بينما لا يزال الإسرائيليون يعانون من الآثار المدمرة الناجمة عن أضخم فشل استخباراتي وعملياتي في تاريخ بلادهم الذي يبلغ 75 عاماً، بسبب هجوم "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يجب عليها ألا تخاطر بعلاقاتها المتجذرة مع الولايات المتحدة وتدير الحرب بشكل أكثر احترافية وتضع حلولا للأزمة مع الفلسطينيين بشكل عام، فالغضب الذي بات يتملك الإدارة الأمريكية من تطورات الحرب ورفض الحديث عن "اليوم التالي" يجب أن يدق ناقوس الخطر في تل أبيب.

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه شالوم ليبنر، الزميل في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، والذي خدم مع 7 رؤساء وزراء في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونشره موقع "فورين أفيرز".

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: لدينا خلافات مع واشنطن حول غزة لكن كلانا يريد رؤية نهاية حماس

فجوات في الموقف بين تل أبيب وواشنطن

ويقول الكاتب إنه ما هو واضح تمامًا هو أن حرية إسرائيل في متابعة أهدافها الحربية المعلنة ستكون مقيدة إلى حد كبير لولا الدعم المؤكد من الولايات المتحدة.

ومع استمرار القتال وظهور الفجوات بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي، فإن لدى إسرائيل أسباباً قوية للاستثمار في الحفاظ على تحالفها الأساسي سليماً، يضيف ليبنر.

ولضمان بقاء روابطها مع الولايات المتحدة بعد هذه الحرب، يتعين على إسرائيل ليس فقط أن تدير الحملة العسكرية الحالية بحكمة، بل يتعين عليها أيضاً أن تعالج المشاكل السياسية الداخلية وأن تحدد إلى الأبد الكيفية التي تخطط بها لتسوية صراعها مع الفلسطينيين.

ويرى أنه مع تعهد حركة "حماس" بتكرار ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى "إبادة إسرائيل"، وتصعيد "حزب الله" هجماته عبر الحدود مع لبنان، وتعطيل الحوثيين في اليمن للشحن الإسرائيلي في البحر الأحمر، وتردد السعودية إزاء التطبيع، فإن التحركات الإسرائيلية التالية قد تصنع الفارق بين تعميق العنف والتقدم نحو السلام.

اقرأ أيضاً

بسبب غزة وما بعدها.. كاتب أمريكي: هل تتصادم واشنطن وتل أبيب قريبا؟

عواقب مصيرية

ويضيف: سواء كانت إسرائيل تريد دولة واحدة، أو دولتين، أو أي شيء آخر، فيتعين على قادتها ومواطنيها أن يقرروا المسار الذي سيسلكونه قريباً، ويجب عليهم أن يدركوا أيضًا أنه بغض النظر عن قرارهم - وهو القرار الذي يجب عليهم اتخاذه وحدهم - فسيكون له عواقب ليس فقط على إسرائيل نفسها، بل أيضًا على علاقتها الأساسية مع الولايات المتحدة.

ويمضي ليبنر بالقول إنه إذا أصبحت الولايات المتحدة محبطة بما فيه الكفاية من السياسات الإسرائيلية لدرجة أن واشنطن فرضت شروطًا على تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية، فقد تجد إسرائيل بيئة عملها مقيدة بشكل كبير.

اقرأ أيضاً

تحليل: مماطلة نتنياهو مع الأمريكيين حول ما بعد حرب غزة سيضر بإسرائيل

إرهاصات للأزمة

ويعتبر الكاتب أن تأخير إدارة بايدن مؤخرًا في تصدير أكثر من 20 ألف بندقية من طراز M-16 مخصصة لفرق الدفاع الإسرائيلية بسبب مخاوف الولايات المتحدة بشأن عنف المستوطنين في الضفة الغربية يمكن أن يكون نذيرًا لمزيد من العوائق.

ويحذر الكاتب من تصرفات نتنياهو وتأثيرها السلبي على علاقة تل أبيب وواشنطن، فبدلا من محاولة تقريب المسافات ربما يسعى إلى إثارة خلاف مع واشنطن من أجل تحسين فرص عمله مع انخفاض معدلات تأييده.

فقد أعلن نتنياهو أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست في 11 من ديسمبر/كانون الأول أن "رئيس الوزراء الذي لا يستطيع تحمل الضغوط الأمريكية لا ينبغي له أن يدخل مكتبه".

ويعقب الكاتب: لكن الانخراط في مشاجرات علنية مع الولايات المتحدة هو آخر ما تحتاجه إسرائيل الآن.

ويردف: ولتجنب مستقبل تضطر فيه إسرائيل إلى مقاومة المخاطر الوجودية دون اللجوء إلى الترسانات العسكرية الأمريكية أو استخدام حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يجب على صناع السياسات الإسرائيليين تغيير مسارهم.

اقرأ أيضاً

استراتيجية ما بعد حرب غزة.. قنبلة موقوتة تهدد بصدع أمريكي إسرائيلي

3 خطوات عاجلة

ويقترح الكاتب عددا من الخطوات لمحاولة جسر الهوة المتزايدة بين واشنطن وتل أبيب منذ فترة بسبب تداعيات الحرب الحالية، وهي على النحو التالي:

أولا: يجب على جيش الاحتلال الإسرائيلي الإسراع بتحقيق أهدافه المجمع عليها داخل المجتمع الإسرائيلي في غزة، ولتحقيق هذه الغاية، يجب على سلسلة القيادة في جيش الدفاع الإسرائيلي أن تكون دقيقة في تحديد الأهداف العملياتية المشروعة، ولا تسمح بالهجمات إلا عندما يتم استيفاء هذه المعايير.

ثانيا: هناك حاجة ماسة إلى إعطاء الأولوية للأمن القومي على السياسة، حيث يقول الكاتب إن الميزانية التكميلية لعام 2023 التي تم إقرارها في 14 ديسمبر/كانون الأول، والتي كان من المفترض أن تغطي النفقات غير المتوقعة للحرب في غزة، حولت الأموال الثمينة إلى بيروقراطيات غير ذات صلة - بما في ذلك وزارة القدس والتراث ووزارة الاستيطان والبعثات الوطنية - لإرضاء الدوائر الانتخابية الرئيسية.

وبدلاً من ائتلاف نتنياهو، هناك قلق واسع النطاق من أن ميزانية 2024 ستتبع نفس النمط من تخصيص الموارد للرعاية السياسية للأحزاب الدينية في نفس الوقت الذي يُطلب فيه من الولايات المتحدة المساعدة في تعويض تكاليف الحرب.

ثالثا: يجب على إسرائيل، وبشكل عاجل، صياغة موقف واضح بشأن القضية الفلسطينية، وفي هذا الغطار يجب على نتنياهو أن يرفع الحظر الذي يفرضه على إجراء نقاش حقيقي – داخل حكومته ومع إدارة بايدن – حول ما سيأتي بعد الصراع في غزة.

وقد رفض نتنياهو محاولات إجراء هذه المحادثة خوفا من زعزعة استقرار ائتلافه الحاكم. وقد أعرب بايدن عن إحباطه من هذا الوضع، حيث علق في 12 ديسمبر/كانون الأول قائلاً إن نتنياهو "يجب أن يتغير"، لكن "الحكومة في إسرائيل تجعل الأمر صعباً للغاية".

المصدر | شالوم ليبنر / فورين أفيرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية نتنياهو غزة حماس جو بايدن مع الولایات المتحدة اقرأ أیضا یجب على

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟

تطرقت صحيفة نيويورك تايمز إلى قضية تقديم المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان علي قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة لتسلط الضوء على سلطات المحكمة الجنائية الدولية وحدود ولايتها القضائية في سياق السياسة الدولية.

المحكمة الجنائية الدولية: أداة للعدالة الدولية

تأسست المحكمة الجنائية الدولية قبل أكثر من عقدين لتقديم المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، وجرائم العدوان إلى العدالة. النظام الأساسي للمحكمة، المعروف بـ "نظام روما"، وقّعت عليه 120 دولة، مما يجعلها أعضاء في المحكمة.

رغم أن إسرائيل ليست من بين الدول الموقعة، فإن توقيع السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي يتيح للمحكمة فتح تحقيقات حول الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. في هذا السياق، وجهت المحكمة اتهامات لنتنياهو وجالانت باستخدام أساليب مثل التجويع كأداة حرب.

حدود السلطة: تحديات تنفيذ العدالة

تشير الصحيفة إلى أن سلطات المحكمة الجنائية تواجه عراقيل بسبب عدم اعتراف العديد من الدول الكبرى بولايتها، بما في ذلك الولايات المتحدة، روسيا، والصين، التي لم تصادق على نظام روما الأساسي. هذه الدول لا تلتزم بالمذكرات الصادرة عن المحكمة ولا تسلم مواطنيها إليها، مما يضعف فاعلية المحكمة في ملاحقة المتهمين الدوليين.

رغم ذلك، يمتد نطاق ولاية المحكمة نظريًا إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء، إذ يمكن لمجلس الأمن الدولي إحالة حالات إلى المحكمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة. لكن مع التوترات بين الأعضاء الدائمين في المجلس (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا)، فإن الإحالة الجماعية تبدو غير مرجحة، كما أشار ديفيد شيفر، السفير الأمريكي السابق والمفاوض في إنشاء المحكمة.

السوابق الدولية: قرارات لم تنفذ

تاريخيًا، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق زعماء بارزين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، والعقيد الليبي معمر القذافي. لكن تنفيذ هذه المذكرات يظل مرهونًا بالتعاون الدولي. على سبيل المثال، زار بوتين منغوليا، وهي دولة عضو في المحكمة، دون أن يُعتقل، كما تمكن البشير من مغادرة جنوب أفريقيا في ظروف مشابهة.

التعاون الدولي: التزام اختياري؟

تعتمد المحكمة على الدول الأعضاء لتنفيذ أوامر الاعتقال. إلا أن بعض الدول تتجاهل التزاماتها الرسمية، مثل المجر التي أعلنت على لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان أنها لن تعتقل نتنياهو إذا زارها، رغم كونها عضوًا في المحكمة.

هذا الموقف يعكس التحديات التي تواجه المحكمة في فرض سلطتها حتى بين الدول الأعضاء، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في محاسبة القادة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل.. المصادقة على تعيين سفير جديد إلى الولايات المتحدة
  • الكرملين: الولايات المتحدة تتخذ خطوات متهورة ويثير التوترات بشأن الصراع في أوكرانيا
  • نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟
  • مستشار سابق لترامب: أمريكا غير ملزمة بقرارات الجنائية الدولية
  • مسؤول إماراتي ينفي نية بلاده تمويل مشروع تجريبي إسرائيلي للمساعدات في غزة
  • مسؤول إماراتي ينفي نيه بلاده تمويل مشروع تجريبي إسرائيلي للمساعدات في غزة
  • هذا ما نعرفه عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أطلق لأول مرة على أوكرانيا .. خارق ولا يمكن اعتراضه ويصل أمريكا
  • قراصنة صينيون يجهزون ساحة هجوم سيبراني.. مسؤول أمريكي يحذر من صراع وشيك
  • باحث سياسي: أمريكا لا تريد دعم نتنياهو وجالانت.. لكنها ترغب في الحفاظ على هيبة إسرائيل
  • نيويورك تايمز: مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو تشير إلى تورط الولايات المتحدة