الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا: خطوة محدودة جدًّا ومتأخّرة جدًّا؟

بينما تواصل إسرائيل قصف غزة، ستجد الدول العربية صعوبة في الجلوس إلى الطاولة مع إسرائيل، فضلا عن قيامها بالتخطيط لمشاريع الاندماج الإقليمي.

حتى قبل اندلاع حرب غزة لم تتمكّن الخطة الأميركية للاندماج الاقتصادي الإقليمي من تحقيق هدفها الأساسي في التصدي للتأثير الصيني في الشرق الأوسط.

لتحقيق أهداف الممر الاقتصادي، يجب معالجة التحديات السياسية التي يواجهها المشروع فقد وسّعت الصين نفوذها بالمنطقة، وليس واضحًا أن أميركا ستتمكّن من التصدّي له.

سيواجه أي مشروع لربط الأردن بإسرائيل معارضة الرأي العام الأردني، ولا سيما من الفلسطينيين، وقد اتخذت الحكومة الأردنية موقفًا قويًا ضد القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.

* * *

كشف قادة العالم، خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في أيلول/سبتمبر، عن خطط لإنشاء ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وقد وقّعت السعودية والاتحاد الأوروبي والهند والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة مذكّرة تفاهم التزمت بموجبها العمل معًا للمضي قدمًا بالمشروع.

في حين أن التفاصيل عن الممر لا تزال ضئيلة، كشفت مذكرة التفاهم الخطوط العريضة الأساسية لشبكة النقل التي تتراوح من الشحن بالسفن وصولا إلى السكك الحديد، والتي ستُكمِّل طرقات النقل البحري والبري القائمة.

وتشمل البنية التحتية المادّية للمشروع خطوط السكك الحديد التي تربط الإمارات العربية المتحدة بإسرائيل عن طريق السعودية والأردن، فضلًا عن الكابلات الكهربائية لتعزيز الاتصال الرقمي وأنابيب تصدير الهيدروجين النظيف.

تضغط الولايات المتحدة لإنشاء الممر في إطار التصدي لمبادرة الحزام والطريق الصينية. ولكن الصين تمارس بالفعل تأثيرًا ملحوظًا على طول الطريق المقترح للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وإحدى حلقات الربط المهمة في الممر هي ميناء بيرايوس اليوناني، وهو أكبر ميناء في شرق أوروبا، الذي ستصل إليه الحمولة من ميناء حيفا في إسرائيل.

شركة الشحن الصينية "كوسكو" هي صاحبة الحصة الأكبر في الميناء منذ عام 2016، حين باعتها الحكومة اليونانية ثلثَي الحصص. بعبارة أخرى، تتمتع هذه الشركة الصينية بجميع الصلاحيات اللازمة لاتخاذ القرار بشأن مستقبل الميناء والسيطرة على الأرصفة والمحطات.

في هذه المرحلة، ليس واضحًا إذا كانت الهند والولايات المتحدة تتغاضيان عن هذا المعطى الاستراتيجي المهم، أم إذا كانتا ستحاولان شراء حصص في ميناء بيرايوس وجعل ميزان القوى يميل لصالحهما على حساب شركة "كوسكو".

علاوةً على ذلك، تحدّ الروابط المالية العميقة بين الصين والخليج العربي من قدرة الممر الاقتصادي أو أي مشروع إنمائي مماثل على تحدّي تأثير بيكين في المنطقة. بلغت قيمة التجارة بين الصين والسعودية أكثر من 106 مليارات دولار أميركي في عام 2022، ما يمثّل نحو ضعف قيمة التجارة بين الولايات المتحدة والسعودية.

واكتسبت الصين أيضًا حصّة أقلية بنسبة 20 في المئة في محطة بوابة البحر الأحمر، وهو أكبر ميناء في السعودية. وتجاوزت قيمة التجارة غير النفطية بين الصين والإمارات العربية المتحدة 72 مليار دولار أميركي في عام 2022 فقط، وقد استثمرت الصين بالفعل في العديد من الخطط الإنمائية، ومنها مشروع "الاتحاد للقطارات" الذي يهدف إلى ربط مدينة الفجيرة في الشمال الشرقي بالمنطقة الواقعة عند الحدود مع السعودية.

سوف يشكّل هذا المشروع الشريان الأكبر للسكك الحديد في مختلف أنحاء البلاد، فيربط بين المراكز الصناعية الكبرى، وقواعد التصنيع، والمراكز اللوجستية والمرافئ الأساسية في الإمارات.

يواجه الممر الاقتصادي تحدّيًا جديدًا في ضوء هجوم حماس في 7 أكتوبر والهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة. لقد توقّفت محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية في المستقبل المنظور، علمًا بأن الحرب لم تقوّض بعد العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية مع الإمارات.

ومن شأن أي مشروع يربط الأردن بإسرائيل أن يواجه معارضة شديدة من الرأي العام الأردني، ولا سيما من الفلسطينيين، وقد اتخذت الحكومة الأردنية موقفًا حازمًا ضد القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.

قد يلقى الممر الاقتصادي في نهاية المطاف مصير مشاريع أخرى للبنية التحتية، مثل سكة الشحن المقترحة بين إسرائيل والأردن والسعودية التي أُجهِضت في مهدها.

ولكن استنادًا إلى موقف الهند الأخير بالتصويت لصالح إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على الأرجح أن الأزمة الراهنة لن تؤثّر في العلاقات بين نيودلهي وتل أبيب.

يقدّم الممر الاقتصادي مجموعة كبيرة من الفوائد الاقتصادية المحتملة على الصعيدَين الإقليمي والدولي، ولا سيما من خلال خفض التكلفة وزيادة سرعة شحن الحمولة.

لكن من أجل تحقيق أهداف الممر الاقتصادي، يجب معالجة التحديات السياسية المحتملة التي يواجهها المشروع. فقد وسّعت الصين بالفعل نفوذها في المنطقة، وليس واضحًا أن الولايات المتحدة ستتمكّن من التصدّي له.

لكن في المدى الفوري، وبينما تواصل إسرائيل قصف غزة، ستجد الدول العربية صعوبة حتى في الجلوس إلى الطاولة مع إسرائيل، فضلا عن قيامها بالتخطيط لمشاريع الاندماج الإقليمي.

*عبد المعز خان باحث بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في إسلام أباد.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الهند الصين أميركا أوروبا الإمارات السعودية الأردن إسرائيل غزة القصف الإسرائيلي الولايات المتحدة الشرق الأوسط الممر الاقتصادي بین الهند والشرق الأوسط وأوروبا الممر الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

ميناء صحار والمنطقة الحرة يعلنان عن خطط توسعية لدعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات

العُمانية: أعلن ميناء صحار والمنطقة الحرة عن خططهما التوسعية للمنطقة الحرة بصحار بعد تلبية الطلب المتزايد من المستثمرين والمستأجرين ومع قرب المرحلة الأولى من الوصول لقدرتها الاستيعابية وإبداء الكثير من الشركات اهتمامها بتشغيل عملياتها في هذا المركز الاقتصادي المتنامي في سلطنة عُمان.

وتتمثل الفوائد الاقتصادية لهذه التوسعة في زيادة كبيرة في حجم المناولة، حيث ستتم إضافة 2.5 مليون طن من البضائع سنويًّا، إلى جانب استثمارات تتجاوز مليارًا و923 مليون ريال عُماني (5 مليارات دولار أمريكي) و500 هكتار من الأراضي المتاحة للتأجير.

كما ستوفر التوسعة بين 300 و700 فرصة عمل جديدة، مما سيسهم في تعزيز إيرادات تأجير الأراضي وتحفيز حركة التجارة المحلية، وبالتالي دعم الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.

وستتم تلبية 85 بالمائة من احتياجات المشروع من الموردين والمقاولين المحليين، مما يعزز الإنفاق في المحتوى المحلي.

وسيتم البدء بتوسعة المشروع من خلال حزمة خدمات التصميم العام تليها الأعمال الإنشائية لتوفير أراضٍ قابلة للتأجير للشركات والمستأجرين.

وفي إطار الجهود التي تبذلها حكومة سلطنة عُمان لتعزيز البيئة الاستثمارية، وجعل المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة أكثر جاذبية؛ جاء المرسوم السلطاني رقم (38/ 2025) الذي صدر مؤخرًا بشأن قانون المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ليشهد على ازدهار المنطقة الحرة بصحار، الأمر الذي يزيد من استقطابها للاستثمارات الأجنبية ويعزز ثقة المستثمرين.

ومع التوسع المستمر للمنطقة الحرة، فإنها تتطلع إلى استكشاف فرص جديدة في قطاعات التصنيع والخدمات اللوجستية والابتكار، مما يدعم دور سلطنة عُمان كبوابة استراتيجية للتجارة العالمية.

وأوضح محمد بن علي الشيزاوي القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار ونائب الرئيس للموارد البشرية والخدمات المساندة في ميناء صحار والمنطقة الحرة أن التوسعة تعد خطوة مهمة نحو تعزيز قدرات المنطقة الحرة بصحار بما يخدم ويدعم النمو الاقتصادي في المنطقة، استرشادًا بأهداف «رؤية عُمان 2040»، نحو تطوير بنية أساسية ومناطق اقتصادية جاذبة للاستثمارات والمستأجرين من جميع أنحاء العالم.

وقال: إن إدارة ميناء صحار والمنطقة الحرة ستواصل تعزيز مكانتها كمركز استراتيجي للأعمال بما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي طويل الأجل في سلطنة عُمان وإيجاد فرص مشتركة للتقدم والازدهار.

وأشار إلى أنه بفضل موقع ميناء صحار الاستراتيجي عند مفترق طرق التجارة العالمية بين الأسواق في قارتي آسيا وأوروبا، نجح ميناء صحار والمنطقة الحرة في جذب استثمارات تتجاوز 11 مليارًا و540 مليون ريال عًماني (30 مليار دولار أمريكي) حتى الآن.

وذكر أن المنطقة الحرة بصحار تقدم مجمعًا متكاملًا وفريدًا من نوعه يُدار بهيكل إداري واحد مما يسرع ويسهل من سير الأعمال ويتيح ممرًا معفيًّا من الرسوم بين الميناء والمنطقة الحرة لا تتجاوز فيه مدة عبور البضائع 14 دقيقة.

وتضم المنطقة الحرة بصحار مجموعة متنوعة من الصناعات، وتوفر خدمات أساسية تشمل التخزين والخدمات اللوجستية، والبتروكيماويات والتجارة العامة، والخدمات اللوجستية للسيارات، واللدائن، والكيماويات والمعادن.

وتعد المنطقة الحرة مركزًا حيويًّا للشركات والمشروعات المحلية والدولية، مما يتيح بيئة مواتية للتطور والنمو في مختلف القطاعات.

ويلتزم ميناء صحار والمنطقة الحرة بالمساهمة في تعزيز التنويع الاقتصادي وإيجاد مستقبل أكثر ازدهارًا في سلطنة عُمان.

ويهدف ميناء صحار والمنطقة الحرة إلى تحسين كفاءة سلسلة التوريد وتعزيز دورهما الفاعل في المشهد الاقتصادي في سلطنة عُمان، وضمان إيجاد مزايا طويلة الأجل للمجتمعات المحلية والشركات على حدٍ سواء.

مقالات مشابهة

  • أول تصريح من الصين بعد تراجع أمريكا عن بعض الرسوم الجمركية
  • الصين تدعو الولايات المتحدة الى إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل كامل
  • الصين تدعو أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل كامل
  • “دبليو كابيتال” للوساطة العقارية تتوقع تدفق المستثمرين من الهند والصين وأوروبا على عقارات دبي
  • ملاك البابا تحصد جائزة "Inspiration Award" عن منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا
  • ملاك البابا تحصد جائزة Inspiration Award لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا
  • ضبط 15 عجلة معدة للتهريب في منفذ ميناء أم قصر الأوسط
  • الإمارات تحتضن تصفيات آسيا والشرق الأوسط للبريدج
  • الصين تفرض رسوما جمركية مضاعفة على المنتجات الأمريكية ردا على التنمر الاقتصادي
  • ميناء صحار والمنطقة الحرة يعلنان عن خطط توسعية لدعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات