طولكرم- بعد ساعات فقط من بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة طولكرم ومخيميها (طولكرم ونور شمس) شمال الضفة الغربية، أصاب أحد قناصة الاحتلال الإسرائيلي المواطنة الفلسطينية مريم محمود أبو جاموس برصاصة بالقرب من القلب، وتشظّت في جسدها، وتركتها في حالة صعبة.

ومن محاولة القتل، انتقل جيش الاحتلال بجرافاته العسكرية الضخمة إلى منزل عائلة أبو جاموس وهدم الطوابق السفلية (المخازن) منه، تماما كما فعل بعشرات المنازل التي هدمها بشكل كامل أو جزئي، محدِثا حالة خراب كبيرة يصعب معها العيش داخل تلك المنازل.

ويلخص هذا المشهد حجم عملية الاحتلال العسكرية في مدينة طولكرم ومخيمها الرئيس (طولكرم) التي شنها فجر الأربعاء الماضي، واستمرت لنحو يومين، ووصفت الأكثر خطرا والأعنف بين عمليات كثيرة عاشها المخيم مؤخرا، حيث أحدث الاحتلال حالة دمار كبيرة لم تتوقف عند الهدم والاعتقال والتجريف الكامل للبنى التحتية، بل اغتال فيها عددا من الشبان الذين وصفهم بالمطلوبين.

ونفّذ جيش الاحتلال عملياته العسكرية الجوية والبرية، واقتحم المدينة من كل محاورها بعشرات الآليات العسكرية، بينها ما لا يقل عن 8 جرافات مجنزرة وعادية، وحاصر المخيم واعتلى منازل فيه، واتخذها ثكنات عسكرية أو حولها لنقاط رصد وقنص لكل ما يتحرك.

وأسفرت العملية عن استشهاد 8 شبان، وإصابة نحو 40 آخرين بينهم حالات خطيرة، واعتقال العشرات وتشريد المئات أو احتجازهم بظروف قاسية، وامتهان إنسانيتهم.

داخل المنزل وبين أطفالها

وداخل منزلها في الطابق الثالث من البناية التي تقطنها عائلة أبو جاموس في شارع المدارس بمخيم طولكرم، أصيبت السيدة مريم (58 عاما) عندما أرادت الانتقال من غرفة لأخرى لإزالة زجاج النوافذ الذي تحطم جراء الانفجارات، "لكن وبمجرد أن تحركت قنصها جندي كان يقف فوق بناية مقابلة لمنزلنا" يقول زوجها محمود أبو جاموس.

ووصفت حالة زوجته بالخطيرة جدا "لدرجة أنه أعلن استشهادها 3 مرات عبر مواقع التواصل"، وقال إن وضعها لا يزال خطرا وهي بحالة غيبوبة، إذ لامست الإصابة شريان القلب الرئيس.

وخشية أن يحل به ما واجهته عائلة أبو جاموس، نزح بشار فوازعة وأسرته المكونة من 7 أفراد إلى منزل شقيقه في مدينة طولكرم مع اللحظات الأولى من شن الاحتلال هجومه على المخيم، وبعد ساعات من انسحابه عاد فوازعة إلى المخيم ليتفقد ما حل بمنزله.

ويقول فوازعة للجزيرة نت "نزحت من المخيم من هول ما رأيت في اقتحامات سابقة بفعل اقتحامات جنود الاحتلال للمنازل واعتدائهم على المواطنين، دونما اعتبار لكبار سن أو أطفال".

مشاهد الدمار والخراب تملأ شوارع مخيم طولكرم (الجزيرة) صلبوا الشهيد

وفي روايتها كشاهدة عيان على استشهاد الشاب عبد الرحمن عثمان، والذي ظهر في مقاطع مصورة نشرتها مواقع التواصل بعد استشهاده ملقى على الأرض ومضرج بدمائه ومكبل لأكثر من 6 ساعات، قالت أم جمال أبو حيش لوسائل إعلام محلية إن الجنود قتلوه من مسافة صفر، ثم قيدوه وصلبوه بأحد الأعمدة وسط "شتائم قبيحة وتمثيل بجسده، وبالوا عليه وصوروا ذلك وصوت ضحكاتهم تتعالى".

وما جرى بمخيم طولكرم "صورة مصغرة لما يحدث بغزة"، كما يصف فيصل سلامة رئيس لجنة خدمات المخيم، وقال إنه "اجتياح" بمعنى الكلمة، استخدمت فيه إسرائيل الطائرات الحربية والمسيّرات في قصف المخيم وقتل مواطنيه وهدم منازلهم، كما قتلت مواطنين ومثلت بجثثهم.

واقتحم الجنود المنازل، وأخرجوا السكان واحتجزهم بالعراء، قبل أن يعتقل المئات (أخلي سبيل معظمهم لاحقا) ويحقق معهم ميدانيا، وينقلهم إلى مراكز الاحتجاز داخل المخيم وخارجه في العراء والبرد الشديد، وسط تنكيل وتعرية لأجسادهم وضربهم بشكل مبرح، وتقييد للأيدي وتعصيب للأعين وتهديدهم بعدم العودة إلى المخيم.

ويضيف سلامة في اتصال مع الجزيرة نت "عمد الجنود المدججون بالسلاح لممارسة الأساليب التي استخدمت في غزة، وأخبر بعضهم الأهالي أنهم قدموا من مدينة خان يونس بغزة إلى مخيم طولكرم ليفعلوا بهم ما فعلوه هناك".

استشهاد الشاب عبد الرحمن عثمان في مخيم طولكرم، بعد قيام الاحتلال بالتنكيل بجثمانه، وسحبه، وتركه على الأرض ينزف لساعات وهو مربوط اليدين والأَقدام ومعصوب العينين!!
حسسبي الله ونعم الوكيل????
الله يلعن الاحتلال واعوانه وسلطة العملاء pic.twitter.com/EOTeL8nnLF

— ???????????????????????????????????? (@rann_ND) January 18, 2024

تدمير كامل

ومشاهد الاعتقال لا تقل خطورة عن تجريف الشوارع في كل حارات المخيم، وتدمير البنية التحتية بأكملها، من شبكات مياه وكهرباء واتصال وصرف صحي بكلفة زادت على 10 ملايين دولار وفق سلامة، ويقول واصفا المشهد "بات من المستحيل التنقل داخل أزقة المخيم وحارته بالمركبات، والمشي على الأقدام ليس سهلا".

ودمر جيش الاحتلال عشرات البيوت بشكل كامل وجزئي، ولجأ -وفق سلامة- لتدمير المنازل المحيطة بمنزل أي "مقاوم مطلوب للاحتلال"، ويقول "كانوا يدمرون 5 أو 6 منازل، حتى يصلوا لمنزل المطلوب".

كما منع الجيش طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين الذين ترك بعضهم ينزف حتى الموت، وآخرين عرقل الاحتلال وصولهم إلى المشافي.

تجريف الشوارع في حارات مخيم طولكرم (الجزيرة) لإنهاء الحاضنة الشعبية

ومنذ الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرّض مخيم طولكرم الذي يقطنه حوالي 11 ألف نسمة لأكثر من 30 عملية اقتحام، منها 10 اقتحامات واسعة وطويلة في زمنها وعنيفة بأهدافها، وتصل لحد الاجتياح. واستشهد في المخيم 28 مواطنا من نحو 70 شهيدا بالمحافظة، ودمر أكثر من 110 مبان بشكل كامل وجزئي.

ويقول الناشط في المخيم علاء سروجي، إن "الاحتلال يستهدف المقاومة، ويحاول ردعها عبر استهدافه البنى التحتية في المخيم للضغط على الأهالي لنبذ المقاومين وإنهاء حاضنتهم الشعبية".

وقال متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي -في بيان له- إن عمليته العسكرية بمخيم طولكرم انتهت بعد 45 ساعة تم خلالها تمشيط ألف مبنى، والعثور على 400 عبوة ناسفة، ومصادرة 27 قطعة سلاح، إضافة لتدمير 5 مختبرات لصناعة العبوات، و4 غرف لعمليات الاستطلاع، واعتقال 37 مواطنا، بينما اعترف جيش الاحتلال بإصابة خطيرة لأحد جنوده برصاص المقاومين.

وتزامنا مع اقتحامه لمخيم طولكرم، توغل جيش الاحتلال في مخيم نور شمس القريب، وهدم منازل مواطنين وقتل أحدهم، كما اقتحم عزبة الجراد القريبة، وقتل أحد المواطنين فيها أيضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جیش الاحتلال مخیم طولکرم أبو جاموس

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مخيمي مدينة طولكرم ونور شمس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الواسع على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ35 على التوالي، وعلى مخيم نور شمس لليوم الــ22، وصعد من عمليات الاقتحام، والمداهمات للمنازل، والتهجير القسري للسكان، وسط عمليات تدمير وحرق لعدد منها.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بأن قوات الاحتلال دفعت بتعزيزات عسكرية إلى المدينة ومخيميها "طولكرم ونور شمس"، وجابت الشوارع والحارات وسط إطلاق كثيف للرصاص الحي، في الوقت الذي تمركزت فيه على طول شارع نابلس الرابط بين المخيمين، حيث مازالت تستولى على مبان سكنية في الشارع وحولتها إلى ثكنات عسكرية.
وذكر شهود عيان، أن قوات الاحتلال قامت بتخريب وتدمير محتويات عمارة العامر في شارع نابلس بعد أن استولت عليها وأجبرت من فيها على المغادرة قسرا، وألقت بالمقتنيات الخاصة من النوافذ.
وما زال الاحتلال يفرض حصارا مطبقا على مخيمي طولكرم ونور شمس، ويمنع الدخول إليهما أو الخروج منهما، وينشر فرق المشاه في محيطهما وداخل الحارات والأزقة برفقة الكلاب البوليسية، وسط مداهمته للمنازل وتخريبها وتدمير محتوياتها، وإخضاع من يتواجد داخلها من السكان للاستجواب.
وفي مخيم نور شمس..  أقدم الاحتلال فجر اليوم على حرق منازل سكنية في حي المنشية، حيث شوهدت ألسنة النيران تتصاعد منها، استمرارا لعمليات الهدم التي نفذها أمس /السبت/، والتي طالت أكثر من 11 منزلا وما يحيط بها.
كما أجبرت قوات الاحتلال سكان حارة "واد القلنسوة" على إخلاء منازلهم قسرا، بعد مداهمتها، وإطلاق القنابل الصوتية تجاههم مع اتخاذ أفرادها دروعا بشرية، حيث أفاد مواطنون بأن الاحتلال أمهل 7 عائلات في الحي على مغادرة بيوتهم حتى الساعة الثامنة من صباح اليوم.
كما داهمت قوات الاحتلال في وقت سابق المنازل في حارة جبل النصر، وأجبرت سكانها على تركها قسرا، وإمهالهم دقائق للمغادرة، بالتزامن مع إطلاق الأعيرة النارية والقنابل الصوتية لترويعهم وإرهابهم.
وفي مخيم طولكرم، قامت  قوات الاحتلال بمداهمة المنازل والمحال الفارغة الواقعة على امتداد شارع الوكالة بعد خلع أبوابها وتفجيرها، في الوقت الذي أطلقت الرصاص الحي تجاه المنازل في المناطق القريبة من حارتي المطار والحدايدة، لإرهاب السكان من بقوا في منازلهم في تلك الحارات.
وشهد مخيما طولكرم ونور شمس منذ اليوم الأول لعدوان الاحتلال، حركة نزوح كبيرة بين سكانهما من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، فاق عددهم 16 ألف نازح، توجهوا إلى مراكز إيواء ومنازل أقاربهم في المدينة وضواحيها وريفها.
واستهدفت قوات الاحتلال بشكل مباشر البنية التحتية للمدينة والمخيمين، حيث دمرت الطرق وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات، ما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة.
ووسط استمرار الحصار المشدد على المخيمين، تستمر يوميا مناشدات المواطنين الذين ما زالوا في منازلهم ويعيشون ظروفا صعبة وقاسية، لتأمين وصول مستلزماتهم الأساسية من طعام وماء وأدوية وحليب أطفال، والعمل على إصلاح شبكتي المياه والكهرباء، في الوقت الذي يعيق الاحتلال ويمنع عمل طواقم الإغاثة خلال محاولتها إيصال المواد الأساسية الضرورية لهم.
ولليوم الـ23 على التوالي، تواصل قوات الاحتلال إغلاق بوابة حاجز جبارة عند المدخل الجنوبي لمدينة طولكرم وعزل المدينة عن قرى وبلدات الكفريات، وباقي محافظات الضفة.

مقالات مشابهة

  • استشهاد الأسير خالد عبد الله من مخيم جنين في سجون الاحتلال
  • الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية إلى طولكرم ومخيميها وسط إطلاق كثيف للرصاص
  • الاحتلال الإسرائيلي يحرق منازل للفلسطينيين في نور شمس ويواصل عدوانه على طولكرم
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل هدم المنازل في مخيم نور شمس شرق طولكرم
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مخيمي مدينة طولكرم ونور شمس
  • «حماس» عن هدم الاحتلال لمنازل مخيم نور شمس: انتهاك للقانون الدولي
  • 13 شهيداً بالعدوان الإسرائيلي على طولكرم
  • عدوان الاحتلال على طولكرم.. 13 شهيدًا وإصابة واعتقال العشرات
  • جرافات الاحتلال تهدم عددا من المنازل في مخيم نور شمس بالضفة الغربية
  • جرافات الاحتلال تهدم عددًا من المنازل في مخيم نور شمس بالضفة الغربية