بوابة الوفد:
2024-12-23@00:07:31 GMT

المﻮت ﻓﻰ اﻧﺘﻈﺎر »ﻋﻠﺒﺔ دواء«

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

تفاقمت أزمة الدواء من جديد، واختفت أنواع عديدة من الصيدليات خاصة أدوية العديد من الأمراض المزمنة مثل القلب والسكر والضغط والمخ والأعصاب، وكان السبب الرئيسى فى هذه الأزمة هو نقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذى أدى إلى حدوث قفزة كبيرة فى أسعار الأدوية تجاوزت 90٪ فى بعض الأصناف، وطالت هذه الأزمة أكثر من 2000 صنف دوائى، معظمها مستوردة من الخارج، وأدى ارتفاع سعر الدولار إلى اختفاء العديد من الأصناف الأخرى من الأسواق، وهو ما انعكس على حالة المرضى الذين باتوا يحلمون بالعثور على «قرص العلاج» لتسكين آلامهم آملاً فى الشفاء.

وكانت «الوفد» قد نشرت تحقيقاً صحفياً فى 4 أغسطس الماضى تحت عنوان «نقص الأدوية... الموت البطىء»، نقلت فيه معاناة العديد من المرضى خاصة مرضى الغدة الدرقية من اختفاء دواء التروكسين، الذى أصبح العثور عليه حلماً يراودهم فى كل لحظة لإنقاذ حالاتهم المرضية من التدهور.

وبمرور الأيام لم تنجح الحكومة فى حل مشكلة نقص دواء التروكسين، ولكن طالت الأزمة أدوية أخرى خاصة بمرضى السكر والقلب والضغط والمخ والأعصاب، إضافة إلى بعض أدوية الأطفال حسبما أكد دكتور ثروت حجاج، عضو نقابة الصيادلة، موضحاً أن الأزمة مستمرة منذ عام 2016، والقصة ليست فقط فى نقص الدولار، وإنما فى ملف الأدوية الذى يجب أن يكون هناك اهتمام به أكثر من ذلك.

مأساة حقيقية يعيشها عدد كبير من المرضى الذين ارتبطت حياتهم بالأدوية التى وصفها الأطباء لهم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم فى مأزق بسبب نقصها، فاطمة السيدة الأربعينية، عانت من البحث عن دواء الغدة، ولكنها لم تفلح فى العثور عليه، وأكدت فى حديثها لـ«الوفد» أنها طلبت من معارفها وأصدقائها وجيرانها البحث عنه ولكن الرد كان واحد فى جميع الصيدليات وهو «ده ناقص ومش موجود».

أما مروة فكانت تمسك فى يدها روشتة الطبيب ومدونة فيها قطرة خاصة بالفطريات الجميع أكد أن سعرها بسيط لا يتجاوز 10 جنيهات، ولكنها غير متوافرة فى الصيدليات، كما أكدت أن الطبيب كتب لها عدة بدائل ولكنها غير متوافرة أيضاً وعلقت: «ولا الأساسى موجود ولا البديل متوافر».

ويقول إبراهيم إنه تردد على أكثر من صيدلية للحصول على دواء خاص بمرض السكر ولكنه غير متوافر، حالات أخرى باختلاف أمراضها تبحث عن الدواء المدون فى روشتة الطبيب على أمل أن يسكن أوجاعهم ويريح آلامهم ولكن يخرجون من الصيدليات محملين باليأس وخيبة الأمل بعد سماع الجملة التى باتت شهيرة وهى «الدواء ناقص».

 

الوزير يعترف

ورغم أن الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، اعترف فى تصريحاته إن هناك نقصاً فى بعض الأدوية المستوردة، مثل أدوية السكر والغدة الدرقية. مؤكداً وجود بديل محلى لهذه الأدوية الناقصة، إلا أن المرضى ما زالوا يعانون من هذا النقص.

ولفت الوزير إلى تشكيل لجنة مع هيئة الدواء المصرية والبنك المركزى وهيئة الشراء الموحد، لمتابعة الأمر، مضيفاً «أن بعض الناس متعودة على اسم دواء بعينه، وساعات بعض الأدوية تكون مش موجودة، لأنها مستوردة، ولكن البديل المحلى متوافر».

قفزة الأسعار

محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أوضح إنه منذ يناير 2023 حتى الآن تم تحريك أسعار أكثر من 2000 صنف دواء بنسب تتراوح ما بين 30٪ و90٪، مضيفاً أنه يوجد أصناف لها أكثر من تسعيرة تختلف من مكان لآخر، بسبب سوء نظام التسعير، مستشهداً بدواء للذبحة الصدرية توجد له ثلاثة أسعار فى السوق وهى 70 جنيهاً، و90 جنيهاً، و120 جنيهاً، وهذا ينطبق على عشرات الأصناف الأخرى.

وتابع «فؤاد» أن المشكلة بدأت بالأدوية نصف المستوردة، التى يتم تصنعيها فى الخارج، وتتم تعبئتها وتغلفها فى مصر، ثم جاءت أزمة الأدوية المستوردة التى أدت إلى ارتفاع مبالغ فى أسعارها، فبعض أنواع الأدوية المستوردة كانت تباع قبل الأزمة بـ70 جنيهاً أصبح سعرها الآن 290 جنيهاً، ومن ضمن الأصناف التى ارتفعت كثيراً أيضاً خلال الفترة الأخيرة، دواء بريانيل سى- آر والذى كان سعره 48 جنيهاً، وارتفع ليصل إلى 123 جنيهاً، كما ارتفع سعر تيتانوس مصل أنتى توكسين 1500 وحدة دولية من 285 جنيهاً إلى 425 جنيهاً، وارتفع سعر دواء زاكتاجيكت 1 جم وريد تحت الجلد من 70 جنيهاً إلى 201 جنيه، وبعد هذا الارتفاع اختفت العديد من الأدوية المستوردة تماماً نتيجة إحجام شركات الأدوية عن استيراد الأدوية من الخارج نظراً لعدم توافر السيولة الدولارية، ومنها أدوية خاصة بعلاج السرطان.

واستطرد «فؤاد»: إننا نعانى أزمة فى أمراض الدم، والتصلب المتعدد، وأدوية الهرمونات، وتطور الأمر الآن لدرجة خطيرة حيث وصل الأزمة للأنسولين المائى.

وأشار إلى أنه فى ظل وجود أزمة الدواء وتحريك الأسعار، نجد نقصاً فى بعض أصناف الدواء وارتفاع أسعار الأصناف الأخرى، ولم يتوقف الأمر على هذا الحد، بل وصل إلى نقص وجود سوق موازية تباع فيها الأدوية بأسعار مضاعفة.

طلب إحاطة

ونظراً لاختفاء العديد من أصناف الأدوية وتزايد معاناة المواطنين تقدمت النائبة سميرة الجزار؛ عضو مجلس النواب بطلب إحاطة لرئيس المجلس موجه إلى الحكومة بشأن هذه الظاهرة الخطيرة وهى اختفاء الأدوية وارتفاع أسعارها ما يعرض أصحاب الأمراض المزمنة للموت.

‏وقالت إن المرضى يعانون اختفاء بعض الأدوية المستوردة والأدوية المحلية التى بها المادة الفعالة مستوردة بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها، وبسؤال أصحاب الصيدليات علمت منهم أن الأسعار زادت بنسبة 40% وأن هناك نقصاً فى الكثير من الأدوية.

وأضافت الجزار أن هناك مشكلة فى استيراد الأدوية والمواد الخام التى تدخل فى صناعة الدواء المحلى ما أدى إلى عدم استقرار أسعارها، مطالبة بتوضيح سياسة وزارة الصحة فى صناعة الدواء والمتحكم فى تحديد أسعار الأدوية، وتساءلت على أى أساس يتم تحديد أسعار الأدوية؟ وهل مصانع الدواء والمستوردون هم المتحكمون فى الأسعار بدون تدخل الوزارة؟ ‏وهل هناك دور من الوزارة للرقابة على الأسعار فى ظل حرية السوق؟ وهل سياسة التعويم وارتفاع سعر الدولار هى السبب فى ارتفاع أسعار الأدوية؟

وأكملت: أحيطكم بأن الحكومة تخطت الخط الأحمر للأمن القومى بتعريض المواطنين لخطر الموت بسبب اختفاء الأدوية وعدم تمكن المواطنين من شرائها لارتفاع أسعارها بسبب السياسات المالية الخاطئة وتعويم الجنيه مرتين خلال عام واحد.

وتابعت: إن شركات الأدوية تقدمت بطلبات إلى هيئة الدواء المصرية لتحريك أسعار الأدوية التى تحقق خسائر بسبب إنتاجها بعد زيادة أسعار الدولار خاصة أن كل مستلزمات الإنتاج يتم استيرادها من الخارج فلماذا لا توفر الحكومة مستلزمات إنتاج الدواء للشركات وتتحمل فارق السعر بدلاً من أن يتحمله المواطنون؟

توطين الصناعة

ونظراً لتفاقم مشكلة الأدوية يرى الدكتور ياسر الهضيبى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، أن الحل يكمن فى ضرورة تعزيز جهود الدولة لتعميق صناعة الدواء، لتغطية احتياجات السوق المحلى والحد من الاعتماد على الاستيراد، والحد من مخاطر توقف الإمدادات فى أوقات الأزمات، كما حدث فى الموجة الأولى من جائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى تخفيض تكلفة صناعة الدواء، وهو ما يصب فى صالح الصناعة الوطنية والمستهلك.

وقال «الهضيبى» إن اتجاه الدولة نحو توطين صناعة الأدوية سيضمن توفير احتياجات المصانع من الخامات، وانتظام عمليات التوريد والإنتاج، وهو ما يسهم فى تنمية الإمكانات التصديرية لقطاع الدواء فى الأسواق العربية والإفريقية فى ظل تنامى الطلب العالمى على المستحضرات والمنتجات الدوائية، وبذلك تقطع مصر شوطا ًمهماً فى الوصول إلى حلم الـ100 مليار صادرات مصرية.

وطالب بتنمية مهارات ورفع كفاءة العاملين فى صناعة الدواء من خلال التعرف على التكنولوجيات الحديثة فى تصنيع الخامات والمستحضرات الدوائية، والتركيز فى المرحلة الأولى على إنتاج الأصناف الدوائية، التى يمكن أن تكون لمصر ميزة تنافسية فيها، على أن يتم التوسع فى إنتاج الخامات الأخرى تباعاً، مشدداً على ضرورة الوقوف على المشكلات التى تواجه القطاع ووضع حلول جذرية لها بما يسهم فى تعميق التصنيع المحلى، وزيادة حجم الصادرات.

وأشار إلى أهمية وضع عدد من المنتجات الدوائية على رأس أولويات الدولة عند تنفيذ خطة التوطين. وهى المنتجات التى تشكل ركيزة أساسية فى السوق المحلى مثل المستحضرات الحيوية، وأدوية السرطان والهرمونات وألبان الأطفال، بما يقلل من فاتورة الاستيراد ويخفف الضغط على موازنة الدولة وتوفير عبء تدبير العملة الصعبة، بالتزامن مع تقديم عدد من الحوافز المتعلقة بالإعفاءات الضريبية والجمركية للآلات والمعدات والأجهزة المشتراة بغرض الإنتاج أوالاستخدام.

وشدد «الهضيبى» على أهمية توطين صناعة المواد الخام التى تدخل فى صناعة الدواء، فى ظل تنامى سوق المواد الخام الفعالة العالمية، مشيراً إلى أهمية التركيز على تصنيع مجموعات معينة من المواد الفعالة باستخدام التكنولوجيا الحديثة لخلق ميزة تنافسية للصناعة الوطنية، والاستفادة مما تتمتع به الدولة المصرية من وجود قاعدة صناعية دوائية مصرية تعد الأقوى والأكبر فى القارة السمراء.

 

 

الدولار مطلوب

من ناحية أخرى أوضح الدكتور محيى الدين حافظ، رئيس شعبة الدواء باتحاد الصناعات، أن أزمة الدواء فى مصر لن تنتهى إلا بتوفير السيولة الدولارية اللازمة للإفراج عن المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

 

وأضاف فى تصريحات له: «نحن نواجه مشكلة فى ميزان المدفوعات فى مصر، وأن الدولة قامت بضخ 150 مليون دولار شهرياً لتوفير الدواء ومستلزماته، مشيراً إلى أن هذا المبلغ كاف لتوفير الأدوية الحيوية والأساسية، وهذه المسألة ترجع إلى تقييم الجهات لآلية الخروج، وتكمن المشكلة فى أن كل يوم تستقبل الموانئ شحنات جديدة تنتظر الإفراج، مؤكداً أن الدولة عازمة على إيجاد حل جذرى للمشكلة.

وتابع بأننا نواجه حاليا أزمة فى المخزون، وبصفة عامة لا يصلح تخزين الأدوية لمدة تتخطى 6 أشهر، فالدواء أثناء تصنيعه يمر برحلة طويلة تصل لعام بداية من توزيع ثم بيع حتى وصوله للمريض.

وقال الدكتور محمد شاهين، سكرتير شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن جميع الأدوية غير المتوافرة فى الأسواق حالياً لها الكثير من البدائل بنفس التأثير، موضحاً أنه يجب كتابة الأدوية وفق أسمائها العلمية وليس الاسم التجارى، وذلك لأن بعض الأصناف لها أكثر من بديل بنفس المادة الفعالة.

 

الصنف بسعرين

هذا وقالت آية عمر، دكتورة صيدلانية، إن هناك بعض شركات الأدوية تقوم بشطب الأسعار المدونة على علب الدواء وبيعها للصيدليات بأسعار أعلى من المكتوبة ما يسبب الكثير من المشاكل مع المرضى الذين يترددون على الصيدلية، ظناً منهم أن إدارة المكان هى التى تقوم برفع الأسعار وبيع الأدوية بأسعار أعلى من المدونة والمطبوعة على العبوة.

وواصلت: يوجد نوعان من المرضى، الأول يكون متفهماً الأمر والثانى يظن أن الصيدلى هو الذى حرك سعر الدواء من تلقاء نفسه.

وأشارت إلى أن هناك ارتفاعاً شديداً فى أسعار عدد من الأدوية بالإضافة إلى وجود أدوية حيوية خاصة بأمراض القلب والسكر والضغط والقولون اختفت من السوق.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: علبة دواء والسكر والسرطان المركز المصرى وزير الصحة الأدویة المستوردة أسعار الأدویة المواد الخام العدید من أکثر من

إقرأ أيضاً:

مصر أول دولة بإفريقيا تحقق "النضج الثالث" في تنظيم الأدوية واللقاحات


أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم /الجمعة/ اعتماد هيئة الدواء المصرية لمستوى النضج الثالث في السلطات التنظيمية، وذلك في إطار دعم الحكومة المصرية للارتقاء بالقطاع الدوائي، وتعزيز قدرة المؤسسات الوطنية على الحصول على الاعتمادات الدولية، بما يعزز مكانة مصر التنافسية في صناعة الدواء على المستوى العالمي


وأعرب وفد منظمة الصحة العالمية عن تقديره للتطورات والتحديثات التي شهدها قطاع الدواء في مصر خلال الآونة الأخيرة، مشيدًا بالجهود الاستثنائية والتقدم الملحوظ الذي أُحرز على صعيد تطوير نظام الرقابة الدوائية بفضل جهود هيئة الدواء المصرية.
كما أكدت المنظمة على الأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة الدواء ومؤسسات الدولة في مواكبة المستجدات العالمية، بما يعكس التزام مصر بتطبيق أعلى المعايير الرقابية الدولية.


وتضمن إعلان المنظمة بأن اجتياز هيئة الدواء المصرية لمتطلبات الاعتماد الدولي، وحصولها على مستوى النضج الثالث للمستحضرات الدوائية، يعد إنجازاً يعكس كفاءة النظام الرقابي المصري، وقدرته على ضمان جودة وأمان المستحضرات الطبية وفقًا للمعايير العالمية، ما يبرز قيام الهيئة بعدد من الإنجازات غير المسبوقة في المنطقة؛ لتصل إلى هذا الاعتماد في وقت قياسي وبمجهودات متميزة لم تشهدها المنظمة من قبل في المنطقة.


وتؤكد هذه النتائج ثقة المجتمع الدولي في نظام الرقابة الدوائية المصري، الذي أثبت قوته وتكامله على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، أعرب الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، عن سعادته الغامرة بهذا الاستحقاق العظيم، وقال: نهدي هذا الإنجاز التاريخي إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشعب مصر العظيم.
 

مقالات مشابهة

  • شعبة الأدوية: الأنسولين المصري أرخص من المستورد بنسبة 50%
  • مصر تتصدر الدول الإفريقية في تنظيم الأدوية واللقاحات
  • إطلاق مشروع دوانا لتتبع الأدوية المخدرة والمؤثرة على الصحة النفسية
  • إطلاق مشروع «دوانا» لتتبع الأدوية المخدرة والمؤثرة على الصحة النفسية
  • مساعد رئيس هيئة الدواء: الدولة تواكب التطورات لتتصدر صناعة الأدوية عالميا
  • مصر الأولى إفريقيًا بتنظيم الأدوية واللقاحات.. هيئة الدواء تكشف التفاصيل
  • المغرب.. أول دواء مصنوع من "القنب الهندي" لعلاج هذا المرض
  • مختبر “فارما 5” يعلن عن أول دواء جنيس مغربي مستخلص من القنب الهندي
  • مصر أول دولة بإفريقيا تحقق "النضج الثالث" في تنظيم الأدوية واللقاحات
  • سعره مليون سنتيم.. شركة مغربية تطرح دواءً مصنوعاً بالقنب الهندي