بعد قصور تشريعي دام أكثرَ من نصف قرن من الزمن، أقرّ المجلس النيابي في جلسته التشريعية الأخيرة قانون إيجارات الأماكن غير السكنيّة. بدقائق معدودة، داخل قاعة الهيئة العام لمجلس النواب، بدأت نهاية ظلم استمر عشرات الأعوام، بفعل عادة بالغة السوء، درج عليها المشرّع في تمديد عقود الإيجار عامًا بعد عام، مصادرًا حقوق الملكية التي نصّ عليها الدستور اللبناني، ومحوّلًا المستأجر إلى شريك للمالك في ملكه، بقوّة القانون.


وبتهرّب السلطة التشريعية من القيام بواجبها، على مدى أكثر من نصف قرن، بقي النزاعُ قائمًا بين المالك والمستأجر، وحُرم المالك من الإستثمار في ملكه، بينما كان المستأجر يحققّ أرباحًا طائلة من المحال التجارية والمستودعات والمكاتب، لا يسدّد منها للمالك بدل إيجار سوى بضعة مئات الآف الليرات بأحسن الأحوال، وأقل من دولار واحد في بعض الحالات. اليوم صدر القانون بظل عباءة جلسة التمديد للقيادات الأمنيّة، وما كان ليمرّ في زمن مقاطعة التشريع بغياب رئيس للجمهورية، لولا استحقاق قيادة الجيش، وقبل أيام من نهاية العقد العادي للمجلس، نهاية الشهر الحالي، وشبه استحالة فتح دورة استثنائيّة.
أهم ما في القانون أنّه لا يحتاج إلى مراسيم تطبيقيّة، بل يبدأ سريانه فور نشره في الجريدة الرسمية. بوجبه، تُحرّر عقود الإيجارات غير السكنيّة القديمة بعد 4 سنوات، على أن يتّم رفع البدلات تدريجيًّا خلال هذه الفترة، بمعدّل 25% من بدل المثل في السنة الأولى، 50% في السنة الثانية، حتى تصل إلى 100% في السنتين الثالثة والرابعة. علمًا أنّ بدل المثل يوازي 8% من قيمة المأجور. ومُنح المالك إمكانية تقصير فترة التمديد، وحقَّ استلام المأجور خلال سنتين، في حال تنازله عن حقّه بالزيادات التدريجيّة، عندها يدفع المستأجر البدلات القديمة دون أيّ زيادة.
المالكون: نهاية عقود من الظلم
"أتى القانون ليصحح خللًا كبيًرا، بعدما أصبحت الضريبة على الأملاك المبنيّة أضعاف بدلات الإيجار" يقول رئيس نقابة مالكي الأبنيّة المؤجّرة باتريك رزق الله في اتصال مع "لبنان 24" مشيرًا إلى أهميته "بعد خمسين عامًا من الظلم في حقّ المالكين في الأماكن غير السكنيّة، ونتائجه أنّه يعيد التوازن في العلاقة بين المؤجّرين والمستأجرين، خصوصًا مع وصول سعر صرف الدولار إلى ٩٠ ألف ليرة، فيما الإيجارات شبه مجانية".
عن المستأجرين المتضررين من القانون في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة لفت رزق الله إلى أنّ المستأجرين يحققون أرباحًا في أملاك المالكين في الأقسام غير السكنيّة "كما أنّ القانون أعطى مهلة بين سنتين وأربع سنوات للتحرير، وهي أكثر من كافية للمستأجر. فضلًا عن أهميته في العدالة وإعادة التوازن في فئة المستأجرين أنفسهم، بين مستأجر قديم وجديد في الأماكن التجارية. والأهم أنّه أنهى بدعة "الخلو" أو تعويض الفدية، والتي كانت خدعة وعملية "نصب" تعرّض لها المالكون".
وأشار رزق الله إلى نقطة محورّية، مفادها أنّ صدور القانون ثبّت نيّة المشترع بنفاذ قانون الإيجارات الصادر بتاريخ ٢٠١٤/٦/٢٦ وحسم الجدل، وأكّد المؤكّد بهذا الخصوص، في أكثر من مادة، من خلال الاستناد إليها في أحكامه.  وشكر رزق الله النواب على تضمين القانون إعفاءات ضريبيّة بنسبة ٩٠% على الرسوم والضرائب للعقود الخاضعة لأحكام القانون ٢٠١٤ "وهذا يساعد المالكين بظل الظروف الاقتصادية الصعبة جدًا". في إشارة إلى المادة 14 من القانون "بخلاف أيّ نص قانون أو تنظيمي آخر، يُعفى مالكو الأبنية المؤجّرة الخاضعة لاحكام قانون الإيجارات تاريخ 9/5/2014 وتعديلاته الخاضعة لهذا القانون (للسكن وغير السكن) من رسوم الانتقال وتحرير التركات، ومن غرامات التحصيل والتأخير عنها، ومن ضرائب الأملاك المبنيّة وغراماتها، عن فترة العشر سنوات السابقة لنفاذ هذا القانون ولغاية العام 2026. وتُخفض رسوم نقل الملكيّة في حال البيع أو الهبة بين الأصول والفروع للأشخاص المذكورين في المادة الأولى بمقدار 90% اعتبارًا من تاريخ نفاذ هذا القانون". 
تجمع الحقوقيين: الطامة الكبرى في عدم التعويض
من جهته، رئيس "تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الايجارات" المحامي أديب زخور رأى أنّ القانون "يخالف الدستور وقانون المؤسسة التجارية، ومبدأ التعويض والتنازل عن المؤسسة التجارية والأماكن غير السكنيّة، والحقوق المكتسبة في التعويض والخلو، وأسبابها الموجبة التي على اساسها تمّ التعاقد"، وفي بيان صادر عنه أشار إلى ما اعتبره "مبالغة في الزيادات على بدلات الإيجار، وعدم تطابقها مع الواقع والغاء التعويض، ليصبح بدل الايجار 8% من قيمة المأجور في السنة الثالثة من صدور القانون، وتحريره في السنة الثالثة والرابعة دون تعويض" ووصفها بـ "شروط وزيادات تعجيزيّة ومتناقضة تؤدّي الى إسقاط حقّ المستأجرين في هذه الأماكن، لعدم القدرة على تسديد الزيادات التي تُفرض منذ السنة الاولى" وأنّ "الطامة الكبرى هي تحرير العقود في السنة الثالثة والرابعة دون أي تعويض".
النواب: صوّبنا متأخرين خللًا تشريعيًا
في دردشة مع عدد من النواب حول إقرار القانون بسرعة داخل الجلسة، وعدم الأخذ بملاحظات المستأجرين، وتجاهل طلب أحد النواب رفع المهلة إلى ست سنوات، لفت هؤلاء إلى أنّ القانون ارتكز إلى عدم تحرير الإيجارات على نحو فوري، بل أمهل المستأجرين أربع سنوات، وارتكز في أسبابه الموجبة على الحقوق المهدورة للمالكين وانتهاك حقّ الملكية. كما أشاروا إلى "واقع لا يمكن تجاهله" وهو أنّ شاغلي الإيجارات غير السكنيّة من مستودعات ومصارف ومكاتب ومحال تجارية، لطالما حقّقوا مكاسب، فيما كانت بدلات الإيجار زهيدة جدًا، تصل إلى 8$ سنويًا، واليوم يبيع التجار السلع والخدمات على سعر صرف الدولار في السوق الموازية أي على سعر ٨٩ او ٩٠ ألف ليرة، بينما يدفعون للمالك ٥٠٠ الف ليرة سنويًا. فضلًا عن لجوء معظم المستأجرين إلى تأجير المحلات والمكاتب وفق السعر الرائج حاليًا، وبالفريش دولار، في المقابل يدفعون للمالك بدل الإيجار القديم الذي وصل إلى دولار واحد شهريًا في بعض الإيجارات "وهو خلل ينتهك حق الملكيّة".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: غیر السکنی ة فی السنة رزق الله

إقرأ أيضاً:

محافظ الفيوم ورئيس التنمية الحضرية يتفقدان المجمع السكني بالحواتم ضمن مشروع تطوير عواصم المدن

ناقش الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، مع المهندس خالد صديق رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، التابع لمجلس الوزراء، سبل التعاون المشترك في الاستغلال الأمثل للفرص الاستثمارية على أرض المحافظة، كما تابعا الموقف التنفيذي للمجمع السكني بمنطقة الحواتم ضمن المبادرة الرئاسية لتطوير عواصم المدن، وأعمال تطوير عدد من المناطق غير المخططة بمدينة الفيوم، في إطار خطة الدولة لتوفير سكن كريم لقاطني تلك المناطق.  

 

جاء ذلك بحضور المهندس مصطفى عبد الوهاب نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، والمهندس هيثم همام رئيس الإدارة المركزية لمتابعة المشروعات بالصندوق، والمهندس هشام جوهر رئيس الإدارة المركزية للتخطيط، والمهندسة سوزان نادر مدير عام الإقليم الجنوبي بالإدارة المركزية لمتابعة المشروعات، والمهندس محمد حسن مدير متابعة مشروعات الصندوق بالفيوم، والأستاذ خالد فراج رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم، والرائد أحمد هاني جمال الدين ممثلاُ عن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، القائمة على تنفيذ مشروع تطوير عواصم المدن بمنطقة الحواتم.

 

خلال اللقاء أكد محافظ الفيوم، أهمية التعاون مع صندوق التنمية الحضرية، في استغلال الفرص الاستثمارية على أرض المحافظة، وتطوير عدد من المناطق غير المخططة بمدينة الفيوم، مشيرًا أن الفيوم من المحافظات ذات الفرص الاستثمارية الواعدة، مما يجعلها موقعًا جاذبًا للمستثمرين الجادين في مختلف القطاعات، لافتًا إلى حرص المحافظة على تقديم كافة سبل الدعم لكل يد تسهم في بناء الوطن، من خلال تيسير الإجراءات وتذليل العقبات.

 

كما تم خلال اللقاء، عرض ملخص للموقف التنفيذي لمشروع تطوير وتأهيل 6 مناطق غير مخططة بمدينة الفيوم، ضمن بروتوكول التعاون المبرم مع صندوق التنمية الحضرية بهذا الشأن، والذي يشمل أعمال تطوير مناطق الصوفي، وعزبة مأمون، وعزبة جبيلي، والصيفية الجديدة، والشيخة شفا، والعرضي بمنطقة الشيخ حسن، بقيمة 120 مليون جنيه، موجهًا سكرتير عام المحافظة المساعد، بالتنسيق مع رئيس مدينة الفيوم، لتسريع إنهاء أعمال التطوير المتبقية بهذه المناطق، لتوفير بيئة صحية آمنة للمواطنين، والارتقاء بالشكل الحضاري والجمالي لعاصمة المحافظة.

 

كما ناقش محافظ الفيوم، ورئيس صندوق التنمية الحضرية، الموقف التنفيذي لتوصيل المرافق للمجمع السكني بمنطقة الحواتم، ضمن المبادرة الرئاسية لتطوير عواصم المحافظات والمدن الكبرى، المقام على مساحة 11،5 فدانًا، ويشمل 14 عمارة بإجمالي 1100 وحدة سكنية، مساحة الوحدة 87 متر مربع، إضافة إلى 60 محل تجاري بمساحات مختلفةـ، ومناطق للخدمات والجراجات.

 

كما قام محافظ الفيوم، ورئيس صندوق التنمية الحضرية، بتفقد عدد من الوحدات بالمجمع السكني بمنطقة الحواتم، ضمن المبادرة الرئاسية لتطوير عواصم المحافظات والمدن الكبرى، واستمعا لشرحٍ حول المكونات الإنشائية للمشروع، ومناطق الخدمات، ووجه المحافظ، رئيس قطاع الكهرباء، بسرعة إنهاء أعمال إطلاق التييار الكهربائي، لخدمة الوحدات السكنية بالمجمع، كما وجه رئيس مدينة الفيوم، بالتنسيق مع مسئولي صندوق التنمية الحضرية، لتسريع إجراءات استكمال السور المحيط بالمجمع السكني، وفقًا للأعمال الإنشائية المنفذة به، وبما لا يتعارض مع شبكات المرافق التي تخدم المجمع السكني.

 

من جهته، قدم رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، الشكر لمحافظ الفيوم، على التعاون المثمر والبنّاء في تنفيذ عدد من المشروعات الخدمية والاستثمارية، التي تعود بالنفع على أهالي الفيوم، مؤكدًا استعداد الصندوق للتعاون مع المحافظة في استغلال عدد من قطع الأراضي المقترحة، لتنفيذ مشروعات استثمارية وخدمية ذات عوائد اقتصادية تعزز من موارد المحافظة المالية، كما أكد حرص الصندوق على المساهمة فى تطوير الامتدادات العمرانية الجديدة والمناطق غير المخططة والعشوائية، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية في هذا الشأن.

 

 

 

محافظ الفيوم يلتقي نواب البرلمان لبحث مطالب المواطنين وتحسين الخدمات 494197632_697582239320649_774444925878139083_n 494283344_697582132653993_8493905834863220001_n 494466915_697582095987330_2179309174686484707_n 494049701_697582185987321_3379619532759924599_n 494051524_697582269320646_3372367803727886954_n

مقالات مشابهة

  • «النواب» يسمح لوزير البترول التعاقد مع شركات مصرية وأجنبية للبحث عن الغاز
  • محافظ الفيوم ورئيس التنمية الحضرية يتفقدان المجمع السكني بالحواتم ضمن مشروع تطوير عواصم المدن
  • مدبولي: التعديلات المقترحة على قانون الإيجار القديم تهدف لتحقيق توازن بين مصالح المستأجرين والملاك
  • النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون الثروة المعدنية
  • الحبس 5 سنوات وغرامة مليون جنيه عقوبة التعدي على الوقف الخيري
  • متحدث الأوقاف: الفتوى مسئولية تتحملها الوزارة
  • الحبس 5 سنوات وغرامة مليون جنيه عقوبة التعدي على المباني المملوكة للدولة
  • مجلس النواب يوافق على مشروع قانون تعديل الثروة المعدنية
  • رقم قومي لكل بيت.. تفاصيل تطبيق القانون على العقارات السكنية والتجارية
  • الحبس 7 سنوات عقوبة التعدّي على أملاك الدولة في هذه الحالات .. بالقانون