حديث هادئ في أجواء ملتهبة: النهوض الفلسطيني والسقوط العربي
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
#حديث #هادئ في #أجواء #ملتهبة: #النهوض #الفلسطيني و #السقوط #العربي
بقلم : د. #لبيب_قمحاوي
التاريخ: 02/01/2024
lkamhawi@cessco.com.jo
مقالات ذات صلة تساؤلات خطيرة لا يجيب عنها أحد 2024/01/02لقد اثبتت الاحداث الأخيرة أن الفلسطينيين إذا ما تُركوا وشأنهم في التخطيط والتنفيذ، فإنهم الأقدر على مقارعة ومقاومة العدو الاسرائيلي مهما بلغت قوته المُستَمَدةِ عسكرياً وسياسياً من أمريكا، كما أثبتت أنهم قادرون على قيادة المعركة السياسية المرافقة للمعركة العسكرية بذكاء ملحوظ ودون أن يقبلوا وصاية أو إملاآت من أحد .
ماذا يريد الفلسطينيون من العرب الآن ؟
أولا : لقد عانى الشعب الفلسطيني والأمة العربية من حالة من الضعف والهزال السياسي العربي التي عكست نفسها بشكل أساسي وسلبي على الوضع العربي عموماً وعلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص . إن ما مضى في مسلسل العلاقة بين الفلسطينيين والعرب قد مضى، ولكن من الواضح أن هذه العلاقة قد وصلت عشية يوم 7/10/2023 إلى مفترق أوضح فيه معظم الأطراف موقفهم من هذا الصراع على خلفية الفشل العسكري العربي المتكرر . فبعض العرب ارتبط سواء طوعاً أو قسراً بمعاهدات سلام مع اسرائيل، وبعض الفلسطينيين ارتبط طوعاً بمعاهدة أوسلو القاصرة، والبعض الآخر رفضها وَرفَضَ ما تمخض عنها جُملةً وتفصيلاً، كما أن بعض العرب ارتبط مع اسرائيل طوعاً بإتفاقات أبراهام للتطبيع والبعض الآخر في الطريق، والقلة منهم يرفض اسرائيل ككيان وكوجود كما يرفضها الفلسطينيون أنفسهم .
لقد أدى هذا الوضع إلى انحسار الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية وإلى انحدارها إلى أدنى سلم الأولويات العربية والدولية وإلى حد وصولها إلى نقطة الخطر المتمثلة في امكانية زوال هذه القضية واختفائها من الاجندة السياسية الاقليمية والدولية مما أسهم بالتالي في استفحال عنصرية وغطرسة وبطش الكيان الاسرائيلي . وفي هذا السياق، يمكننا القول بأن ما حدث يوم 7/10/2023 وما تلاه قد أعاد وضع القضية الفلسطينية في صلب الاهتمام الدولي كما أعاد احياءها كواحدة من أهم القضايا السياسية والانسانية في العالم .
إن استعراض ردود فعل الانظمة العربية والاسلامية الباهتة على حرب التدمير والابادة التي تشنها اسرائيل الآن ضد الفلسطينيين تؤكد على إستمرار ضعف وهشاشة موقف تلك الانظمة وسقوطها في ثنايا ذلك الضعف وعدم قدرتها على الارتفاع إلى مستوى الاحداث واستمرار خضوعها لإرادة أمريكا في ردود فعلها على المجزرة الدائرة بحق الشعب الفلسطيني .
ثانياً : من الخطأ أن تسعى بعض الأنظمة العربية إلى بناء علاقاتها مع اسرائيل والاكتفاء بذلك باعتباره هو الحل للصراع، فالأساس لا يكمن في بناء العلاقات العربية-الاسرائيلية كوسيلة لاقرار حالة من السلام الزائف، بل في إعادة بناء العلاقات العربية-الفلسطينية بشكل يجعلها تسموا فوق صغائر الأمور والدسائس ومحاولات الاستيلاء على ما يُسٍمَّى مجازاً “الكرت الفلسطيني” لغايات استعماله لتعزيز نفوذ أو مكاسب هذه الدولة العربية أو تلك . وهذا يستدعي بالضرورة التوقف عن التآمر على الفلسطينيين تحت عناوين مختلفة، و عدم الاساءة اليهم واهانتهم وتعزيز انقسامهم وفرقتهم وتوجيه التهم إليهم بأنهم باعوا أرضهم ووطنهم للعدو الصهيوني وأنهم تركوا بلادهم طوعاً في الوقت الذي يعلم فيه التاريخ والمؤرخين بأن ذلك غير صحيح .
ثالثاً : التعامل مع القضية الفلسطينية كأحد الثوابت الوطنية لكل دولة عربية وكجزءٍ رئيسيٍ من ثوابت الأمن القومي العربي والعقيدة القتالية للمؤسسة العسكرية لكل دولة عربية .
رابعاً: إبتعاد الدول العربية عن سياسة شراء ولاء قيادات فلسطينية أو تنظيمات فلسطينية بعينها كجزء من سياسة تمزيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتكريس التشرذم الفلسطيني وكأداة لإختراق الموقف الفلسطيني والسيطرة عليه ولو جزئياً . ويشمل ذلك موقف الدول العربية من السلطة الفلسطينية نفسها والاصرار على التعامل معها من المنظور الاسرائيلي-الأمريكي كقيادة وحيدة للشعب الفلسطيني مع أنها في واقعها امتداد للإحتلال وظلاًّ له، عِلْماً أن الأساس هو في وجوب إقتصار الموقف العربي على دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال الاستمرار في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بدلاً من السلطة الفلسطينية والتعامل مع المنظة حصراً ودعم جهود إعادة تأهيلها كإطار جامع لكل الفلسطينيين وكبديل مرحلي للسلطة الفلسطينية، دون أن يعني ذلك اجتراراً للماضي بكل سلبياته، وإلى حين إجراء انتخابات وطنية فلسطينية حرة . إن المدخل للتغيير قد يكون في إعادة تأهيل منظمة فتح من خلال ثورة من داخل منظمة فتح نفسها وبشكل ُيخَلِّصَها من إرث أوسلو ويخلصها أيضاً من بعض القيادات المرتبطة بالسلطة الفلسطينية واسرائيل مما قد يشكل نقطة البداية لوحدة وطنية فلسطينية ببرنامج نضالي فاعل وبالتشارك الفعال مع حماس والجهاد الاسلامي وكتائب القسام وباقي التنظيمات الفلسطينية المقاومة .
خامساً : إن أي محاولة عربية للموافقة العلنية أو الضمنية على تهجير الفلسطينيين وبأي شكل وطريقة كانت وذلك تنفيذاً لتعليمات أمريكية – اسرائيلية هي محاولات ستؤدي إلى تفجير الاوضاع داخل مجتمعات الدول المعنية، ولن يكتب لها النجاح كونها تأتي ضد رغبات الفلسطينيين الرافضين لتهجيرهم من وطنهم مهما كانت الظروف .
إن سلوك الأنظمة العربية الباهت والضعيف قبل 7/10/2023 والبطيء والعقيم بعده أعطى مؤشراً واضحاً على حقيقة الوضع . لا أحد يريد أن يوجه أصبع الاتهام لأحد . فالعدو واحد وهو معروف على الاقل لشعوب الأمة العربية، ولكن من الضروري وضع الأمور في نصابها . الضعف والتهالك والانصياع العربي أضعف القضية الفلسطينية وجعلها في مهب الريح . المطلوب الآن من الأنظمة العربية الاستفادة من العاصفة الفلسطينية وإعادة شحن الإرادة العربية لوضع الأمور في موضعها الصحيح .
لا أحد يريد من الأنظمة العربية خوض المعارك والحروب نيابة عن الفلسطينيين، ولكن الفلسطينيون يريدون في المقابل عدم تكبيل إرادتهم وعزيمتهم بقيود عربية قد تكون لصالح اسرائيل . إن استمرار تآمر البعض على القضية الفلسطينية وعلى الفلسطينيين لن يفيد العرب بشئ ولن ينقذ العرب من مصير محتوم فيما لو تم السماح لإسرائيل بالاستفراد بمقدرات المنطقة. الدعم الامريكي لإسرائيل لن يتغير واسترضاء العرب المستمر لأمريكا، وكما ثبت مؤخراً، لن يفيد العرب بشيء . الأمن القومي العربي شاملاً فلسطين هو حقيقة وليس شعاراً ويجب التعامل معه كذلك. وإلى أن يقتنع حكام العرب بذلك، ستبقى مقدراتهم بيد أمريكا واسرائيل .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هادئ أجواء ملتهبة النهوض الفلسطيني السقوط العربي القضیة الفلسطینیة الأنظمة العربیة
إقرأ أيضاً:
منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية
قال المستشار بمنظمة القانون من أجل فلسطين، ليكس تاكنبرج، لقناة «القاهرة الإخبارية»، إن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» يؤثر على دور الوكالة في تقديم خدماتها للفلسطينيين، ويعوق تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
الدولية لدعم فلسطين: أونروا شريان رئيسي لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامها (فيديو) وزير الخارجية يدين الإجراءات الإسرائيلية ضد وكالة أونروا والاعتداءات على قوات يونيفيل شنت إسرائيل حملة شرسة على الأونرواوقد شنت إسرائيل حملة شرسة على الأونروا وساقت مزاعم كاذبة لم يثبت منها شيء حول انخراط عمال بالوكالة في هجمات السابع من أكتوبر، ما دفع عدد من الدول إلى تعليق تمويل الوكالة الأممية.
فيما أكد «ليكس تاكنبرج» إلى أن كثير من المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم الدعم السياسي والمالي لأونروا وعبر عن أمل منظمته في تجنب اتخاذ أي قرارات ذات تأثير سلبي على الشعب الفلسطيني.
إسرائيل تعمل على تدمير منازل الفلسطينيينوشدد المستشار بمنظمة القانون من أجل فلسطين، على أن إسرائيل تعمل على تدمير منازل الفلسطينيين والوكالات الأممية وعلى رأسها الأونروا التي وصفت هجمات إسرائيل عليها بأنها: « تُقوض القضية الفلسطينية وتعمل على إزالتها من طاولة المفاوضات».
ولفت إلى أنه لا منظمات أممية سوى أونروا يمكنها تقديم الخدمات اللازمة للاجئين الفلسطينيين.
أونروا شريان رئيس لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامهاقال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إحدى بنوك أهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنها تعتبر هدفا مسبقا للاحتلال من قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف «عبد العاطي» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن استهداف الاحتلال لأونروا تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع، موضحًا أن الوكالة تحظى بعمل أممي واسع من الجمعية العامة يجدد لها كل ثلاث سنوات.
ولفت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليس لها الحق في سن تشريعات تفرضها على الأمم المتحدة، إذ أن القانون الدولي يعلو على قوانين ودساتير الدول عدا أن هناك جزء من المنظمة الأممية التي على دولة الاحتلال احترامها واحترام العاملين بها.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال لم تحترم الأمين العام ولا أي من المنظمات الدولية التي تعوق عملها، متابعًا: «وكالة أونروا تعتبر شريان رئيس لمساعدة غزة، إذ أنها تقدم المساعدات لسكان قطاع غزة الذين يعيشون جراء جريمة الإبادة الجماعية».