sddg_taha@yahoo.com
القاهرة
الاثنين ١١ ديسمبر ٢٠٢٣م
(البرهان وحمدوك ودورهم في افشال الفترة الانتقالية بعدم التزامهم بما هو ايجابي في الوثيقة الدستورية)
صحفية باحدى الصحف سألتني عن رأيي في ما تسرب من أن البرهان طلب من حمدوك الرجوع إلى الوثيقة الدستورية لسنة ٢٠١٩ المعدلة ٢٠٢٠، وأن حمدوك رفض ذلك، وفي الواقع ليس لدي معلومة عن كيف وأين ومتى تم هذا التفاوض، ومدى صحة هذا الحديث.
أرسلت ردي على هذا التساؤل، وكالعادة لم أرى حتى الآن نشراً لما قلته وقد مرت خمسة أيام على ذلك، عليه فلقد قررت أن أنشر ما قلته لها خلال عمودي #البعد_الرابع بصحيفة البيان الحشدوي.
أولاً؛ فإنني أقول انه لا خير في هذا ولا ذاك .. ولا فائدة ترجى من حمدوك ولا البرهان لحل أزمة السودان الراهنة، لأنهما من تسببا فيها.
البرهان اذا كان فعلاً قد طلب الرجوع الى الوثيقة الدستورية فذلك لأنه قد قام بتشويهها أكثر مما هي مشوهة، ثم تمزيقها وجعلها مفصلة تماما على مقاسه لكي يستمر في سلطته غير الشرعية، أما نحن فمن الأساس كنا وما زلنا لنا رأي في الوثيقة الدستورية و رفضناها منذ اصدارها او من قبل ان تصدر، ولنا رأي سلبي فيها، ولن تصلح الآن كما لم تكن صالحة في الماضي.
الوثيقة الدستورية كانت هي السبب الرئيسي لكل مشاكل الفترة الانتقالية ولاجهاض الثورة.
فهي التي قننت وجود الدعم السريع وهي التي قننت شراكة المؤسسة العسكرية للمدنين، وهي التي أعطت رئاسة الفترة التأسيسية الانتقالية الأولى (أول سنتين) للعسكر، لذلك فهي السبب الأساسي في فشل الفترة الإنتقالية، وبالتالي فهي السبب الأساسي في قيام الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لذلك نحن ايضا نرفض الرجوع للوثيقه الدستورية ولكن ليس من المنطلق الذي انطلق منه حمدوك والذي رفض بسببه ان كان ذلك صحيحاً.
الوثيقة الدستورية اذا تم احيائها من جديد، فستضمن للبرهان استمراره في السلطة وسوف يرفض اي دستور آخر، سواء ان كان دستورا جديدا او دستور 2005 او حتى أن كان الدستور الأمريكي نفسه، فاي عقد اجتماعي يأخذ منه السلطة سوف يرفضه بسبب ذلك وليس لأي سبب آخر.
الوثيقة الدستورية التي يتحدثون عنها قد تم تمزيقها وحمدوك على رأس السلطة التنفيذيه، لأنه هو نفسه لم يلتزم بها، فلقد تنازل عن كل صلاحياته التي اعطتها له الوثيقه الدستورية بكل عيوبها للعساكر وبكل اريحية.
وأولا؛ فلقد تنازل عن مسؤليات ملف الشئون الخارجية واصبح يقوم بها البرهان، فلقد سافر البرهان وقابل نتنياهو في يوغندا بدون اي استشارة ودون علم مجلس الوزراء ولا مجلس السيادة ولا وزارة الخارجية.
ثانيا اللجنة الإقتصادية العليا ترك رآستها لحميدتي وهو كان نائبه، رجل يحمل الدكتوراة في الإقتصاد، رجل دكتور(phd)، ورجل عمل في عدد من المنظمات الدولية يأتي برجل عسكري جنجويدي متمرد ومجرم ويجعله أعلى منه في اللجنة الإقتصادية العيا.
ثالثا ملف السلام: الوثيقة الدستورية تنص على ان تقوم به مفوضية تحت رعاية مجلس الوزراء وقد تركه لحميدتي.
رابعا: اللجنة التي كانت من مفترض ان تنسق بين الأمم المتحدة و حكومة السودان في اعمال اليونيتامس اعطيت الى ابراهيم جابر؛ وهو عسكري عضو في مجلس السيادة، وهي من صلاحيات السلطة التنفيذية، وليس مجلس السيادة.
خامسا: لجنة ازالة التمكين والتي هي جزء من صلاحيات حكومة الثورة أو الجهاز التنفيذي، وليس مجلس السيادة اعطيت رئاستها لياسر العطا.
هذه خمسة ملفات أساسية من مهام الفترة الإنتقالية التأسيسية تخلى عنها حمدوك للمجلس العسكري ، خمس ملفات رؤسائها عساكر، و لذلك لا يمكن ان تكلف الذئب بحراسة الماشيه.
لأن لجنة ازالة التمكين كان من المفترض أن تزيل أول من تزيل من السلطة هم هؤلاء العساكر الفاسدين الذين لم يستطيعوا التحقيق معهم ولا مراجعة من أين لهم اموالهم، وهنالك أكثر من ثمانين شركة أموالها تدخل الى جيوبهم، وهي تابعة للمؤسسة العسكرية، وقد فشل حمدوك تماما في تتبيعها لوزارة المالية، بل قام بالتنازل عن صلاحيات مجلس وزراء الثورة، واعطى رئاسة لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام الى عسكري متهم بفساد وجرائم.
المجلس العسكري كله الذي هو بالأساس اللجنة الأمنية التابعة للبشير وعليهم إتهامات وعلامات إستفهامات كبيرة جدا جدا؛ جنائية ومالية وسياسية وأخلاقية، أصبح هو الحاكم الحقيقي للدولة.
فلذلك كما بدأت حديثي أرى انه لاخير في حمدوك ولا خير في البرهان، الإثنين لم يحترموا الوثيقة الدستورية ولم ينفذوها وفي النهاية في 25 أكتوبر 2021م اتفق البرهان وحميدتي وإنقلبوا على حمدوك ومزقوا الوثيقة الدستورية تماما.
لذلك أفتكر ان هذا لعب على الذقون، ولن يساهم في تطوير البلاد، وكل من حمدوك ومجموعة الإتفاق الإطاري والحرية و التغيير وغيرهم، حتى الحركات المسلحة الموقعة على إتفاق سلام جوبا يذهبون في نفس الخط وهو خط موازي لخط حمدوك الذي سمي (تقدم) وهو نفسه مجموعة الإتفاق الإطاري.
وهم وقوى إتفاق جوبا مختلفين فقط على السلطة لكن افكارهم واحدة، افكار محنطة وبالية، ويجب أن تذهب الى مذبلة التاريخ.
نحن بصدد ان تكون هناك رؤية جديدة تظهر عقلية جديدة لإدارة الدولة السودانية وليس العقلية التي أدارت السودان خلال الحقب السابقة سواء كانت مدنية أو عسكرية أو الحكومات الإنتقاالية الثلاث بعد 2019م ذهبت في نفس الخط القديم نفس العقلية المتحجرة غير المنفتحه والأنانية، التي لا تعرف الا مصالحها الذاتيه ومصالح أحزابها أو مصالح الضباط الكبار في الحكومات العسكرية، لذلك فانا أرى انه لافائده كبيرة من هذا الحديث عن إقتراح البرهان ورفض حمدوك للرجوع للوثيقة الدستورية.
أما في ما يختص بحرب ١٥ أبريل، فهي حرب اولا وعبثية وغير شرعية، لان الحرب الشرعية تكون بقرار سياسي، ففي الدول المحترمة لايعلن الحرب العساكر، في اي دولة في الدنيا الجيش ينفذ الحرب بعد قرار سياسي، وكما قال القدماء ان الحرب هي ممارسة السياسة بطريقة عنيفة لذلك من الصعب ان نتكهن بكيفية توقف هذه الحرب.
ولكن لدينا تصورات ويوجد عدد من السيناريوهات، فإما ان ينتصر أحد الطرفين على الآخر وسوف تكون هذه مصيبة السودان الكبرى، إذا انتصر الدعم السريع او الجيش السوداني فسوف يكون ايا منهم أسوأ من عمرالبشير سواء أن اتى البرهان او حميدتي، وهذا السناريو أصبح بعيدا، لأن الأن كل من الطرفين انهك ولايقدر اي منهم على كسب أراضي حقيقية في هذه الحرب، فليس هنالك مكاسب إستراتيجية ولا سياسية ولا عسكرية.
السيناريو الثاني كما اشرت انهم سوف يضربون وينهكون بعضهم البعض، مثل منافسات صراع الديوك في المكسيك حيث يموت الديكين في اغلب الأحيان، يصلون الى مرحلة ينتهي فيها الأثنين وتأتي قوى مدنية أو عسكرية تملاء الفراغ.
السيناريو الثالث وهو أخطر من الاول والثاني و هو تدخل دولي او تطبيق الفصل السابع، وهذا سوف يدخل البلاد في وضع صعب جدا حيث سنكون تحت الإنتداب الأجنبي الدولي، حكم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بقيادة أميريكا وحلف الأطلسي، وهو الحلف العسكري الوحيد الموجود بعد أن انهار حلف وارسو مع انهيار الاتحاد السوفيتي.
لذلك فنحن دائما نقول اننا كمدنين والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة والنقابات، لا يجب ان نشغل بالنا كثيرا بإيقاف الحرب، فلن نستطيع ان نعمل شيء سوى الضغط الجماهيري وتوعية الناس بعدم الإنخراط في هذا الصراع.
فليس من الحكمة من اي جهة سياسية ان تعلن وقوفها مع أحد الطرفين، لا أسميه حياد ولكن هو ابتعاد او اعتزال.
ولكن هنالك فرق بالنسبة لينا بين الجيش والدعم السريع؛ فالجيش بالنسبة لنا مؤسسة وطنية، صحيح خربة و لكنها مؤسسة شرعية وهي التي تمثل الدولة الآن، ليس هناك أي مؤسسة شرعية تمثل السودان سوى الجيش الآن بالرغم من انه هناك كلام كثير عنه ويحتاج الى شغل كثير وقيادته يجب ان تذهب بلا رجعه، لكن في النهاية هو المؤسسة القومية الموجودة.
اما الدعم السريع يجب ان يختفي من وجه الأرض، ويجب ان ينحل وان يدمر بالكامل، وهذا ليس عليه خلاف ولكن هذا لا يعني اننا سنذهب للحرب مع الجيش؛ نحن نعتزل هذه المعركة، مع اني اتمنى ان ينتصر الجيش على الدعم السريع.
مع اننا منذ البداية كنا نقول ان الدعم السريع يجب ان يحل كما قلت في بداية حديثي، فان الوثيقة الدستورية هي التي قننت وجود الدعم السريع وجعلت منه قوى باطشة، وهو الان تخرب وتدمر في السودان.
قبل أيام قرأت بيانا من نقابة الصحفيين يتحدث عن ان الدعم السريع حول مباني الإذاعة والتلفزيون الى معتقلات يعتقلوا فيها الناس ويعذبوهم كما يقومون ببيع أجهزة الإزاعة والتلفزيون ويبيعونها في أسواق امدرمان.
أخيرا؛ فإننا كمدنيين علينا ان نستعد ونشمر سواعدنا لما بعد ايقاف الحرب علينا ان نعمل مع كل الذين ينادون من اجل ايقاف إنهاء الحرب بالقلم والكتابة وتوعية المواطنين وايضا علينا وعلى اولادنا وشبابنا وخاصة السودانين الموجودين بالخارج في اوربا وامريكا مثلا، عليهم ان يمارسوا السياسة والاعلام والفعاليات والاتصال لكسب الدعم الشعبي الامريكي والاوروبي، بالرغم من اننا لانثق في الحكومات الأروبية وحكومة الولايات المتحدة، ولكن افتكر انه يوجد هامش من الديمقراطية جيد جدا للتواصل مع الكونغرس الأمريكي والبرلمان البريطاني والبرلمانات الاروبية والإتحاد الاوروبي للضغط على الطرفين وقطع الإمداد منهم وايقاف تسليحهم بالمال والعتاد وهكذا، وايقاف وحسم الدول التي تحاول ان تصبح دول عظيمة على حسابنا، التي تدعم الدعم السريع وتلك التي تدعم الجيش ايضا، فيجب قطع الإمدادات منهم لأجل ايقاف الحرب.
صديق أبوفواز
١١ / ١٢ / ٢٠٢٣م
القاهرة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الوثیقة الدستوریة الدعم السریع مجلس السیادة هی التی یجب ان
إقرأ أيضاً:
محمد عبدالقادر: يَتَجَلَّى نهاية العميل حمدوك
وكلما حلَّت الهزائم بالمليشيا اعتمر عبدالله حمدوك (كدموله السياسي) ولبس (ثياب الواعظينا)، وخرج على الناس منادياً بوقف الحرب.
الدور المرسوم لـ(حمدوك) بات واضحاً وهو محاولة لعب الوسيط حينما تضيق الأرض بالمليشيا، فقد أعدَّهُ الكفيل الأماراتي لهذه المهمة الت يمارسها بلا خجل أو حياء في محاولة لإنقاذ التمرد الذي يذيقه الجيش وقواته المساندة كؤوس الهزائم والموت الزؤوام فى كل مكان.
بخطابه الأخير المتزامن مع إنتصارات القوات المسلحة
فى مسارح العمليات كافة كشف حمدوك القناع عن وجهه الجنجويدي القبيح، وأطلق الرصاصة الأخيرة على صورة الحكيم الكاذب الذي إدَّخرهُ الشعب السوداني أملاً فما وجده إلا ألماً وأذىً بممارسته عمالةً مفضوحة لم تعد خافية عن الشعب السوداني الذي يعلم كل شيء.
كيف تراجع حمدوك وإنحط إلى هذا الدرك السحيق وهو يتحول إلى لعبة تحركها أصابع آل دقلو في مسرح العمالة والعبث السياسي، وكيف إنهارت (شكراً حمدوك) وتحولت إلى لعنات تلاحق الرجل في كل مكان؟!.
تحوَّل حمدوك المنقذ الثائر إلى مسخ مُشوَّه وكلب صيد فى مارثون السباق الإماراتي البغيض الذي أراد إحتلال السودان وتحويله إلى إقطاعية خاصة بأولاد زايد، كيف إرتضى حمدوك لنفسه أن يكون ضد الشعب والوطن وتمادى فى عمالته للحد الذي جعله يساوي بين الجيش الوطني والمليشيا المتمردة؟!.
ومن عجب أن حمدوك خان بعمالته مبادئ ثورة ديسمبر التي رفعت شعارات (مافي مليشيا بتحكم دولة)، و(الجنججويد ينحل)، قبل أن يخون وطنه وشعبه، ويُنَصِّب نفسه راعياً سياسياً خفياً لمشروع المليشيا الدموي الإنقلابي الذي سرق المواطنين وإغتصب نساءهم ومارس قتل وتشريد وتنزيح الناس وارتكب السبع الموبقات بحق السودانيين.
بلا خجل طالب حمدوك في خطابه الأخير ببعثة أممية، ودعا لحظر توريد السلاح للأطراف المتحاربة، فالجيش فى نظر حمدوك طرف يحارب الدعم السريع الذي يعمل حمدوك تحت إمرته الآن برعاية الكفيل الإماراتي.
الرجل ظل متمسكاً بقوله “لا منتصر في هذه الحرب”، العبارة التي ما زالت تُراوِح مكانها منذ إحتلال المليشيا لأجزاء واسعة في الخرطوم والجزيرة وسنار، وبعد أن أُخرِج الجنجويد من كل هذه المناطق وبات النصر قاب قوسين أو أدنى، مازال حمدوك يرى أنه لا أحد سينتصر في الحرب، فكيف نُفَسِّر هذا الإصرار الذي يتغاضى عن حقائق الميدان ويمارس التضليل البائن وحمدوك يتحول إلى بوق مليشي يُسَبِّح بحمد حميدتي وكفيله الإماراتي؟!.
لم تَعُد عمالة حمدوك خافية، فمقاساتها لا تتناسب ورداء الحكمة الذي يتجوَّل به بين المنابر ولا يكاد يُغطِّي عورته البائنة، حمدوك يُمثِّل الجنجويد وهو جزء من مشروعهم السياسي، لم يعد الأمر مجرد تمثيل بعد أن إستبانت المواقف وسقطت ورقة التوت وظهر حمدوك للعلن بوجهه الكدمولي القبيح.
الظاهرة الحمدوكية فى دورتها الأخيرة ينبغي أن تصمت مع آخر طلقة من الجيش في صدر مشروع الجنجويد التآمُري، إذ لن يجد الرجل طرفين فى الحرب، ليبدأ مشروع عمالة جديد يبحث فيه عن موطئ قدم في السودان الخالي من الجنجويد وأذيالهم من القحاتة الذين خانوا الوطن وشعبه وباعوه بدراهم معدودات فى مزادات الإمارات.
سينتهي الدور الحمدوكي البغيض مع نهاية المليشيا بإذن الله وسيشيعه السودانيون باللعنات، وسيكتب الوطن فصلاً جديداً من التَحَرُّر والإنعتاق من العملاء والخونة مع إعلان النصر فى معركة إجتثاث تمرد آل دقلو وإنهاء وجودهم فى السودان إلى الأبد.
محمد عبدالقادر
إنضم لقناة النيلين على واتساب