ما علاقة الدهون بزيادة خطر الإصابة بفيروس كورونا؟
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
البوابة – سلطت دراسة جديدة الضوء على آثار الأنظمة الغذائية عالية الدهون على الجينات المرتبطة بالسمنة وسرطان القولون ووظيفة المناعة وصحة الدماغ واحتمالية خطر الإصابة بفيروس كورونا.
ما علاقة الدهون بزيادة خطر الإصابة بفيروس كورونا؟قام الباحثون في جامعة كاليفورنيا - ريفرسايد (UCR) بالولايات المتحدة بتغذية الفئران بثلاثة أنظمة غذائية مختلفة عالية الدهون، ولاحظوا تغيرات في التعبير الجيني، وبكتيريا الأمعاء، والقابلية للإصابة بالأمراض المعدية.
أظهر زيت فول الصويا، وهو الزيت الأكثر استهلاكًا في الولايات المتحدة، آثارًا صحية سلبية، في حين عززت التغيرات في جينات الناقلات العصبية العلاقة بين الأمعاء والدماغ المتأثرة بالنظام الغذائي.
الدراسة
قام الباحثون بإطعام الفئران ثلاث وجبات غذائية مختلفة على مدار 24 أسبوعا، حيث جاء ما لا يقل عن 40% من السعرات الحرارية من الدهون. تم إجراء هذه المجموعات على استهلاك وجبات غذائية تعتمد على الدهون المشبعة من زيت جوز الهند، وزيت فول الصويا الأحادي غير المشبع، وزيت فول الصويا المعدل وزيت فول الصويا غير المعدل الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون المتعددة غير المشبعة. ثم نظروا إلى الأجزاء الأربعة من أمعاء الفئران، بالإضافة إلى الميكروبيوم الخاص بها. تم تغذية مجموعة مراقبة رابعة من الفئران بنظام غذائي قليل الدهون.
الأنظمة الغذائية النباتية ليست دائمًا مفيدة لك
وقالت فرانسيس سلاديك: "هناك شائعات شعبية مفادها أن الأنظمة الغذائية النباتية أفضل بالنسبة لك، وهذا صحيح في كثير من الحالات. ومع ذلك، فإن اتباع نظام غذائي غني بالدهون، حتى من النباتات، هو أحد الحالات التي يكون فيها هذا الأمر غير صحيح". أستاذ علم الأحياء الخلوي بجامعة UCR وكبير مؤلفي الدراسة المنشورة في مجلة التقارير العلمية. علاوة على ذلك، قد لا يكون من الممكن "مجرد التخلص من هذه التأثيرات"، وفقًا لعالم الأحياء الدقيقة في جامعة كاليفورنيا بونامجوت ديول، المؤلف الأول المشارك للدراسة.
النظام الغذائي يمكن أن يتداخل مع جهاز المناعة
وقال سلاديك: "إن هذه الأنظمة الغذائية تضعف جينات الجهاز المناعي لدى المضيف، كما أنها تخلق بيئة يمكن أن تزدهر فيها بكتيريا الأمعاء الضارة". أحدثت هذه الأنظمة الغذائية تغييرات كبيرة في الجينات المرتبطة باستقلاب الدهون وتكوين بكتيريا الأمعاء. ومع ذلك، فإن الملاحظات الأخرى كانت أكثر إثارة للدهشة، مثل التغيرات في الجينات التي تنظم القابلية للإصابة بالأمراض المعدية، بما في ذلك تلك التي تتعرف على البكتيريا المعدية وتلك التي تتحكم في الالتهاب، على حد قولهم.
ما هو الزيت الذي له التأثير الأقصى؟
تبين أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على زيت جوز الهند هي الأكثر تأثيرًا على التعبير الجيني، تليها الأنظمة الغذائية التي تحتوي على زيت فول الصويا غير المعدل، مما يشير إلى أن الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة في زيت فول الصويا غير المعدل تلعب دورًا في تغيير التعبير الجيني. من ناحية أخرى، لوحظ أن التغيرات الميكروبيومية كانت أكثر وضوحًا في الفئران التي تم تغذيتها بنظام غذائي يعتمد على زيت فول الصويا، والذي قال الباحثون إنه الزيت الأكثر استهلاكًا في الولايات المتحدة، ويستخدم بشكل متزايد في بلدان أخرى، بما في ذلك البرازيل. الصين، والهند. وأشاروا أيضًا إلى أن النتائج تنطبق فقط على زيت فول الصويا وليس على منتجات الصويا الأخرى أو التوفو أو فول الصويا.
ووجد الباحثون أن هذا التأثير لوحظ عندما تم تغذية الفئران بهذه الوجبات الغذائية الغنية بالدهون لمدة 24 أسبوعًا، وكان ذلك "يبدأ من الطفولة ويستمر حتى منتصف العمر". وقال ديول: "إن ليلة واحدة من النهم ليست ما أكلته هذه الفئران. إنها أشبه بالأكل مدى الحياة".
ومع ذلك، يأمل الباحثون أن تدفع الدراسة الناس إلى فحص عاداتهم الغذائية عن كثب.
"يعتقد بعض الناس: أوه، سأمارس المزيد من التمارين وسأكون على ما يرام. وقال ديول: "لكن تناول الطعام بانتظام بهذه الطريقة يمكن أن يؤثر على جهازك المناعي وكيفية عمل دماغك". "قد لا تتمكن من التخلص من هذه التأثيرات فقط."
المصدر: neurosciencenews.com / تايمز اوف انديا
اقرأ أيضاً:
طبيب البوابة: مشاكل الرؤية وطرق حماية العين
طبيب البوابة: 5 تغييرات لتحسين نسبة الكوليسترول
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: الدهون الكورونا دراسة باحثون التمارين السكري امراض القلب التاريخ التشابه الوصف الأنظمة الغذائیة على زیت
إقرأ أيضاً:
بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
إبراهيم برسي
في عالم تُمارَس فيه الهيمنة ليس فقط عبر العنف المباشر، بل من خلال تشكيل الوعي ذاته، يصبح السؤال الأساسي: كيف تُنتج الأنظمة القمعية الطاعة، ليس فقط كحالة مفروضة بالقوة، بل كشيء يُستبطن في النفوس؟
إن الطاغية لا يُولد، بل يُصنع، كما أن الجماهير لا تُقمع، بل تُروّض.
في فضاء الهيمنة، لا تُفرض السيطرة بالحديد والنار فحسب، بل عبر منظومة سرديات تتسلل إلى الوعي، تعيد تشكيل الإدراك، وتحكم تصور الذات في علاقتها بالسلطة. ليست المسألة، إذن، مجرد قمع مباشر، بل هندسة للخضوع، حيث لا يكتفي النظام بفرض الطاعة، بل يعمل على جعلها جزءًا من بنية التفكير، بحيث يبدو التمرد عبثًا، والخضوع ضرورة.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي لا يحتاج إلى سياط الجلاد كي يركع، بل يركع طوعًا، ويدافع عن قيوده باعتبارها أمانًا، ويرى في الطغيان قدرًا لا مفر منه.
هذه الصناعة لا تتم من فراغ، بل عبر منظومة متكاملة من الأدوات التي تعمل على قولبة الإنسان منذ طفولته. ومن بين هذه الأدوات يأتي الدين، حين يتحول من تجربة روحية إلى أداة ضبط تُعيد إنتاج الطاعة، وتقدمها كفضيلة مطلقة.
فالمواطن المُطيع ليس مجرد شخص يخضع لسلطة الأمر الواقع، بل هو كائن تم تشكيله بحيث لا يرى في نفسه سوى انعكاس لما يُملى عليه، عاجز عن التخيّل خارج حدود السرديات المفروضة عليه.
وليست هذه الحالة طبيعية، بل يتم إنتاجها عبر خطاب ديني يُقدّم الطاعة كمبدأ مطلق، حيث يُعاد تفسير النصوص الدينية لتُنتج إنسانًا خاضعًا، يرى في أي محاولة للخروج عن النظام القائم تمردًا على “الإرادة الإلهية”.
وهكذا، لا يعود الدين وسيلة للتحرر الروحي، بل يتحول إلى قيد يُكبّل الفرد، حيث يتم غرس فكرة أن “كل سلطة هي من عند الله”، وأن مواجهة الظلم قد تعني الوقوع في الفتنة، وكأن العبودية أكثر أمانًا من الحرية!
وليس هذا بالأمر الجديد؛ فقد دعمت الكنيسة الكاثوليكية طغيان الملوك بوصفهم “ظل الله على الأرض”، كما استُخدمت فتاوى الطاعة في بعض البلدان الإسلامية لترسيخ مقولة أن الحاكم لا يُسأل عما يفعل، مما جعل التمرد يبدو كفرًا، والخضوع ضربًا من التقوى.
وهكذا، يصبح الظلم مشيئة إلهية، ويُعاد تأويل الاستبداد كاختبار للصبر، لا كحالة يجب تفكيكها. وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في الطغيان مشيئة إلهية، وفي الفقر امتحانًا، وفي الجوع نعمة، وفي الحرية خطرًا على الاستقرار!
لكن الأمر لا يتوقف عند التوظيف الديني فقط، بل يمتد ليشمل بُعدًا نفسيًا أكثر تعقيدًا، حيث يصبح الطغيان ذاته مصدرًا للراحة.
يذكر إريك فروم، في كتابه الخوف من الحرية، أن كثيرين يهربون من الحرية، لا لأنهم يحبون الطغيان، بل لأن الحرية نفسها مخيفة؛ إنها مسؤولية، عبء ثقيل يتطلب قدرة على اتخاذ القرار ومواجهة العواقب.
وهكذا، يُصبح الفرد الذي يخضع باسم الدين ليس مجرد ضحية، بل شريكًا في استدامة النظام الذي يقهره. حينها، لا يحتاج النظام القمعي إلى استخدام العنف المفرط، فالجمهور نفسه يصبح حارسًا للقمع، يراقب نفسه بنفسه، ويفرض على الآخرين ذات القيود التي كُبّل بها.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يخاف من الحرية أكثر مما يخاف من سجّانه!
وبينما تعمل الأنظمة القمعية على تكييف الدين ليناسب أهدافها، فإن الرأسمالية تُكمل هذا الدور من زاوية أخرى، حيث لا تُشكّل فقط نظامًا اقتصاديًا، بل تتحول إلى ماكينة ضخمة لإنتاج الوعي المشوّه، وخلق إنسان يرى نفسه في حدود ما يستهلكه.
مارك فيشر، في كتابه الواقعية الرأسمالية، يشير إلى أن أحد أخطر أشكال الهيمنة هو جعل أي بديل غير قابل للتخيّل؛ حيث يُقدَّم النظام القائم وكأنه “الطبيعة الثانية”، وكأن أي محاولة للخروج منه ليست فقط مستحيلة، بل غير منطقية.
في هذه الحالة، يتحول الإنسان إلى مستهلك سلبي، لا يرى في نفسه سوى رقم في معادلة العرض والطلب، فاقدًا للقدرة على التفكير في ذاته كفاعل سياسي، وكشخص يمكن أن يُعيد تشكيل الواقع.
يُختزل وجوده إلى كونه ترسًا في ماكينة الإنتاج والاستهلاك، يقيس نجاحه بعدد الأشياء التي يمتلكها، لا بقدرته على التأثير في مجتمعه. وهكذا، يصبح التسوق شكلًا من أشكال الحرية الزائفة، ويتحول الدين إلى سلعة، والهوية إلى ماركة، والفكر إلى إعلان تجاري.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في التسوق حرية، وفي تراكم الديون طموحًا، وفي نجاحه الفردي تعويضًا عن فشل مجتمعه بأكمله!
ولأن هذه السيطرة لا يمكن أن تُترك للصدفة، فإن النظام يحتاج إلى آليات مؤسسية لترسيخها، وأبرزها التعليم والإعلام.
فمنذ الطفولة، يُقال للطفل: “الكبير لا يُناقش”، وحين يكبر، يتعلم أن “الحاكم لا يُسأل عما يفعل”. وهكذا، يتحول الخضوع إلى قيمة متوارثة، يُنقل من جيل إلى جيل، حتى يصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي نفسه.
أما الإعلام، فإنه لا يُعنى بإيصال الحقيقة، بل بإنتاج الحقيقة، أو بالأحرى، إنتاج نسخة واحدة منها، نسخة تخدم القائمين على السلطة.
يصبح الإعلام سلاحًا، لا لقمع المعارضين فحسب، بل لمنع إمكانية تخيّل عالم مختلف. يتحول إلى آلة دعائية تعمل على تطبيع الظلم، وإعادة إنتاجه في صورة قدر لا يُرد، أو “واقع لا يمكن تغييره”.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يستهلك الأخبار كما يستهلك البضائع، يصدق كل ما يُقال له، ويردد الخطاب الرسمي وكأنه وحي!
إن إدراك العطب هو الخطوة الأولى في مقاومته، إذ أن النظام لا يسقط عندما يشتد قمعه، بل عندما يُسائل الناس شرعيته.
وكما قال فرانز فانون: “كل جيل يجب أن يكتشف مهمته، إما أن ينجزها أو يخونها”.
غير أن المقاومة لا تبدأ فقط من التمرد المسلح أو المواجهة المباشرة، بل من تفكيك منظومة الهيمنة في الفكر والسلوك، من مساءلة الخطابات التي تجعل الطاعة تبدو طبيعية، من إعادة تعريف الممكن، من فهم أن ما يبدو ثابتًا ليس إلا توافقًا مؤقتًا بين القوة والخضوع.
إن أخطر ما في الهيمنة ليس فقط أنها تقمع، بل أنها تجعلنا نحب قيودنا، نخاف من فقدانها، نرى في الطاعة خلاصًا من قلق الحرية.
لكن “الماعز الأليف” ليس قدرًا محتومًا، بل خيار يمكن كسره، شرط أن نجرؤ على إعادة اختراع ذواتنا من جديد!
الوسومإبراهيم برسي إريك فروم الأنظمة القمعية الاستبداد الحرية الدين الرأسمالية الماعز الأليف