، وقسم صحيح لكنه بعيد عن محل النزاع لأنه ينهى عن الغناء الفاحش الماجن أو الغناء الشركي.
وأوضح ان الواقع أن أدلة الإباحة غالبها مخرج في الكتب الصحاح، أما أدلة التحريم فسائرها من المصنفات المتساهلة في الأسانيد.
وقال ان الغناء في المناسبات وغيرها، كان محل قبول في أيام الصحابة وكبار التابعين، فإنه لم يثبت عن أحد منهم ما يدل على منعه، بل وصلتنا عنهم أخبار صحيحة تقطع بالإباحة.
وإنما ظهر الخلاف حول الغناء في عصر أتباع التابعين، وكان ذلك نتيجة الجهل بأدلة الجواز، أو سدا للذرائع، فإن بعض الأئمة، رأوا شيوع غناء المجان، وتكاثر المخنثين، فأفتوا بحظر الغناء وآلاته حماية للمجتمع من الانحلال، حسب اجتهادهم القاصر.
وذكر أن جواز الغناء بالدف في الأفراح، مذهب جماهير الفقهاء من جميع المذاهب، وإنما الخلاف القوي في غير مناسبات السرور، وهذه مسألة لا ينتبه لها الذين يتصدون للتحريم، فتراهم ينسبون إلى الأئمة التحريم المطلق، وهم مدلسون أو كاذبون أو جاهلون مقلدون.
وأشار إلى أنه لا يصح عن أحد من الأئمة الأربعة نص بتحريم الغناء الخالي من الكلام الفاحش، ولم يثبت عن أحد منهم تحريم شيء من آلات الموسيقى، إلا الطنبور وهو العود، فمحرم عند الإمام أحمد وحده، فالأئمة الأربعة بريئون من التحريم الذي ينسبه إليهم بعض المؤلفين والخطباء!
وقال التهامي إن إباحة الغناء الخالي من المجون والشرك، وجواز آلات الموسيقى جميعها، اختيار عشرات الأئمة المجتهدين من كل المذاهب، وهو اختيار تعضده نصوص الشريعة وقواعدها.
وذكر أن جواز الإنشاد من غير استعمال آلات الطرب، محل اتفاق الأئمة، وإنما شذ بعض المتأخرين فقيدوا الإباحة ببعض المناسبات، ونصوص الشريعة ترد عليهم بقوة.
وأخيرا: كل الفنون الغنائية مباحة، ما لم تقترن بمحرم كالمجون والعري، أو تتضمن دعوة للشرك والكفر والفجور، فالتحريم أو الكراهة يكونان لذلك، لا للغناء في حد ذاته.