في ذكراها الخامسة وقف الحرب واسترداد الثورة (٢/٢)
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
١
اشرنا سابقا الي الحرب اللعينة التي انفجرت بعد الانقلاب على ثورة ديسمبر في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، وبعد الخلاف بين الجيش والدعم السريع حول مدة دمجه في الجيش في الاتفاق الإطاري، وما نتج عن الحرب من أزمة إنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية، مما فتح الباب للتدخل الدولي، كما جاء في البيان الصحفي لوزير الخارجية الأمريكي انتوني بيلنكن الذي أشار لجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش والدعم السريع، وأن أعضاء من قوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم ضد الانسانية وتطهيرا عرقيا، كما أشار الى أن تدفق السلاح الي الطرفين يؤدي الي إطالة أمد الصراع الذي ليس له حل عسكري، وان كل الأدوات متاحة لانهاء هذا الصراع.
بالتالي اصبح التدخل العسكري واردا في ظل الصراع الإقليمي و الدولي لنهب موارد السودان، وحول الحصول على القواعد البحرية.، مما يتطلب اوسع نهوض. جماهيري لوقف الحرب ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.
٢
ظلت ثورة ديسمبر شامخة رغم المتاريس ضدها مثل مجزرة فض الاعتصام التي مازالت تنتظر المحاسبة، وضد اختطاف الثورة من قوي "الهبوط الناعم "، وما خاضته الجماهير من نضال ضد تدهور المعيشة والاقتصاد والخدمات والأمن والتفريط في السيادة الوطنية ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية، وضد الابادة الجماعية والعنف الجنسي في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، بمختلف الأشكال من مواكب ومظاهرات ومليونيات واعتصامات ووقفات احتجاجية ، وضد انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 الذي أدى للحرب اللعينة بهدف تصفية الثورة، وتقديم المزيد من الشهداء. في ذكراها الخامسة من المهم أن تقف جماهير الثورة وقواها الثورية لمراجعة تجربتها السابقة التي أدت لاختطاف قوي "الهبوط الناعم" للثورة، تلك القوي التي راهنت علي الحوار مع النظام البائد والمشاركة في انتخابات 2020 كمخرج بديلا لاسقاط النظام التي رأت أنه من رابع المستحيلات، وتسعى هذه القوى بعد الحرب اللعينة لتجريب اامجرب بتكرار تجربة الوثيقة الدستورية والاتفاق الإطاري مما يعيد إنتاج الأزمة والحرب ويهدد بتمزيق وحدة البلاد .
٣
عندما قامت الثورة ، وانقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد لقطع الطريق أمام الثورة، تحالفت قوى" الهبوط الناعم " مع العسكر وتآمرت علي الثورة، بعد مجزرة فض الاعتصام ، بدعم خارجي خليجي وأمريكي واوربي وافريقي، وانقلبت علي ميثاق قوي الحرية والتغيير ، ووقعت علي "الوثيقة الدستورية" التي كرّست حكم العسكر، وتقنين قوات الدعم السريع دستوريا ، وبعدها تمّ الانقلاب علي الوثيقة الدستورية نفسها، بالسير في خط "الهبوط الناعم " الذي أعاد إنتاج سياسات النظام البائد الاقتصادية والقمعية ، والاتفاقات الجزئية للسلام، والتفريط في السيادة الوطنية، وأبقت علي مصالح الرأسمالية الطفيلية مع تغييرات شكلية، وجاء انقلاب ٢٥ أكتوبر ليطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية، ويعيد التمكين والأموال المنهوبة التي تم استردادها للفاسدين، وليفجر الصراع بين الجيش والدعم السريع حول السلطة والثروة بدعم خارجي الذي وصل قمته بعد الاتفاق الإطاري وطرح قضية دمج الدعم السريع في الجيش،مما أدي لانفجار الحرب الجارية حاليا
٤
كانت حصيلة الفترة الانتقالية بعد الثورة :
- تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وارتهان للخارج بالخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي، مما أدى لتدهور قيمة الجنية السوداني، وسحب الدعم عن السلع الأساسية مثل:الوقود والكهرباء والدواء. الخ.والاستمرار في سياسة النظام البائد في نهب اراضي وثروات البلاد.
- في الحقوق والحريات الأساسية والعدالة، ابقت الحكومة علي القوانين المقيدة للحريات مثل : قانون النقابات 2010 " قانون المنشأة"، وعدم اجازة القانون الديمقراطي للنقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية.
اضافة لعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، والخرق المستمر" للوثيقة الدستورية وتأخير تكوين المجلس التشريعي ، ورفض المحاصصات في تكوينه لمصلحة "الهبوط الناعم" وعدم إعلان نتائج التقصي في مجزرة فض الاعتصام ، والانتهاكات باطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية ومحاسبة المسؤولين عنها، والخرق ل "الوثيقة الدستورية" المستمر، اضافة لتزوير توصيات المؤتمر الاقتصادي، كما واجهت السلطة الحراك الجماهيري بالمجازر والقمع الوحشي واطلاق النار علي تلك الاحتجاجات السلمية مما أدي لا ستشهاد واصابات لبعض المواطنين، كما حدث في مجزرة فض الاعتصام التي لم تظهر حتى الآن نتائج لجنة التقصي فيه، والمواكب السلمية .
اضافة لعدم هيكلة الشرطة والجيش والأمن ، وحل كل المليشيات (دعم سريع، الكيزان وجيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعدم اصلاح القضاء والنيابة العامة وقيام المحكمة الدستورية، والبطء في تفكيك النظام واستعادة أموال الشعب المنهوبة ،وعدم تكوين التشريعي والمفوضيات.
- السير في سياسات النظام البائد في السلام الجزئي القائم علي المحاصصات الذي يعيد إنتاج الحرب ويفتت وحدة البلاد،
- التفريط في السيادة الوطنية، وربط البلاد بالاحلاف العسكرية الخارجية، لنهب اراضي ومياه وثروات البلاد الزراعية والمعدنية، والسيطرة علي الموانئ، والاتفاقيات لقيام قواعد عسكرية بحرية لروسيا وأمريكا، والتفريط في أراضي البلاد المحتلة ( الفشقة، حلايب، شلاتين. الخ)، وزج السودان في الحروب الخارجية ( اليمن. الخ)، مما يهدد أمن البلاد، بدلا من التوازن في علاقاتنا الخارجية لمصلحة شعب السودان، والخضوع للابتزاز الأمريكي بالرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب مقابل التطبيع مع اسرائيل الذي من مهام الحكومة المنتخبة القادمة، وإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، ودفع مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهابية ارتكبها النظام البائد شعب السودان غير مسؤول عنها، وهو يعاني المعيشة الضنكا جراء الارتفاع المستمر في الأسعار ، والنقص في الوقود والخبز والدواء والعجز عن طباعة الكتاب المدرسي. الخ، فضلا عن المراوغة وعدم الشفافية في التطبيع، باعتبار ذلك استمرار في اسلوب النظام البائد القائم علي الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق، والخضوع للاملاءات الخارجية، مثل فصل البشير للجنوب مقابل وعد برفع السودان من قائمة الإرهاب، .الخ، تم فصل الجنوب وظل السودان في قائمة الإرهاب.
وأخيرا في الذكري الخامسة لثورة ديسمبر ، هناك ضرورة لآوسع نهوض جماهيري ثوري قاعدي لوقف الحرب واسترداد الثورة.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الوثیقة الدستوریة الهبوط الناعم النظام البائد الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أنس خطاب.. من ظل الاستخبارات إلى واجهة داخلية سوريا..
وسط مشهد سياسي وأمني مضطرب، برز أنس خطاب بين الشخصيات المؤثرة في الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تدرّج في العمل العسكري والاستخباراتي ليصل إلى منصب وزير الداخلية في التشكيلة المعلنة السبت.
رجل عُرف بعمله في الظلّ خلال سنوات الثورة على نظام بشار الأسد، لكنه اليوم في الواجهة، ليقود واحدة من أكثر الوزارات حساسية في سوريا ما بعد النظام البائد.
من مسؤول استخباراتي في هيئة تحرير الشام إلى رأس المؤسسة الأمنية للدولة الجديدة، يواجه خطاب تحديات كبرى، تتراوح بين إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفرض النظام والقانون، والتعامل مع فلول النظام السابق.
وبينما يتطلع السوريون إلى عهد جديد يقطع إرث القمع والبطش، يتعيّن على خطاب أن يثبت أن وزارة الداخلية يمكن أن تتحول من أداة ترهيب إلى ركيزة للأمن والعدالة.
وشهدت سوريا، مساء السبت، تشكيل أول حكومة رسمية في البلاد بعد الاعلان الدستوري الجديد والإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث اختير أنس خطاب لمنصب وزير الداخلية بعد أن كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات في الحكومة الانتقالية التي تشكلت أواخر 2024، عقب الإطاحة بنظام الأسد.
وجرى الاعلان عن التشكيلة ضمن مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بدمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، وفق مراسل الأناضول.
وضمت الحكومة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة و5 منهم من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في العاشر من ديسمبر/ كانون أول الماضي لتسيير أمور البلاد.
**مناصب قيادية
وُلد خطاب في مدينة جيرود بريف دمشق جنوبي البلاد عام 1987، وشغل منصب نائب القائد العام، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.
التحق خطاب بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه إثر مغادرته إلى العراق في 2008.
عاد إلى سوريا للمشاركة مع الفصائل السورية المسلحة بعد اندلاع الثورة في مارس/ آذار 2011، وقمع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد المتظاهرين في عدة محافظات بالبلاد.
وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في محافظة إدلب شمالي البلاد وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام".
وبعد سقوط نظام الأسد أعلنت القيادة العامة في حكومة تصريف الأعمال السورية تعيين خطاب يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة بالبلاد.
**تحديات صعبة
وتواجه وزارة الداخلية بقيادة خطاب مهمات صعبة، أبرزها إعادة تأهيل المؤسسة الأمنية التي كانت خاضعة لفكر نظام البعث البائد، وتمّ حلّها بشكل كامل بعد إسقاط نظام الأسد.
كما يُطلب من الوزارة الجديدة تقديم خدمات عاجلة للمؤسسات المدنية، لا سيما الشؤون المدنية التي ما تزال تعاني من تبعات الفساد الذي انتهجه نظام الأسد.
أما التحدي الثالث البارز الذي تواجهه وزارة خطاب، فهو ضبط الأمن وملاحقة فلول النظام البائد في عدة محافظات، بعد رفضهم الاندماج في الدولة الجديدة، وإصرارهم على حمل السلاح وبث الفوضى.
وفي كلمته بعد تكليفه بالوزارة، قال خطاب: "ارتبطت صورة وزارة الداخلية في عهد النظام البائد بالبطش والظلم والطغيان، وهذا ما أورثنا مهمة ثقيلة لتعديل هذا المفهوم"، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وأضاف: "سنسعى لبناء مؤسسات أمنية نقية تحفظ كرامة السوريين وتعينهم على كسب أرزاقهم".
وأشار إلى أن الوزارة "ستعمل على إرساء مؤسسات أمنية يفتخر بها كل سوري شريف ويرسل أبناءه للعمل ضمن صفوفها".
وتعهد خطاب "بالعمل على تطوير عمل الشؤون المدنية من خلال تطوير عمل قاعدة البيانات المدنية، وتفعيل أنظمة الأتمتة والتحول الرقمي لضمان تقديم المزيد من الخدمات مع دقة في الأداء وسهولة في الوصول".
وخلال الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، قال الشرع في كلمة: "في لحظة فارقة من تاريخ أمتنا تتطلب مننا التلاحم والوحدة أقف أمامكم اليوم متوجها إلى كل فرد منكم حاملا آمال كل واحد منكم ونحن نشهد ميلاد مرحلة جديدة".
وأضاف: "نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".
وتابع: "هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا".
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية في 29 يناير/ كانون الثاني 2025 الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب إلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث.
وفي 13 مارس الجاري، وقَّع الشرع إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.
وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحفي حينها، إنها اعتمدت في صياغة الإعلان الدستوري على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في فبراير/ شباط