تونس تستعد لانتخاب «مجلس الجهات والأقاليم».. وملفات ساخنة أمام القضاء بحق قيادات «النهضة الإخوانية»
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
استكمالا للمشروع السياسي الإصلاحي للرئيس التونسي قيس سعيد، تستعد تونس لإجراء انتخابات مجلس الجهات والأقاليم، الأحد المقبل، وهي انتخابات محلية لتكوين الغرفة البرلمانية الثانية، التي نص عليها دستور ٢٠٢٢، الذي كان مرحلة فاصلة لإنهاء سيطرة حركة النهضة الإخوانية على الحكومة والبرلمان، تلك الهيمنة التي أحدثت شللا سياسيا عاما في البلاد، على إثره اتخذ الرئيس سعيد خطواته الإصلاحية بقرارات ٢٥يوليو عام ٢٠٢١.
تأتي هذه الخطوة الانتخابية الإصلاحية تأكيدًا على انتهاء مرحلة السيطرة على قمة السلطة في المؤسسات الحيوية والحساسة في البلاد من قبل حركة النهضة الإخوانية، وبداية لمرحلة جديدة تعتمد على تفاوت حصص التنمية بين أقاليم الدولة، الساحلية والداخلية، والرغبة في إشراك قيادات محلية في صنع القرار، مع إعطاء الفرصة للتركيز على المشاكل الداخلية لكل منطقة، ومحاولة طرحها وحلها، وهو ما ظهر جليًا في الاهتمامات التي أعلنت عنها برامج المرشحين المحليين لهذه الغرفة البرلمانية الجديدة بجوار مجلس الشعب التونسي. في مطلع العام الماضي خضع البحيري للإقامة الجبرية على ذمة القضية وتم تسريحه لظروفه الصحية
بطاقة سجن لنائب سابق لرئيس "النهضة"
في الوقت نفسه، تواجه قيادات حركة النهضة عدة اتهامات أمام القضاء التونسي، ففي يوم الأربعاء الماضي، أصدر قاضي التحقيق الأول بالقضب القضائي لمكافحة الإرهاب بطاقة سجن بحق نور الدين البحيري النائب السابق لرئيس حركة النهضة، والذي شغل منصب وزير العدل في حكومة حماد الجبالي عام ٢٠١٣، على خلفية تورطه في منح جوازات سفر غير قانونية لأجانب تورطوا في قضايا إرهاب دولية، خلافا للقانون التونسي، وهو ما يشير إلى استقدام حركة النهضة لعناصر إرهابية من خارج تونس، تورطوا في عمليات إرهابية بالخارج، ولاذوا بتونس للاختفاء، والتمتع بحركة شرعية وقانونية.
وكانت وزارة الداخلية قد وضعت "البحيري" تحت الإقامة الجبرية، يناير ٢٠٢٢، موضحة أن هناك شبهة إرهاب في هذا الملف (منح شهادات جنسية وبطاقات تعريفية لأجانب) بناء على أبحاث عدلية وقد تم إعلام النيابة العمومية، إلا أن الوزارة عادت وأطلق سراحه نظرًا لحالته الصحية، وتولى القضاء استكمال بحث ونظر القضية، وهو ما أسفر عن بطاقة إيداع بحقه في السجن.
ليست هذه هي القضية الوحيدة التي تحاكم فيها قيادات من الصف الأول لحركة النهضة، شغلوا طوال العشرية السوداء التي حكموا فيها تونس مناصب حساسة وتسللوا لوزارة العدل والداخلية والقضاء، وهو ما حاول العمل عليه الرئيس التونسي من أجل تطهير هذه الجهات الحساسة من الاختراقات الإخوانية للمصالح الحكومية والدوائر الإدارية المهمة.
قبل ذلك، وفي مطلع الشهر الماضي، حكم القضاء التونسي على راشد الغنوشي، زعيم الحركة، والموقوف مع آخرين على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة، بالسجن مدة ١٥ شهرا، وغرامة مالية قدرها ١٠٠٠ دينار، ومراقبة إدارية لمدة ٣ سنوات، وذلك في القضية التي تعود إلى فبراير ٢٠٢٢ عندما استخدم الغنوشي تعبير "الطواغيت" أثناء تأبينه لأحد قيادات حركة النهضة، في إشارة منه إلى جهات الأمن في البلاد.
وهو تعبير يخص الجماعات الإرهابية والتكفيرية بامتياز، حيث دأبت عناصرها على وصف قوات الأمن والجيش بهذا الوصف الذي يحمل معاني تكفيرية وتحريضية ضد الجهات الأمنية، كما تحمل إهانات مباشرة، وباستخدامها يكون الغنوشي قد توحد في خطابه السياسي مع خطاب الجماعات المتطرفة والتكفيرية، التي يتبرأ منها طوال الوقت بادعاء أنه تيار الوسطية والاعتدال.
الاغتيالات والانتدابات.. هموم رئاسية
في إطار إدراك الرئيس التونسي قيس سعيد لمخاطر تسلل عناصر حركة النهضة وجماعة الإخوان الإرهابية إلى المؤسسات الحكومية، حرص الرئيس التونسي على التأكيد على أن النتائج الأولى لعملية التدقيق في الانتدابات والتعيينات في المؤسسات الحكومية التي جرت خلال العشر سنوات الماضية، أظهرت العديد من التجاوزات.
في إشارة منه للعشرية التي سيطرت فيها النهضة على مفاصل الحكم في البلاد، لذلك طالب الرئيس خلال لقائه برئيس الحكومة أحمد الحشاني بضرورة الإسراع في عملية التدقيق في الانتدابات.
على الجانب الآخر؛ فقد حرص الرئيس سعيد على استقبال ليلى جفال وزيرة العدل، متناولا معها جملة من المحاور أهمها ضرورة البت النهائي في زمن معقول في العديد من القضايا التي بقيت تراوح مكانها منذ أكثر من عقد من الزمن بحجج واهية.
وما زال التأخير متواصلا كقضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وغيرها كتلك المتعلقة باغتيال عدد من جنودنا البواسل في جويلية ٢٠١٣ أو عدد من الجرائم الأخرى التي لم تصل إلى الطور الاستئنافي إلا بعد ١٠ سنوات، وقد تمتد إلى ١٠ سنوات أخرى، إذا تم النقض في التعقيب وأعيد نشرها مجددا في الطور الاستئنافي.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الشعب التونسي من حقه معرفة الحقيقة، ومن حقه محاسبة كل من أجرم في حقه، سواء ١٧ ديسمبر ٢٠١٠ أو إثر هذا التاريخ. بحسب ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية التونسية، قبل أيام.
برامج طموحة لـ"الجهات والأقاليم"
وتعول الحكومة التونسية على هذه الانتخابات لاختتام البرنامج السياسي الذي وضعه الرئيس التونسي في ٢٥ جويلية، بعدما أنهى السيطرة الإخوانية، ولإفراز طاقات سياسية إقليمية لم تأخذ حقها في إبراز نفسها، كي تصبح مؤهلة للقيام بدور في ترسيخ وجودها من جهة، وإزاحة المخترقين والفاسدين من جهة أخرى.
ويسعى المرشحون لاجتذاب الناخب التونسي، خاصة أن مجلس الجهات والأقاليم، والمقرر أن يضم ٧٧ عضوا إقليميا، سيكون على اتصال مباشر بالمشاكل الحياتية لكل المناطق والمحافظات التونسية.
أحد هؤلاء المترشحين عن عمادة السلام بمرناق، وهو فوزي ساسي، أعلن أنه سيحرص على إنشاء مستوصف طبي، ودار ثقافة، مشيرا إلى اهتمامه بتوفير الرعاية الصحية والاهتمامات الثقافية والمعرفية، وذلك إلى جانب أنه سيعمل على الاعتناء بالأراضي الفلاحية ودعم الشباب على مستوى المشاريع الفلاحية. وأنه سيسهر على توفير فضاءات ترفيهية وإيجاد حل لمشكل النقل المدرسي.
من جانبها، كانت المترشحة التونسية عواطف العريف عن دائرة باب بحر- تونس١، بأنها ستكون في مستوى الأمانة، وستعمل على معالجة الأوضاع بشكل جاد وفعال. كما أنها ستعمل على تأمين محيط المؤسسات التربوية وحماية التلاميذ من الانحراف.
وأكدت "العريف"، أنها ستعمل أيضا على الاعتناء بالسوق المركزية، وتقريب الخدمات الصحية من المواطنين، وبعث مستوصف وإعادة تهيئة ساحة برشلونة.
في الوقت الذي تتجه فيه تونس إلى الانتخابات المحلية، تضج حركة النهضة بالشكوى، لكونها عاجزة عن تنظيم مؤتمرها العام للحركة، والذي كان مقررا عقده في شهر أكتوبر الماضي، من أجل البحث عن قيادات جديدة تستطيع التعامل مع أزمتها الراهنة، بينما تستمر جبهة الخلاص بقيادة نجيب الشابي، للعمل كواجهة سياسية لحركة النهضة تطالب باستمرار للنزول في مظاهرات ضد الرئيس التونسي للمطالبة بعودة الإخوان.
وفي كل مرة تفشل دعواتها للتظاهر، لكنه هذه المرة تدعو "الخلاص" للتظاهر محاولة استغلال الوضع في غزة، والعدوان الإسرائيلي المستمر، مطالبة بالنزول في مظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي، ليقرن ذلك بمطالبه الواهية عن عودة "النهضة" التي لفظها الشعب التونسي، وأيضا مستغلا دخول ذكرى الثورة التونسية فيما يعرف بالربيع العربي. تجدر الإشارة إلى أن جبهة الخلاص تدعو لمظاهرات في ذكرى الثورة التونسية في ١٤ يناير، وسط عزوف شعبي، بينما كان الرئيس التونسي قيس سعيد قد غيَّر تاريخ ذكرى الثورة إلى ١٧ ديسمبر، معللا ذلك بأن شرارة الثورة انطلقت في هذا التاريخ بمحافظة سيدي بوزيد قبل أن يجري احتواؤها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قيس سعيد مجلس الجهات والأقاليم حركة النهضة الإخوانية الجهات والأقالیم الرئیس التونسی حرکة النهضة فی البلاد وهو ما
إقرأ أيضاً:
مجلس القضاء يستعرض مستوى إنجاز النيابة العامة خلال الثلاثة الأشهر الماضية
الثورة نت|
عقد مجلس القضاء الأعلى اليوم اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيس المجلس القاضي الدكتور عبد المؤمن شجاع الدين.
واستعرض المجلس تقرير النائب العام المتضمن مستوى إنجاز النيابة العامة خلال الأشهر الثلاثة الماضية في مجال تبسيط إجراءات التحقيق وسرعة التصرف في القضايا الجزائية وتطوير أداء النيابة العامة والارتقاء بأعمالها.
وتضمن التقرير أبرز المشاريع المتعلقة بالبناء المؤسسي والتنظيمي والإجرائي في النيابة العامة التي تعكس التزامها بتطوير أداءها ودورها في تحقيق العدالة الجنائية وتعزيز سيادة القانون.
ولفت إلى أن النيابة أنجزت وتصرفت في 33 ألفا و٦٤٥ قضية من إجمالي القضايا المتعثرة خلال الأعوام السابقة البالغ عددها 41 ألفا ٧٤٦ قضية وبنسبة إنجاز تصل إلى ٨١ بالمائة.
كما تناول التقرير الصعوبات والتحديات التي تواجه النيابة العامة، والمعالجات الضرورية في سبيل نهوض النيابة بواجبها ورفع وتيرة أعمالها لتحقيق العدالة الجنائية.
وأثنى المجلس على الجهود المبذولة من قبل النائب العام والنيابة العامة لتسريع إجراءات الادعاء والتحقيق في النيابات المختلفة وتحسين جودة العمل فيها وسرعة التصرف في القضايا.
ووافق المجلس على إنشاء نيابة الضحي الابتدائية بمحافظة الحديدة وفقا للقانون.
وعقد المجلس جلسة استماع لأربعة قضاة بشأن ما نسب إليهم في الدعاوى التأديبية المرفوعة من هيئة التفتيش القضائي وما توصل إليه مجلس المحاسبة في هذا الشأن.
وأكد المجلس على وجوب قيام المحاكم بتمكين الخصوم من تصوير محاضر الجلسات أولا بأول، وضرورة تلاوة منطوق الحكم من واقع المسودة بطريقة علنية أمام الحاضرين في جلسة المحاكمة طبقا لما نص عليه القانون.
وفصل المجلس في عدد من تظلمات أعضاء السلطة قضائية وفقاً للقانون، واطلع على بعض طلبات المتظلمين المحالة من مكتب رئاسة الجمهورية والمتعلقة بإعادة النظر في بعض الأحكام القضائية، واتخذ بشأنها القرارات المناسبة.
كما ناقش المجلس عدداً من المواضيع الأخرى المدرجة على جدول أعماله واتخذ المجلس بشأنها الإجراءات اللازمة، واطلع على محضر اجتماعه السابق وأقره.