لمى أبو جاموس على خطى الدحدوح.. رسائل أصغر صحفية بغزة للعالم
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
غزة- بعمر يناهز العاشرة، وبجرأة كبيرة وطلاقة لسان وببشرتها السمراء المميزة وابتسامتها البريئة، اقترن لقب "أصغر صحفية في غزة" بالطفلة لمى أبو جاموس، التي تسخّر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي لتوثيق الحياة في قطاع غزة، في ظل حرب شرسة تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لمى (9 أعوام) هي الأصغر في أسرتها المكونة من 6 أفراد، واضطرت إلى النزوح من منزلها في حي الرمال بمدينة غزة إلى مدينة خان يونس في جنوب القطاع، قبل أن تضطر للنزوح مرة ثانية لمدينة رفح أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، على وقع جرائم مروعة لقوات الاحتلال، وإنذارات للسكان بالإخلاء والنزوح.
وخلال هذه الحرب غير المسبوقة في أمدها الزمني وشراستها قتلا وتدميرا، برز اسم هذه الطفلة من بين مئات الصحفيين والنشطاء، الذين يقومون بتغطية التطورات الميدانية.
اختارت لمى منصتي "إنستغرام" و"تيك توك" لنشر تقاريرها التي تظهر من خلالها جوانب مختلفة من الحياة اليومية للفلسطينيين تحت الحرب والحصار والنزوح، ولاقت رواجا كبيرا، وحصدت خلال فترة وجيزة مئات آلاف المتابعين من حول العالم، وكانت لتعليقاتهم بالغ الأثر في تحفيز لمى على الاستمرار.
وتقول الصحفية الصغيرة للجزيرة نت: "كل تعليقات المتابعين مشجعة، والناس بالشارع صاروا يعرفوني ويشجعوني.. الكل بيحكي لي أنت حلوة وأنت رائعة، وأنا مستمرة ونفسي أكبر وأصبح صحفية بقناة الجزيرة".
ولمى هي الابنة الصغرى للزميل أحمد أبو جاموس أحد العاملين في طاقم قناة الجزيرة الإنجليزية في غزة، وتنظر لمراسل القناة في غزة الزميل وائل الدحدوح بوصفه مثلا أعلى، وقد حققت أمنيتها بلقائه وإجراء مقابلة صحفية معه، نشرتها على حسابها في "إنستغرام" وحصدت نحو 12 مليون مشاهدة وأكثر من 800 ألف إعجاب وعشرات آلاف التعليقات.
في هذه المقابلة، استجاب الدحدوح لطلب لمى بتوجيه رسالة إلى العالم، قال فيها "إحنا في لحظات تاريخية وحاسمة، وشعبنا ثابت وصامد وراح يطلع من المحنة طالما في ناس وأطفال زيك (مثلك) بتبتسم".
منذ بداية الحرب تركز لمى على متابعة وائل وتسميه في حديثها عنه "عمو أبو حمزة"، وهي كنيته بابنه البكر الذي استشهد في غارة جوية إسرائيلية استهدفته وزميله مصطفى ثريا في خان يونس جنوب القطاع، ولحق بوالدته وآخرين من أفراد أسرته، استشهدوا في غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط القطاع.
وبنبرة حزينة تحدثت لمى عن مصاب وائل الجلل بأسرته، وقد نجا هو ذاته من استهداف إسرائيلي استشهد بسببه مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة، وقالت: "عمو وائل دفع ثمن تغطيته الرائعة للحرب وجرائم الاحتلال ضد النساء والأطفال، ونفسي أكبر وأكون مثله".
وظهرت لمى مع صحفيين آخرين ومؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، تشاركهم تغطية تطورات الحرب على غزة، حتى باتت وجها مألوفا في الشارع، ليس فقط فلسطينيا، وإنما عالميا، بعدما تناولت تجربتها كبريات الصحف وقنوات التلفزة.
وفضلا عن متابعتها اليومية للحرب وتداعياتها، وما يتعلق بالحصار والنزوح، من أجل اختيار العنوان الذي ستتحدث عنه، فإن لمى تجد كل الدعم والتشجيع من والدها، الذي اكتشف فيها وهي بعمر العامين فقط شغفا كبيرا للحديث أمام الكاميرا، وحبا للناس والتعبير عن همومهم.
وفي أحدث تغطياتها الميدانية، وقفت لمى أمام "تكية" في مخيم الشابورة للاجئين في مدينة رفح، وقالت: "نحن شعب عزيز وكريم"، وقد ساءها مشهد تزاحم الرجال والنساء والأطفال على تكية خيرية من أجل الحصول على كمية مجانية من الطعام.
وتقول لمى إنها تهتم بالحديث عن هموم الناس اليومية جراء الحرب، التي أجبرتهم على ترك منازلهم، والعيش في خيام في الشوارع والمدارس.
ووثقت هذه الطفلة التي تقدم نفسها في سن مبكرة كصحفية ينتظرها مستقبل كبير، الكثير من الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال، وتقول إنها تريد أن يعرف العالم ما يتعرض له سكان غزة، الذين يلاحقهم الموت في منازلهم وداخل المستشفيات والمدارس وفي الشوارع.
واحدة من هذه الجرائم تركت جرحا عميقا لدى لمى، التي فقدت خالتها وجميع أفراد أسرتها في غارة جوية إسرائيلية دمرت المنزل فوق رؤوسهم في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، وتتساءل: "وقتيش (متى) العالم بدو يتحرك ويوقف هذا الموت؟!".
وبكلمتي "الحرية والأمان" عبرت لمى عن أمنياتها وتطلعاتها، وتقول: "نحن شعب نستحق العيش كما شعوب الدنيا، لا نريد أن نستيقظ كل يوم على أخبار القتل والقصف والموت والدمار".
وصمتت للحظات وهي تجول ببصرها في أرجاء المكان من حولها، وتساءلت وهي تشير بيدها إلى مئات الخيام المترامية على مسافات كبيرة: هل هذه حياة؟
وتقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن 1.9 مليون فلسطيني من أصل 2.2 مليون في القطاع الساحلي الصغير، يمثلون 85% من التعداد الكلي للغزيين، اضطروا إلى النزوح عن منازلهم ومناطق سكنهم منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة.
ومثل لمى فإن الغالبية من هؤلاء النازحين هم من سكان مدينة غزة وشمال القطاع، الذين أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح تحت النيران إلى مناطق جنوب القطاع، ثم لاحقهم بالقصف والقتل وأجبرهم على النزوح المتكرر.
تقول لمى: "أريد العودة إلى مدرستي وغرفتي وألعابي (..) شو ذنبنا نحن الأطفال نعيش في خيمة باردة وما فيها أغطية كافية للشتاء أو أكل كويس".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جنوب القطاع أبو جاموس فی غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يحقق مكاسب هائلة في سعيه لاستعادة العاصمة التي مزقتها الحرب
ويقول سكان العاصمة السودانية الخرطوم، إن الجيش استعاد أجزاء كبيرة من المدينة من القوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع مسجلا أكبر انتصار له منذ عام.
ويكشف طبيب نسميه مصطفي، :" الاشتباكات هذه الأيام عنيفة، الشظايا والذخيرة الضالة تتساقط على الحي الذي أعيش فيه".
تشمل المواقع الرئيسية التي استعادها الجيش هذا الأسبوع دار سك العملة - حيث تطبع النقود.
في وقت كتابة هذا التقرير، لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على معظم الخرطوم نفسها، في حين أن الجيش يسيطر الآن على غالبية الأراضي في العاصمة الثلاثية الأوسع - أي أم درمان وبحري والخرطوم.
ولكن بعد استعادة السيطرة شبه الكاملة على ولاية الجزيرة الحاسمة، يعتقد الجيش أن لديه الآن الزخم للاستيلاء على العاصمة أيضا، وكسر الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ ما يقرب من عامين.
"قريبا جدا لن يكون هناك متمردون في الخرطوم،"أعلن قائد الجيش والحاكم الفعلي الفريق عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء الماضي، لا يمكن أن تأتي نهاية هذا الصراع بالسرعة الكافية.
عمال الإغاثة يقولون إن الناس يتضورون جوعا في جميع أنحاء البلاد نتيجة للحرب في الخرطوم وحدها يعاني أكثر من 100,000 شخص من المجاعة، وفقا للباحثين المدعومين من الأمم المتحدة.
منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين بين الجنرال البرهان ونائبه محمد حمدان "حميدتي" دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع ، أجبر 12 مليون شخص على ترك منازلهم وذبح عشرات الآلاف من المدنيين.
السودان هو أسوأ أزمة إنسانية في العالم ، كما تتفق وكالات الإغاثة الدولية.
ويقولون إن كلا من الجيش وقوات الدعم السريع مذنبان بارتكاب بعض أخطر الفظائع التي يمكن تخيلها ضد المدنيين الأبرياء بما في ذلك قيام قوات الدعم السريع بتنفيذ إبادة جماعية في دارفور.
وتنفي كلتا القوتين هذه الاتهامات.
وقد لقي الجيش ترحيبا مبتهجا من قبل العديد من سكان المناطق التي استعادها مؤخرا، حيث اتهمت قوات الدعم السريع على نطاق واسع بقتل واغتصاب المدنيين في الخرطوم، فضلا عن نهب منازل العديد من السكان الذين فروا من المدينة.
ورفضت قوات الدعم السريع التقارير عن تقدم الجيش ووصفتها بأنها "أكاذيب وشائعات". لقد أدلوا بإنكار مماثل قبل كل تراجع في الأسابيع الأخيرة.
ويقول محللون إن النجاحات الأخيرة التي حققها الجيش كانت نتيجة تجنيد المزيد من المقاتلين وشراء المزيد من الأسلحة. كما كان استعادة مقر الجيش المحاصر نعمة كبيرة في وقت سابق من هذا الشهر.
شابت طرد الجيش للجماعة شبه العسكرية من مدينة ود مدني بوسط البلاد في يناير/كانون الثاني مزاعم بعمليات إعدام بإجراءات موجزة وهجمات انتقامية تعسفية على من يعتقد أنهم مخبرون أو متعاونون مع قوات الدعم السريع.
لا شك أن هذا سيثير مخاوف بين بعض سكان الخرطوم من أن المصير نفسه ينتظرهم.
قال مصطفى لبي بي سي: "عندما تفتح وسائل التواصل الاجتماعي وترى كل عمليات القتل ، إذا ارتكبت شيئا خاطئا ، فلا بد أنك قلق".
"بعضهم قاد المقاتلين إلى منازل الناس. انضم آخرون إلى قوات الدعم السريع وسرقوا الممتلكات وأرهبوا الناس - حتى احتجزوا النساء رغما عنهن كعبيد جنسيين، لقد فعلوا أشياء فظيعة، "هل هم خائفون مما سيأتي؟ بالطبع."
لكن في بعض الأحيان يكون هناك خط رفيع بين النظر إليكم كمتعاون، وحقيقة البقاء في الحرب.
"أنا قلق على ابن عمي"، يقول أمير، الذي يعيش في مدينة أم درمان التوأم في الخرطوم، التي تقع على الجانب الآخر من نهر النيل.
"إنه ليس متعاونا أو مخبرا - غالبا ما يضطر إلى التعامل مع هؤلاء الأشخاص مراسلون بلا حدود لأنه يعتني بوالدته وأطفاله. هل سيذبح من قبل الجيش أم سيترك بمفرده؟".
في الوقت الحالي، مع اقتراب الجيش ووضع أيدي السودان في المستقبل في الميزان، كل ما يمكن أن يفعله مصطفى وأمير هو الانتظار.