الأمراض تفتك باهل غزة اكثر من الصواريخ
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
تقضي تغريد اكثر من ساعه مشيًا على الاقدام تصول وتجول بحثًا عن قارورات المياة المعدنية داخل مخيم رفح للنازحين قسرًا جنوب قطاع غزة.
لم يكن هذا الأمر نوعا من الرفاهية وانما حدث بعد تجربة مريرة خاضتها مع النزلة المعوية التى اصيبت بها مؤخرًا وشخصت من قبل الطبيبة بأنها ناتجه عن شرب المياه الملوثه.
كانت تصرخ ليل نهار من شدة الألم داخل خيمتها الصغيرة الباردة، تتلوى وكأنها في حالة مخاض لم تفلح الأدوية والمهدئات في تخفيف حدة الألم ولم يسعفها طابور دخول الحمام المزدحم بالنازحين من قضاء حاجتها بالشكل المطلوب فأذي هذا الأمر الى تفاقم وضعها الصحي وتردي وضعها ما استدعي الى نقلها لأحد بيوت الأقارب لتستخدم محلول الاشباع الوريدي من اجل الشفاء.
تقريبًا لم يسلم أحد من النازحين من الإصابة بالامراض المنتشرة في قطاع غزة منذ اليوم الاول للحرب في السابع من أكتوبر الماضي حتي اليوم الثمانين.
أمراض كثيرة منتشرة على رأسها الأمراض المعوية والتنفسية والجلدية والانفلونزا، الأمراض الجلديه وازدادت خطورة الوضع مع تسجيل بعض الإصابات بمرض الكوليرا والجذري والطاعون والوباء الكبدي بأنواعه A، B.
الدكتور عبدالرحمن وهو أحد الأطباء العاملين في مستشفي العودة بمخيم النصيرات أبلغني بأن هناك أكثر من 355 الف إصابة بأمراض مختلفه بين النازحين قسرًا في اماكن اللجوء المختلفه حسب تقرير صدر عن وزارة الصحة الفلسطينية وأن معظم الإصابات بين الأطفال بشكل خاص اما عن السبب في ذلك فقد أوضح بأن قلة النظافه هى سبب رئيسي لانتشار الأمراض بالإضافة الى شح وقلة توفر المياة النقيه مع التلوث الموجود في الهواء الجوي نتيجة إستمرار إطلاق صواريخ الاحتلال على رؤوس المدنيين في كافة انحاء قطاع غزة.
وقد قدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا عدد النازحين قسرًا من شمال قطاع غزة الى جنوبه بأكثر من مليون و900 الف نازح موزعين على أكثر من 195 مركز ايواء ما بين مدارس ومستشفيات وجامعات وكليات وبيوت الأقارب والأصدقاء.
ويعد التزاحم بين النازحين فرصه ذهبية لانتشار الأمراض المعدية خصوصًا بين الأطفال وكبار السن.
لذا فقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية بالإضافة إلى العديد من المؤسسات والمنظمات والهيئات الحقوقية بأن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد في خنق قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007 م مع استخدام سياسية التعطيش والتجويع من خلال اغلاق المعابر التجارية منذ اليوم الأول للحرب وعدم السماح بدخول شاحنات المساعدات الإنسانية المتواجدة في الجانب المصري من معبر رفح بالصورة المطلوبة لتفي باحتياجات النازحين.
أما منظمة أنقذوا الأطفال فقالت بأن الوفيات الناجمة عن الجوع والمرض في غزة قد تفوق الناتجة عن القنابل، وان الإحتلال الإسرائيلي استخدام التجويع سلاحًا في الحرب مميت للأطفال، وان أطفال غزة محكوم عليهم بمزيد من القصف والمجاعة والمرض، وهذا وان من كل 9 أطفال من بين 10 لا يأكلون يوميًا او لا يصلهم الغذاء الكافي.
فيما اوضحت منظمة الصحة العالمية بأن 93% من سكان غزة يواجهون أزمة جوع غير مسبوقة.
ولم يتختلف رأي مؤسسة اليونيسيف عن المؤسسات والمنظمات والهيئات الأخري حين صرحت بأن قطاع غزة أخطر مكان في العالم للأطفال ونحو مليون طفل أُجبروا على النزوح قسرًا من منازلهم.
وفيما يتعلق بأحدث تصريحات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد جاء فيه بعض النسب الهامة منها ان 71% من سكان قطاع غزة يعانون من مستويات حادة من الجوع، 98% من سكان قطاع غزة يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء، 64% من سكان قطاع غزة يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع وأن معدل الحصول على المياه، بما في ذلك مياه الشرب ومياه الاستحمام والتنظيف يبلغ 1.5 لتر للشخص الواحد يوميًا في قطاع غزة.
هناك شهادات حيه موثقه بالفيديوهات في شمال قطاع غزة تقول ان هناك موت بسبب الجوع ولا يمكن الحصول على طعام هناك بعد منع جيش الاحتلال الإسرائيلي من دخول الإمدادات لشمال ومدينة غزة منذ بدايه الاجتياح البري وتقسيم القطاع.
اما فيما يتعلق بدخول شاحنات المساعدات فإنه فقط وبعد مرور اكثر من 80 يوماً للحرب على غزة سمح بدخول ما بين 60 الى 100 شاحنه يوميًا، وقد قُدر إجمالي الشاحنات التى دخلت القطاع بحوالي 600 شاحنة فقط، اما في الأيام الاولى فلم يدخل القطاع سوي بضع شاحنات يوميًا لا يتعدى عددها ال 30 شاحنه فقط اي بالقطارة، على الرغم من ان قطاع غزة يحتاج الى أكثر من 1000 شاحنه يوميًا من المساعدات الإنسانية التى تشمل حليب الأطفال والأدوية والمستلزمات الغذائيه والطبية والدقيق.
ربما يتسائل البعض عن سبب ارتفاع عدد الشاحنات اللازمة لقطاع غزة والسبب هو ان قطاع غزة ذو المساحه الجغرافية المحدودة والتى تُقدر ب 360 كم مربع يسكنها اكثر من 2 و 300 الف شخص تعتمد بالأساس على استيراد البضائع بسبب ارتفاع الضرائب والقصف المتواصل للمصانع والمدن الصناعية من قبل الإحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى التعداد السكاني الكبير لقطاع غزة ومحدودية الأماكن التى تُستخدم للزراعة وبالأخص في الأماكن الحدودية مع دولة الاحتلال حيث يُمنع المزارعين من زراعة النباتات المعمرة وذات الارتفاع الكبير.
واذا تطرقت لموضوع استهلاك المياة فإن معدل الاستهلاك العالمي للفرد حسب منظمه الصحة العالمية فيقدر بحوالى 120 لتر يوميًا عالميًا في حين ان المعدل داخل الوطن العربي للفرد فيقدر ما بين 80 الى 100لتر يوميًا، وفي قطاع غزة ومع شح وإغلاق آبار المياه المتعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي فإن الفرد لا يحصل سوي على لترين يوميًا يتوزع استخدامها ما بين الشرب والوضوء وغسل الوجه.
اما عن غسل الملابس والأواني المستخدمه للطهى فإن هذا الأمر يشكل مأساة اخري خصوصًا على النساء اللواتى اصبحن يستخدمن طرق بدائية كثيرة للتعامل مع الوضع الصعب منها استخدام مياة البحر المالح للغسل والاستحمام.
ان الأسرة الإنسانية الدولية تعرف حقيقة الانتهاكات الجسيمة والوضع الكارثي الراهن في غزة، الذي يعني استمراره التضحية بحقوق وحياة 2.3 مليون أنسان مارسوا حقهم في المطالبة بحقوقهم التي يكفلها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
هذا و تستمر معاناة سكان غزة من النازحين قسرا الذين يتهددهم خطر الهلاك من الجوع والعطش والأمراض والأوبئة الصحية ونقص الخدمات وانهيار النظام الصحي والإنساني، في ظل محدودية المساعدات وتوسيع الاجتياحات البرية ومدها الي جنوب القطاع واستمرار العقوبات الجماعية الانتقامية من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهجير الفلسطينيين.
مع تعمد استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية وتعمد واقتحام وتدمير منازل المواطنين ومراكز الايواء في شمال غزة، واعتقال المئات من المواطنين وتعذيبهم والتنكيل بهم بطريقة وحشية ومهنية للكرامة الإنسانية، وقتل بعضهم ميدانيا، تترافق هذه الجرائم مع تدمير كل مقومات الحياة الإنسانية وغياب المياة والطعام والاحتياجات والخدمات الصحية تمامًا في شمال غزة.
بعد تصويت مجلس الأمن بالاغلبية على قرار زيادة المساعدات الإنسانيه لقطاع غزة بشكل فورى، ينبغي أن لا يتأخر تدخل الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولى اجمع أكثر من ذلك من أجل وقف أكبر جريمة إبادة وتهجير قسري وتطهير عرقي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، والضغظ من أجل وقف الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتوفير الحماية الدولية وتعزيز جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية لسكان القطاع الذين يتعرضون لمخاطر المجاعة والامراض والاوبئة الصحية والعطش.
د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی سکان قطاع غزة ان قطاع غزة أکثر من اکثر من من سکان ما بین یومی ا من قبل
إقرأ أيضاً:
الصحة الفلسطينية: ️ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 44056 شهيدًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت وزارة الصحة الفلسطينية عن ️ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 44056 شهيدا و104268 مصابًا منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المكثف وغير المسبوق على قطاع غزة، جوًا وبرًا وبحرًا، مُخلّفًا آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، منذ السابع من أكتوبر 2023.
ويشن جيش الاحتلال مئات الغارات والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.