قلبت الهجمات التي يستهدف بها أنصار الله السفن التجارية في البحر الأحمر حركة الملاحة العالمية رأسا على عقب، وقد تمتد هذه الاضطرابات إلى الاقتصاد العالمي تقريبا.

ويقول الكاتب نواه بيرمان في تحليل نشره «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكي: إنه منذ منتصف نوفمبر 2023، أطلقت جماعة أنصار الله هجمات على عشرات السفن التجارية في البحر الأحمر، وليس هناك ما يشير إلى تراجع هذه الهجمات.

ويشكل إعراض شركات الشحن العالمية عن المنطقة الآن إعاقة لسلاسل التوريد وزيادة في أسعار المستهلكين، فيما بدأت معدلات التضخم العالمية في الانحسار.

وأعلنت أمريكا مبادرة أمنية دولية لتوفير الحماية للسفن التجارية في البحر الأحمر، ولكن خبراء يرون أن هذه الجهود لا ترقى إلى مستوى الردع اللازم، ويساور القلق آخرين من أن الرد القوي قد يدفع المنطقة إلى صراع أوسع نطاقا.

وتقول أنصار الله: إن هجماتهم تستهدف سفنا تتعلق بمصالح جيش الاحتلال الصهيوني، وإنها ستستمر حتى توقف قوات الاحتلال حربها على قطاع غزة. ولكن من الناحية العملية، يشار إلى أن عمليات الشحن البحري تتسم بالغموض على نحو سيئ السمعة، حيث إنه في الغالب تختلف ملكية السفينة والقائمين على تشغيلها، وجنسية الطاقم، وموقع تسجيلها. وفي خضم الخوف من الهجمات، أعلنت شركات الشحن الكبرى، وبينها مولر ميرسك العالمية الرائدة، خططا لتحاشي المرور في البحر الأحمر وقناة السويس، مما أدى إلى تحويل نحو 200 مليار دولار من التجارة العالمية عن هذا الطريق.

والسؤال المطروح هو: كيف يمكن للهجمات التأثير على الاقتصاد العالمي؟ يشير بيرمان في تحليله إلى أن البحر الأحمر يعد واحدا من الشرايين الرئيسية لنظام الشحن العالمي، حيث يمر عبره ثلث إجمالي حركة الحاويات في العالم، ومن شأن أي اضطراب متواصل في التجارة يقع هناك أن يسفر عن تأثير مضاعف لارتفاع التكاليف في جميع أوصال الاقتصاد العالمي. وبشكل خاص، ينطبق ذلك على قطاع الطاقة: حيث يمر 12% من النفط المنقول عبر مياه البحر عبر قناة السويس، وكذلك 8% من الغاز الطبيعي المسال.

ويرى بيرمان أن تحاشي المرور في البحر الأحمر يعني التخلي عن أحد طرق الشحن العالمية بين آسيا وأوروبا، حيث يمر حوالي 40% من التجارة بين الجانبين عبر البحر. والبديل هو الدوران حول إفريقيا (طريق رأس الرجاء الصالح)، مما يكلف الصفقة مليون دولار إضافية ذهابا وإيابا، في شكل تكاليف وقود إضافية. ورغم ذلك، اختارت أكثر من 150 سفينة تجارية المسار الأطول منذ نوفمبر. وإضافة إلى ذلك، ارتفعت أقساط التأمين على السفن التي تبحر في البحر الأحمر إلى ما يقرب من عشرة أمثال منذ بدء الهجمات.

وتقوم شركات الشحن من جانبها بتمرير الزيادة في التكاليف على الزبائن، وأعلنت شركة الشحن الفرنسية العملاقة "سي إم أيه سي جي إم"، وهي ثاني أكبر شركة شحن في العالم من حيث حصتها في السوق، اعتزامها زيادة الرسوم بمقدار الضعف اعتبارا من 15 يناير الجاري لعمليات الشحن بين آسيا والبحر المتوسط.

ويؤكد بيرمان أن ضربات أنصار الله ليست سوى الحلقة الأحدث في سلسلة من الاضطرابات التي سلطت الضوء على الطبيعة المتداخلة للشحن ودوره بالغ الأهمية في الاقتصاد العالمي.

ولكن حتى أوائل يناير الجاري، لم تسفر هذه المساعي بعد عن زيادات كبيرة في الأسعار بالنسبة للمستهلكين، في أسواق الطاقة على نحو خاص، فلا يزال سعر مزيج برنت، الذي يستخدم كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي، أقل من المتوسط في شهر أكتوبر، رغم ارتفاعه في أعقاب الهجمات الكبرى.

ويشير بيرمان إلى ما ذكره زونج يوان زوي ليو، زميل مجلس العلاقات الخارجية، من أن أوروبا سوف تشعر بضغوط اقتصادية أسرع من أمريكا، حيث إن البحر الأحمر هو الطريق الوحيد إلى قناة السويس، التي تربط بعضا من أكبر مستهلكي السلع القابلة للتداول، في أوروبا بالموردين في آسيا.

ولكن ما هو الحل؟ يقول بيرمان: إنه من أجل ضمان حرية الملاحة، وهو ما كان على مدار فترة طويلة أحد الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية، قادت الولايات المتحدة قوة عمل بحرية من عشرين دولة لحماية السفن التجارية المارة في البحر الأحمر وخليج عدن، وقامت بنشر حاملات طائرات في المنطقة.

وصارت حماية السفن التجارية في البحر الأحمر أصعب حاليا من أي وقت مضى، كما يقول الزميل العسكري في مجلس العلاقات الخارجية، جون بي. بارينتوس، الذي تولى قيادة سفن في المنطقة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التجاریة فی البحر الأحمر الاقتصاد العالمی السفن التجاریة الشحن العالمی أنصار الله

إقرأ أيضاً:

مصر.. انسحاب شركات عالمية من التنقيب في البحر الأحمر

يمن مونيتور/قسم الأخبار

أعلن مسؤول مصري عن انسحاب ثلاث شركات نفط عالمية من مناطق امتيازها للتنقيب عن الغاز في البحر الأحمر، بعد نتائج غير مشجعة للمسوح الزلزالية في المنطقة.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ”بلومبرغ” إن شركات “شل” الهولندية البريطانية و”شيفرون” الأمريكية و”مبادلة” الإماراتية أبلغت شركة جنوب الوادي القابضة للبترول التابعة لوزارة البترول المصرية بنتائج المرحلة الثانية من عمليات المسح السيزمي التي أظهرت عدم جدوى اقتصادية للتنقيب في هذه المناطق.

من جهته، أوضح مسؤول في شركة “شل مصر” أن قرار الانسحاب يأتي في إطار استراتيجية الشركة للتركيز على عمليات الاستكشاف في منطقة البحر المتوسط، مشيراً إلى أن نتائج المسح السيزمي في البحر الأحمر لم تكن بالمستوى المطلوب.

وقال المسؤول الحكومي إن الجهات المعنية ستقوم بإعادة تقييم الوضع الحالي للمناطق الاستكشافية في البحر الأحمر، ودراسة إمكانية طرحها مجدداً على شركات البترول العالمية خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن هناك شركات أخرى أبدت اهتماماً بالمنطقة رغم الحاجة لمزيد من الدراسات.

يأتي هذا القرار بعد حصول الشركات الثلاث على حقوق التنقيب في أول مزايدة عالمية للبترول والغاز في البحر الأحمر طرحتها مصر عام 2019، حيث فازت الشركات بمناطق امتياز تزيد مساحتها عن 10 آلاف كيلومتر مربع، مع التزام باستثمارات أولية تقدر بـ326 مليون دولار كان من المقرر زيادتها إلى مليارات في حال تحقيق اكتشافات تجارية.

وكانت شركة “شل” قد حصلت على امتياز قطاعي الاستكشاف 3 و4 في المزايدة، حيث تعمل كمشغل رئيسي في المنطقتين. وطبقاً للاتفاقيات الموقعة، كان من المفترض أن تستثمر الشركة أكثر من 120 مليون دولار لحفر بئرين استكشافيين في مناطق امتيازها بالبحر الأحمر.

يذكر أن مصر تسعى لتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك الذي يبلغ 6.2 مليار قدم مكعبة يومياً مقابل إنتاج محلي يصل إلى 4.6 مليار قدم مكعبة. وقد قدمت الحكومة المصرية مؤخراً حزمة حوافز للشركات الأجنبية تشمل السماح بتصدير جزء من الإنتاج الجديد ورفع أسعار الحصص المخصصة للشركات، في محاولة لزيادة جذب الاستثمارات في قطاع الطاقة.

المصدر: بلومبرغ

 

 

 

مقالات مشابهة

  • بحضور أحمد بن سعيد ..انطلاق منتدى الشحن العالمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي
  • هجمات منسقة على عدة سجون فرنسية.. ووزير العدل: «ترهيب منظم»
  • نيجيريا: مقتل 47 شخصا على الأقل في نزاعات عرقية بولاية بلاتو
  • مصر.. انسحاب شركات عالمية من التنقيب في البحر الأحمر
  • الصين تتهم عملاء أميركيين بتنفيذ هجمات سيبرانية.. وتحددهم
  • الصين تتهم الحكومة الأمريكية بتنفيذ هجمات رقمية استهدفت بنى تحتية حيوية
  • ينافي المزاعم الامريكية.. ارتفاع حركة سفن الشحن التجاري في البحر الأحمر
  • غدًا.. بدء تطبيق قرار وقف الصيد في البحر الأحمر
  • هجمات دامية على «مخيمات النازحين» في السودان.. إدانات عربية ودولية واسعة
  • السعودية تعلن موقفها من هجمات الدعم السريع على معسكري زمزم وأبوشوك