السياسة العمانية.. تمسك بالمبادئ الثابتة في قضايا الأمة الراهنة
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
منذ انطلاقة نهضة عُمان الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو 1970، سارت السياسة العمانية في تعاطيها مع القضايا العربية والدولية، وفق المصالح العليا والأساسية للوطن العماني، والتمسك بمبدأ الانتماء المصيري لأمتها العربية، وقضاياها المبدئية الثابتة، وفي إطار ما تم الاتفاق عليه في العمل العربي المشترك، والإجماع عليه في ضوء السياسات القائمة، سواء ما تم في قرارات القمم العربية والخليجية، أو في ما وضعته الجامعة العربية، من قرارات وتوصيات تعزز المواثيق والاتفاقيات التي تدعم الحقوق العربية العادلة، وأهمها قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية، بما تمثله من حقوق ثابتة، ليس على المستوى العربي فقط، لكن هذه الحقوق معترف بها في المنظمات الدولية وغالبية دول العالم منذ عام 1948.
فهذه المواقف الثابتة في سياسة بلادنا، هي سياسة لا تقبل القسمة على اثنين ولا تلعب سياستها بوجهين، ولا تقيس الأمور بعيدا عن الحقائق الناصعة التي يتم فيها الفرز الصحيح بين الحق والباطل، في قضايا واضحة وثابتة قانونا، وهي ما جعلته المنظمة الدولية من الثوابت في القوانين التي تم وضعها بعد إنشاء هذه المنظمة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا ما يجب التمسك به ليكون الحق والعدل والإنصاف، طريقا للاستقرار والسلام في كل القضايا العالقة والخافتة، بدلا من استعمال الحروب والصراعات والتوترات، التي تزيد من الأزمات ولا توقفها، وفي افتتاح انعقاد الدورة الثامنة لمجلس عُمان في نوفمبر العام المنصرم، أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ على المبادئ الثابتة في الحق الفلسطيني العادل، وفي قضية الحرب على غزة، واستهداف المدنيين والحصار الذي استمر أكثر من عقد ونصف العقد، وقال جلالته ـ أيده الله: «إننا إذ نُتابعُ بِكُل أسى ما يتعرض له الأشقاء في فلسطين المحتلة، من عدوان إسرائيلي غاشم، وحصار جائر؛ لَنُؤكّدُ على مبادئنا الثابتة لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ومؤكدين على ضرورة تَحَمُّل المجتمعِ الدولي مسؤولياته والتزاماته تجاهَ القضية الفلسطينية، والمسارعة في إيجاد حلول جذرية لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وبذلك يَعُمُّ السلامُ في منطقتنا ويَنعم العالم أجمع بالأمن والأمان. ونود هنا أن نؤكد على ثوابتنا السياسية المبنية على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وعلى إرساء نظام عادل لتبادل المنافعِ والمصالح، وعلى إقامة أسس الاستقرار والسلام والإسهام فيها بإيجابية».
كما أن بلادنا أشرت في كتابات ومناسبات قبل ذلك، اتخذت سياسة محددة وثابتة ومستمرة في القضايا المصيرية، وأنها تقوم بالدعم الكامل للنضال الفلسطيني في مختلف الأصعدة والمستويات، وعلى تأييد كل ما من شأنه أن يقرب من التوصل إلى حل شامل ودائم وعادل في إطار الشرعية الدولية ليعاد الحق السليب إلى أصحابه الشرعيين، ونتذكر عند قيام حرب أكتوبر 1973م وقفت سلطنة عمان وقفة شجاعة، داعمة للحق العربي السليب، وساندت جمهورية مصر العربية وسوريا ضمن المواقف العربية المؤيدة للحق العربي، لإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة وضد العدوان، فقال السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه: «إننا جزء من الأمة العربية تربطنا وحدة الهدف والمصير قبل أن يجمعنا ميثاق الجامعة العربية، وموقفنا من القضايا العربية واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض، وقد أعربنا عن تضامننا مع أخوتنا العرب بكل ما نستطيع وأبدى الشعب العماني روحا أصيلة في الوقوف ضد العدوان الصهيوني، وتأييد الحق العربي في استعادة جميع الأراضي العربية التي اغتصبها العدو بالقوة والغدر والإرهاب. وسنبقى دائما مؤيدين للحق العربي ندعمه بالدم والمال ونسانده بكل طاقاتنا حتى يعود الحق إلى نصابه وترتفع أعلام النصر على الرؤوس بعون الله». ولا شك أن هذه السياسة العمانية المعلنة، لا تتخذ سياسات متقلبة أو متسرعة في التطورات السياسية التي تحدث في العالم، قبل أن تتم لها الدراسة العميقة، لكل الأمور والمستجدات التي تستدعي رأيا معينا وإيجابيا كما تراه، وهذه من ركائز هذه السياسة التي تنتهجها سلطنة عمان، وحافظت عليها بصفة دائمة، وعرفت بها في كل المحافل الدولية، ومنها توسيع قاعدة الأصدقاء في العالم.
فالسياسة العمانية الخارجية الثابتة اتجهت الاتجاه المتوازن، وتعاطت مع كل التحولات والصراعات الدولية، بمنطق الإسهام في الحلول السلمية في الخلافات والتوترات التي تحدث بين الدول بين الوقت والآخر، ومنها نشوب العديد من حروب والتوترات في المنطقة العربية والدولية، لأسباب سياسية واقتصادية وحل الخلافات الحدودية، وغيرها من الخلافات والصراعات، ومن هذه المنطلقات السياسية المبدئية التي سارت عليها سلطنة عمان، أنها نأت بنفسها عن سياسة المحاور والخلافات الإقليمية والدولية بما يجنبها اتخاذ مواقف ليست منطقية أو داخلة في ثوابتها الأساسية، ولاقت هذه السياسة التقدير والاحترام في المؤتمرات واللقاءات التي تجري عادة، وعندما كنا نشارك كعمانيين في هذه الملتقيات الإقليمية، في مناسبات خارج سلطنة عمان، كنا نسمع التقدير الكبير لهذه السياسة، من بعض الباحثين والأكاديميين المتابعين والمهتمين بسياسة المنطقة والآراء السياسية الرسمية، التي تنطلق منها تجاه الأحداث التي في المنطقة وخارجها، وما لسياسة بلادنا في كل القضايا، وكانت الحكمة والعقلانية التي تميزت بها، وكذلك جهودها الدبلوماسية، لحل الخلافات البينية بين الكثير من الدول، والإسهام في وقف التوترات والنزاعات التي تحدث، ولا تزال هذه السياسة ثابتة، سار عليها السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ تغمده الله بالرحمة والمغفرة ـ منذ توليه مقاليد الحكم عام 1970، وأكد على هذه السياسة جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه. وقد استطاعت هذه السياسة، أن تحظى بتقدير واحترام العالم، لما قامت به من جهود سياسية ودبلوماسية، على مختلف المستويات، لتقريب وجهات النظر، وإطفاء الحرائق السياسية في بعض القارات، وحققت الدبلوماسية العمانية، نجاحات كبيرة..منها حل الخلاف حول المفاعل النووي بين الولايات المتحدة وإيران ـ وإن لم يكتب لهذا الاتفاق النجاح بعد وصول الحزب الجمهوري لحكم الولايات المتحدة ـ لكن الاتفاق جمّد أزمة سياسية كادت أن تتحول إلى ما هو أخطر في هذه المنطقة، فالسياسة العمانية قامت على أسس ومبادئ ثابتة، وانطلقت من مرتكزات لا تحيد عنها، فالحفاظ على هويتها العربية الإسلامية دفعها إلى اتباع هذه السياسة. ولا شك أن السياسة العمانية، في كل القضايا العربية والدولية، سارت بمنهج من الواقعية والمصداقية، تجاه كل القضايا العالقة في مسيرة الأمة العربية، والموقف من قضايا الأمة وظروفها، محل اهتمام السلطنة ومتابعتها، بما يعبر بحق عن المشاركة الفعالة، لكل المستجدات والتطورات، وقد عبرّ جلالته عن هذا الموقف الثابت في السياسة العمانية في أكثر من مناسبة، واليوم تحتفل بلادنا بمرور أربعة أعوام على تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ وفقه الله -، والذي يسير بنهضة عُمان المتجددة، بنفس النهج القويم والحكمة الثاقبة، في إدارة السياسة العمانية على كل الأصعدة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهذا المحور الأخير حظي باهتمام بالغ من قيادتنا الحكيمة من أجل الحياة الكريمة لهذا الشعب، من خلال قوانين ونظم (الحماية الاجتماعية)، وغيرها من المهام التي ستكون في صالح الشعب العماني ورفاهيته بإذن الله.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السیاسة العمانیة هذه السیاسة سلطنة عمان کل القضایا
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة يهنئ الأمة الإسلامية بحلول شهر رمضان .. فيديو
وقال قائد الثورة في كلمته اليوم استقبالا لشهر رمضان المبارك" نؤكد ثبات موقفنا والتزامنا الديني والإنساني والأخلاقي في نصرة الشعب الفلسطيني وإخوتنا المجاهدين في الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام، ونحن نراقب ونرصد المحاولات الإسرائيلية في التهرب من وقف إطلاق النار ومحاولة الالتفاف على استحقاقات المرحلة الثانية".
تهنئة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي"يحفظه الله" للأمة العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك تطرق فيها إلى مواقف مهمة لأبرز التطورات الإقليمية والدولية.
pic.twitter.com/ScCiaqWE86
وأكد أن عودة الحرب على غزة والعدوان عليها سيصاحبه عودة كل كيان العدو وفي المقدمة يافا المحتلة المسماة "تل أبيب" تحت النار، وسنعود ونتدخل بالإسناد العسكري في مختلف المسارات العسكرية.
وأضاف" نؤكد بالقدر نفسه ومن المنطلق الإيماني والديني والأخلاقي والإنساني ثبات موقفنا في مساندة أخوتنا في حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان والشعب اللبناني، ونحن نرصد استمرار العدو في الاعتداءات اليومية وعدم وفائه بما عليه من التزامات بالانسحاب التام من جنوب لبنان، ومحاولته الاستمرار في احتلال مواقع في الأراضي اللبنانية بذريعة تافهة ووقحة هي الأذن الأمريكي، وهي ذريعة تعبر عن مدى الطغيان الأمريكي وعن حجم الاستباحة لأمتنا الإسلامية في العالم العربي وفي غيره".
وحذر السيد القائد من استمرار العدو في الاحتلال والاعتداء.. مضيفا " نقول لأخوتنا المجاهدين في فلسطين وفي لبنان لستم وحدكم فالله معكم، ونحن معكم".
ونصح كل الحاقدين والطامعين من الصهاينة ومن يدور في فلكهم أن يصححوا نظرتهم الخاطئة وتقديراتهم المغلوطة عن الوضع في لبنان، وأن يدركوا أن التشييع التاريخي والمهيب لسماحة شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله ورفيق دربه السيد الهاشمي رضوان الله عليهما، يؤكد ثبات الشعب اللبناني على خيار المقاومة، واحتضانه للمجاهدين كما يؤكد تعافي المقاومة وحضورها المتجذر وتماسكها التام.
كما أكد قائد الثورة " أن حجم التضحيات الكبرى للقادة والمجاهدين في فلسطين وفي لبنان إنما يزيد المؤمنين ثباتا وعزما وقوة إرادة واستعدادا أكبر للتضحية في سبيل الله تعالى وثقة أيضا به جل شأنه وبنصره".