جريدة الوطن:
2025-03-16@20:03:14 GMT

أصداف : «مسارات» الكتاب الرقمي

تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT

أصداف : «مسارات» الكتاب الرقمي

لكَيْ نعرفَ أين يتَّجه الكتاب الرَّقمي الَّذي يزداد الإقبال على اقتنائه وقراءته في مختلف أرجاء العالَم ومن بَيْنِها منطقتنا وقرَّاؤنا، لا بُدَّ من وجود إحصاءات علميَّة ترصد هذا السُّوق وتدقِّق في مساراته، وحسب معلوماتي المتواضعة، أنَّه لا تتوافر مِثل تلك الأرقام عن الكتاب الرَّقمي العربي (تأليفًا وترجمةً) ولا عن نسبة القراءة فيه، على خلاف الإحصاءات الخاصَّة بالكتاب الورقي والَّتي توصَّلت ومن خلال دراسات واستبانات علميَّة إلى أنَّ حصَّة القارئ العربي من الكتب الورقيَّة المطبوعة لا تتجاوز الرُّبع صفحة في العام في أفضل أحوالها، وتتأتى أهمِّية مِثل هكذا إحصائيَّات من رصد حركة المُجتمع المعرفيَّة الَّتي تساعد في دفع وتحفيز الجهات المعنيَّة في إيجاد معالجات لمِثل هكذا ثغرات (نسبة القراءة في الولايات المُتَّحدة الأعلى في العالَم وتصل إلى ما يزيد عن عشرة كتُب خلال العام الواحد)، وتتباين نسبة القراءة بَيْنَ مُجتمع وآخر، لكن يُمكِن القول إنَّ انتشار القراءة وتفشِّيها في مُجتمع ما دليلٌ مُهمٌّ في التعرُّف على مكامن القوَّة في هذا المُجتمع، إذ يتَّفق الجميع أنَّ (المعرفة قوَّة).


بِدُونِ شكٍّ ثمَّة عوامل تقف إلى جانب زيادة الإقبال على الكتُب الرَّقميَّة وعوامل تتصدَّى لها، لكن عوامل الدفع أكبر من تلك الَّتي تضع العوائق، ففي زمن الكتاب الرَّقمي تبرز معضلة الحصول على الكتب، لذا تكُونُ معارض الكتب بمثابة الفرصة الأقوى والأوسع لاقتناء الكتب، حيث تشهد تلك المعارض إقبالًا واسعًا، كما أنَّ أخبار الكتب وإصداراتها لا تصل بسهولة للقرَّاء، في حين وفَّرت التقنيَّات الحديثة فرصًا هائلة في التعرُّف على أحدث الإصدارات والترجمات وتقييمات وتعليقات لكُلِّ كتاب، يضاف إلى ذلك سُوق الكتاب الرَّقمي الهائل، فلا يوجد «رقيب» حكومي يستطيع منعك من اقتناء أيِّ كتاب، ولا يوجد العائق المادِّي الَّذي طالَما وقف بوجْه الكثيرين من عشَّاق الكتاب، فقَدْ أصبحت الكتُب متوافرة في آلاف المواقع في الشبكة العنكبوتيَّة، وإذا كان تأسيس وجمع مكتبة تحتوي مئات الكتب يستغرق وقتًا طويلًا ويستهلك الأموال الطائلة، فقَدْ أصبح بإمكان أيِّ شخص جمع آلاف الكتب وتبويبها دُونَ الحاجة لميزانيَّة ولَنْ يتطلب ذلك الكثير من المساحة في البيت ولَنْ يكلفَ سنتًا واحدًا في شراء الرفوف الخاصَّة بالكتب، كما أنَّ هذه الكتب لا تحتاج الصيانة الدَّوريَّة والتنظيف، يضاف إلى ذلك ميزات أخرى عديدة، لكن ما يقف عائقًا أمام قراءة الكتاب الرَّقمي ليس سهلًا، فقَدِ انتشرت ظاهرة «القراءة الخاطفة السريعة» ما يعني أنَّ أجيالًا جديدة لا تتحمَّل قراءة كتاب يحتاج لساعات وأيَّام. لكن وفي جميع الأحوال لَنْ تتوقفَ القراءة أبدًا، ويبقى للكتاب «الرَّقمي أو الورقي» عشَّاقه ومحبُّوه، ولا أعرف فيما إذا تعمل مؤسَّسات ومراكز على تقديم إحصاءات على الأقل شِبه دقيقة عن حجم القراءة الرَّقميَّة في مُجتمعنا العربي؟ حتَّى يتسنَّى للمعنيِّين التعرُّف على «مسارات» المعرفة في مُجتمعنا.

وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الکتاب الر م جتمع

إقرأ أيضاً:

المحتوى الرقمي بين التهليل والتحليل

صناعة المحتوى الرقمي من أهم التحديات التي تواجه الإعلام غير التقليدي اليوم، لا في قدرتها على الرواج اللحظي وسعة الانتشار وحسب، بل في خطورة إمكانية حشو المحتوى برسائل هدّامة مجتمعيا، أو دينيا أو حتى أمنيا، ومهما كانت مادة النقاش اليوم فلا يمكنها البعد عن توثيقها وتسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية، فإن كان الحديث عن القيم والمبادرات المجتمعية الإيجابية وجدتها حاضرة على مسرح التواصل الرقمي، كما تجد الابتكارات والإبداعات وسبل تطويرها، دورات التطوير المهني والتنمية الذاتية مع المعارف بشتى أنواعها ومختلف مستوياتها، العقيدة والآداب والفنون وحوارات مبدعيها وآخر مستجداتها، لكن صناعة المحتوى قد تنطوي على ما هو أخطر من ذلك متضمنة انحرافات سلوكية وعقائدية، كما قد تتضمن الجريمة بشتى أشكالها، وليست الجرائم الوحشية التي رصدت مؤخرا في مختلف دول العالم وارتباطها بالمواقع المظلمة ( The Dark Web ) عن ذلك ببعيدة، وفيها من تسويق تلك الأفكار ما يدق نواقيس الخطر فعليا لدى الأمم الواعية متجاوزا حدود المتابعة والمراقبة والعقاب.

وإذا ما تساءلنا عن تعريف الإنترنت المظلم ( The Dark Web) سيء السمعة مرتبطا بالفرار من الجريمة، وتوسيع مجالاتها، فالإنترنت المظلم يعتبر جزءاً مهماً من منظومة الإنترنت، حيث يسمح بإصدار المواقع الإلكترونية ونشر المعلومات بدون الكشف عن هوية الناشر أو موقعه، ويمكن الوصول إليه من خلال خدمات معينة مثل خدمة (Tor) وخدمات مماثلة طريقة لتوفير حرية التعبير عن الرأي والارتباط والوصول الى المعلومات وحق الخصوصية، وقد نشأ الإنترنت المظلم في منتصف التسعينيات، حين طور مختبر الأبحاث البحرية الأمريكية مشروع التوجيه البصلي The Onion Routing Project، المعروف اختصاراً بـ TOR، كوسيلة لحماية الاتصالات الأمنية الأمريكية عبر الإنترنت، وبمرور الوقت، بات TOR لا يخدم فقط مصالح الأمن القومي بل أصبح أيضاً أداة شائعة بين الأفراد الذين يسعون إلى الحفاظ على خصوصيتهم على الإنترنت، الويب المظلم، الذي بدأ كأداة للتواصل الآمن داخل وزارة الدفاع الأمريكية يستخدم اليوم بشكل واسع من قبل أفراد حول العالم لأغراض متنوعة، سواء كانت قانونية أو غير ذلك، عبر تقنية التوجيه البصلي التي تحمي المستخدمين من المراقبة والتعقب، وذلك بتوجيه البيانات عبر آلاف نقاط الترحيل لتغطية مسارات المستخدم وجعل التتبع شبه مستحيل، عبر هذه التقنية سعى البعض لهذه المواقع متنفسا لحرية الرأي هروبا من التضييق والحبس، فيما سعى لها آخرون وكرا للجريمة من ترويج للمخدرات والأسلحة والمواد الإباحية، وتسويق للشذوذ والوحشية، هذه الأنشطة غير القانونية جعلته محط أنظار الجهات الأمنية مكافحة للجريمة الإلكترونية وغيرها من الجرائم، ولا عجب حينها أن يوقع مستخدميه في مساءلات قانونية، فضلا عن إمكانية اختراق خصوصية مستخدميه عبر الفيروسات والخوارزميات المرتبطة بالموقع ذاته.

مع كل ذلك، حتى الإنترنت العادي سهل التتبع معروف المصدر لا يخلو من مخاطر مُحدقة إذا ما فكرنا في التركيز على المحتوى الرقمي وصعوبة تحقق المراقبة الدورية ( خصوصا تلك المقطعات القصيرة ذات التأثير السمعي البصري العميق)، أو أمعنا النظر في الخوارزميات الرقمية القادرة على نقل طفل من لعبة للتلوين والرسم إلى مواقع إباحية ومحتوى غير أخلاقي، القادرة يقينا على بث الكثير من الأفكار المزعزعة للثوابت القيمية، والمشتركات الأمنية مجتمعيا وفكريا، وفي ذلك كثير من الأمثلة التي تحكي ارتباطا وثيقا بين جرائم وقضايا مجتمعية (متضمنة اعتداءات وانحرافات سلوكية وقضايا إرهاب) ودور مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت سبلها وسرّعت نتيجتها مما لن تتسع هذه المقالة لسردها.

مع كل تلك السبل في تعقيدات العالم الرقمي وكل تفرع وتوزع المحتوى الرقمي فلا مناص من وجوب إنشاء وتفعيل وسائل لحماية المجتمعات من خطر المحتوى الهدّام، لا بد من خطط منظمة تستهدف متابعة المحتوى الرقمي ووضع آليات لتقييمه وأخرى لتقويمه إن اقتضى الأمر، خطط تنهض بها مجموعات من المختصين في مجالات مختلفة تشمل لجان حقوق الإنسان وحماية الطفل، والمؤسسات الاقتصادية وتنمية المجتمعات، الجهات المعنية بالأمن الوطني والقومي والمجتمعي والفكري، ولا تكتفي بالمتابعة إنما تستغرق في الربط والتحليل، ووضع مناهج وقائية وأخرى جزائية واضحة سعيا لحماية المجتمعات والأفراد والأوطان من مخاطر التحول المادي المُطلق منتصرا للمادة وتشكلاتها على حساب الإنسان وقيمه وعواطفه وتحديات واقعه.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

مقالات مشابهة

  • المحتوى الرقمي بين التهليل والتحليل
  • ندوة ثقافية بـ«دار الكتب بطنطا حول ترشيد الاستهلاك في رمضان
  • بوركيني .. أحدث إصدارات هيئة الكتاب لـ مايا الحاج
  • هل يجوز قراءة القرآن من المصحف في صلاة التراويح؟ الإفتاء تجيب
  • ما هو قدر القراءة في صلاة التراويح؟ اعرف آراء العلماء
  • عبدالله بن زايد ووزيرة خارجية فنلندا يبحثان تعزيز مسارات التعاون الثنائي
  • النساء لن تدخل الجحيم.. إصدار جديد بهيئة الكتاب لـ سليمان العطار
  • الخطط التشغيلية الإثرائية للجمعة الثانية بالحرمين تحقق نجاحًا وفق مسارات الحوكمة
  • الخطط التشغيلية الإثرائية للجمعة الثانية تحقق نجاحًا وفق مسارات الحوكمة
  • “الكتاب الأبيض”.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أوروبا لدعم أوكرانيا و”ردع” روسيا