نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقال رأي للكاتب، بنجامين موسير، قال فيه "إن معاداة الصهيونية ليست مشابهة لمعاداة السامية، والتاريخ يثبت خطأ المقاربة بين المصطلحين". 

وأشار موسير، في البداية إلى القرار الذي مرره مجلس النواب الأمريكي في كانون الأول/ ديسمبر وسط سفك الدم والدمار في غزة، اعتبر فيه "معاداة الصهيونية تساوي معاداة للسامية"، بـ 311 صوت مقابل 14 صوتا.

 

وتابع: "لو لم تكن للقرار أي تداعيات عملية، فإن الإجماع وراءه له تداعيات. ويعكس القرار غير المتوازن دعم الحكومة الأمريكية الدبلوماسي والعسكري والأيديولوجي المطلق لإسرائيل، التي تحكمها أكثر الحكومات المتطرفة في تاريخها، والتي تشن حملة عسكرية تسببت بمقتل الآلاف الفلسطينيين بمن فيهم أكثر من 7 آلاف طفل.
 
وأضاف الكاتب: "معاداة الصهيونية هي مفهوم خلقه اليهود أنفسهم وليس أعداؤهم، وقبل الحرب العالمية الثانية، كانت الصهيونية من أشد الموضوعات الانقسامية والجدلية بين اليهود". 

وأردف: "ظهرت أشكال يسارية وأخرى يمينية لمناهضة الصهيونية، وأشكال دينية وأخرى علمانية، وكذا أشكال في كل بلد عاش فيه اليهود"، مؤكدا أن "أي شخص مطلع على هذا التاريخ، سيندهش من تحول معارضة الصهيونية، كما ينص القرار، إلى مساو لمعارضة اليهود، وليس اليهودية بل وكراهية اليهود أنفسهم". 

واسترسل: "الخلط هذا لا علاقة له بالتاريخ، وعوضا عن ذلك فهو سياسي، هدفه تشويه المعارضين للعنصرية"، مشيرا إلى أن: "ظن الكثير من مناهضي الصهيونية أن اليهود وإن تشاركوا في معتقدات معينة وتقاليد وصلات مع أبناء دينهم في الأمم الأخرى، فإنهم ينتمون في النهاية إلى مجتمعاتهم الوطنية ومثل أي شخص آخر".
 
وتابع: "بالنسبة لهم فابن الديانة اليهودية الأمريكي هو يهودي أمريكي مثل الأمريكي الأسقفي أو الأمريكي الكاثوليكي، هو أمريكي أولا. ولم يكونوا يريدون النظر لليهودي باعتباره جزءا من عرق مختلف ومثل ما يعتقد المعادين للسامية غير قابل للاستيعاب، فهؤلاء الناس لا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم شعب في المنفى كما ترى الصهيونية، بل واعتبروا أنفسهم في الوطن. وخافوا من أن التركيز على الإثنية أو العرق قد يعرضهم للاتهامات القديمة عن الولاء المزدوج والتي قوضت محاولات تحقيق المساواة". 


في الواقع، التفكير المناهض للصهيونية يسبق الصهيونية، وفي عام 1790، أعلن جورج واشنطن، في رسالته الشهيرة إلى يهود نيوبورت بولاية رود آيلاند، أن "الجميع يمتلكون حرية الضمير وحصانات المواطنة على حد سواء".

وتابع: "ومن حسن الحظ أن حكومة الولايات المتحدة، التي لا تعاقب المتعصبين "لا تساعد على للاضطهاد، ويتطلب الأمر أن تعيش تحت سلطة الحكومة كـ"مواطن صالح"، بغض النظر عن الدين.
 
إلى ذلك، أردف، بأنه "بعد سنوات قليلة، عرض نابليون على يهود فرنسا إمكانية الحصول على الجنسية الفرنسية الكاملة في دولة علمانية، وعمم هذا المبدأ على المناطق الواسعة التي غزاها". مضيفا أن: "انفتاح الغيتوهات أطلق العنان لدفقة من الإبداع بين المفكرين اليهود الذين بدأوا يتعاملون مع فكرة محفوظة في الصلوات التقليدية وهي أن على اليهود العودة إلى فلسطين حيث أرض أجدادهم وسوف يحكمهم سليل بيت داوود ويعيد التضحيات في ظل الكهنوت من نسل هارون ويصلون في المعبد الذي يعاد بناؤه".

وأفاد أنه "قد رفض الكثير من المفكرين الحداثيين هذه الفكرة والطقوس والصيغ كونها مهجورة وعفا عليها الزمن وخيالية. فبدلا من انتظار الـ "المسيح" أو المخلص الذي سيقوم بإحياء الموتى، عبروا بدلا من ذلك عن أمل بعصر مسيحاني من السلام والأخوة. ولن يكون هذا مشروطا بالأمل الأسطوري بالعودة إلى صهيون. وبدلا من ذلك، فعلى اليهود الآن وهنا العيش في العالم الحقيقي".

وأكد أنه "مع هذه الفكرة جاء مفهوم أن اليهود بكلمات حاخام. مواطنون وأبناء موالون للأرض التي ولدوا فيها أو تبنوها كبلد، وهم مجتمع ديني وليسوا أمة؛ ورغم التعامل في البداية مع هذه الفكرة، إلا أن غالبية اليهود الغربيين تبنوها بشكل تدريجي. وفي النهاية وجدت هذه الفكرة أتباعا متحمسين لها بين يهود الولايات المتحدة". 

وفي السياق نفسه، قال الحاخام غوستافوس بوزاننسكي من تشارلستون، في ساوث كارولينا في عام 1841 "هذا البلد هو فلسطيننا، هذا البلد هو قدسنا، وبيت الله هذا هو معبدنا". وبعد قرن وأثناء الهولوكوست في الحرب العالمية الثانية، أعلن الحاخام ديفيد شولمان من معبد إيمانو-إيل في نيويورك قائلا "بالنسبة لي، فجوهر الإصلاح في اليهودية هو رفض القومية اليهودية، وليس بالضرورة تناول لحم الخنزير". 

ولاحظ عدد من اليهود أن الحديث عن "الشتات" وحتى بين "الشعب اليهودي" يشبه افتراءات المعادين للسامية والتي اتهمت اليهود بأنهم إمبراطورية غير مندمجة داخل إمبراطورية. فيما لاحظوا أن معظم المعادين للصهيونية كانوا من أشد المتحمسين للصهيونية".

وبعد وعد بلفور في عام 1917 الذي وعد بدولة يهودية لأقلية يهودية صغيرة تعيش في فلسطين، لاحظ لورد مونتاغو، اليهودي الوحيد في الحكومة البريطانية أن "سياسة حكومة جلالته معادية للسامية في النتيجة وستكون أرضية لتحشيد المعادين للسامية في كل دولة بالعالم". 


وتابع الكاتب: "لم تكن هناك طريقة لحجب الانقسامات هذه سوى كارثة ساحقة مثل هولوكوست النازية، ومهما فكر اليهود بأنفسهم، جادلت الصهيونية أن الأغيار لن يقبلوا بهم أبدا. فمهما شعروا أنهم في وطنهم ومهما عبروا عن ولائهم، ومهما مات الكثيرون منهم دفاعا عن البلد، سيواجهون في النهاية الاضطهاد. ولا يهم إن أطلقوا على أنفسهم شعبا أم عرقا، ولا يهم إن اعتبروا أنفسهم ألمانيين أو رومانيين أو كنديين، فالعالم الخارجي لا يرى إلا اليهود. فقد أثبت الواقع الكارثي أن اليهود ليس إلا أنفسهم للاعتماد عليها، وأنهم بحاجة لوطنهم الخاص وجيشهم الخاص ودولتهم والتي يجب أن توجد في فلسطين". 

وأضاف: بدا كأن الهولوكوست دليل إثبات لصحة مقولات الصهيونية. وبالنسبة لكل اليهود تقريبا، فإن ظهور إسرائيل بعد ثلاثة أعوام من هزيمة هتلر هو بمثابة معجزة قيامة. وأضافت انتصارات إسرائيل ضد أعداء أقوياء للحس بأن اليهود لن يعانوا أبدا ما عانوه من قبل. وبالنسبة لليهود حول العالم، حتى اليهود الذين لم تطأ أقدامهم إسرائيل، فقد حل الفخر بإسرائيل محل الدين الذي فقد الكثيرون صلتهم به، فبعد ليل طويل في المنفى ظهر فجر رائع وأخيرا".

ويرى الكاتب أن "خلف الإجماع ظلت الصهيونية مثار جدل. فقد كانت مثيرة للجدل وسط المجتمعات الدينية المتشددة التي آمنت بأن الملخص وحده هو من سيقود اليهود إلى الأرض المقدسة، ورفضوا ما رأوه مادية وعدم صلاح وفسوق المستوطنين اليهود. فيما كانت الصهيونية مثيرة للجدل بين الاشتراكيين والشيوعيين الذين رفضوا كل أشكال القومية". 

وأكد: "لكن النقاش اتخذ بعد إنشاء دولة إسرائيل منحى آخر. فقد كان جوهر الرفض بين المرعوبين يدور حول ما تعنيه إسرائيل لسكان فلسطين الأصليين. وبالنسبة لهؤلاء، فإن الدروس من معاداة السامية كانت رفض كل أشكال العنصرية وبالذات تلك المجازر التي ارتكبت ضد اليهود. وشعروا بالغضب من أن شعبا لا مسؤولية له عن جرائم النازية سيدفع ثمنها".

وأضاف: "نظرا لالتزامهم بالقيم العالمية فقد تصادموا مع الدولة اليهودية. ونظرا لاستمرار المخاطر التي واجهتها إسرائيل، وظلوا لعقود خارج الاهتمام ومن النادر ما استمع لمواقفهم وتم تجاهلهم ووصفوا أحيانا بـ "اليهود الكارهين لأنفسهم" أو "المعاقين عقليا".

 وأشار إلى أنه "حتى المفكرين الذين ظلوا يتعاملون مع إنشاء إسرائيل كخطأ، حملوا أملا بأن يتم حل النزاع بتقسيم سلمي. وأشارت اتفاقيات أوسلو لهذا الاتجاه، لكن اغتيال اسحق رابين، الذي كان أثرا مباشرا لهذه النقاشات، وضع حدا لهذا الافتراض، وفتح المجال أمام ظهور سلسلة من الحكومات اليمينية المتطرفة. وجعلت سياساتها من إمكانية ظهور دولة فلسطينية أمرا مستحيلا. ونتيجة لهذا، فقد ازدادت مناهضة الصهيونية، بدلا من انكماشها، ولم يحدث أن تواجه دولة في العالم مساءلة بشأن "حقو الوجود" مثل إسرائيل". 

وأضاف: "كان غياب الاعتراف أهم -وربما الأهم- من انشغالات الدبلوماسية الإسرائيلية. وربما كانت أحيانا تعبيرا عن رفض أناس يكرهون اليهود، ولكن بين اليهود أنفسهم، كان رفض فكرة الصهيونية، وهي رفض لفكرة الإثنية والقومية، وهي رفض لفكرة المواطنة المرتبطة بالعرق. فإن إسرائيل التي تصف نفسها بالغربية والديمقراطية لا تزال قائمة على هذه الأفكار". 


وتابع: "لأنها أصبحت تعرف نفسها كدولة يهودية، فقد بات المدافعون عنها يصفون المعارضين لها بمعاداة السامية. والمشكلة في هذا الوصف هي أن معظم الذين يشتركون بهذا الاعتقاد كانوا من اليهود". 

وقال المدير التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير بأمريكا، جيسون غرينبلات: "لا يوجد هناك نقاش بأن مناهضة الصهيونية تستند على مفهوم واحد، إنكار حقوق الشعب الواحد. وبالنسبة للناس الذين لا يعرفون أي شيء عن واحد من أقدم وأكثر النقاشات استمرارية في التاريخ اليهودي، فكلامه يبدو معقولا. وأي شخص يفعل هذا لا يمكنه إلا الإعجاب بالبراعة المطلوبة في تقديم هذا السؤال المثير للانقسام، وهو سؤال ظل على مدى قرنين في قلب الهوية اليهودية ويحظى بالإجماع، ولم يكن النقاش هذا أعلى منه الآن".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حقوق الشعب التاريخ اليهودي امريكا التاريخ اليهودي حقوق الشعب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معاداة الصهیونیة معاداة السامیة هذه الفکرة أن الیهود الیهود أن

إقرأ أيضاً:

في دراسة اقتصادية: تكلفة الحرب الصهيونية على غزة تجاوزت 60 مليار دولار

 

الثورة  /يحيى الربيعي

نشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، دراسة حديثة تسلط الضوء على تكلفة الحرب وتداعياتها على مختلف القطاعات الاقتصادية في دولة الاحتلال.
وقالت الدراسة التي حصلت «الثورة» على نسخة منها- إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تسببت بآثار اقتصادية واسعة النطاق، وكشفت الدراسة عن العديد من التداعيات المالية والاقتصادية على الاقتصاد الإسرائيلي.
مشيرة إلى تكلفة الحرب وصلت إلى أرقام كبيرة، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي تكلفة الحرب على غزة تجاوزت 60 مليار دولار حتى تاريخ طباعة الدراسة. هذه التكلفة تشمل النفقات العسكرية والمدنية التي تتضمن عمليات التجهيز العسكري والنفقات اللوجستية وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة داخل إسرائيل.
وذكر معد الدراسة الدكتور عبد الله الغزاوي أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل قد انخفض بنسبة 1.4 % في الربع الأول من عام 2024م مقارنة بالربع المقابل من العام السابق، إذ تراجع من 420 مليار دولار إلى 414 مليار دولار، مشيرا إلى انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1 %، من 36 ألف دولار إلى 34.9 ألف دولار، وذلك يعكس حجم التأثير السلبي للحرب على الاقتصاد.
وقال: أن العدوان أثر أيضًا على التصنيف الائتماني لإسرائيل، فقد خفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال إلى «إيه 2» مع نظرة مستقبلية سلبية. بينما توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» أن يتسع العجز الحكومي العام إلى 8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ5.5 % في عام 2023. وأدى ذلك كله -وفقا للدراسة- إلى زيادة تكاليف الاقتراض، إذ ارتفعت معدلات الفائدة على السندات الحكومية من 3.5 % إلى 4.2 %.
فيما انخفضت قيمة الشيكل إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار في السنوات الثماني الأخيرة، حيث بلغت قيمة الدولار 3.85 شياكل في بداية 2024، ولكنها ارتفعت إلى 4.20 شياكل في نهاية يوليو 2024، مما زاد من تكلفة الاستيراد وأثر سلبًا في الأسعار المحلية. هذه التغيرات أدت إلى ارتفاع تكلفة الديون السيادية بمقدار 1.2 مليار دولار سنويا.
وتؤكد الدراسة أن الشركات الإسرائيلية تضررت بشكل كبير من الحرب، حيث أغلقت العديد من الشركات أبوابها، وسجلت التجارة والاستثمار تباطؤًا حادا. وأظهرت بيانات شبه رسمية أن 726 ألف شركة إسرائيلية أغلقت منذ بدء الحرب، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 800 ألف بحلول نهاية العام.
وهذا الرقم يعادل نحو 10 % من إجمالي الشركات المسجلة في إسرائيل، كما أن العديد من الشركات العالمية مثل «نستله» و«زارا» انسحبت جزئيا أو كليا من السوق الإسرائيلية، لتتأثر بدورها التجارة الداخلية والخارجية. وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 40 %، من 25 مليار دولار في عام 2023م إلى 15 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024م، وذلك يعكس تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الإسرائيلية. كما انخفض حجم الصادرات بنسبة 15 % في الربع الأول من عام 2024م مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، فأثر ذلك سلبًا على العائدات.
وذكرت الدراسة أن الظروف المعيشية للإسرائيليين تأثرت كثيرا، حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر، وانخفض إنفاق المستهلك بنسبة 0.7 %، وارتفع مؤشر الأسعار للمستهلك بنحو 12 %، وأدى ذلك إلى تدهور الوضع الاقتصادي للأسر الإسرائيلية.
وذكر تقرير «لاتيت» أن 85.1 % من الأسر الإسرائيلية تعاني من نقص في الطاقة، بينما يعاني 81.8 % من ديون متراكمة. وبلغ معدل الفقر في إسرائيل 22.7 % في عام 2023م، ثم ارتفع إلى 25.3 % في منتصف عام 2024م. هذه الأرقام تشير إلى أن أكثر من ربع السكان يعيشون تحت خط الفقر، وذلك يزيد من الأعباء على الخدمات الاجتماعية والدعم الحكومي، كما ارتفعت معدلات الجريمة بنسبة 7 % نتيجة للضغوط الاقتصادية المتزايدة.
تسببت الحرب في انكماش سوق العمل، وفقا للدراسة التي أظهرت ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل/نيسان 2021م. وتضررت قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والطاقة والبنوك والسياحة بشكل كبير، فارتفع معدل البطالة من 4.5 % في يناير/كانون الثاني 2024م إلى 6.2 % في يوليوز 2024م، وهذا يعني فقدان مئات الآلاف من الوظائف.
وتحديدًا، فقدت صناعة التكنولوجيا الفائقة نحو 30 ألف وظيفة، بينما تراجع عدد العاملين في قطاع السياحة بنسبة 25 %. كما أن سحب القوى العاملة في هذا القطاع لفترة طويلة سيؤثر على جاذبية المستثمرين الأجانب، حيث انخفضت الاستثمارات الجديدة بنسبة 20 % مقارنة بالعام السابق.
وأظهر تقرير حديث أن معدل البطالة بين الشباب (18 – 25 عامًا) ارتفع إلى 15.8 %، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه الفئة العمرية في العثور على وظائف. ويعاني قطاع البناء من شلل شبه تام، فقد توقفت ورش البناء وتدهورت مبيعات العقارات. وأدى استدعاء أكثر من 300 ألف جندي احتياط إلى زيادة التحديات التي تواجه هذا القطاع، حيث توقفت 14 ألف ورشة بناء عن العمل بالكامل.
وانخفضت مبيعات العقارات بنسبة 35 % مقارنة بالعام السابق، وتراجعت قيمة العقارات بنسبة 10 %. وبلغت قيمة الاستثمارات في قطاع البناء 15 مليار دولار في عام 2023م، لكنها انخفضت إلى 9 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2024م، مما يعكس حجم الأزمة التي يواجهها هذا القطاع.
وتشير الدراسة إلى أن قطاع الزراعة تضرر بشكل كبير، فقد بلغت خسائره نحو ملياري شيكل شهريا (520 مليون دولار). وأدى إخلاء المزارع إلى تقليص إنتاج الحليب والبيض بنسبة 80 %.
وأدى منع دخول العمال الفلسطينيين إلى نقص كبير في القوى العاملة الزراعية، فقد انخفض إنتاج الحبوب بنسبة 25 %، ومن ثم تأثرت الأسعار المحلية وارتفعت تكاليف الإنتاج الزراعي. وخسرت الزراعة الإسرائيلية ما قيمته 10 مليارات شيكل (2.6 مليار دولار) منذ بدء الحرب، مع توقعات بزيادة الخسائر إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه. وبلغت خسائر قطاع الفواكه والخضراوات نحو 1.5 مليار شيكل (400 مليون دولار)، لترتفع الأسعار بنسبة 15 % في الأسواق المحلية.
وتسبب العدوان -وفقا للدراسة- في تراجع إنتاج الغاز، فقد علقت شركة «شيفرون» صادراتها من الغاز عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط إلى مصر. وتكبدت إسرائيل خسائر بمئات ملايين الدولارات أسبوعيا، إذ انخفض إنتاج الغاز بنسبة 30 %.
وأثر هذا التراجع في إمدادات الطاقة المحلية وزاد من تكلفة الإنتاج الصناعي. وبلغت خسائر قطاع الغاز 2.5 مليار دولار منذ بدء الحرب، مما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع الحيوي. كما أن انخفاض إنتاج الغاز أدى إلى زيادة تكلفة الكهرباء بنسبة 10 %، وأثر ذلك سلبًا على الصناعات المعتمدة اعتمادا كبيرا على الطاقة.
ولطالما كانت التكنولوجيا الفائقة قاطرة الاقتصاد الإسرائيلي، ولكن الحرب أثرت تأثيرا كبيرا على هذا القطاع حيث توقفت العديد من الشركات عن العمل وسرحت آلاف الموظفين، وتراجع حجم الاستثمارات بنسبة 50 %، في خطوة تعكس حجم الأزمة التي يواجهها هذا القطاع.
وانخفضت صادرات التكنولوجيا بنسبة 20 % في النصف الأول من عام 2024م مقارنة بالعام السابق، مما أثر على العائدات الوطنية وزاد من التحديات الاقتصادية.
واجه الاقتصاد الإسرائيلي أزمة جديدة بسبب تهديدات الحوثيين في اليمن باستهداف السفن الإسرائيلية. وتسببت الهجمات التي يشنها جيشنا اليمني على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل في ارتفاع تكاليف تأمين النقل، ومن ثم زيادة أسعار المنتجات في السوق الإسرائيلية.
وارتفعت تكاليف التأمين بنسبة 25 %، وزادت أسعار الشحن بنسبة 15 %، بينما بلغت خسائر قطاع الشحن البحري 500 مليون دولار في النصف الأول من عام 2024م، مع توقعات بزيادة التكاليف إذا استمرت التهديدات.
هذا الوضع أثر سلبًا في الصادرات والواردات، فانخفضت حركة البضائع بنسبة 20 % في الموانئ الرئيسة.
وتضرر قطاع السياحة بشكل كبير أيضا وفقا للدراسة، حيث انخفض عدد السياح بنسبة 50 % في النصف الأول من عام 2024م مقارنة بالعام السابق.
وتوقفت العديد من الرحلات الجوية، وألغيت الحجوزات الفندقية، فتأثرت عائدات القطاع السياحي، وتراجعت إيرادات السياحة من 8 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2023م إلى 4 مليارات دولار في الفترة نفسها من عام 2024م.
وبلغت خسائر قطاع السياحة 1.5 مليار دولار شهريا، مما يعكس حجم التأثير السلبي للحرب على هذا القطاع الحيوي. وأغلقت فنادق ومطاعم كثيرة أبوابها نتيجة لتراجع الطلب، ليفضي ذلك إلى فقدان مزيد من الوظائف وزيادة البطالة.
ويكشف التقرير عن حجم التداعيات الاقتصادية السلبية للحرب على غزة التي أثرت على مختلف جوانب الاقتصاد الإسرائيلي. ومن المتوقع أن تستمر هذه التحديات مدة طويلة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات فورية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

مقالات مشابهة

  • المولد النبوي يوم أسود في تاريخ اليهود وأذناب اليهود
  • في دراسة اقتصادية: تكلفة الحرب الصهيونية على غزة تجاوزت 60 مليار دولار
  • الشؤون الإسلامية توجه بتخصيص خطبة الجمعة عن نعمة الأمن في المملكة وجه وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، اليوم الاثنين، خطباء الجوامع بعموم مناطق المملكة، بتخصيص خطبة الجمعة المقبلة يوم 17 ربيع الأول 144
  • انخفاض هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة 42 بالمئة منذ بداية العام
  • بتقديم أدلة جديدة.. جنوب إفريقيا تصر على إدانة “إسرائيل” في قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها
  • مفاجأة بشأن دراسة السنوار تاريخ اليهود.. تعلم كل شيء عنهم وحصد الدرجات النهائية
  • إسرائيل تهاجم بوريل وتتهمه بـ "معاداة السامية"
  • ترامب يلقي كلمة أمام المؤتمر الوطني للمجلس الإسرائيلي الأمريكي
  • جنوب إفريقيا تؤكد تصميمها على متابعة قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها ضد “إسرائيل”
  • أحمد فهمي يكشف عن موقف طريق له بسبب تشابه اسمه مع فهمي الممثل