الفصل الأشد برودة.. أسباب تؤدي إلى الشتاء الأقسى منذ سنوات عديدة
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
العالم يمر بتقلبات جوية ومناخية غير مسبوقة على مدار السنوات المنقضية، فبعد أشهر الصيف التي وصفها خبراء الطقس بالأصعب والأشد حرارة وسخونة، سيكون العالم أيضًا على موعد مع استقبال فصل الشتاء الأقسى برودة، بعد انتهاء الخريف وبدء الشتاء.
لماذا سيكون فصل الشتاء الأشد برودة منذ سنوات؟برودة أكثر من المعتاد، هكذا توقع خبراء الأرصاد والباحثون في علم المناخ، أن يكون فصل الشتاء الذي يبدأ خلال ساعات قليلة رسميًا، الأكثر والأشد برودة منذ سنوات طويلة، خاصة أن درجات الحرارة في الصيف كانت مرتفعة بشكل غير مسبوق أيضًا، لكن هناك عدد من العوامل التي ستجعله شتاء باردًا بشكل استثنائي.
الشتاء القاسي هذا العام يشمل العديد من المناطق حول العالم، ويطول نصف الكرة الشمالي بشكل أكبر، بحسب ما أصدرت وكالة الأرصاد الجوية الأمريكية توقعاتها هذا الشتاء لعام 2023-2024، إذ توقعت أن يكون هذا الشتاء حاملًا لدرجات حرارة أقل من المتوسط معظم أنحاء نصف الكرة الشمالي.
وعن العوامل التي تتسبب في ذلك، أشارت وكالة الأرصاد الجوية الأمريكية والمركز الوطني للأرصاد الجوية، إلى أن تراجع المرتفع الآزوري يعد سببًا أساسيًا، والمرتفع الآزوري هو نظام جوي مرتفع الضغط يقع في المحيط الأطلسي، ويعد أحد الأسباب الرئيسية في التحكم بحالة الطقس خاصة في قارة أوروبا وأيضًا شمال إفريقيا، وفي الأغلب يمتد إلى أبعد من ذلك.
موجات باردة تضرب أوروبا وشمال آسيانشاط الجبهة السيبيرية يأتي ضمن قائمة الأسباب التي تنذر بشتاء بارد غير مسبوق منذ سنوات، إذ يقع في آسيا الوسطى وينشط في فصل الشتاء، ما يتسبب في موجات باردة تضرب أوروبا وشمال آسيا، ويتوقع خبراء الأرصاد والمؤسسات الدولية أن تشهد تلك الجبهة نشاطًا غير المعتاد في الشتاء، ما بدوره يتسبب في موجة بارد حادة.
تغير المناخ على مستوى العالم يسهم في حدوث تقلبات أكثر حدة في درجات الحرارة، ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة احتمالية حدوث موجات باردة شديدة في الشتاء المقبل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشتاء الأكثر برودة بدء فصل الشتاء فصل الشتاء الشتاء فصل الشتاء منذ سنوات
إقرأ أيضاً:
الحرية في حياتنا.. فلسطين في عيون مسلمة ثورية من بلاد مانديلا
على كرسي بارد في قاعة عتيقة في عاصمة "وعد بلفور"، جلس صديقي الذي "يتنفس" فلسطين يستمع إلى كلام الثورية المسلمة، ابنة بلاد مانديلا، جنوب أفريقيا، ووزيرة خارجيتها السابقة "ناليدي باندور"، وهي تتحدث عن تجربة نضال شعبها ضد الفصل العنصري، وربطه بنضال الشعب الفلسطيني المستمر ضد الاحتلال منذ أكثر من قرن.
كان قلب صديقي الخمسيني، الذي ما زال شابا، يتنقل بين الأمل واليأس، وكان عقله لليأس أقرب، في ظل المجزرة الدائرة في غزة، بدعم عالمي، وتخاذل عربي، منذ أكثر من عام. كأن المحاور في هذا اللقاء الذي نظمه "المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين" التقط التساؤلات التي تشتعل في عقل وقلب صديقي، واليأس الذي لا بد أنه بدأ يتسرب في عقول وقلوب جميع الحضور وكل مؤيدي الحق الفلسطيني في العالم، فسأل الوزيرة الخبيرة، الفلسطينية أكثر بكثير من وزراء ومسؤولين عرب، عن الرسالة التي توجهها للفلسطينيين الذين يناضلون ضد هذا العدوان، والذين قد تكون قلوبهم بدأت بالانطفاء، ويحتاجون لومضة أمل في طريقهم الطويل.
قالت الوزيرة بثقة، إنها تقول لهم آخر ما قالته لها أمها قبل وفاتها: "عندما كنا نناضل كنا نغني أغنية "الحرية خلال حياتنا".. ناليدي، أنا سعيدة جدا لأنني عشت لأرى الحرية في حياتي، لأنني كنت أحيانا لا أصدق أن هذا سيحدث.. ولكنه حدث فعلا".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
صفق الحضور من عرب وإنجليز وفلسطينيين وأفريقيين لكلام الوزيرة الذي يبعث على الأمل. بعضهم، مثل صديقي وغيره، كانوا يمسحون دموعهم تأثرا بهذه الكلمات، ربما لأنها ساعدتهم على الانحياز للأمل، وأي شيء يبقي المناضل مناضلا إذا لم يبق متشبثا بالأمل بأن ما يناضل لأجله سيتحقق يوما ما؟
في آخر خطاب لمارتين لوثر كينج جونيور، وهو الخطاب الذي يسمى "قمة الجبل" واغتيل بعده لوثر كينج بيوم، قال عبارة عظيمة: "كأي إنسان أحب أن أعيش حياة طويلة، ولكنني لم أعد أهتم الآن بذلك. أريد فقط أن أنفذ مشيئة الرب، وهو قد سمح لي بأن أصعد للجبل، وقد رأيت "الأرض الموعودة" من الأعلى.. ربما لا أصل معكم لهذه الأرض، ولكنني أريد أن تعلموا اليوم أننا كشعب سنصل إلى هذه الأرض الموعودة".
مات كينج بعد هذا الخطاب بيوم واحد، ولكن حركة السود المطالبة بالحقوق المدنية حققت إنجازات ومطالب تاريخية بعد موته، وبعد موت مناضلين آخرين أهمهم "مالكوم إكس".
وما أجمل كلمات إحدى أغاني الثورة الفلسطينية القديمة التي تقول: "يا صحابي لا يهم المناضل حين يضحي أن يري لحظة الانتصار... سأرى لحظة الانتصار... سأراها بعيني رفيقي"!.
وعلى الرغم من عظمة فكرة التضحية مع عدم انتظار نتيجتها، إلا أن الأمل بتحقيق العدالة والانتصار في حياتنا يظل ضروريا للفلسطيني الذي يعيش في غزة والضفة تحت نار المجزرة المستمرة، وكذلك للفلسطيني الذي يناضل مع شركائه من شعوب الأرض لتحقيق الحرية غير منقوصة للشعب الفلسطيني، وهنا تكمن أهمية كلام ابنة تجربة النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
نعود إلى الثورية الكبيرة، ناليدي باندور، لعلنا نفهم كيف ترى فلسطين من عيون تجربتها. تقول الوزيرة التي تبلغ من العمر 71 عاما، وهي ابنة أحد نشطاء نضال السود ضد نظام الفصل العنصري، إن مناضلي المؤتمر الوطني الأفريقي كانت استراتيجيتهم تقوم على أهمية النضال في كل شيء من تفاصيل الحياة.
ولعل هذه الملاحظة جديرة بالتفكير فلسطينيا، إذ أن الفلسطيني وأنصاره يجب أن يجعلوا كل تفاصيل حياتهم نضالا. يبدأ هذا من تعليم الأطفال أبجديات القضية الفلسطينية، إلى التأثير بكل من حولنا ونشر الوعي بينهم، إلى الاهتمام بالعلم الذي يساعد على تكريس روايتنا عن الصراع في مقابل رواية الكذب الصهيونية، إلى كتابة العرائض، إلى محاولة التأثير بالسياسيين عن طريق الرسائل والكتابة والتظاهر، إلى تبني "المقاطعة" (ليس مقاطعة رام الله بالتأكيد!) كنموذج حياة، إلى كل تفصيلة صغيرة من حياتنا اليومية.
وفي هذا الإطار، تقول باندور إن والديها خرجا من جنوب أفريقيا لأجل توفير تعليم جيد لألها ولإخوانها، ولكنهما كانا خلال تلك الفترة يعلمان الأطفال أنهم سيعودون يوما لبلادهم، وأن عليهم أن لا ينسوا ذلك.
حثت باندور -في كلمتها المفعمة بالأفكار والعواطف- الفلسطينيين ومؤيديهم إلى تأسيس نقابات واتحادات تقيم علاقات شاملة مع مؤسسات المجتمع المدني في دول العالم، على أمل تأسيس حركة عالمية شبيهة "بالحركة الدولية لمقاومة الفصل العنصري"، وهي الحركة التي بدأت صغيرة في ثمانينات القرن الماضي، ولكنها ظلت مصممة على نضالها حتى أصبحت قوة شعبية كبيرة في العالم. وأكدت أن ما يجري الآن من تضامن شعبي وخصوصا في الجامعات الغربية مع فلسطين، قد يشكل لحظة تاريخية فارقة لتأسيس حركة عالمية لأجل فلسطين.
تتحدث باندور دائما عند لقائها لمجموعات من المجتمع المسلم في دول العالم كمسلمة وليس فقط كجنوب أفريقية. تقول إن مسلمي بلادها كان لهم دور كبير في النضال ضد الفصل العنصري، وإن كثيرا منهم كانوا من الرعيل الأول الذي رافق نيلسون مانديلا في رحلته الطويلة. وتشير إلى أهمية ما يقوم به المسلمون في العالم من عمل خيري لأجل فلسطين، ولكنها تدعوهم للانتباه لإنشاء مؤسسات فكرية لأجل فلسطين حول العالم، وعدم التركيز فقط على العمل الخيري.
بعد توجه جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ورفع دعوى ضد الاحتلال بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، أصبحت هذه القضية "قضيتي الشخصية"، تقول باندور. تؤكد أنها تعرضت ولا تزال تتعرض للمضايقات والتهديد، بسبب دفاعها المستميت عن هذه القضية في بلادها وفي الخارج. "لا أخشى تهديداتهم، ولا أتخذ إجراءات لمواجهة هذه التهديدات.. هذه مشكلتهم وليست مشكلتي".
تنهي باندور حديثها عن فلسطين بالقول "أريد ان أتقاعد ولكنهم لا يتركوني فعل ذلك".
قد يتوقف البعض عن النضال عن فلسطين في خضم المجزرة المستمرة، ولكن ملايين الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم، لن يتقاعدوا عن العمل لأجل فلسطين وقضيتها وشعبها. سيستمرون بأمل المناضل الذي سيرى انتصاره بعيني رفيقه، أو بأمل والدة باندور لرؤية حرية فلسطين في حياتهم.
سيستمرون أيتها المناضلة الجميلة، على الرغم من الاختلافات بين تجربة بلادك والتجربة الفلسطينية، إذ لم يتعرض السود في أفريقيا للتطهير العرقي، ولا للإبادة الجماعية، فيما تمارس دولة الاحتلال الإسرائيلي التطهير منذ النكبة، وقتلت في عدوانها الأخير على غزة حتى الآن أكثر من ضعف الواحد وعشرين ألف قتيل قضوا طوال النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. مع ذلك، نحن على أمل أن نرى الحرية في حياتنا، وفي حياتك أيضا!