قررت شركة الشحن الدنماركية "ميرسك"، تحويل مسار جميع سفنها لنقل الحاويات، بعيدا عن البحر الأحمر واستبداله بطريق رأس الرجاء الصالح خلال "المستقبل القريب"، منبهة عملائها بضرورة الاستعداد لتعطيل ضخم، في ظل هجمات ينفذها الحوثيون اليمنيون تضامنًا مع غزة وتحدث بلبلة في حركة التجارة الدولية.

في الوقت الذي كشفت فيه شركة الشحن الألمانية "هاباج-لويد"، عن زيادة كبيرة في تكاليف تحويل مسار السفن.

وأفادت الشركة في بيان، أن "كل سفن ميرسك التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، سيتمّ تحويل مسارها الى الجنوب حول رأس الرجاء الصالح في المستقبل القريب"، مشيرة إلى أن "كل المعلومات المتوافرة تؤكد أن الخطر الأمني يبقى عند مستوى مرتفع بشكل ملحوظ" في البحر الأحمر.

وكانت "ميرسك"، أعلنت الثلاثاء أن اسطولها لن يستأنف عبور مضيق باب المندب الإستراتيجي بعد تعليق مروره الأحد، إثر هجوم للحوثيين على إحدى سفنها، كان الثاني في أقل من شهر.

لكن 5 سفن من "ميرسك" متوجهة نحو آسيا كانت قد عبرت بالفعل قناة السويس من الشمال وتوجهت إلى الجنوب قبالة اليمن، حينما أُعلن الوقف المؤقت، ما أدى إلى بقاء أطقم السفن وعشرات الآلاف من الحاويات في البحر بلا وجهة.

وأظهر جدول زمني لشركة "ميرسك"، أن سفن الحاويات "ميرسك جنوة" و"ميرسك لوندرينا" و"إبا ميرسك" و"غيرترود ميرسك"، التي كانت راسية في البحر الأحمر إلى الجنوب من ميناء جدة السعودي، في الأيام القليلة الماضية تغيَّر مسارها، الخميس، لتمر من طريق رأس الرجاء الصالح.

اقرأ أيضاً

هل تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها تأمين البحر الأحمر من هجمات الحوثيين؟

ولم يجر تغيير مسار سفينة خامسة هي "ميرسك يوتا"، التي كانت عالقة في المنطقة أيضا، لكن متحدثا باسم الشركة قال إنها لن تبحر قبالة اليمن.

وبذلك تتخلى أكبر شركات الشحن في العالم، عن طريق قناة السويس التي تربط آسيا وأوروبا، على الرغم من الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز الأمن البحري في المنطقة، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، وترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرّضت 25 سفينة تجارية كان تبحر في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن إلى هجمات.

وقالت "ميرسك" متوجهةً إلى زبائنها: "ندرك التأثير المحتمل لهذا القرار على عملياتكم اللوجستية، لكنّنا نؤكد لكم أنّ كل القرارات اتُّخذت بعناية وأُعطيت فيها الأولوية لسلامة سفننا وبحارتنا وبضائعكم".

ومع الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، تزداد مدة رحلة السفن بين آسيا وأوروبا ما بين 10 أيام و20 يوما، بحسب أرتور باريلا المدير العام لشركة "أوفرسي" لتنظيم رحلات الشحن البحري.

وتؤكد "ميرسك"، أنها تعتزم من خلال هذا القرار تجنيب سفنها المخاطر.

اقرأ أيضاً

الحوثي يتوعد بالرد وكاميرون يلّوح بـ "إجراء دولي" لوقف الهجمات في البحر الأحمر

وأفادت أنه "بتعليق الرحلات عبر البحر الأحمر وخليج عدن، نأمل في تأمين مزيد من الانسجام والقدرة على التكهن لزبائننا رغم التأخير المرتبط بإعادة تحديد المسار".

ويمر عبر قناة السويس ما يقرب من ثلث شحنات سفن الحاويات في العالم، وقد يكلف إعادة توجيه السفن حول أفريقيا وقودا إضافيا بما يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهابا وإيابا بين آسيا وشمال أوروبا.

وتحويل المسار هذا الذي اعتمدته شركات شحن بحري أخرى ولو بصورة غير منهجية، تترتب عليه كلفة قدرها 400 دولار للحاوية من 40 قدما، يضاف إليها ما بين 600 وألفي دولار للحاوية ككلفة إضافية في مواسم الذروة.

وضاعفت شركة "سي إم سي سي جي إم" الفرنسية للشحن البحري التي علقت عبور سفنها في البحر الأحمر، رسوم النقل للحاوية من 40 قدما بين آسيا والبحر المتوسط من 3 آلاف إلى 6 آلاف دولار.

وتذكر هذه الزيادات بسنوات تفشي وباء (كوفيد)، حين وصل سعر الشحن البحري إلى مستويات غير مسبوقة بسبب بلبلة الشبكات اللوجستية.

وفي هذا السياق، ازداد مؤشر شنغهاي لشحن الحاويات، أحد المؤشرات المرجعية لرسوم شحن البضائع من الصين، ليصل إلى حوالى الضعف خلال بضعة أسابيع.

اقرأ أيضاً

تصعيد البحر الأحمر.. حلقة جديدة بمسلسل التوقعات الخائبة لعام 2023

من جانبه، يعلق بيتر ساندز كبير المحللين في شركة "إكسيندا"، وهي شركة متخصصة في استخبارات سوق الحاويات، على قرار "ميرسك" بالقول: "هذا يؤكد أنه لا توجد حلول سريعة لهذه الأزمة".

وحذر الاقتصاديون من أنه إذا استمرت المشاكل فسوف يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة تراجع ضغوط الأسعار العالمية، ويمكن أن يؤخر توقيت التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية.

ويتوقع المستثمرون أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي في خفض تكاليف الاقتراض في وقت مبكر من مارس/آذار، استجابة للتهدئة السريعة لضغوط الأسعار.

لكن الأسواق قلصت هذه الرهانات في الأسبوع الماضي، بعد ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، وإشارات إلى أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يريدون إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول.

ورفع بنك "جولدمان ساكس" توقعاته للتضخم الأساسي في مايو/أيار، بمنطقة اليورو إلى 2.3% من 2.2% نتيجة القفزة في تكاليف الشحن.

وقال البنك إن امتداد زمن تحويل مسار الشحنات بعيدا عن البحر الأحمر سيكون له على الأرجح تأثير أكبر على التضخم.

اقرأ أيضاً

أبرزها ميرسك وهاباج لويد.. شركات شحن عالمية تواصل تعليق المرور عبر قناة السويس

وأضاف البنك: "يتوقع محللو الأسهم أن الصدمة لن تكون على قدر سوء وطول فترة 2020-2022 بسبب زيادة المعروض من السفن، وعدم ازدحام بالموانئ نتيجة الإغلاق" وذلك في مقارنة بين الأوضاع الحالية وأوضاع جائحة (كوفيد-19)".

ويقول مدير الأبحاث الكلية العالمية في شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاستشارية بن ماي، إنه بناءً على أبحاث صندوق النقد الدولي، فإن الارتفاع الأخير في تكاليف الشحن يمكن أن يضيف حوالي 0.6 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي إذا استمر لبقية هذا العام.

ويضيف أن هذا من شأنه أن يبطئ سرعة تراجع التضخم و"يمكن أن يكون سببا آخر للاعتقاد بأن توقعات السوق لمدى تخفيف السياسة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام قد ذهبت بعيدا جدا".

ويتابع رئيس قسم الأسهم في "آر بي سي ويلث" توماس ماكغاريتي: "إذا استمر الاضطراب في البحر الأحمر، فمن المرجح أن تشعر بالتأثير غير المباشر صناعات مثل بيع الملابس بالتجزئة، مع آثار سلبية على الهوامش بسبب ارتفاع تكاليف الشحن".

ونشرت القوى الغربية عددًا من السفن البحرية في المنطقة للمساعدة في توفير الحماية للشحن التجاري، لكنهم تجنبوا حتى الآن رداً أكثر قوة، مثل استهداف المنشآت العسكرية للحوثيين في اليمن، خوفاً من توسيع نطاق الصراع.

ويُنظر إلى شركات الشحن على نطاق واسع على أنها مستفيدة من مشاكل البحر الأحمر مع زيادة أسعار الشحن، ويراهن المستثمرون على أن هذه الأخبار السيئة للاقتصاد العالمي، وتجار التجزئة يمكن أن تحقق أرباحًا أفضل لأكبر مجموعات الحاويات.

اقرأ أيضاً

ميرسك تستأنف الشحن عبر البحر الأحمر و4 شركات يابانية تعلن توقفها

وارتفعت أسهم شركة "ميرسك" الدنمركية نحو 40% منذ 12 ديسمبر/كانون الأول، في حين ارتفعت أسهم منافستها الألمانية "هاباغ لويد" بنسبة الثلثين في نفس الفترة.

وكانت أسواق النفط أقل تأثراً بالاضطرابات، حيث لا تزال العديد من الشركات مستعدة لاجتياز طريق البحر الأحمر، وفقاً لشركة "فورت إكسا"، على الرغم من مواجهة تكاليف التأمين المرتفعة.

ولم يرتفع خام برنت إلا قليلا هذا الأسبوع من 77 دولارا إلى 78 دولارا للبرميل.

وقالت شركة "بريتيش بتروليوم"، إن سفنها ستتجنب هذا الطريق.

وتبلغ تكلفة الناقلة التي تحمل شحنة ديزل تبلغ قيمتها 85 مليون دولار الآن حوالي 5 ملايين دولار لرحلة من الشرق الأوسط إلى أوروبا، ارتفاعًا من 3.2 ملايين دولار، قبل بدء هجمات الحوثيين، وفقًا لتقديرات برايمار.

وأشار الاقتصاديون إلى أن المخزونات العالمية من السلع المصنعة كانت مرتفعة نسبيا في حين كان الطلب ضعيفا، مما يجعل النقص أقل احتمالا، في حين يقلل من قدرة الشركات على نقل تكاليف الشحن المرتفعة إلى المستهلكين.

وقال كبير الاقتصاديين العالميين في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للاستشارات سايمون ماك آدم، إن الخطر الأكبر يظل يتمثل في توسيع الصراع الذي قد يؤثر على إمدادات الطاقة.

اقرأ أيضاً

ميرسك تعلن وقف جميع عمليات الشحن عبر البحر الأحمر

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: ميرسك البحر الأحمر الحوثيون إسرائيل أمريكا قناة السويس رأس الرجاء الصالح عبر البحر الأحمر فی البحر الأحمر تکالیف الشحن قناة السویس تحویل مسار اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

الفريق أسامة ربيع يشهد توقيع عقد تعاون مع شركة ميرسك للتدريب

شهد الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، اليوم الأربعاء، مراسم توقيع عقد التعاون بين هيئة قناة السويس، وشركة ميرسك للتدريب Maersk Training، وذلك بمقر الهيئة بمبنى الإرشاد بمحافظة الإسماعيلية.

وقع العقد المهندس ياسر الششنجي مدير إدارة الإتصالات بهيئة قناة السويس، فيجاي رانجاتشاري مدير شركة ميرسك للتدريب - دبي، رئيس قطاع النمو والمشاريع الاستراتيجية بالمقر الرئيسى، وعمر غاربو مدير عام وكالة ميرسك الملاحية بمصر ولبنان بشركة إيه بى موللر - ميرسك.

حضر مراسم التوقيع، ديڤيد إيسكوف المدير التنفيذي لشركة ميرسك للتدريب، وهانى النادى ممثل مجموعة شركات إيه بى موللر - ميرسك بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عضو مجلس إدارة ممثلاً عن شركة ميرسك لاين ايجينسى هولدنج إيه اس.

ينص التعاقد على تقديم شركة Maersk Training برامج تدريبية متقدمة للعاملين بهيئة قناة السويس في مجالات القيادة وإدارة الأزمات، بالإضافة إلى تقديم برامج "تدريب المدرب" (Train the Trainer) يقدمها كوكبة من الخبراء المعتمدين بالشركة بما يساهم نحو بناء قدرات بشرية وخبرات مستدامة طويلة الأمد لدى هيئة قناة السويس.

وخلال لقائه، أعرب الفريق أسامة ربيع عن اعتزازه بعلاقات التعاون والشراكة الممتدة التي تجمع هيئة قناة السويس بمجموعة ميرسك والتي أثمرت عن تحقيق العديد من النجاحات المشتركة، مؤكدًا استمرار التعاون المستقبلي ليشمل مجالات عمل جديدة أبرزها مجال التدريب للارتقاء بمستوى الكوادر البشرية من خلال إنشاء مركزين للتميز في أساليب القيادة وإدارة الأزمات بشكل علمي ممنهج داخل أكاديمية التدريب التابعة لهيئة قناة السويس والمقرر افتتاحها مطلع العام المقبل.

وأوضح رئيس الهيئة أن قناة السويس تسعى لاستكمال استراتيجيتها الطموحة للتطوير بتنمية مواردها البشرية بإعداد جيل متميز من الكوادر والطاقات المبدعة بقطاعات الهيئة المختلفة لتكون قادرة على مواجهة التحديات المختلفة عبر توفير برامج تدريبية متقدمة وفق أحدث الأساليب العلمية وطرق التدريب العالمية لمواكبة المستجدات المتسارعة في مجال النقل البحري والصناعة البحرية وبما يمكنها من التفاعل المرن والاستجابة السليمة والسريعة مع التحديات المختلفة.

وأشار رئيس الهيئة إلى أن عقد التعاون يستهدف العمل المشترك لوضع حجر الأساس لتقديم محتوى تدريبي متخصص تقدمه أكاديمية التدريب التابعة لهيئة قناة السويس لتكون صرحا علميا بمواصفات عالمية لتقديم خدمة تدريب متميزة للعاملين بالهيئة في المقام الأول ومستقبلا لعملاء الهيئة من الخطوط الملاحية وشركات الشحن.

فيما صرح ديفيد إيسكوف الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك للتدريب قائلا:" نحن في ميرسك للتدريب نفتخر بالعلاقة الوثيقة والشراكة الممتدة لعقود مع هيئة قناة السويس، والتي تعد نموذجًا يحتذى به في التعاون المثمر، ونتطلع لتعزيز التعاون عبر اطلاق برامج تدريبية عالمية متخصصة خلال عام 2025 بما يساهم في تحقيق الأهداف المشتركة نحو تطوير المهارات البشرية للكوادر بقناة السويس و بناء مستقبل مشرق ومستدام للجميع.

من جانبه، أكد هانى النادى ممثل مجموعة شركات إيه بى موللر - ميرسك بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأن هيئة قناة السويس ومجموعة أيه بى موللر - ميرسك تجمعهم عقود من شراكات النجاح الاستراتيجية وستستمر لعقود أخرى، وهو ما يعد انعكاساً لتوافق الرؤى والخطط الاستراتيجية المستقبلية والتى تهدف دائماً إلى استكشاف أُطر التعاون الجديدة فى كافة مجالات الشحن والنقل البحري وسلاسل الإمداد والتمويل وكافه الخدمات البحرية واللوجيستية بما يحقق قيمة مضافة جديدة ومكاسب مشتركة".

جدير بالإشارة، أن شركة Maersk Training تمتلك خبرة في مجال التدريب تمتد لأكثر من 40 عامًا وتتبنى استراتيجيات متطورة للتدريب من خلال تقديم برامج تدريبية قائمة على سيناريوهات واقعية تُحاكي بيئات العمل الواقعية باستخدام أجهزة محاكاة متطورة مع تقييم وتحليل الأداء لضمان تحقيق التحسينات المستدامة.

مقالات مشابهة

  • توترات البحر الأحمر أفقدت مصر 70% من إيرادات قناة السويس
  • مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
  • أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها
  • كيف علقت تركيا على استهداف الحوثيين لإحدى سفنها في البحر الأحمر؟
  • مجموعة تجارية أمريكية تدعو الرئيس بايدن لحماية الممرات الملاحية الدولية في البحر الأحمر من هجمات الإرهابيين الحوثيين
  • «قناة السويس» توقع اتفاقية مع شركة ميرسك لتطوير برامج التدريب المُنظمة لكوادرها
  • قناة السويس توقع عقد تعاون مع شركة ميرسك العالمية للتدريب
  • الفريق أسامة ربيع يشهد توقيع عقد تعاون مع شركة ميرسك للتدريب
  • تقرير بريطاني: لا يمكن تجاهلَ تأثير عمليات البحر الأحمر على حركة الشحن البريطانية
  • شركة مياه البحر الأحمر تناشد سكان الغردقة بتركيب عوامات للخزانات