إعادة تبادل السفراء بين الجزائر ومالي.. هل ينهي الخلافات بين البلدين؟
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
كشفت مصادر إعلامية وسياسية جزائرية مطلعة النقاب عن زيارة مرتقبة لوفد من حكومة باماكو إلى الجزائر بغية توضيح موقف السلطة الانتقالية من اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر عام 2015.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "الخبر" الجزائرية، اليوم أكدت فيه تزايد مؤشرات خفض التوتر بين الجزائر وباماكو، بعد عودة السفيرين بعد أسبوعين من استدعائهما.
وقررت الجزائر ومالي إعادة سفيريهما إلى مهامهما بعد استدعائهما على خلفية أزمة سياسية غير مسبوقة.
وعاد سفير الجزائر لدى مالي، الحواس رياش، إلى السفارة في باماكو الجمعة الماضي، فيما عاد السفير المالي إلى الجزائر الإثنين، حيث يرتقب أن يشرع في الترتيب لزيارة وفد رفيع المستوى من الحكومة المالية إلى الجزائر بغرض إنهاء الأزمة ومناقشة الخطوات التي أقدمت عليها السلطة الانتقالية في باماكو بشأن مسألة اتفاق السلام في مالي.
ووفق الصحيفة فإن الزيارة تصب في سياق تقديم السلطة الانتقالية توضيحات بشأن موقفها من تطبيق اتفاق الجزائر، في وقت تتعرض الحكومة المالية لضغوط من جماعات موالية للحكم للتنصل بصفة رسمية من الاتفاق، حيث طالبت لجنة تابعة لحركة 5 جوان المسماة تجمع القوى الوطنية، المقربة من رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا، الحكومة بالتنديد باتفاق السلام والمصالحة الناتج عن مسار الجزائر.
وقالت، في بيان لها إن "الاتفاق أظهر محدوديته"، مطالبة بالنظر في سبل أخرى لتحقيق الوحدة الوطنية وشجعت في السياق مبادرة الحوار الوطني. وعشية العام الجديد أعلن غويتا عن مشروع وطني يفضى إلى عقد حوار مالي مباشر من أجل السلام والمصالحة على أن يكون ملكية وطنية دون المرور بأي وساطة خارجية، في إشارة منه إلى اتفاقية الجزائر عام 2015.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور عبد القادر عبد العالي، تأكيده أن عودة السفير الجزائري إلى مالي وبالمقابل عودة السفير المالي إلى الجزائر مؤشر واضح على خفض التوتر بين البلدين، واعتبر أن "هذا يعكس مكانة الجزائر بالنسبة لمالي كوسيط في النزاعات الداخلية وطرف تحتاج إليه سلطات باماكو، الذي طالما كانت تلجأ إليه سلطات مالي الحاكمة حين تتعقد الأزمات الداخلية والإقليمية لمالي".
وأضاف: "هو مؤشر أيضا على احتمال تراجع حكومة مالي عن توجهها المتشدد تجاه خلافها مع فواعل إقليم أزواد، خاصة أن استمرار الحرب في هذا الإقليم قد يؤدي إلى إضعاف قدرات نظام مالي العسكري ويطرح مخاطر تعدد جبهات الصراع التي سيواجهها مستقبلا إذا لم يجد حلا نهائيا لمشكلته مع الأزواد يقترب من مقترحات الجزائر".
ولكن الديبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، قلل من الرهان على استعادة السفراء بين الجزائر وباماكو، وأكد في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن امكانية عودة الماليين إلى اتفاق الجزائر 2015 لم يعد واردا بالنظر إلى الدور الروسي والإماراتي الذي أصبح مركزيا.
وأشار زيتوت إلى أنالإمارات معنية بالحزام الرابط من بورتسودان إلى نواذيبو.. والذي تبلغ مساحته 6 إلى 7 مليون كلم مربع.. وهو الخط الذهبي في العالم الذي يحتوي الذهب واليورانيوم.. وهو خط استراتيجي على المستوى العالمي"..
ووفق زيتوت فإن هدف الإمارات ومن ورائها إسرائيل هو فصل الشمال الإفريقي عن إفر يقيا السوداء، ومحاصرة دول الشمال الإفريقي إذا دعت الحاجة لذلك، وفق تعبيره.
وشهدت العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي "هزة" غير مسبوقة، عقب استقبال الجزائر ممثلين عن حركات الطوارق المناوئين للسلطات في باماكو، وذلك في إطار مهمتها كوسيط بين الجانبين.
شرارة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين اندلعت في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما استدعت مالي سفير الجزائر لديها للتشاور، احتجاجًا على ما وصفته تدخلا في الشأن الداخلي المالي، وما كان من الجزائر إلا أن ردّت بالمثل في غضون ساعات، في تطور لم يسبق أن بلغته العلاقات بين الدولتين منذ استقلالهما.
"التدخل في الشأن الداخلي" الذي اعترضت عليه مالي، تمثل باستقبال الجزائر لقادة وممثلين عن حركات الطوارق التي تمردت سابقا على نظام باماكو، وذلك في إطار دورها كدولة تقود لجنة المتابعة لتنفيذ بنود اتفاق السلام الموقع بين الطرفين عام 2015، ويسمى "اتفاق الجزائر".
حيث استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإمام محمود ديكو، وهو رجل دين يوصف بصانع الرؤساء في مالي، ومعروف بانتقاده الدائم للمرحلة الانتقالية بقيادة الجيش.
خارجية مالي وصفت هذه اللقاءات بأنها "اجتماعات متكررة تعقد في الجزائر دون أدنى علم لدى السلطات المالية، مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية من جهة، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة على اتفاق 2015، التي اختارت المعسكر الإرهابي"، على حد وصفها.
وكان التحرك الجزائري قد جاء إثر نشوب مواجهات شمال مالي قبل عدة أسابيع، بين هذه الجماعات المسلحة والجيش النظامي في شمال البلاد، وخرق اتفاق وقف إطلاق النار لأول مرة منذ توقيعه، ما دفع قوات حركات الأزواد لمغادرة عاصمة الشمال كيدال.
الخارجية الجزائرية قالت في بيان لدى استدعائها سفير مالي، إن الوزير أحمد عطاف "أكد أن المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن في مالي، كانت مبنية على تمسك الجزائر بسيادة مالي".
ومنذ سنوات تدفع الجزائر بعشرات الآلاف من عناصر الجيش نحو حدودها الجنوبية وخصوصا مالي والنيجر، والشرقية مع ليبيا بسبب الوضع الأمني غير المستقر بهذه الدول، وتصاعد ما تقول السلطات إنه نشاط جماعات إرهابية مسلحة، على غرار ما يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وحركات أخرى تنشط في تهريب السلاح والمخدرات عبر الحدود.
وكانت مدينة مراكش المغربية قد استضافت أواخر ديسمبر / كانون الأول الماضي المبادرة الدولية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
وشارك في المبادرة بالإضافة إلى المغرب بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائر مالي العلاقات الجزائر علاقات مالي آفاق المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى الجزائر بین الجزائر
إقرأ أيضاً:
ما وراء لقاءات عيدروس الزبيدي المكثفة مع السفراء الأجانب في الرياض؟
تكثفت لقاءات عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في العاصمة السعودية الرياض مؤخرا، مع سفراء ودبلوماسيين أجانب، وذلك على وقع تطورات في المشهد اليمني، ورغبة سعودية لترتيب أوراقها، قبيل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب للبيض الأبيض في يناير القادم.
الزبيدي التقى في الرياض عدة سفراء أجانب، وبحث معهم العديد من القضايا، أبرزها عملية السلام في اليمن، والأحداث في البحر الأحمر، وممارسات جماعة الحوثي.
وبدا واضحا تصدير الزبيدي من العاصمة السعودية الرياض للواجهة مرة أخرى، بعد أن ظل لفترة طويلة بعيدا عن الحضور الدبلوماسي للحكومة اليمنية، واقتصار ذلك على رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
لقاءات الزبيدي كانت مع سفراء لدول مؤثرة في ملف اليمن، كالصين وروسيا، وأخرى لها علاقات بعدة قضايا متصلة في اليمن، كالهند، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وأستراليا، وغيرهم.
هذه اللقاءات تأتي متسقة مع لقاءات أخرى للزبيدي، أبرزها مع حزب الإصلاح، وذلك في لقاء عقد مؤخرا، وتناول العديد من القضايا، وهدف لتقريب وجهات النظر، وتوحيد الجهود المشتركة، ومواجهة جماعة الحوثيين.
تشير هذه اللقاءات مع الزبيدي إلى تحضيرات ربما يجري تهيئتها خلال الفترة المقبلة، وقد تكون متصلة بالوضع في المحافظات التابعة للحكومة اليمنية، خاصة في عدن، ومن ذلك التنسيق لمواجهة محتملة مع جماعة الحوثي، إما بحرا، عبر السواحل اليمنية، أو برا، عبر نقاط التماس مع الجماعة.
ومن المرجح أيضا أن يتعلق الأمر بإذابة الخلافات بين مكونات مجلس القيادة الرئاسي، وذلك بعد تصاعد الأصوات التي تتحدث عن تباين داخل أروقة المجلس، والافتراق تجاه قضايا كثيرة، وهو ما تحدث عنه عضو المجلس فرج البحسني أكثر من مرة.
أطراف يمنية أشارت إلى أن لقاء الزبيدي بحزب الإصلاح، وسفراء أجانب يأتي في سياق عودة جلسة مجلس النواب في عدن، وهو ما كان يرفضه الانتقالي من قبل، ويعارض أي عودة محتملة للبرلمان، ونوه إليه فريق الخبراء الأممي، متهما الانتقالي بمنع انعقاد جلسات البرلمان، والدفع بهئة التشاور والمصالحة إلى الواجهة ككيان بديل.
هذه التحركات للزبيدي تنشط في العاصمة السعودية الرياض، وتقف السعودية خلفها بشكل كبير، وتسعى جاهدة لهندسة المشهد في اليمن، قبيل عودة ترمب للبيت الأبيض، خصوصا بعد المؤشرات الأولية لهوية الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستعمل مع ترمب، وأغلبها يبادل إيران العداء، ويحرض على مواجهة أذرعها في المنطقة.
يفضل المجلس الانتقالي حاليا الصمت تجاه طبيعة هذه التحركات، ومثله تفعل الحكومة، ومجلس القيادة الرئاسي، لكن هذا لم يعد يخفي أن ثمة تحركات تمضي في هذا الإطار، ولم يعد سوى الوقت فقط لتبيان إن كان الأمر يتعلق بترتيب قادمة، أم احتواء الخلافات، أم خوض معركة عسكرية مباشرة.