حكم التدخين.. الإفتاء: حرام وحرمته ليست على المُدخن وحده وإنما 3 غيره
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
لعل حكم التدخين من المسائل الشرعية التي يبحث عنها كثير من المدخنين ، الذين لا يستطيعون الإقلاع عن عادة التدخين والتي وصلت بهم حد الإدمان ، فأصبح من الصعب التوقف عنه، لذا فحتى لا يكون الأمر هلاكًا في الدنيا وعذابًا بالآخرة ينبغي الوقوف على حكم التدخين وهل هو حرام شرعًا أم مكروهًا، لعله يكون عونًا لهم يخلصهم من عادة التدخين المهلكة .
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن التدخين عادة سيئة محرمة شرعًا، منوهة بأن مدار حكم التدخين على الضرر، فإن تحقق الضرر الذي تمنعه الشريعة الإسلامية فيحرم لذلك، وإن لم يتحقق كره أو أبيح.
وأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال: (ما حكم التدخين و هل التدخين حرام
؟) ، أن التدخين هو ما يعرف بتعاطي نبات التبغ بالإحراق، وجذب الدخان الناتج عن إشعاله.
وأضافت أن التبغ: لفظ أجنبي دخل العربية دون تغيير، وقد أقره مجمع اللغة العربية، وهو نبات من الفصيلة الباذنجانية يستعمل تدخينًا وسعوطًا ومضغًا، ومنه نوع يزرع للزينة، وهو من أصل أمريكي.
وأشارت إلى أنه لم يعرفه العرب القدماء، فقد ظهر في أواخر القرن العاشر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر، وأول من جلبه لأرض العثمانيين الإنجليز، ولأرض المغرب يهودي زعم أنه حكيم، ثم جُلب إلى مصر، والحجاز، والهند، وغالب بلاد الإسلام.
ونوهت بأن من أسمائه: الدخان، والتتن، والتنباك، لكن الغالب إطلاق هذا الأخير على نوع خاص من التبغ كثيف يدخن بالنارجيلة لا باللفائف، ومما يشبه التبغ في التدخين والإحراق: الطباق، وهو نبات عشبي معمر من فصيلة المركبات الأنبوبية الزهرية.
ما حكم التدخينولفتت إلى أنه معروف عند العرب، خلافًا للتبغ، والطباق: لفظ معرب. الطباق: الدخان. يدخن ورقه مفرومًا أو ملفوفًا، مشيرة إلى أن مدار حكم التدخين على الضرر، فإن تحقق الضرر الذي تمنعه الشريعة الإسلامية فيحرم لذلك، وإن لم يتحقق كره أو أبيح.
ونبهت إلى أنه كان ذلك سبب اختلاف العلماء فيه قديمًا؛ حيث إن الطب ما زال يكشف لنا عن كل جديد، ويخبرنا بأضرار التدخين يومًا بعد يوم، وما وصل إليه الطب الحديث في عصرنا أن التدخين ضارٌّ جدًّا بالصحة الإنسانية، وأنه يحتوي على مادة مفترة.
واستشهدت بما ورد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن من قضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(2)، وبنيت عليه قواعد فقهية كلية وفرعية، منها: "الضرر يزال"، ومنها: "دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة"، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ"(3).
وتابعت: وبناءً عليه: يُعلم أن الشرع حرَّم الضرر البالغ، والتدخين يصيب الإنسان بالضرر البالغ كما أقر بذلك الأطباء، ويحرم الشرع كل مادة مفترة، والتبغ وكل النبات الذي يدخن يفتر أعصاب الإنسان.
وأفادت بأنه حرَّم الشرع الشريف إضاعة المال، وهي الإنفاق فيما لا فائدة له، بل فيما فيه ضرر؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»؛ لذا نرى أن التدخين عادة سيئة محرمة شرعًا، نسأل الله أن يتوب على من ابتلي بها.
هل التدخين حراموأصدر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، دراسة شرعية حول التدخين وآثاره وحكمه، مؤكدًا أن تشريعات الإسلام الحنيف جاءت آمرةً بكل معروفٍ نافعٍ، وناهيةً عن كل منكرٍ ضارٍ، فكان من الطبيعى أن تقف وقفةَ المُعادى مما يثبُت ضررهُ على صحة الإنسان.
ولفت إلى أنه تبيّن بلا ريبٍ أن التدخينَ ضارٌ بل وقاتلٌ، فقد نشرت مُنظمة الصحة العالمية تقريرًا مُطوَلا في عام (1975) ، تقول فيه: "إن عدد الذين يلقون حتفهم، أو يعيشون حياةً تعيسةً من جراءِ التدخين يفوق عدد الذين يلاقون حتفهم نتيجة الطاعون، والكوليرا، والجدري، والسل، والجذام، والتيفوئيد، والتيفوس، مجتمعين، والوفيات الناجمة عن التدخين هي أكثر بكثير من جميع الوفيات للأمراض الوبائية مجتمعة".
واستطرد: كما أن مجموع الدخل الذي تحققه الدول الكبرى من جراء الضرائب الباهظة على إنتاج التدخين هو أقل بكثير من الأموال التي تُنفق لمعالجة الأمراض الناتجة عنه، وإنه من الهام معرفة أن الآثار المدمرة للتدخين لا تظهر بشكلٍ واضحٍ، إلا بعد ربع قرن، يدخن الشاب، ولا يدري ماذا يفعل بنفسه، لكن بعد مُضي عشرينَ عامًا أو أكثر تبدأ الآثار الضخمة للتدخين في الظهور.
وبين أن للتدخين تأثيره على قدرات ووظائف أعضاء الجسم، فآثاره الضارة كثيرةٌ وخطيرةٌ، فالتدخينُ يصيب الإنسان بالكثير من الأمراض المزمنة والسرطانات، فنسبة السرطان عند المدخنين هي ثمانية أمثال غير المدخنين، إلى غير ذلك من الأضرار والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:
(1) أن عمر الشرايين وتصلبها يتأثر به، فلو دخن الشخص في اليوم عشرين دخانةً لنقص من عمره خمس سنوات تقريبًا.
وقد أظهرت دراسة أن التدخين لمدة طويلة يقصر من عمر المدخن من1-7 سنوات.
(2) التدخين يؤدي إلى ضعف الذاكرة، وكثرة النسيان، وفتور النشاط العقلي، فغير المدخن أذكى من المدخن، وأسرع استجابة منه.
(3)كما يضعف التدخين الوظائف التنفسية، ويؤدي إلى التهاب الأنف، والبلعوم المزمنين، وإلى التهاب الحنجرة، والقصبات الرئوية.
(4) بالإضافة إلى أن معظم الإصابات القلبية، والوعائية القاتلة تعود إلى التدخين.
(5) كما أنه يزيد سكر الدم، ويزيد هرمون التجلط، ويسبب التهابا في الملتحمة، وجفافا في الأجفان، والتهابا في العصب البصري، كما يؤدي إلى تسمم الخلية الكبدية، وقصور الكبد.
(6) الدخان أحد أكبر أسباب إصابة الرجل بالضعف الجنسي، وتشوه النطف، ويؤدي إلى العقم عند الرجال والنساء.
(7) بالإضافة إلى أن أكثر حالات الإجهاض والإملاص - ولادة الجنين ميتا - بسبب الدخان، وهو سبب الولادة قبل الأوان، ونقص الوزن، ووفاة الرُّضَّع بسبب الأم المدخنة، أما التشوهات الخلقية، والوفاة في المهد، وربو الأطفال، والصمم؛ فكله يُعزى إلى الأم المدخنة.
(8) ثم أضف إلى كل ما سبق أن المدخن لا يقصر ضرر التدخين على نفسه، بل يضر بهذا من حوله من زوجة، وأولاده، وزملاءه.
وتعجب ، قائلاً: كيف بعد كل هذا الضرر تأتى الشريعة بإقراره أو بإباحته؟! كيف وكل ضار في الإسلام محرم؟!، فالتدخين محرم شرعًا، وذلك من وجوه:-
(1) فالإسلام حرم كل ضارٍّ بصحة الإنسان، فقد قال تعالى ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ ، وقال أيضاً ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ ، وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" .
(2) بالإضافة إلى أن صحةَ الإنسان نعمة تستوجب شكر الله – عز وجل – ومن شكر هذه النعمة المحافظة عليها، وتسخيرها في نفع النفس والناس، فكما أن الشكر يكون بالقول فهو أيضاً بالعمل، فقد قال تعالى ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾.
(3) كما أن إنفاق المال للحصول على الدخان يعد إضاعة له وهو محرم أيضاً، فعن المغيرة بن شعبة قال، قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ) .
وشدد على أنه لذلك فالتدخين حرام شرعاً، ومعصية يعرض الإنسان نفسه من خلالها إلى الهلكة فقد قال تعالى ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، وهذه الحرمة تنسحب على البائع والمشتري والمُصّنع وكل من ساهم في عملية إيصال الدخان إلى المدخن، قال تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التدخين هل التدخين أن التدخین قال تعالى إلى أنه ى الله الله ع کما أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها من سائل يقول "ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟".
وقالت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذِكْر اسمه في الصلاة أمرٌ مشروع، مشيرة إلى أنه لا يؤثر في صحة الصلاة، بل هو مستحبٌّ كما نص على ذلك الشافعية، مشددة على ضرورة مراعاة التوسط والاعتدال في ذلك وعدم الجهر حتى لا يؤدي إلى التشويش على غيره.
هل يجوز الصلاة على النبي في الصلاة؟وأشارت الإفتاء إلى أن الأصل المقرر أن الصلاة لا يصلح فيها إلا ما كان من جنسها؛ كالذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم؛ وذلك لما ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» رواه مسلم.
وتابعت الإفتاء أنه يُشْرَعُ فيها من الدعاء ما يجوز للإنسان أن يدعو به خارجها؛ مستشهدة بما قاله الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (6/ 118، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الشافعي ومالك: يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به في خارج الصلاة من أمور الدنيا والدين، مما يشبه كلام الناس، ولا تبطل صلاته بشيء من ذلك عندهما] اهـ.
وأكدت أنه لا يخفى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله سلم دعاءٌ جليلٌ، ومن جلالته عدَّه العلماء من أفضل أنواع العبادات؛ فقد نقل الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (14/ 235، ط. دار الكتب المصرية) قول سهل بن عبد الله: [الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك] اهـ، فهي دعاء جائزٌ في الصلاة على وجه العموم.
أفضل 4 أعمال مستحبة بعد صلاة الفجر ونصح بها النبي.. اغتنم أجرها العظيم
هل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء ترد
حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح
حكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة وما يجب فعله
وأوضحت أن الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه الشريف في الصلاة؛ فقد ذهب الشافعية إلى استحبابه، ويستوي في ذلك مَن كان ذاكرًا للاسم الكريم أو سامعًا له.
جاء في "حاشية الشرواني على تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (2/ 66، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم نُدِبَ له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كـ: صلَّى الله عليه وآله وسلم، لا اللهم صلِّ على محمد.. والظاهر أنه لا فرق بين أن يَقْرَأَ، أو يسمع] اهـ.
وجاء في "حاشية قليوبي على شرح جلال الدين المحلي على المنهاج" (1/ 227، ط. دار الفكر): [(تنبيه) قد علم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون ركنًا تارة كالتشهد الأخير، وبعضًا تارة كالأول، وسنة تارة عند سماع ذكره، ومكروهةً تارة كتقديمها على محلها، فإذا أتى بها في غير محلها فيتجه أنه لا يسجد إلا أن يقصد بها أحد الأولين فراجعه] اهـ.
وقد نص بعض الشافعية على تحديد الصيغة التي يُصَلَّى عليه بها عند سماع أو ذكر اسمه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال العلامة أحمد بن قاسم العبادي الشافعي في "حاشيته على الغرر البهية" (1/ 326، ط. المطبعة الميمنية): [لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم نُدِبَ له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير؛ كـ: صلَّى الله عليه وآله وسلم، لا بالظاهر نحو: اللهم صل على محمد؛ للاختلاف في بطلان الصلاة بركن قولي؛ أي: بنقله] اهـ.
وأشارت الإفتاء إلى أنه لم يرَ السادةُ المالكيةُ بأسًا في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذُكر اسمه الكريم في الصلاة، بل نصوا على مشروعيتها.
قال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 544، ط. دار الفكر): [(فرعٌ) قال في "المسائل الملقوطة": إذا مرَّ ذِكْر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قراءة الإمام، فلا بأس للمأموم أن يصلي عليه] اهـ.