بعد استهداف السفن في البحر الأحمر.. هل نكون أمام تحالف دولي لضمان أمن الممرات؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
تجنّبت سفن عدة تحمل غازاً طبيعياً مسالاً في الأيام الماضية، منطقة البحر الأحمر، في ظل هجمات بحرية يشنها الحوثيون في اليمن على طريق التجارة الرئيسي بين الشرق والغرب.
ويؤكد الحوثيون أنهم يستهدفون السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية تضامناً مع غزة. وفي الأسابيع الأخيرة، صعّدوا من هجماتهم على سفن الشحن التجارية المتعاونة مع إسرائيل التي تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس رداً على الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
لقد أدى التهديد إلى توقف حركة التجارة عبر البحر الأحمر، علما أن تطوير حقول النفط في الشرق الأوسط والطلب العالمي المتزايد على الطاقة جعل من البحر الأحمر شرياناً مهماً لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال من الخليج العربي إلى الأسواق في أوروبا وخارجها.
وبحسب صحيفة"ذا غارديان" البريطانية تكمن أهمية البحر الأحمر في اعتماد العالم بشكل كبير على أمن المضيق المائي الضيق، الذي يبلغ عرضه 32 كيلومتراً فقط بين جيبوتي واليمن، وهو مضيق باب المندب.
وقال كبير مديري البيئة والتجارة في الغرفة الدولية للشحن، التي تمثل 80% من العالم، جون ستاوبرت، لموقع "فوا نيوز" إن كمية هائلة من إمدادات الطاقة الأوروبية، بما في ذلك النفط ووقود الديزل، تمر عبر هذا الممر المائي. وكذلك المنتجات الغذائية مثل زيت النخيل والحبوب، وكذلك أي شيء آخر يتم جلبه على متن سفن الحاويات، وهو معظم المنتجات المصنعة في العالم. ويتمثل التأثير الأكثر إلحاحاً لهجمات الحوثيين في ارتفاع تكلفة التأمين على السفن المستهدفة التي تمر عبر قناة السويس والبحر الأحمر وصولاً إلى السوق الإسرائيلية.
وهناك 6 شركات شحن وهي MSC، Maersk، Hapag Lloyd، CMA CGM، وYang Ming Marine Transport، وEvergreen قالت إنها ستحول كل الرحلات المجدولة على الفور لضمان سلامة البحارة والسفن. وتمثل هذه الناقلات البحرية مجتمعة حوالي 60% من التجارة العالمية.كما أعلنت شركة إيفرغرين أنها ستتوقف مؤقتاً عن قبول أي شحنة متجهة إلى إسرائيل، كما توقفت شركة Orient Overseas Container Line (OOCL)، وهي جزء من مجموعة COSCO Shipping Group المملوكة للصين، عن قبول البضائع الإسرائيلية.
ويمكن القول إن استهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية أو السفن المتوجهة إلى كيان العدو سيشكل ضغطاً كبيراً على الأخير، إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، ومرد ذلك طول الرحلات مع سلوك الطريق الأطول حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح،وارتفاع كلفة التأمين، ما سيرفع الأسعار في الأسواق الإسرائيلية. ووسط ما تقدم يُتوقع أن يتراجع نمو الاقتصاد الإسرائيلي بشكل حاد بسبب الحرب في غزة.
استاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة اللبنانية والخبير والمالي الدكتور محمد موسى يقول لـ"لبنان24" إن ما يجري في البحر الأحمر هو خطوة بالغة الخطورة وذات دلالات عميقة في كل الاتجاهات الاقتصادية والمالية والسياسية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي ولعل أبرز السمات تتمثل بربط خطوط التماس الحربي من غزة إلى اليمن. وعليه يترتب ما يلي:
أولا: وضع كل التجارة الدولية على المحك لاسيما تجارة النفط التي تعتبر الشريان الحيوي العالمي لكل الصناعات خاصة على الدول الصناعية الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا والصين ضمناً ومعها كل جنوب شرق آسيا خاصة وأنه يعبر من خلال باب المندب نحو خُمس الاستهلاك العالمي من النفط. وهنا يكمن الاهتمام الدولي من جهة وزرع القواعد العسكرية لأغلب الدول الكبرى على بابه وفي محيطه، كما تمر نحو 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال عبر قناة السويس، بينها نحو ثلثي النفط الخام القادم من منطقة الخليج، وفقا لبيانات وكالة "بلومبيرغ" الأميركية. ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يومياً عبر قناة السويس -البالغ طولها 193 كيلومترا- ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من كل السلع . وتمر نحو 98% من البضائع والسفن الاتية من جنوب قناة السويس في مصر من خلال مضيق باب المندب باليمن
ثانياً: ربط ملفات المنطقة بالمعنى السياسي الأمني من اليمن وصولاً إلى غزة والإصرار على أن تجارة العالم اليوم أصبحت مرهونة بمجريات غزة.
ثالثاً: رسالة واضحة أن الإقليم يتصل ببعضه البعض وأن الحل السياسي لابد أن يطال الجميع وإلا لن يسلم لا الإقليم ولا العالم من الارتدادات الحاصلة في غزة وربما نكون أمام جبهات مفتوحة ما لم يتفق الرعاة الإقليميون والدوليون في أسرع وقت ممكن.
رابعاً: رسالة إلى إسرائيل المنهكة اقتصادياً مفادها أن مع استمرار الحرب ستضيق أمام تجارتها الأفاق خاصة وأن ميناء عسقلان النفطي (75% من نفط إسرائيل) مغلق بفعل العدوان، وميناء ايلات بات تحت مرمى الضربات مما عقد الشحن والتأمين وتكاليفهما وفاقم الأزمة الإسرائيلية حيث أصبح ميناء حيفا تحت الضغط وارتفعت أسعار السلع المتجة إلى إسرائيل والأكثر من ذلك ضُربت تجارة إسرائيل مع اسيا والتي تشكل حوالي 20 إلى 25 % بين الاستيراد والتصدير وتالياً ضُرب الاقتصاد الإسرائيلي في الصميم بحوالى مليارات الدولارات.
خامسا": لا مفر من تحالف دولي لضمان أمن الممرات الدولية ومنها باب المندب ولكن من يضمن ماذا سيكون، بعد التحالف الدولي في وجه الحوثيين وهل سيقبلون بذلك ثم ماذا لو ضرب التحالف عسكرياً.... فتصبح الممرات تحت رحمة الصواريخ؟؟
اما على خط قناة السويس الشريان الحيوي للاقتصاد المصري والممر المائي الدولي الأساسي للربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، والتي تختصر المسار التجاري البحري بين كل من أوروبا وآسيا دون الحاجة إلى اتخاذ طريق أطول حول القارة الأفريقية،فإن الانعكاسات السلبية لتجنب سفن عدة الطريق الذي يمر عبر قناة السويس في الشمال للوصول إلى البحر المتوسط، بحسب الدكتور موسى، ستكون كارثية. والكثير من الصحف الكبرى (لوفيغارو ومعها وكالة بلومبيرغ) حذرت من أن تفاقم الأمور قد يودي إلى بداية ركود اقتصادي العالم بغنى عنه.
وعلى الصعيد المصري للانعكاسات يتحدث موسى عن خسائر قد تُقارب قياساً على اغلاقات سابقة ما يلي:
• إغلاق القناة لمدة أسبوع يؤدي إلى خسارة للتجارة العالمية قد تبلغ نحو 10 مليارات دولار يوميا.
•خسائر هيئة قناة السويس 14 مليون دولار يوميا بتقريب في حال اغلاق القناة، ويرتفع الرقم إلى 28 مليون دولار يوميا ونحو 200 مليون دولار أسبوعيا. ولكن حتى الساعة لازالت الأمور شبه طبيعية
•مضاعفة أسعار التامين إلى حدود تصل إلى عشرة اضعاف
•زيادات هائلة على أسعار النقل والشحن وتاليا" زيادة أسعار السلع عالميا" وخاصة على الكيان الإسرائيلي (شركة ميرسك الدنماركية مثال) والبعض حول الطريق عبر راس الرجاء الصالح وتاليا" تكاليف اضافية بنسبة 45% .
•من المحتمل،في حال اشتداد الازمة، ارتفاع أسعار الغاز والنفط على مصر وكل العالم وتاليا" انعكاس على كل العالم الاقتصادي المنهك أساسا" بالتضخم وأسعار الفائدة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عبر قناة السویس البحر الأحمر تجارة العالم باب المندب
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يوافق على حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا والتركيز على أسطول الظل
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -اليوم الأربعاء- أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى اتفاق جديد لفرض حزمة العقوبات الـ16 ضد روسيا، والتي تتضمن حظرًا على واردات الألمنيوم وتشديد الإجراءات ضد أسطول الظل الروسي، وفقًا لما نقلته وكالة الأناضول.
ويأتي هذا القرار قبل أيام من الذكرى الثالثة للحرب الروسية على أوكرانيا، حيث أكدت الرئاسة البولندية للاتحاد الأوروبي أن سفراء دول التكتل أيدوا الحزمة الجديدة، ومن المتوقع أن يتم اعتمادها رسميًا الاثنين المقبل خلال اجتماع وزراء الخارجية، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
العقوبات الجديدةوتشمل العقوبات الجديدة، التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها بالكامل بعد، عدة إجراءات صارمة، أبرزها:
حظر تدريجي على واردات الألمنيوم الروسي إلى الاتحاد الأوروبي. تشديد القيود على مبيعات النفط الخام الروسي، خاصة فيما يتعلق بالسفن المستخدمة في عمليات التهريب. إدراج 73 ناقلة ضمن قائمة العقوبات، حيث يُعتقد أن هذه السفن تنتمي إلى أسطول الظل الروسي الذي يُستخدم في تصدير النفط الخام بما ينتهك القيود الدولية. عقوبات جديدة تستهدف بعض البنوك الروسية، بالإضافة إلى عدد من الأفراد والشركات المرتبطة بالحكومة الروسية.وأوضحت فون دير لاين -عبر منشور لها على منصة إكس- أن الاتحاد الأوروبي يعمل أيضًا على منع التحايل على العقوبات المفروضة، مؤكدة أن التكتل ملتزم بـ"مواصلة الضغط على الكرملين".
إعلان عقوبات على الأسطول الروسيووفقًا لما نشرته الوكالة الألمانية، تستهدف الإجراءات العقابية الجديدة قائدي ومالكي السفن التابعة لأسطول الظل الروسي، وهي شبكة من السفن ذات الملكية غير الواضحة، وبعضها غير مؤمن عليه، والتي يُعتقد أنها تُستخدم للالتفاف على سقف الأسعار المفروض من الغرب على صادرات النفط الروسية.
وتشير التقارير إلى أن هذه السفن تُستخدم أيضًا في نقل "حبوب أوكرانية مسروقة" بالإضافة إلى مخاوف من إمكانية استخدامها لتخريب كابلات الاتصالات في بحريْ البلطيق والشمال.
ووفقًا لبيان الاتحاد الأوروبي، سيتم منع السفن الخاضعة للعقوبات من دخول موانئ الدول الأعضاء، كما سيتم تجميد أصول مالكيها داخل التكتل.
ردود الفعل أوروبياوعلّقت كايا كالاس الدبلوماسية البارزة بالاتحاد الأوروبي على الحزمة الجديدة من العقوبات -عبر منصة إكس- قائلة "بفرض إجراءات أكثر صرامة على عمليات التحايل، وحظر الاستيراد والتصدير الجديد، والعقوبات على أسطول الظل التابع لبوتين، فإننا نغلق الأبواب الخلفية أمام آلة الحرب الروسية".
وأضافت كالاس أن "الكرملين لن يفت من عزيمتنا" في إشارة إلى استمرار الضغوط الأوروبية ضد روسيا.
ومن جهتها، رحّبت فون دير لاين بالحزمة رقم 16 من العقوبات، مشددة على أن "الاتحاد الأوروبي يفرض إجراءات صارمة أكثر لمنع الالتفاف على العقوبات، عبر استهداف المزيد من السفن التابعة لأسطول الظل الروسي، وفرض قيود إضافية على الواردات والصادرات".
السياق العام للعقوباتومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط 2022، فرض الاتحاد الأوروبي 15 حزمة عقوبات ضد موسكو، شملت عدة قطاعات حيوية، منها:
حظر تصدير النفط الخام وبعض المنتجات البترولية إلى الاتحاد الأوروبي. إقصاء بعض البنوك الروسية من نظام "سويفت" للدفع الدولي. تعليق أنشطة العديد من وسائل الإعلام الروسية داخل أوروبا. إدراج أكثر من ألفي فرد ومؤسسة روسية ضمن قائمة العقوبات الأوروبية. إعلانويؤكد الاتحاد الأوروبي أن هذه العقوبات تهدف إلى إضعاف قدرة روسيا على تمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا، بينما تصر موسكو على أن هذه الإجراءات لن تؤثر على موقفها السياسي والعسكري.
ومن المتوقع أن يشهد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي -الاثنين المقبل- إقرار العقوبات رسميًا، ليتم تنفيذها في الذكرى الثالثة لهذه الحرب، في خطوة تعكس استمرار العزم الأوروبي على الضغط على روسيا سياسيًا واقتصاديًا.