سودانايل:
2024-12-22@23:43:02 GMT

حميدتي والجنجويد ودولة 56

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

قال اريئل شارون رئيس وزراء اسرائيل الاسبق انه يتمنى لو يستيقظ ذات صباح ويجد غزة قد ابتلعها البحر، نام شارون النوم الابدي وظلت غزة باقية؛ هذه الامنية الشارونية تبناها بعض منظري الدعم السريع في سياق مختلف، فاصبح حلمهم هو ان يستيقظوا ذات صباح ليجدوا أن ما يسمونها دولة 1956 قد اختفت وابتلع بحر النيل جزء منها والجزء الباقي اصبح من نصيب البحر الاحمر.


الجنجويد ودعواهم عن دولة 56 وقبلهم جون قرنق ومشروعه عن السودان الجديد وبقية الحركات المسلحة انما ينهلون من منبع واحد، فهم يقومون بالعمل العسكري اولاً؛ ثم بعد ذلك وفي مرحلة تالية يحاولون ايجاد الغطاء الفكري له لتبريره وتأطيره وتقديم المسوغات له، ويحدث هذا بعد ان يقع المحظور ويدوي الرصاص. لذا لم يظهر مصطلح دولة 56 بقوة إلا بعد 15 ابريل، وربما ظهر قبلها ببرهة وجيزة كصوت ضعيف في خضم التوتر بين الجيش والدعم السريع قبل اشتعال الحرب.
بالقدر نفسه فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان لم تقم في بداياتها على اساس فكري يتحدث عن السودان الجديد، وما كان جون قرنق هو المؤسس الفعلي للحركة؛ ولكنه التحق بالتمرد فيما بعد، إذ أن من تمرد أولاً في عام 1983 كان كاربينو كوانين قائد الكتيبة 105، ولم يكن تمرده مبنياً على قضية مركز وهامش أو سودان جديد؛ بل كان تخوفاً من ترتيبات امنية سعت حكومة النميري للقيام بها تحت عنوان انصهار القوات، حيث يجرى بموجبها نقل قوات جنوبية الى الشمال ونقل قوات شمالية الى الجنوب؛ واعقب ذلك هروب كاربينو وقواته الى اثيوبيا حيث لحق بهم جون قرنق هناك.
مساهمة قرنق في التنظير الفكري وايجاد الغطاء السياسي والترتيب التنظيمي للتمرد جاءت فيما بعد، وذلك حين اصدرت الحركة بيانها الاساس (مانيفستو الحركة) ودستورها المكون من احد عشر فصلاً، وفيه جرى تعريف المشكلة ولأول مرة بانها مشكلة كل المناطق المهمشة، وليست مشكلة الجنوب فقط.
وجه الشبه بين شعاري السودان الجديد ومحو دولة 56؛ هو ان كلاهما يتحدث عن الهامش والمركز، لكن شعار السودان الجديد كان يتحدث عن بناء جديد، أيا كان اتفاقنا او اختلافنا حول طبيعة هذا البناء واهدافه، بينما شعار الجنجويد يتحدث عن محو وإزالة. ولم يقدم منظرو الجنجويد رؤية واضحة لما ستكون عليه الاحوال بعد المحو، وما هو شكل البناء المزمع قيامه على انقاض الدولة القديمة.
ربما كان الامر في هذا الخلل يعود إلى ان فكرة دولة 56 جرى طبخها على عجل لتلحق بركب الحرب، ويعود ايضاً الى خلو المليشيا من وجود منظرين بها لهم ثقافة واسعة وخبرات متعددة مثل جون قرنق. لذا وجد المحو وهو العمل السهل تطبيقاً ميدانياً في حرب ابريل 2023م، وتكفلت المليشيا بإنزاله لأرض الواقع؛ باستهداف المراكز العلمية والبحثية والتجارية والصحية لدولة 56، فلم تسلم منهم مؤسسات لا علاقة لها بالعمل العسكري مثل دار الوثائق المركزية؛ ومتحف السودان القومي، ومكتبة جامعة ام درمان الاهلية ومكتبة محمد عمر بشير ومتحف التاريخ الطبيعي، ومعهد البحوث ببحري والمستشفيات والجامعات والبنوك وغير ذلك. واستدعت عملية المحو احتلال منازل مواطني دولة 56 وتشريدهم واذلال من تبقى منهم في عاصمتهم باغتصاب نسائهم وسلب ممتلكاتهم.
حاولنا الحصول على تعريف دقيق لهذا المصطلح الجنجويدي الجديد خلافاً لقصة هامش ومركز وذلك من خلال قراءة ما كتبه بعض الكتاب وفهمهم له، فهو عند عبد الله على ابراهيم في مقال له باندبندت عربية الصادر في 13 اغسطس 2023م انه جاء (ليشيع في خطاب المركز والهامش في السودان احتجاج جوهري على الدولة السودانية منذ استقلالنا في عام 1956 كدولة "جلابة"، أي صفوة الجماعة العربية المسلمة على أواسط النيل، لاحتكارها السلطة والثورة).
ويرى حامد برقو في مقاله (دولة 56 التي سقطت اخلاقيا ودبلوماسيا قبل ان تهز عسكرياً) المنشور بصحيفة الراكوبة بتاريخ 6 يناير 2024، (إن الملح الآن قبل الغد ان يتذكر بعض أبناء الوسط والشمال النيلي بأننا في عام 2024 – فلابد من تساوي الفرص ليتعافى الوطن و لأجل غد افضل للجميع).
ويصنف محمد جميل في مقال (ماذا بقي من جمهورية 56 في السودان) المنشور في صحيفة اندبندت عربية بتاريخ 8 يونيو 2023م المشكلة بأنها (ذات طابع تاريخي متصل بالعدالة والمواطنة، وأخفقت الحكومات الشمالية في تحقيق هاتين المسألتين، ليس في جنوب السودان فحسب، بل في جميع هوامش وأطراف السودان الأخرى... وسيكون البديل عن هذين الخيارين: الحرب الأهلية الشاملة).
ويقول ابراهيم سليمان في مقال (ايهما احسن استمرار مركزية دولة 56 ام التفتيت الفدرالي بالحسنى) المنشور بصحيفة الراكوبة في 27 سبتمبر 2023 ،(وبات في حكم المؤكد، أن عودة منظومة دولةــ56 المركزية القابضة مستحيلة، وأن الـخامس عشر من أبريل 2023م نقطة فاصلة في التاريخ السياسي للدولة السودانية، وأن التروس المهترئة التي ظلت تدير آلة الدولة الظالمة، والأيادي الآثمة التي ما برحت تتحكم في دوران تلك التروس، جميعها، يجب أن تستريح من العبث بمقدرات الشعب، لصالح الدولة العميقة، وحواضنها من جنرالات الجيش والبيوتات الطائفية والرأسمالية ومن الانتهازيين العابرين).
هذا الاستعراض على قلته لم يخرج عن قضية الهامش والمركز، وفيه قواسم مشتركة تكمن في توجيه الاتهام لابناء مناطق جغرافية بعينها هم ابناء الوسط والشمال النيلي في احتكار السلطة والثروة وتهميش بقية اهل السودان. وانهم هم المستفيدون من دولة 56 وبالتالي يجب ازالة هذه الدولة من الوجود، لينعم الجميع بالمساواة والعدالة.
هذا الطرح يتجاهل تماما أن قرى مناطق الشمال والشرق والوسط تعيش مثلها مثل قرى المناطق الاخرى في فقر مدقع، وتنعدم في معظمها الخدمات التعليمية والصحية وخدمات المياه النقية والكهرباء ووسائل النقل، إلا ما يشيده ابناء تلك المناطق المغتربون من حر مالهم لاهلهم. اما الخرطوم نفسها (كرش الفيل) فتعج بأبناء الشمال والشرق والوسط المهمشين كغيرهم من ابناء الغرب والجنوب. يركبون الحافلة نفسها ويلدغهم ذات البعوض، ويصهر جلودهم الحر وتنقطع عنهم الكهرباء والماء مثلهم مثل غيرهم.
هل كان الجنجويد صادقين وهم يلعنون ما يسمونه دولة 56؟ وهل يمكنهم لعب دور حماة المهمشين؟ كلا.. بل سنجد انهم صنيعة هذه الدولة التي يريدون استئصال شأفتها، وهي والدهم الشرعي؛ بأنظمتها المتعاقبة ذات الوجوه المتعددة ما بين ديمقراطية حيناً وعسكرية حيناً آخر، وقد اطلقت عليهم أسماء مختلفة في مراحل مختلفة تختلف من حكومة لأخرى.
ظهرت مليشيا الجنجويد في بداية أمرها كميليشيا قبلية في الفترة الانتقالية بعد انتفاضة ابريل عام 1985؛ وقيام الحكومة الانتقالية التي ترأسها المشير عبد الرحمن سوار الذهب، وسميت هذه المليشيا حينها بالمراحيل، وجلها من قبائل تعود لأصول عربية في إقليم كردفان، وكان الهدف منها هو مساندة الحكومة المركزية لإخماد تمرد الجنوب، ثم واصل الصادق المهدي الذي خلف سوار الذهب السياسة نفسها تجاه هذه المجموعات ولم يقم بحلها، بل كان يحتاجها هذه المرة في جبهتين، وليس كسلفه في جبهة واحدة، هما جبهة الجنوب وجبهة الغرب، وفي الغرب كانت السماء حبلى بسحب التمرد وانتشار عصابات النهب المسلح وقطع الطريق.
ورثت حكومة الانقاذ عام 1989م هذه المليشيا وقامت بتطويرها واستخدمتها في حربها ضد الحركات المتمردة في دارفور بدءاً من العام 2003م، والحقتها بحرس الحدود، ثم في عام 2013م اصبح مسماها (الدعم السريع) تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ثم صدر قانون الدعم السريع في عام 2017 واصبحت تتبع لرئيس الجمهورية مباشرة، مع بقاء تبعيتها إلى القوات المسلحة في الوقت نفسه. ومن هنا نجد هذه المليشيا وفي كل الاوقات لم تكن أكثر من ذراع عسكرية متنقلة لدولة 56. تستخدمها كعصا ضد من يخرجون على سلطان الدولة. وعاشت في جلباب سوار الذهب والصادق المهدي وعمر البشير والبرهان.
سنقبل في الاسطر التالية ومن باب الجدل المفيد نظرية دولة 56، وسنكتشف ان المليشيا كانت تعيش في الاحضان الدافئة لهذه الدولة سنين عددا، مما يهزم الفكرة من اساسها.
لم يكن حميدتي صاحب المبادرة في قيام المليشيا، بل كان تاجر ابل متجول لا يفقه شيئاً لا في العسكرية ولا السياسةً، وجاءت دولة 56 لتضعه على رأس هذه المليشيا، وكتبت لها عقيدتها القتالية، وقامت بتحسين تدريبها وتسليحها، ورسمت لها المكان الجغرافي لوجودها، وحددت لها نوع المعارك التي عليها ان تخوضها، وصنفت لها عدوها الذي يجب عليها قتاله.
كانت سعادة المليشيا وقيادتها بهذا الكرم والسخاء المقدم من دولة 56 لا تحده حدود، لذا كانوا يبذلون قصارى جهدهم للدفاع عن حاضنتهم الشرعية دولة 56 ومحاربة اعدائها والتنكيل بهم.
توسعت الحاضنة في الكرم فمنحت المليشيا علاقات دولية؛ واعطتها الفرصة لخوض حروب اقليمية، كسبت من ورائها اموالاً ونفوذاً، واجازت لها عقد صفقات التسليح والتدريب، ثم وصل التعاون مداه حين وجد قائد المليشيا حميدتي نفسه وقد اصبح الرجل الثاني في دولة 56، نائباً لرئيس مجلس السيادة، ورئيساً للجنة الاقتصادية، ونجماً تسعى التجمعات السياسية والسفارات الاجنبية لخطب وده، ويتنافس السفراء والمبعوثون الدوليون في الدخول للسلام عليه، أما مجموعته من ضباط المليشيا وعساكرها ومثقفيها ومدنييها فقد كانوا يخاطبونه بلقب أمير، ربما لشيء في نفس يعقوب، وقد كاد هذا الشيء الذي في نفس يعقوب أن يكون واقعاً بعد أن كان خيالاً. وكان قاب قوسين أو ادني من التحقق.
لكن هل كان هناك فعلا ما يسمى دولة 56 وانها قامت كنبت منفصل عن جذوره، أم أن السودان كله بكافة احزابه وقبائله وحدوده ومدنه وقراه هو دولة 56؟
هذا التقسيم الزماني للمشكلة يخرجها عن اطارها القديم والمتمثل في انها مشكلة مكانية بين هامش ومركز، قابلة للحل، أما التقسيم الزماني إنما يطرح خياراً استئصالياً واحداً لا غيره وهو الحذف النهائي لهذه الدولة من السجلات واختيار توقيت جديد للدولة السودانية قد يطلق عليه دولة 2023م.
ويطرح عبد الله على ابراهيم تساؤلاً ويقول: (بعبارة أخرى، لماذا يثور هؤلاء الشماليون على حكومات هم أصحاب الوجاهة فيها والامتياز؟ وكيف لهم ركل نعمة هذه الحكومات، التي قيل إنها ملكية خاصة بهم، ثلاثاً منذ أن قامت فيهم في 1956)؟ وثلاثاً يعني بها ثورة اكتوبر عام 1964م وانتفاضة ابريل 1985م وثورة ديسمبر 2019م.
إذا القينا نظرة على السجلات التاريخية سنجد انها لا تخدم اصحاب فكرة دولة 56، فالدولة السودانية ولدت بعد تجربة حكم ذاتي قصيرة استمرت من عام 1953 الى عام 1956، وقد جرت انتخابات عام 1953 تحت اشراف الادارة البريطانية وفاز فيها الحزب الوطني الاتحادي، وانتُخب اسماعيل الازهري رئيسا للوزراء، وفي 19 ديسمبر عام 1955 أُعلن استقلال السودان من داخل البرلمان.
من اللافت للنظر أن الآباء المؤسسين- إن صحت العبارة - انتبهوا لأهمية التمثيل الجهوي في صنع قرار الاستقلال حتى وإن جاء في ثياب الحزبية، ويذكر خضر حمد في مذكراته صفحة 240:
(وتقاسمت الاحزاب عن طيب خاطر شرف تقديم اقتراح الاستقلال واللجنة القومية والجمعية التأسيسية، وفي يوم 19 ديسمبر 1955م وبعد الاجراءات الشكلية وقراءة بعض الردود، وقف السيد عبد الرحمن محمد ابراهيم دبكة (أمة) واقترح الآتي- وهو الاقتراح المتفق عليه منا جميعاً مع غيره من الاقتراحات - قال:
نحن اعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نعلن باسم الشعب السوداني أن السودان قد اصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم ان تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الاعلان فوراً). ويمضى خضر حمد ويقول أن من ثنى الاقتراح هو مشاور جمعة سهل، وان من تقدم باقتراح تشكيل مجلس رأس الدولة (مجلس السيادة) هو حسن جبريل سليمان، وقد ثناه جوشوا ملوال، وان من تقدم باقتراح قيام الجمعية التأسيسية هو محي الدين الحاج محمد وثناه حماد ابو سدر.
وبإمعان النظر في هذه الاسماء ومناطقها سنجد ان عبد الرحمن دبكة نائب دائرة بقارة نيالا غرب، عن حزب الأمة، وناظر عموم قبيلة بني هلبة، وهو من دارفور، ومشاور جمعة سهل نائب دار حامد غرب، وهو من قبيلة المجانين، من كردفان. وحسن جبريل سليمان نائب دائرة دار مساليت جنوب، وجوشوا ملوال جنوبي، وهو نائب دائرة غرب النوير الجبل، ومحي الدين الحاج محمد (تقلي جنوب)، وحماد ابو سدر نائب دائرة الجبال الشمالية شرق وهو نوباوي من دلامي.
أما من رفع علم دولة 1956م فهو اسماعيل الازهري وجذوره الاسرية تعود لقبيلة بديرية كردفان، وكان معه في رفع العلم محمد احمد محجوب وجذوره تعود لوسط وشمال السودان، وقد ولدت هذه الدولة بصورة سلمية، إذ كان آخر القتلى الانجليز في السودان قد سقط قتيلا في حوادث ثورة عام 1924م، أي قبل اربعين سنة من حصول البلاد على استقلالها.
الاتهام بان ابناء الشمال والشرق والوسط استحوذوا على السلطة لا يقوم على اساس، لأن الوصول للسلطة في السودان يجيء عبر طريقين: الأول الطريق الديمقراطي عبر الانتخابات، وفيه يصبح رئيساً للوزراء من يأتي به صندوق الانتخاب. والثاني طريق الانقلابات العسكرية، وحكومات هذه الانقلابات هي من استأثر بحكم البلاد لفترات طويلة وصلت في مجموعها الى أكثر من نصف قرن.
من يخطط لانقلاب عسكري لا يفكر كثيراً في مسألة الهامش والمركز، ودولة 56 وما الى ذلك، بل يضع في حساباته القوات التي سيعتمد عليها في تنفيذ انقلابه من مدرعات ومظلات وقوات جوية ومشاة..الخ اكثر من اعتماده على الوزن الجهوي للضباط والعساكر المشاركين معه في الانقلاب، إذ أن حسابات الانقلاب لا تحتمل الخطأ ونتيجتها واحدة من اثنتين: أما الجلوس على كرسي السلطة او توسد طوبة القبر. ولا يهم قائد الانقلاب ان يكون الضابط المكلف جعليا او من دار حمر او من الهدندوة، ما يهمه هو ان تقوم القوة المكلفة باداء مهمة ما ضمن سيناريو الانقلاب بتنفيذها على اكمل وجه.
ولو كان الاعتماد على الثقل القبلي نافع لاستفاد منه حميدتي ومن اول يوم في حرب ابريل 2023م.
كل الانقلابات العسكرية في السودان يقبع في خلفيتها حزب سياسي طائفي او عقائدي، فانقلاب نوفمبر 1958م الذي قاده عبود كان مجرد تسليم وتسلم للسلطة لا أكثر، وكان في خلفية المشهد عبد الله خليل وحزب الامة وهو حزب طائفي، وباركت الانقلاب قيادتا الختمية والانصار، أما المجلس العسكري الذي استلم الحكم في هذا الانقلاب فقد كان موروثاً وبكامل هيئته من العهد الاستعماري، ولا مجال فيه لإثارة قضايا المركز والهامش، ولم يسأل حينها احد عن الهوية الجهوية لأعضاء المجلس.
انقلاب مايو عام 1969م قبع في خلفيته الحزب الشيوعي السوداني، وقام به بعض صغار الضباط، وانقلاب عمر البشير عام 1989م كان وراءه حزب الجبهة القومية الاسلامية، وكل حزب من هذه الاحزاب ينتمي له اعضاء من جميع مناطق السودان، ومن مختلف الفئات الاجتماعية، وتتعدد فيها الاعراق. ولا يمكن القول بان الحزب الشيوعي خاص بأبناء الشمال والوسط والشرق ولا الجبهة القومية الاسلامية كذلك، ولا حزب الامة ولا الاتحادي الديمقراطي أيضاً، قد يكون هناك مراكز ثقل ونفوذ لبعض هذه الاحزاب في مناطق معينة، لكنها وحسب دساتيرها مفتوحة للجميع.
لا يمكن الحجر على منطقة ما ومنعها من المطالبة بتحسين وضعها، لكن الفكرة بان هناك تغول من مناطق ما على حقوق الآخرين يهزمها الواقع المعاش إذا خرجت عن الخرطوم في أي اتجاه عشرين او ثلاثين كيلومتراً، والاموال التي صرفتها الحركات المسلحة على الحروب والخسائر التي سببتها حرب الدعم السريع كانت كفيلة بتحويل السودان الى بلد سعيد، وهي اموال كان يجب ان تذهب الى الصحة والتعليم والمرافق العامة لا ان توجه نحو جعل فلان رئيساً ووضع علان نائباً للرئيس وتسليم شخص ما وزارة او ولاية، ويكون ثمن هذه المناصب دم ودموع الشعب.

nakhla@hotmail.com
/////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السودان الجدید هذه الملیشیا هذه الدولة نائب دائرة فی السودان جون قرنق یتحدث عن فی عام دولة 56

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن الدولى نادى للكلام وقِلة الأفعال

الرأى اليوم

صلاح جلال

???? لقد تابع ملايين السودانيين جلسة مجلس الأمن الدولى أمس بخيبة أمل كبيرة *كل من ينظر لمجلس الأمن الدولى ونظامه القائم يتأكد أن النظام العالمى القديم لكى يكون قادر لحفظ الأمن وتحقيق السلام بكفاءة وفاعلية يحتاج إلى إصلاح جذرى* يؤهلة ليقوم بدوره، نظام *الفيتو* المستخدم كتعبير عن توازن القوة لما بعد الحرب العالمية الثانية الذى أعطى خمسة دول منفردة حق النقض أمام إرادة دول العالم مجتمعة غير عادل وغير منصف وغير عملى ، هذا النظام قد إنتهت صلاحيته وأصبح عبأ على مهام وواجبات مجلس الأمن الدولى فقد صار نادى للكلام
ومنبر للمساومات على حساب القضايا والحقوق يسقط الضحايا Fail الذين ينتظرون الدعم والسند منه ، فهو تعبير واضح عن أزمة النظام العالمى القديم ، أصبح كالبطة العرجاء لايتخذ قرارات حاسمة فى صميم واجباته *ولامقدرة له لإستخدام القوة الجبرية لضبط الإجرام الدولى* ، فأصبح مرتكبى المخالفات التى تهدد الشعوب والسلم والأمن الدوليين متحالفين مع واقع العجز فى مجلس الأمن الدولى ، فهو كالبطة العرجاء تزحف على بطنها حين يحتاجها الواقع أن تكون فى سرعة البرق وحِدة السيف ، المنتظر من مجلس الأمن الدولى علاج أزمة كالمنتظر للمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ، طالما الفيتو فى يد دولة شمولية مثل جمهورية روسيا الإتحادية التى لا تعنيها مسئولية حماية المدنيين ، ولا مفاهيم حقوق الإنسان ، دولة ونظام حكم من الماضى البعيد فى عصر الشعوب وإحترام حق الحياة والعيش الكريم .

(٢)
???? لقد دعت الولايات المتحدة الأمريكية لجلسة خاصة لمجلس الأمن الدولى على مستوى وزراء الخارجية
ترأس الجلسة وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن
وخاطبتها ممثلة مكتب الطوارئي بالأمم المتحدة وممثلة للمجتمع المدنى وسلطان قبيلة المساليت بالسودان ، لم يأتوا بجديد يذكر فى وصف مأساة أهل السودان ، كما تمت دعوة كل من جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة تركيا لمخاطبة المجلس ، فقد تناول وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى كلمته أهمية وصول الدواء والطعام للنازحين فى الداخل ومناطق الحرب واللاجئين فى الخارج ، كما تحدث عن اهمية إجبار المتحاربين على إحترام القانون الإنسانى الدولى لحماية المدنيين أثناء الحرب
وتحدث عن ضرورة عدم الإفلات من العقاب وتناول أهمية الوصول لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب ، ومن ثم إقامة حكومة إنتقالية يقودها المدنيين ، كلام صحيح وممتاز ولكنه وقع على أذن صماء فى مجلس عاجز عن إتخاذ القرار الحاسم والملزم
لقد أعلن وزير الخارجية الأمريكى لتأكيد جدية الولايات المتحدة فى مواجهة ازمة السودان عن زيادة مساهمة الولايات المتحدة فى العون الإنسانى بمبلغ ٢٠٠ مليون دولار ، ليتجاوز ال ٢ مليار دولار خلال العشرين شهر الماضية عمر الحرب العبثية وأعلن عن تخصيص مبلغ ٣٠ مليون دولار لدعم منظمات المجتمع المدنى السودانى التى مدح دورها فى حماية المدنيين .

(٣)

???? فى مقابل الحديث الطيب والمسئول من كل ممثلى الدول المتحدثين فى مجلس الأمن عن ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين
جاءت كلمة ممثل دولة روسيا مخيبة للآمال
ومعبرة عن إفلاس على المسرح الدولى ومتحدية للإرادة الدولية متوعدا بقطع الطريق أمام أى قرارات من مجلس الأمن الدولى لوقف الحرب ، ووصول المعونات للضحايا وحديث بتسفيه فكرة تأسيس حكم إنتقالى فى السودان بقيادة مدنية ، وقد بنى خطابه على أساس الحفاظ على سيادة السودان ، السيادة التى لا يعلم ممثل روسيا أنها تقوم على مسئولية حماية المدنيين ، دولة عاجزة عن حماية مواطنيها لاسيادة لها لإبادتهم ، لا يعلم ممثل روسيا أن السيادة ليست وجبة مجانية Free Meal بل ترتبط بواجبات وحقوق ، المضحك المبكى أن ممثل روسيا يدافع عن سيادة السودان ، فى الوقت الذى تنتهك قواته سيادة دولة جاره له فى أوكرانيا بغزو جائر على أراضيها ، نحن بإسم الشعب السودانى نعلن عن دعمنا ومساندتنا للهجمة البربرية الروسية على اراضيه ، وفرض الحرب والتشرد عليه من دولة لا تحترم حقوق حماية المدنيين مع جيرانها وتنتهك سيادتهم وتدافع فى ذات الوقت عن سيادة دول وشعوب أخرى فى مجلس الأمن الدولى .

(٤)
???? لقد عجز مجلس الأمن الدولى فى جلسته على المستوى الوزارى أمس فى الإجابة على أسئلة الساعة التى يطرحها الشعب السودانى وهو يواجه *النزوح واللجوء والمجاعة* *والموت بالقصف* *العشوائي*
* كيف يتم إجبار طرفى الحرب للجلوس على طاولة التفاوض لوقف القتال؟
* كيف يتم التدخل لحماية المدنيين بما يضمن الإلتزام بالقانون الإنسانى الدولى ؟؟
* كيف يتم ضمان عدم الإفلات من العقاب على كل جرائم الحرب الحالية والسابقة ؟
* كيف يتمكن مجلس الأمن من وقف تدفق السلاح لطرفى الحرب ؟
* كيف سيتمكن مجلس الأمن من محاصرة آثار حرب السودان من الإنتشار فى دول الجوار ومحاصرة آثارها من لجوء وإنزلاق فى حرب إقليمية ؟
*خمسة أسئلة محورية كانت على منضدة مجلس الأمن الدولى أمس الخميس ١٩ ديسمبر فى مواجهة الأزمة السودانية ، مازالت واقفة مكانها على باب المجلس تنتظر الإجابة ياسيادة الأمين العام للأمم المتحدة .

(٥)
????????ختامة
تزامنت جلسة مجلس الأمن الدولى أمس ١٩ ديسمبر مع يوم إعلان إستقلال السودان من داخل البرلمان ، الإستقلال الذى لم نتمكن من الحفاظ عليه
بإقامة دولة للعدالة والمواطنة المتساوية ، دولة قادرة على حماية مواطنيها وإحترام حقوق الإنسان ، والشعب اليوم بين
لاجئي ونازح ومحبوس كدروع بشرية تحت القصف العشوائي .
*نتطلع لعمل دولى جاد وحاسم بخصوص وقف الحرب فى السودان* بتفعيل تحالف الراغبين Alps وبتنسيق كامل مع الإتحاد الأفريقى والإتحاد الأوربى وحلف النيتو ، لفرض حظر كامل على الطيران No Fly Zone , وحظر كامل لتوريد السلاح لطرفى الحرب جواً وبحراً Arms Embargo ، هذه حلول ممكنة وأقل تكلفة ، وأكثر فاعلية لوقف جنون الحرب فى السودان ، ومواجهة نزق القادة وعدم مسئوليتهم بشكل عملى لحل الأزمة وليست إدارتها .

#لاللحرب
#لازم_تقيف
٢٠ ديسمبر ٢٠٢٤م

   

مقالات مشابهة

  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لإستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
  • الجرائم المتعلقة بالتعاون مع المليشيا وأعمال النهب
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
  • مجلس الأمن الدولى نادى للكلام وقِلة الأفعال
  • السودان يطلب من أمريكا تصنيف المليشيا مجموعة إرهابية والضغط على الإمارات لوقف مدها بشحنات السلاح
  • الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
  • تخيل! هناك من يصور انتصار المليشيا في الفاشر كأنه خلاص لباقي السودان
  • تحطيم صنم دولة الإستقلال
  • رسالة حادة من واشنطن للدول التي تدعم الأطراف المتحاربة بالسودان عسكريا