أثار قرار المحكمة العليا في إسرائيل أمس الإثنين 1 من يناير 2024، بإلغاء قانون الحد من المعقولية، المتضمن في حزمة الإصلاح القضائي التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية ردود أفعال واسعة في الشارع السياسي الإسرائيلي، و تسببت تداعيات هذا القرار في ضجة كبيرة بين أوساط مسئولين في الحكومة الإسرائيلية، ما دفع أعضاء من الحكومة الإسرائيلية للاعتراض عليه.

وبموجب قانون الحد من المعقولية الذي ألغته المحكمة العليا في إسرائيل، يتم الحد من إشراف المحكمة العليا الإسرائيلية على الحكومة والوزراء.

تاريخ المحكمة الإسرائيلية العليا

تم إنشاء المحكمة العليا في دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وتعتبر هي أعلى السلطات القضائية في إسرائيل، كما و تضم عددًا محدودًا من القضاة. يتم تعيينهم تعيينًا دائمًا حتى بلوغهم سن السبعين.

بن غفير يرفض القرار

وعلق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، على القرار قائلاً: إن إلغاء القانون المتعلق بالحد من إشراف المحكمة على الحكومة والوزراء خطير ويضر بالمجهود الحربي، ويضرب معنويات جنودنا في غزة.

ويعد بن غفير من أبرز معارضي قرار المحكمة العليا في إسرائيل، ومعروف عنه، أنه محامي يميني متطرف، وكان مستشارًا إعلاميًا لعضو الكنيست السابق ميخائيل بن آري، والناطق الرسمي لحركة الجبهة الوطنية اليهودية، وكان قد تم انتخابه عضوًا في الكنيست لأول مرة في عام 2021، ولم تخل حياته السياسية من الاتهامات، حيث قدمت ضده 50 لائحة اتهام منهم 8 تهم جنائية إضافة إلى أعمال شغب والإخلال بعمل الشرطة والتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابيّة وغيرها.

المعارضة الاسرائيلية تدعم قرار المحكمة العليا

وعلى الجانب الآخر يرى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، أنه مؤيد وداعم لقرار المحكمة العليا بشكل كامل بعد إلغائها قانون "المعقولية" الذي يحد من إشرافها على حكومة بنيامين نتنياهو.

ونظرًا لأن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية يحد من إشرافها على الحكومة والوزراء، لذا فإن أصوات المنتقدين في الداخل الإسرائيلي تعلو ضد إدارة الحكومة الإسرائيلية في حربها الحالية على قطاع غزة.

إلغاء قانون اللامعقولية يضع نتنياهو في مأزق

ومن جانبه يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية لـ «الأسبوع» إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإلغاء قانون اللامعقولية لا يعني بأن المواجهة انتهت بل يعني أن المواجهة قد بدأت، وأن إلغاء هذا القانون كان متوقعًا وأنه تم التصديق عليه مرتين، وإلغاؤه سيفتح باب جديد ينقسم إلى، استمرار حالة التجاذب بين نتنياهو ومجموعة الليكود من جانب، والآخر وهو الأهم في تقديري، وهو مجموعة الصقور من الوزراء السابقين من المؤسسات السياسية والعسكرية، الذين يتحدثوا عن استمرار حالة الرفض، وهل من مصلحة نتنياهو الانحناء أمام العاصفة؟

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن بنيامين نتنياهو لن يقبل بهذا الأمر وسيكون في مكونات الائتلاف تصميم على إعادة توجيه الإجراء إلى رد المحكمة وسيذهب الأمر الى ما يسمى بالمدعي العام، وهذا المدعي العام هو من سيقرر، وبالتالي سيدخل الإسرائيليين في متاهة كبيرة.

وأشار فهمي إلى أن إلغاء القرار سيفتح الباب أمام مزيد من الشقاق والانقسام داخل إسرائيل ولن يمكن التعامل معه بصورة نهائية، وسيدخل الكثير من المجتمع الإسرائيلي في حالة من الفوضى المرتبطة بتمرير القرار، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن هذا القرار يعد صدوره تصعيدًا خطيراً، و سينظر إلى أن المحكمة قامت بتسييس قرارها بإلغاء هذا القانون.

وتوقع الدكتور طارق فهمي أن التصعيد بشأن هذا القرار سيدخل إسرائيل في حالة من حالة عدم الاستقرار، ولا يستبعد أن يكون لهذا القرار محاولة للتشويش على التجاذبات الموجودة داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية ما سيفتح الباب أمام رفض بعض القوانين سيئة السمعة في الكنيست بصورة أو بأخرى.

قرار المحكمة يلحق الأضرار بإسرائيل

وترى الدكتورة غادة حلمي أستاذ القانون الجنائي الدولي، أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية يأتي كخطوة جريئة وسابقة تعد الأولى من نوعها، التي تلغي فيها المحكمة العليا الإسرائيلية قانونًا أقرته الحكومة اليمينية برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي بدوره قلص بعض صلاحيات المحكمة العليا وأثار احتجاجات في إسرائيل، وتعد هذه هي المرة الأولى التي تجتمع المحكمة العليا بكامل أعضائها الـ 15 للنظر في التماس.

القانون غير مسبوق لإسرائيل

وقالت في تصريح لـ «الأسبوع»، في الوقت نفسه لم يسبق للمحكمة العليا الإسرائيلية في تاريخها أن ألغت قانون أساسي أقره الكنيست ما يجعل هذا القرار غير مسبوق في تاريخ الكيان الإسرائيلي.

وأضافت أستاذ القانون الجنائي الدولي، أن إثارة القانون الملغي للجدل خلال عام 2023 من شأنه أن يحدث تغييرًا في السلطة القضائية، مما سيشعل من جديد التوترات العنيفة وسيلحق ضررًا خطيرًا في الداخل الإسرائيلي.

وأكدت الدكتورة غادة حلمي على أن القانون الملغي كان يوسع سلطات رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في قراراتهم بحجة توافر معقوليتها، ويلغي رقابة القضاء عليهم، الأمر الذي تسبب في أزمة كبرى في إسرائيل خلال الشهور السابقة على أحداث السابع من أكتوبر الماضي والهجوم على قطاع غزة، مشيرةً إلى أنه كقاعدة عامة انتهكها هذا القانون، فإن معيار المعقولية للمحاكم بما في ذلك المحكمة العليا، كان يسمح بإلغاء قرارات المسئولين المنتخبين، إذا اعتبرت أنها قرارات «غير معقولة».

وتابعت حلمي قولها، هذا القانون، الذي أقرته الأحزاب الحاكمة في الكنيست الإسرائيلي في يوليو الماضي، هو أول قانون رئيسي في خطة التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي أدَّت إلى أعمق انقسام في تاريخ إسرائيل. وذلك على وقع احتجاجات واسعة شهدتها إسرائيل، ضد القانون الذي يعتبر واحدا من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة، ضمن خطتها لإضعاف جهاز القضاء، التي تصفها المعارضة بـ «الانقلاب القضائي»

وأضافت، هناك انتقادات وجهها مسئولون في الحكومة للجهاز القضائي، معتبرين أن نشر القرار أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، قد يعيد الانقسام المجتمعي العميق في إسرائيل، وعلى الجانب الأخر نجد أن المعارضة الإسرائيلية قد أيدت قرار المحكمة وأثنت عليه، خاصة بيان زعيم المعارضة الذي قال فيه أن قرار المحكمة العليا يختتم عامًا صعبًا من الصراع الذي مزّقنا من الداخل وأدى إلى أسوأ كارثة في تاريخنا

وتوقعت أن يتسبب هذا القرار في انقسامات داخل مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، المكون من نتنياهو واثنين من منتقدين بارزين لجهوده للإصلاح القضائي. وأن يعيد الحكم فتح النقاش المشحون والساخن الذي احتدم في إسرائيل طوال عام 2023، لكنه تم تهميشه في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر منذ بدأ الهجوم على قطاع غزة.

حكومة نتنياهو تهدد بقاء إسرائيل

ويقول اللواء دكتور رضا فرحات الخبير الأمني، أن قرار المحكمة العليا في إسرائيل بإلغاء قانون الحد من المعقولية أثار حالة من الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي، وكان بمثابة محاولة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، بأن تُحدث هذا التعديل بالقانون من أجل الحد من إشراف المحكمة العليا على الحكومة والوزراء المنتخبين، ونجد أن الأحزاب الأعضاء بالكنيست في يونيو الماضي، كانت قد أقرت هذا القانون والذي يأتي كقانون رئيسي ضمن خطة التعديلات التي تحاول حكومة نتنياهو السعي قدمًا لتحقيقها للحد من سلطات القضاء، وهوما أحدث نوعًا من الانقسام والقطبية داخل المجتمع الإسرائيلي.

وأردف الخبير الأمني لـ «الأسبوع» بقوله، أن إلغاء هذا القانون بالتصويت عليه بإجمالي عدد 8 أصوات مقابل 7 أصوات بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية، والتي ذكرت أن مبررات الإلغاء إنما يلحق ضررًا خطيرًا وبالغًا لم يحدث من قبل في التقسيم أو التأثير على الوضع الديمقراطي القائم في إسرائيل، حيث يرى أصحاب وجهات النظر الرافضة للقرار أنه يحد من الإشراف القضائي على أداء الحكومة وأعضائها يعتبر بمثابة إخلالًا كبيرًا، وكما نعلم أن إسرائيل تعتبر البلد الوحيدة التي لم يكم لديها دستورًا مكتوبًا، وبالتالي ليس لديها قواعد دستورية يقرها الشعب تضمن الفصل بين السلطات والرقابة عليها اذا ما حدث خلاف أسوة بما يحدث في أغلب الدول.

ويرى اللواء الدكتور رضا فرحات، أنه في حال ما إذا تم صدور هذا القانون أو تنفيذه كان سيخل بعملية التوازن بين السلطات بالمحكمة واسعة الصلاحيات والحكومة المنتخبة، فالمعارضون لهذا القانون يرون أنه يزيل احد الضوابط الوحيدة التي تقع ضمن اختصاصات الحكومة، ومن المحتمل أن اللغط الدائر حول هذا القانون من شأنه أن يحدث أزمة دستورية وسياسية في إسرائيل، كما وأن قطاع كبير من قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي سبق وأن نادت بعدم الانضمام للجيش اعتراضًا منها على هذا القانون، والتي يأتي بالتزامن مع الحرب على غزة، وما يزيد الأمر تعقيدًا هي التهديدات التي تلاحق إسرائيل من جنوب لبنان وكذلك الحوثيون في اليمن، فالحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو لا تنحاز الى السلم والأمن الاجتماعي، بل تهدد نظرية الأمن الإسرائيلية ومن ثم تهدد بقاء إسرائيل وتقودها إلى حالة أكثر تطرفًا، كما وتهدد استقرار إسرائيل على المدى القريب، بل وسعي هذه الحكومة إلى تقويض حل الدولتين من خلال محاولتها في السيطرة على قطاع غزة، وارتكابها جرائم لا إنسانية ضد الفلسطينيين.

ويأتي هذا القرار في ظل وقوع أهالي قطاع غزة تحت وطأة عملية عسكرية سميت «السيوف الحديدية»، نفذها الجيش الإسرائيلي من دون هوادة وكانت نتائجها كارثية على المدنيين العزل، وكانت هذه العملية قد بدأت منذ 7 أكتوبر الماضي الجيش الإسرائيلي، والتي جاءت ردًا على عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها فصائل من المقاومة الفلسطينية، وارتفع على إثرها عدد الشهداء الفلسطينيين إلى أكثر من 22 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء وسط مطالبات من دولية يضرورة وقف إطلاق النار في ظل دخول العام الجديد وارتفاع أعداد القتلى والمصابين والشهداء.

اقرأ أيضاًالمحكمة العليا الإسرائيلية تلغي قانون «المعقولية»

تجدد المظاهرات في تل أبيب بسبب التعديلات القضائية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل الحكومة الإسرائيلية غزة نتنياهو المحكمة العليا الإسرائيلية المحکمة العلیا الإسرائیلیة المحکمة العلیا فی إسرائیل على الحکومة والوزراء الحکومة الإسرائیلیة بنیامین نتنیاهو على قطاع غزة إلغاء قانون هذا القانون هذا القرار قانون ا الحد من إلى أن

إقرأ أيضاً:

جدعون ساعر ينضم إلى الحكومة الإسرائيلية

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، أن النائب المعارض جدعون ساعر سينضم إلى الحكومة، في خطوة من المرجح أن تعزز موقف رئيس الوزراء سياسياً.

وقالت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية إن ساعر من المزمع أن يكون وزيراً بلا حقيبة، وأن ينضم إلى مجلس الوزراء الأمني في حكومة نتانياهو.

محللون: اغتيال #نصر_الله ينقذ نتانياهو https://t.co/qsxplVQE03

— 24.ae (@20fourMedia) September 29, 2024 وساعر سياسي من أصحاب الآراء والمواقف المتشددة، وكان من أكبر منتقدي نتانياهو في السنوات القليلة الماضية.
ومن المرجح أن يمنح توسيع الحكومة دفعة لنتانياهو بجعله أقل اعتماداً على أعضاء آخرين في ائتلافه الحكومي.

مقالات مشابهة

  • النوّاب يُؤكد دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا
  • مجلس النواب يرد على بيان المجلس الرئاسي بشأن قانون المحكمة الدستورية العليا
  • مجلس النواب يعلن عن سحب الحكومة لـ 17 مشروع قانون
  • الحكومة: اللجنة الطبية العليا استجابت لـ4061 حالة من واتس آب ومواقع التواصل
  • العليا الإسرائيلية ترفض إعادة جثة فلسطيني قبل استعادة الرهائن
  • العليا الإسرائيلية ترد التماس المطالبة بتحرير جثمان وليد دقة
  • جدعون ساعر ينضم إلى الحكومة الإسرائيلية
  • "عمومية المحكمة العليا" تناقش تشكيل الدوائر للعام القضائي الجديد
  • «المحكمة العليا» تناقش تشكيل الدوائر القضائية
  • الإدارية العليا: كل موظف يضر بأعمال وظيفته يعاقب تأديبيا