ذات يوم في عام 1986، خطَّ الشاب جوردان بيترسون، الذي كان لا يزال يخطو خطواته الأولى في مسيرته الأكاديمية، خطابا إلى والده يحمل في طيّاته حزنا ووجعا، قال فيه: "أبي العزيز، استحوذت عليّ فكرة الحرب مدة ثلاث أو أربع سنوات، وغالبا ما راودتني أحلام شديدة العنف في منامي تتمحور حول موضوع الدمار. أعتقد أن مخاوفي بخصوص الموت الجماعي كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياتي الشخصية" (1).

بحلول يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان جوردان، الذي أصبح في السنوات الأخيرة أحد أكثر مثقفي اليمين تأثيرا في العالم الغربي، قد فقد تلك الحساسية المرهفة تجاه الحرب والدمار، غالبا لأن الضحايا هذه المرة لم يكونوا من ذوي البشرة البيضاء ولم ينتموا إلى حضارته أو لم يشبهوه في مأكلهم وملبسهم. بل إن بيترسون في ذلك اليوم دعا إلى الحرب والدمار بنفسه ونظَّر لهما، فبعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفَّذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وجّه المفكر والمعالج النفسي الشهير رسالته إلى رئيس وزراء دولة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" عبر منصة "إكس" طالبا منه أن يذيق أهل فلسطين الجحيم بعد أن تجرَّأوا وتمرَّدوا على دولة الاحتلال التي استولت على وطنهم وشرَّدت شعبهم. وقد كتب بيترسون العبارة التالية: "أذِقهم الجحيم.. لقد طفح الكيل"، كما وصف في الأحداث نفسها أعضاء حزب الاشتراكيين الفيكتوريين الأسترالي بأنهم "جرذان قتلة معادون للسامية"، لأنهم تجرأوا على التضامن مع الفلسطينيين (2).

Give 'em hell@netanyahu

Enough is enough

— Dr Jordan B Peterson (@jordanbpeterson) October 7, 2023

بحسب عدد غير قليل من المفكرين العالميين في مختلف المجالات، فإن جوردان في السنوات الأخيرة هو أكثر مثقف تأثيرا في العالم الغربي (3)، ويضعه بعضهم في مرتبة "النبي العلماني" الذي سيعيد الغرب إلى رشده، وقد وصفت مجلة التايمز أفكاره بأن "رسالته ضرورية بشكل كبير". وفي السنوات الأخيرة، بدا أن هناك إجماعا حتى بين العديد من رموز اليسار الذين لا يحبون بيترسون على أن الرجل يمثل ظاهرة جديرة أن تؤخذ بجدية ودون مواقف مُسبقة (4).

لم يكن بيترسون اسما مجهولا للجمهور العربي قبل "طوفان الأقصى"، فالرجل الذي تتصدر كتبه قائمة الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، ويحتل كتابه "12 قاعدة للحياة" المركز الأول بين الكتب الأكثر قراءة على موقع أمازون (5)، كان قد حاز شعبية كبيرة في بعض الأوساط العربية، وكانت مقاطعه على الإنترنت تُترجم إلى جمهوره من العرب وتحظى بمشاهدات كبيرة. وقد قال بنفسه في أكثر من مرة إنه مسرور من حجم متابعيه في العالم العربي، وليس هذا فحسب، بل إن بعض متابعيه المسلمين كانوا يكتبون تعليقات على مقاطعه عن انتظارهم خبر إسلامه وقناعتهم بأن هذا سيأتي عن قريب. في الواقع كانت علاقة بيترسون بالجمهور العربي الذي يعرفه (من الشباب الذكور بالأخص) قبل عامين من الآن علاقة جيدة، حتى جاء الطوفان وأحدث انقلابا كبيرا في شعبيته لعل بيترسون نفسه لم يتوقعه.

كتاب «12 قاعدة للحياة» الحائز على المركز الأول بين الكتب الأكثر قراءة على موقع أمازون (مواقع التواصل) لماذا أحبه العرب قبل الطوفان؟

يسهل دائما على التناولات النسوية وبعض التغطيات الصحفية أن تُفسِّر سبب شعبية بيترسون قبل الطوفان بين العرب تفسيرا نقديا، قائلة إنه يقدم خطابا "أبويا ذكوريا محافظا يدافع عن امتيازات الذكور"، وإن آراءه المحافظة من الطبيعي أن تجد لها آذانا مُصغية في المجتمعات العربية الأبوية. ورغم حقيقة أن أفكار بيترسون المحافظة المؤيدة للأسرة والأبوة والأمومة والالتزام بأدوار الجنسين المعهودة، وخطابه المضاد للنسوية، قد لعبت دورا مهما في تشكيل شعبيته في العالم العربي، فإن هذا ليس السبب الأساسي لشعبيته. فعلى مدار السنوات السابقة كان هناك الكثير من المؤثرين الغربيين المحافظين الذين لم يجنوا نصفَ الشعبية التي حصدها بيترسون عربيا أو عالميا (6) (7).

أما أحد الأسباب الرئيسية فكانَ توجيه خطابه مباشرة للرجال ومشكلاتهم. ففي سياق أوسع، كان العالم يتحول في العقود الأخيرة من اقتصاد التصنيع إلى اقتصاد الخدمات، ومن ثم أخذ الرجال يفقدون وظائفهم وقيمتهم المادية، ولم يعد أحد يهتم بمشكلاتهم التي تكثفت في العقد الأخير. تُشير الإحصاءات إلى أن الذكور منذ عام 2000 أصبحوا أقل حظا في التخرج في المدارس والجامعات مقارنة بنظرائهم من الإناث، كما تقلَّصت حصتهم من القوى العاملة، وصاروا يُشكِّلون نحو ثلثي نِسَب المنتحرين نتيجة اليأس.

وفي خضم تلك التحولات ظهرت حملات تستهدف المساس بحقوق الرجال الأساسية، على رأسها حملة "Me Too" التي شكَّلت علامة اجتماعية فارقة خلال العقد الماضي، وتركزت على بوح ملايين النساء على مواقع التواصل الاجتماعي بحوادث تعرُّضهن للتحرش أو الاعتداء من طرف الرجال، ثمَّ أخذ الأمر بعد ذلك مسارا أكثر جذرية وتطرُّفا (8). ففي وسط مباركة ما يُعرف باليسار الجديد والحركات النسوية، ظهرت أيديولوجيا جديدة اقتضت ضمنيا سحب حق من حقوق الإنسان بالنسبة للذكور، وهو الحق في ألا تُنتهك سُمعة الإنسان ويُشهَّر به دون محاكمة عادلة، والحق في أن يظل الإنسان بريئا حتى تثبت إدانته، وأصبح مجرد اتهام رجل بالتحرش من طرف سيدة دون انتظار الدليل سببا في فقدانه حصانته الإنسانية واغتياله المعنوي، إضافة إلى الخسائر المادية (9).

في ظل هذه التحولات نشأت تغيرات عميقة على مستوى الخطاب في العالم كله، فقد باتت مصطلحات أيديولوجية متحيزة جنسيا مثل "الذكورة السامة" تُستخدم وكأنها مصطلحات علمية، وبدأت قولبة الذكور في خانة "المعتدين المحتملين" وأصحاب الامتيازات. ومع ذلك، كانت أوضاع النسبة الأكبر من الذكور في العالم تتدهور نفسيا واقتصاديا على نحو تكشفه الإحصاءات، بينما ركزت الأيديولوجيا الجديدة على وضع الرجال في خانة أصحاب الامتيازات مقارنة بنظرائهم من النساء في طبقات بعينها، حيث ركزت النسويات على الرجال من أصحاب الامتيازات الذين لا يُشكِّلون أكثر من 20% من تعداد الرجال، وعمَّموا تجربتهم على كل الذكور.

لهذه الأسباب حين جاء جوردان بيترسون بخطابه الجديد وتوجه به إلى الشباب من الذكور، وعلى رأسه فكرة أنه يفهم معاناتهم الحديثة، فضلا عن انتصاراته المتكررة في المناظرات مع ممثلي التيار النسوي، صار يُلقَّب بـ"قاهر الصوابية السياسية"، نظرا لجرأته على مواجهة الأيديولوجيا "التقدمية" السائدة إعلاميا رغم ما تعرَّض له من حملات تشهير وإقصاء. وقد استطاع الرجل أن يكسب الشعبية لدى أعداد غفيرة من الذكور الذين شعروا أنه قد ظهر مَن يُدرك أزمتهم الحالية، ومَن يقول لهم بوضوح وبالإحصاءات العلمية إن حياة الذكر في العالم الحديث باتت أمرا شديد الصعوبة. ومثلما كانت تلك هي بوابة جوردان لكسب جماهيره في العالم، فقد كانت جزءا من شعبيته بين الشباب من الذكور في العالم العربي.

الأمر الآخر هو أن خطاب جوردان المتعلق بالتنمية البشرية كان فريدا من نوعه. فعلى عكس مُروِّجي التنمية البشرية في العقود الماضية، كانت خلفية بيترسون بوصفه عالمَ نفس وأستاذا جامعيا قد منحته القدرة على تقديم محتوى مختلف لمتابعيه. وبخلاف مَن اشتهروا في هذا المجال، كان بيترسون يخبر مستمعيه بأن الحياة شديدة القسوة، وأنهم سيمرون بلحظات يتمنون فيها الموت. لا يَعِد جوردان مستمعيه بالسعادة، ولا يقول لهم انظروا في المرآة وقولوا لأنفسكم أنتم أقوياء، بل يُخبرهم بأن يحدّقوا كثيرا في أحزانهم وأفكارهم السلبية، وأن نهاية هذا التحديق ستكون نورا لا ظلاما (10). لقد استطاع جوردان أن يُشكِّل سمعة عند متابعيه مفادها أنه ذلك الرجل صاحب الهموم الذي يقول الحقيقة، ولا يقول ما يُرضي النخبة المثقفة أو المستمعين.

إن العالم في خطاب جوردان الخاص بالتنمية البشرية هو مكان شديد التعاسة، والخلاص الوحيد من ذلك هو تحمُّل المسؤولية. بخلاف رواد التنمية البشرية المعتادين الذين يبتسمون دائما ويقولون عبارات متفائلة عن النجاح وكيف يمكن لأي إنسان في العالم أن يحققه، وألا تلقي فشلك على شماعة الظروف، مثَّل جوردان نموذجا مختلفا في هذا المجال. إنه عالِم النفس والمفكر الذي عانى من الاكتئاب الحاد في شبابه وفي هرمه، وله تاريخ طويل مع تعاطي مضادات الاكتئاب، وعانى لسنوات من مشكلات الجهاز الهضمي والصدفية والشخير ورائحة الفم الكريهة على حد وصفه، ومع ذلك استطاع أن يحفر اسمه في عالم تنافسي للغاية ليصبح من الأكثر نجاحا بين رواد مهنته (11).

قد تبدو هذه الأشياء منفِّرة إذا ما التصقت برجل يتحدث عن التنمية البشرية، لكن ما حدث كان العكس تماما، وقد رأى العديد من الشباب صغار السن في بيترسون نموذجا "طبيعيا" يمكن الاحتذاء به، فهو يكتئب ويحزن، وتظل أحزان شبابه راسمة ظلالها على تقاسيم وجهه حتى الآن رغم كل ما حققه من نجاح. بخلاف أنه يتحدث عن كل شيء مع الشباب في مقاطعه بلغة فصيحة لا تخلو من تواصل مع المفردات والتعبيرات الجديدة، بداية من كيف تنظم جدول يومك التالي، وما الذي ينبغي إعداده على الإفطار من أجل يوم منتج وصحي، وصولا إلى القضايا الفلسفية المتعلقة بالإيمان وأصل الخير والشر والعدالة والطغيان.

 

بيترسون والإسلام: علاقة مرتبكة

في زيارتها للعالم العربي عام 2018، تفاجأت "ليديا ويلسون"، كاتبة وأكاديمية ناقدة لأفكار جوردان، من شعبيته في المنطقة، فقد وجدت حتى السائق الذي نقلها من مطار بيروت يحدثها عن الرجل وأفكاره، ووجدت كتابه "12 قاعدة للحياة" قد نفد من مكتبات بيروت بسبب كثرة الطلب عليه (12). لكن في عام 2019 حدث أمر زعزع علاقة بيترسون بجمهوره العربي، إذ سحبت جامعة كامبريدج البريطانية زمالة جوردان بسبب صورة أخذها مع رجل يلبس قميصا كُتب عليه: "أنا فخور أنني مصاب بالإسلاموفوبيا"، ومن ثم رأت الجامعة أن سلوك جوردان يتنافى مع التسامح بين الأديان ونبذ الكراهية (13). لكن الغريب هو أن جوردان سرعان ما زاد شعبيته بين العرب في أعقاب الحادثة بعد أن انخرط في حوارات مع شخصيات مسلمة، ولعل أكثرها تأثيرا كان حواره مع الداعية الإسلامي الشاب "محمد حجاب" عام 2021 بعنوان "الإسلام وإمكانية السلام".

كان هذا الحوار نقطة فاصلة في علاقة جوردان مع جمهوره المسلم، حيث بدا جوردان فيه رجلا يسعى بجدية وراء الحقيقة ويريد إجابات عن أسئلة موضوعية، وقادرا على صناعة حوار فلسفي مُثمِر مع داعية مسلم كثيرا ما وُصِف بأنه أصولي. وفي التعليقات على الحوار حدث شيء نادر من نوعه، فقد تفاعل بعض جمهور جوردان من أقصى اليمين المسيحي مع بعض السلفيين من جمهور محمد حجاب على نحو مسالم للغاية وتبادلوا الكلمات الطيبة (14). ظهر جوردان إذن بعد هذا الحوار أمام جمهوره في العالم العربي والإسلامي بوصفه رجلا يستطيع الانفتاح على الدين الإسلامي ويريد فعلا مناقشته بصدق وموضوعية.

بقيَ الأمر على هذه الحال، وأخذ جوردان يربح المزيد من الشعبية بين العرب والمسلمين، حتى إنه زار محمد حجاب في مسجد ببريطانيا وسجَّل معه حلقة جديدة (15). وهكذا اقترب جوردان أكثر فأكثر من جماهير العالم العربي، وتُرجمت مقاطعه إلى اللغة العربية، وقد تابع الرجل تلك الشعبية المتنامية باستمرار، لكن على ما يبدو أنه تابعها مقتنعا بإمكانية أن يصبح رسول الحضارة الغربية لهؤلاء المسلمين كي يُخرجهم من الصورة السيئة التي يفكرون بها كما نسجها خياله الاستشراقي عنهم.

فجأة، أظهر جوردان وجهه الاستشراقي واضحا حين وجَّه رسالة للعالم الإسلامي أوحت بأن معرفته عنه مُتشكِّلة وفقا للسردية الغربية السائدة التي تفتقر إلى المعرفة الدقيقة. وفي هذه الرسالة، التي سبقت زيارة جوردان لمحمد حجاب في المسجد، تعامل جوردان مع جمهوره المسلم وكأنهم أطفال، وبدأ يقول لهم: "أيها الشيعة والسنة.. الشيعة: ابحثوا عن صديق سني بالمراسلة. السنة: قوموا بالشيء نفسه"، كما دعا المسلمين إلى التوقف عن اعتبار اليهود والمسيحيين أعداءهم.

عقل جوردان المليء بالصور النمطية لم يُمكِّنه من فهم القضية الفلسطينية، وأنها لا تتضمن بأي حال كراهية اليهود، وأن العداء مع الدولة الصهيونية لا يعني بحال معاداة السامية. (شترستوك)

رأى قطاع عريض من المسلمين في رسالة جوردان تعاليا واستشراقا. ولم يتوقف جوردان عند هذا الحد، بل بدأ في الحديث عن أمور سياسية في الشرق الأوسط، وبدا حينها أن الرجل لا يعرف تفاصيل المنطقة جيدا، فبينما ذكر اندهاشه من مشاهدة المسلمين لحلقاته التي يشرح فيها التوراة، وكيف أسعدته تعليقاتهم الإيجابية عليها، قال بعدها إن هذا هو المناخ الذي شكَّلته اتفاقات أبراهام للتطبيع التي أرست السلام على نحو غير مسبوق كما وصفها (16).

إن ما لا يفهمه جوردان هو أن أغلبية هؤلاء المعلقين المسلمين الذين يشاهدون حلقاته عن شرح التوراة معادون تماما لدولة الاحتلال وما تسميه بعض الأنظمة العربية بـ"اتفاقات السلام مع إسرائيل"، لكن عقل جوردان المليء بالصور النمطية لم يُمكِّنه من فهم القضية الفلسطينية، وأنها لا تتضمن بأي حال كراهية اليهود، وأن العداء مع الدولة الصهيونية لا يعني بحال معاداة السامية.

ظهر جوردان أيضا غير متفهم للفرق الجوهري بين الأنظمة والشعوب في العالم العربي. ورغم أن تلك الرسالة تسببت في تآكل شعبيته العربية والإسلامية، فإن مقاطعه في الفلسفة وعلم النفس والتنمية الذاتية ظلت تحظى بمتابعات كبيرة في العالم العربي، كما أن زيارته لمحمد حجاب بعد ذلك أظهرت تواضعا ولهجة اعتذار عن رسالته السابقة باعتبار أنها "محاولة غبية كان الهدف منها بدء الحوار فحسب" (17). ثم جاء "طوفان الأقصى" وحرب الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال على أهل غزة، ليرسم ملامح جديدة مختلفة كليا للعلاقة بين الجمهور المسلم الذي لعب دورا كبيرا في صعود بيترسون عالميا، وبين الرجل الذي أظهر كراهية أيديولوجية مفرطة لفلسطين وشعبها.

 

كراهية فلسطين

"الحقيقة تحرق، تحرق المعتقدات البالية، والناس لا يحبون تبديد معتقداتهم البالية".

جوردان بيترسون في حوار إذاعي معه قبل سنوات

في رسالته للمسلمين عام 2022، التي وصفها العديد من متابعيه بالاستشراقية، قال بيترسون إن "أفضل مكان للعثور على الشيطان هو بداخلك. إذا كنت تعتقد أن العدو الحقيقي هو قلب شخص آخر، فإنك لم تفكر طويلا بما فيه الكفاية". للمفارقة، بدا بيترسون مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" وكأنه هو الذي يحتاج إلى تلك النصيحة. لقد كان جوهر خطاب بيترسون عن رجال المقاومة أنهم الشيطان البربري الذي يهاجم الحضارة الأوروبية، وأن الفلسطينيين هم البرابرة الذين انتخبوا الشياطين. جسَّد جوردان في تلك اللحظة باختصار ما دعا المسلمين من قبل في رسالته الاستشراقية ألا يفعلوه.

في الفيلم الوثائقي "صعود جوردان بيترسون" الذي صدر عام 2019، تظهر لقطات وراء الكواليس لعالِم النفس في حياته، وقد رصدت تلك اللقطات لحظات لجوردان بدا فيها شخصا يعاني بشدة من نوبات عصبية يجتهد على نحو ملحوظ لكبتها، مثل اللحظات التي يصطدم فيها مع طلاب الجامعة المناوئين له فيظهر فيها بركان من الغضب المكتوم أسفل قشرة ضاغطة من محاولة التحكم في الذات أمام الكاميرات. في أحد تلك المشاهد ينطلق جوردان باتجاه فتاة تصدر أصواتا مزعجة لتمنعه من الحديث، ويكاد يترك العنان لغضبه المتصاعد، لكنه يتمالك نفسه في اللحظة الأخيرة مع حركات جسدية تظهر التوتر والانفعال الشديدين.

إن علاقة بيترسون بالإسلام وفلسطين لا تختلف كثيرا. هناك غضب بركاني واضح لدى جوردان تجاه الأمرين، وهو غضب أيديولوجي أكثر منه علمي، ويمنعه من التفكير النقدي في الروايات الاستشراقية السائدة عن الإسلام وشعوبه وعن فلسطين تحديدا، فقضايا المسلمين قضايا يسارية في نظره لا يتضامن معها إلا كارهو الحضارة المسيحية، وقد أوقع هذا جوردان في تناقضات جعلته يعاكس ذاته.

على سبيل المثال، في حواره مع نتنياهو عام 2022 (18)، وقف جوردان للمرة الأولى وكأنه تلميذ، فالرجل الذي اشتهر دائما بمعارضة الروايات السائدة والفحص النقدي للرؤى الأيديولوجية المعروضة عليه، ظل يستمع لأحاديث نتنياهو عن أن الإسرائيليين هم السكان الأصليون لفلسطين دون أن يعارضه ولو حتى بمحاولة استيضاح أو عرض رواية الطرف الآخر بجدية كما يفعل في بقية حواراته. إن جوردان الذي استبطن في رسالته الاستشراقية للمسلمين عام 2022 أن الصراع حول فلسطين ناتج عن تبعات الصراعات المتعصبة بين الأديان، هو ذاته الذي زار دولة الاحتلال ورافق جماعات يهودية إلى المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة في العام نفسه (19).

في هذه الزيارة، جلس بيترسون في مؤتمر أُقيم في الأرض المحتلة وألقى كلمة لشعب دولة الاحتلال لعله يلخص من خلالها السبب الحقيقي وراء كراهية الرجل لفلسطين: "أعتقد أن من الصحيح القول إن مصير العالم يعتمد على شعب إسرائيل. إنك تجذب الناس هنا بسبب ما تستطيع القيام به. (إسرائيل) تُبين لنا كيف تبدو المدينة المقدسة؛ لأننا نحتاج إليها". وحين جلس بيترسون، الذي كان يدعو المسلمين قبل ذلك إلى التخلي عن التعصب الديني، مع السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل "ديفيد فريدمان"، الذي ساهم في نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة وفي الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، كان نقاشهما دينيا للغاية حول الروايات التوراتية ودور إسرائيل بوصفها دولة قومية يهودية (20).

بخلاف أن جوردان يحتاج إلى دعم اللوبي الصهيوني في الغرب في ظل معاركه المشتعلة مع العديد من التيارات الثقافية، فإن موقفه من فلسطين موقف ديني بالأساس. إن إسرائيل المتطورة بالنسبة لبيترسون تُمثِّل "النظام"، والنظام بدوره يُمثِّل الذكورة في مفهوم الرجل الذي تحدث عنه كثيرا في كتبه، في حين يبدو أن المقاومة العربية تُمثِّل له الفوضى المدمرة، والفوضى بدورها مرتبطة بالأنوثة في كتاباته. إذا استخدمنا مفردات جوردان، فإسرائيل بالنسبة له على ما يبدو هي المقاعد المنظمة في المدارس، والقطارات التي ترحل في موعدها، والترسانة العسكرية المنضبطة المتطورة، في حين يُمثِّل المسلمون المقاومون في خياله أعداء فكرة النظام، والنظام كما شرحه من قبل في كتبه هو الذي "يجعل كل شيء يسير وفق مراد الله"، ومن ثم فالحرب هنا هي الحرب بين مراد الله ومراد الشيطان (ولا يعرف بيترسون أن المقاومة الفلسطينية تحتوي على أديان وتوجهات مختلفة).

في أحد كتبه قال بيترسون: "عندما يتحدث الرجال مع بعضهم بأسلوب جاد، يظل ذلك التهديد المبطن بالاشتباك البدني حاضرا. وإذا كنت تتحدث مع رجل تظن أنه لن يعاركك تحت أي ظرف مهما كان، فإنك لن تُكِن له أدنى قدر من الاحترام" (21). وهذا هو ما أفزع بيترسون من عملية "طوفان الأقصى"، أن هؤلاء الذين يصنفهم بيترسون في مرتبة أقل من البشر تجرَّأوا على أن يقفوا ويحاولوا انتزاع حقوقهم واحترامهم بالقوة. ما أراده بيترسون لهم هو أن يظلوا في خانة الأشخاص المهادنين الخاضعين الذين لا يناضلون من أجل الاحترام والحقوق.

لعل حقيقة مواقف بيترسون تجاه فلسطين والإسلام عموما، وتشكُّلها وفق الأيديولوجيا ومشاعر الكراهية لا وفق موقف علمي، تظهر من حواره الأخير الذي أشرنا إليه سابقا مع محمد حجاب. في هذا الحوار سأل حجاب بيترسون هل لو أثبت له أن الإسلام صحيح بالبراهين العقلية سيدخل فيه؟ وكانت إجابة بيترسون قبل حتى أن يُنهي حجاب سؤاله هي "لا"، وحاول بعدها أن ينسج مسوغا فلسفيا لموقفه العاطفي (22). إن القضية في هذه العبارة ليست رفض بيترسون للإسلام، وإنما أن رده لا يختلف عن رد أي عضو في جماعة دينية متطرفة، فهو فيلسوف وعالِم نفس ومع ذلك يعلن عن تعصبه الأعمى. فحتى لو تبين أمامه أن الفكرة الأخرى صحيحة بالدليل العقلي فسيرفضها، لأن الأمر له علاقة بمشاعره العميقة ضد الفكرة، وهي مشاعر غير قابلة للنقاش العقلي.

إن هذا هو عين ما كان ينتقده بيترسون عادة في خصومه، أنهم يستسلمون لسطوة الأيديولوجيا بدلا من التفكير العلمي والنقدي فيها. ولهذا السبب الذي أوضحه جوردان نفسه، فحتى لو أُقنِع عقليا في أي مناظرة حول فلسطين بحق المقاومة الفلسطينية في النضال لتحرير أراضيها، فسيظل موقفه ثابتا لا يتغير، لأن تلك المسائل بالنسبة له مسائل مشاعر وإيمان و"هوية". وللمفارقة فإن جوردان كثيرا ما كال النقد العنيف للجماعات الثقافية المناهضة له باعتبارها تستند إلى فلسفة تقدم الهوية على الفرد وحرية تفكيره، وكان هو نفسه يقول إن هذا النوع من الفلسفات قاد إلى أبشع المذابح في التاريخ.

الآن، ودون أن يشعر، يشارك بيترسون في تبرير مذبحة مشابهة فاق عدد ضحاياها حتى الآن 25 ألف إنسان يناضلون منذ عقود من أجل تحرير أنفسهم من ربقة الاحتلال قبل أرضهم. ولكن لعل أحدهم بحاجة إلى سؤال جوردان هذا السؤال: "لو أعلن العرب المهاجرون في كندا تشكيل دولة عربية إسلامية على الأراضي الكندية وطرد المواطنين الكنديين، هل في تلك الحالة سيُسمِّي مَن يرفعون عليهم السلاح مقاومين مدافعين عن الحضارة الغربية أم إرهابيين؟".

—————————————————————-

المراجع The Rise of Jordan Peterson. جوردن بيترسون: من هو "حارس النظام الأبوي" الذي دعا نتنياهو لفتح أبواب الجحيم. How dangerous is Jordan B Peterson, the rightwing professor who ‘hit a hornets’ nest’? The Intellectual We Deserve. المرجع السابق. جوردن بيترسون: من هو "حارس النظام الأبوي"؟كيف أصبح جوردان بيترسون ملهما للأبوية العربية؟ أندرو تيت ومالكوم إكس.. الطريق إلى الإسلام من اليسار ومن اليمين. المرجع السابق. Jordan Peterson – Gazing Into the Abyss Makes You Better (New). How Jordan Peterson Ruined His Image With Muslims. المرجع السابق. Dr Jordan Peterson: ‘Anti-Islam shirt’ behind fellowship U-turn. Islam and the Possibility of Peace | Mohammed Hijab | EP 209. Talking to Muslims About Christ  Mohammed Hijab & Jonathan Pageau | EP 297. Article: Message to Muslims. Talking to Muslims About Christ.Israel’s Right to Exist? | PM Benjamin Netanyahu | EP 311. جوردن بيترسون: من هو "حارس النظام الأبوي"؟ عالم النفس الكندي بيترسون ينتقد صعوبة "علمنة الإسلام" ويتحدث "كقسيس" في القدس المحتلة. The Intellectual We Deserve Talking to Muslims About Christ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی العالم العربی دولة الاحتلال طوفان الأقصى الرجل الذی العدید من جوردان فی من الذکور محمد حجاب ل جوردان أکثر من على نحو م النفس إن هذا الذی ی

إقرأ أيضاً:

الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية

 

ثمة «ثورة» تجتاح العالم الآن بعد نشر أبحاث تقول بأن الأمراض التي ضربت البشرية خلال سبعة عقود كانت نتاج كذبة كبيرة سوّقت لها شركات الغذاء الكبرى والتي اعتمدت على الانتاج الصناعي ومنها «الزيوت المهدرجة والسكر الصناعي» واعتمدت على أبحاث طبية مزيفة للتخويف من الأغذية الطبيعية، والترويج لأخرى صناعية، والهدف اقتصادي؟

الأطباء الذين بدأوا يرفعون الصوت عالياً أن الدهون الطبيعية خطر على الحياة وأنها سبب رئيس للكوليسترول، كذبة كبيرة، فالدهون أساس طبيعي للبقاء في الحياة، وأن ما يمنعونك عنه يتوازع في كل جسمك بما فيه المخ، وأن ما قيل عن خطر الدهون المشبّعة كانت نتاج نقل عن بحث لبرفيسور أمريكي كتبه في نهاية الخمسينيات، حيث عملت الشركات الغذائية الكبرى على سدّ الحاجات البشرية من الغذاء بعد أنّ حصل نقص كبير في الثروة الحيوانية بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا تمّ تلفيق هذه الكذبة الكبيرة، وقد مُنع الصوت الآخر، بل وصل الأمر كما يقول الأطباء المخدوعون: إنهم كانوا يدرسون ذلك كحقيقة علمية، بل إنّهم لا يتوارون عن تحذير مرضاهم من الدهون الطبيعية، في حين أنّ الأمراض التي ضربت البشرية خلال العقود السابقة كانت نتيجة الزيوت المهدرجة، والسكر الصناعي، والوجبات السريعة..

والحل الطبيعي بإيقاف تلك الأطعمة الصناعية، ومنتجات تلك الشركات، والعودة للغذاء الطبيعي، وتناول الدهون الطبيعية بكل أنواعها والإقلال من الخبز والنشويات، ويضيف المختصون : أنّ جسد الإنسان مصمم لعلاج أي خلل يصيبه ذاتيًا، ولكنّ جشع الإنسان في البحث عن الأرباح الهائلة دفع البشرية إلى حافة الهاوية، فكانت متلازمة المال «الغذاء والدواء» والاحتكار لهما، وهكذا مضى العالم إلى أن القوى العظمى من تحوز على احتكار وتجارة ثلاثة أمور وجعل بقية العالم مستهلكاً أو نصف مستهلك أو سوقاً رخيصة للإنتاج، وهي الدواء والغذاء والسلاح، فضلاً عن مصادر الطاقة، ولعل ذلك بات ممثلاً بالشركات عابرة القومية بديلاً عن السيطرة المباشرة من الدول العظمى!

ثمة تخويف للعالم من الكوليسترول، وما يسببه من جلطات وسكر، تخويف ساهم الإعلام فيه، حيث استخدم الإعلام « السلاح الخفي للشركات العملاقة» لتكريس الكذبة بوصفها حقيقة، وهناك من استخدم الإعلام للترويج للزيوت المهدرجة والمشروبات الغازية، على أنّها فتح للبشرية، دون أن يعلم خطورتها، فقد ارتبط بقاء الإعلام بالدعاية للشركات الكبرى حتى يستطيع القائمون عليه تمويله، وبدل أن يقوم الإعلام بكشف تلك الكذبة باتت الشركات الكبرى تفرض عقوبات على كل من لا يغني على هواها بأن تحرم تلك الوسيلة وغيرها من مدخول الإعلان الهائل فيؤدي ذلك لإفلاسها وإغلاقها!

 

قبل سنوات، وفي مؤتمر عالمي للقلب في الإحساء في المملكة العربية السعودية، قال البرفيسور بول روش إن الكوليسترول أكبر خدعة في القرن العشرين، أو كما يقول د. خالد عبد الله النمر في مقال له بجريدة الرياض في 31 ديسمبر 2014 :

(في مؤتمر عالمي للقلب بالأحساء بالسعودية نظمه مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لأمراض القلب فجّر الدكتور الأمريكي بول روش رئيس المعهد الأمريكي لأبحاث التوتر العصبي بواشنطن مفاجأة حيث أعلن أن الكولسترول أكبر خدعة في القرن الماضي والحقيقة: أن الطعام الدسم بشحوم الأغنام وتناول دهون الأبقار (سمن البقر) هو الذي يقوم بإخراج السموم من الجسم وإعطاء الليونة والمرونة للشرايين والجلد وتغذية الكبد والأمعاء وكافة الأجهزة بالجسم والدفع بالطاقة لأعلى مستوياتها وهو بريء من كولسترول الدم أو الإصابة بالنوبات القلبية والمتهم الحقيقي هو الزيوت المهدرجة دوار الشمس والذرة وغيرهم والسمن الصناعي من: المارجرين وغيره)

فهل نحن أمام خديعة كبرى قتلت ومازالت ملايين البشر؟ ولصالح من؟ وهل كانت قيادة الإنسان الغربي للبشرية قيادة صالحة وإنسانية أم إن ما قاله العلامة الهندي أبو الحسن الندوي قبل خمسة وسبعين عاماً مازال القاعدة وليس الاستثناء. يقول الندوي: «إنّ الغرب جحد جميع نواحي الحياة البشرية غير الناحية الاقتصادية، ولم يعر غيرها شيئاً من العناية، وجعل كل شيء يحارب من أجله اقتصادياً!» وقد شهد شاهد من أهله إذا يذكر إدوارد بيرنيس أخطر المتلاعبين بالعقل البشري في عام 1928 في كتابه الشهير «بروبوغندا» ما يؤكد ما ذهب إليه الندوي. وكان بيرنيس المستشار الإعلامي للعديد من الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين، وهو من أحد أقرباء عالم النفس الشهير سيغموند فرويد. ويتباهى بيرنيس في مقدمة كتابه الشهير ويعترف فيه بأن الحكومات الخفية تتحكم بكل تصرفات البشر بطريقة ذكية للغاية دون أن يدري أحد أنه مجرد رقم في قطيع كبير من الناس يفعلون كل ما تريده منهم الحكومة الخفية بكامل إرادتهم. ويذكر بيرنيس كيف نجح مثلاً في دفع الأمريكيين ومن بعدهم الأوربيين إلى تناول لحم الخنزير قبل حوالي قرن من الزمان. وهنا يقول إن تجارة الخنازير في أمريكا كانت ضعيفة جداً، وكان مربو الخنازير يشكون من قلة بيع اللحوم، فعرض عليهم بيرنيس خطة جهنمية لترويج لحوم الخنازير. ويذكر الكاتب أنه اتصل بمئات الأطباء والباحثين وأقنعهم بأن يكتبوا بحوثاً تثبت أن الفطور التقليدي للأمريكيين وهو الحبوب والحليب ليس صحياً ولا مغذياً، وبالتالي لا بد من استبداله بفطور جديد يقوم على تناول لحوم الخنزير بأشكالها كافة. وفعلاً نشر بيرنيس كل البحوث التي طلبها من الأطباء والباحثين في معظم الصحف الأمريكية في ذلك الوقت، وبعد فترة بدأ الناس يتهافتون على شراء لحم الخنزير ليصبح فيما بعد المادة الرئيسية في فطور الأمريكيين ومن بعدهم الأوربيين بشكل عام. وقد ازدهرت تجارة الخنازير فيما بعد في الغرب لتصبح في المقدمة بعد أن اكتسحت لحوم الخنازير المحلات التجارية وموائد الغربيين.

هل كانت نصيحة بيرنيس للأمريكيين بتناول لحم الخنزير من أجل تحسين صحة البشر فعلاً أم من أجل تسمين جيوب التجار والمزارعين وقتها؟ وإذا كان الغرب الرأسمالي يتلاعب بعقول وصحة الغربيين أنفسهم، فما بالك ببقية البشرية؟

 

مقالات مشابهة

  • خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
  • رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال
  • إسبانيا تدعو دول العالم للاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال
  • إسبانيا تدعو العالم للاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • قدمته المملكة.. "العالم الإسلامي" ترحب بتبني أممي لقرار يدعم فلسطين
  • الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
  • فتاة رشيقة.. 8 حقائق مثيرة عن زهرة راقصة الباليه النادرة