زنقة 20:
2024-12-22@09:58:10 GMT

أيّ ثمن لهدر الزّمن المدرسي في المغرب؟

تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT

بقلم : د. عادل بنحمزة

قبل ستة أشهر تساءلت في هذا الركن عن مصير تلاميذ المدرسة العمومية في المغرب تعليقاً على ما صرح به رئيس مجلس المنافسة السيد أحمد رحو في لقاء إعلامي.

اللقاء تضمن عدداً من القضايا التي تخص عمل مجلس المنافسة، ورغم أهمية كل القضايا التي أُثيرت في اللقاء، فإن موضوع التعليم والمدرسة استوقفني، وما استوقفني أكثر، هو تمثل السيد رحو للمدرسة وللعملية التعليمية ككل بوصفها مجرد سلعة يجب أن تخضع لمنطق السوق، ينطبق عليها في ذلك ما ينطبق على باقي السلع.

وحتى عندما تحدث السيد رحو عن الدعم في علاقته بالمدرسة، فإنه تحدث عن دعم الأسر المعوزة لتمكين أبنائها من ولوج مدارس القطاع الخاص، متحدثاً عن هدف لا أعرف شخصياً من وضعه ولأي غاية، وهو الوصول إلى نسبة 20 في المئة من مجموع التلاميذ المغاربة في مدارس القطاع الخاص، وبما أن هذه النسبة إلى اليوم لا تتجاوز 15 في المئة، فإن الأمر يستحق دعم تحقيق هذا الهدف بحسب رئيس مجلس المنافسة… علماً أن السيد رحو يعلم أن الهروب الجماعي إلى مدارس القطاع الخاص في غالبيته القصوى لا يمثل اختياراً لدى طيف واسع من المغاربة وبخاصة الطبقة الوسطى، بل هو موقف مما وصلت إليه المدرسة العمومية من تدن خطير، حتى أصبحت أشبه بفضاءات “للحرية المحروسة” يترك فيها الأطفال حتى يستطيع أولياء أمورهم تدبر مصاريف البقاء على قيد الحياة، وبما أنها أضحت حكراً على الفئات الفقيرة، فإنها عملياً تحولت إلى “غيتوهات” وصورة من صورة التمايز الطبقي المؤسف بعد كل هذه السنوات الطويلة التي تفصلنا عن الاستقلال وقيام الدولة الحديثة. وبلا شك فإن السيد رحو وهو خريج المدرسة العمومية، يدرك أن دور المدرسة هو أن تحفظ الحق في عدم توريث الفقر وأن تمنح الأطفال الحظوظ نفسها من دون أن يكون الفقر أو الغنى محددين لمستقبلهم، فالمدرسة يجب أن تلعب دور المصعد الاجتماعي الذي يعالج الاختلالات الأخرى في المجتمع… بناءً على ذلك، وإذا كانت الغاية هي الوصول إلى 20 في المئة في القطاع الخاص، فإن السؤال الذي طرحته ساعتها هو: ماذا سنفعل بـ80 في المئة الأخرى المنفية في المدرسة العمومية؟ وكيف يمكن بناء مستقبل المغرب في ظل النظر إلى التعليم بوصفه مجرد سلعة استهلاكية يجب أن تخضع لمنطق السوق؟ الجواب هو ما تعرفه المدرسة العمومية في المغرب من إضرابات مستمرة منذ أكثر من شهرين على خلفية إصدار النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي التربية والتعليم، بحيث أصبحنا عملياً على شفا سنة بيضاء، وحتى إذا تمت تلبية مطالب نساء التعليم ورجاله، سواء تلك التي تتعلق بمضامين النظام الأساسي أو تلك المتعلقة بالزيادة في الأجر وتحسين الظروف المادية للعمل، فإن تدارك ما ضاع على التلاميذ من تحصيل مسألة صعبة ومعقدة، وهذا الأمر يكرس اللامساواة بين تلاميذ الجيل نفسه الملزمين باجتياز امتحانات موحدة في السنوات الإشهادية من دون تمييز بين من يدرسون في مدارس القطاع الخاص ومن يدرسون في المدارس العمومية، وهو ما يطرح تساؤلات واسعة عن العدالة وتكافؤ الفرص التي يمكن أن تتحقق في ظل الوضعية الحالية. هدر الزمن المدرسي ليس مسألة طارئة أو استثنائية في تدبير قضية التعليم في المغرب، فهذا الأمر حذرنا منه منذ سنوات عندما عرض مشروع قانون الإطار 51.17 الخاص بالتربية والتكوين والبحث العلمي، نتذكر أن مسار ذلك النص الذي عقدت عليه آمال واسعة، انطلق منذ 2014 تاريخ التكليف الملكي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وضع خريطة طريق كفيلة بإصلاح المدرسة المغربية، وعندما نعلم أن الملك طالب بوضع الرؤية التي خلص إليها المجلس الأعلى في صيغة قانون إطار ملزم لجميع الأطراف وذلك منذ 30 تموز (يوليوز) 2015، من دون أن ننسى أن آجال الرؤية الإستراتيجية التي جاء مشروع قانون الإطار لأجرأتها، كان من المفترض أن تبدأ سنة 2015 وتنتهي سنة 2030، علماً أن قانون الإطار وضع آجالاً تمتد إلى ست سنوات، ولا حاجة للتذكير اعتماداً على تلك الآجال أن النص لم تبدأ أجرأته جزئياً سوى سنة 2020، معنى ذلك أن الرؤية التي كان من المفروض انطلاق العمل بها سنة 2015 على أن تقدم نتائجها سنة 2030، لن تنطلق عملياً سوى سنة 2026، وعوض أن تمتد على خمس عشرة سنة، فإنها لن تتجاوز أربع سنوات، ولا حاجة بالطبع لذكاء خارق لتوقع النتائج، فالنتائج من جنس المقدمات كما يقول الفقهاء… مع الأسف هناك موارد كبيرة تُعتمد على مستوى الدولة لتلبية حاجات إصلاح التعليم، لكن إلى اليوم لم يفتح النقاش الجاد حول مستوى التكوين الذي يحصل عليه المدرسون وحجم الغلاف الزمني المخصص لعملية التدريس مقارنة بما هو معمول به في أرقى الأنظمة التربوية حول العالم، ذلك أن التلميذ المغربي يُرهق بساعات دراسة تفقده القدرة على التركيز، يُضاف إلى ذلك برنامج ومقررات تعتمد على الكم وتتوسل الحفظ والاستظهار في إطار بضاعتنا ردُت إلينا، بما يقتل العقل النقدي والقدرة على التحليل، ومعظم المقررات تُرمى في سلة المهملات مباشرة بعد اجتياز الاختبارات، يضاف إلى ذلك الكتاب المدرسي الذي تحول إلى بقرة حلوب، من خلال “كرنفال” من المقررات المختلفة والمتنوعة التي تدر المليارات على من يتحكمون في صناعتها، وهو أمر بسيط كان لا يحتاج سوى إلى إرادة سياسية حقيقية لقطع دابر الفساد المرتبط بهذه العملية.. هذه القضايا هي التي يجب أن تكون ذات أولوية في النقاش العمومي، لا يعني ذلك إسقاط المطالب المادية لنساء التعليم ورجاله لأنها مطالب مشروعة، ولكن يجب ألا تتحول تلك المطالب إلى شجرة تخفي غابة الاختلالات العميقة والخطيرة التي تعرفها المنظومة التعليمية في مغرب أطلق طموحات واسعة وعازم على انتزاع مكانة في الاقتصاد الجديد المبني على المعرفة والابتكار…

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: مدارس القطاع الخاص المدرسة العمومیة فی المغرب فی المئة یجب أن

إقرأ أيضاً:

300 مقابلة وظيفية في «الأيام المفتوحة» بعجمان

عجمان (وام)

أخبار ذات صلة طحنون بن زايد: نعمل لتحقيق الريادة في تكنولوجيات المستقبل الإمارات تطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في السودان

اختتمت فعالية الأيام المفتوحة للمقابلات الوظيفية الفورية، التي نظمتها دائرة الموارد البشرية لحكومة عجمان بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتوطين ومجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس»، بإجراء أكثر من 300 مقابلة وظيفية فورية للشواغر التي طرحتها شركات القطاع الخاص.
وشهدت الأيام المفتوحة للتوظيف على مدار 3 أيام مشاركة واسعة من شركات القطاع الخاص، حيث تم توفير الفرصة لنحو 20 شركة لعرض أكثر من 100 شاغر وظيفي واستقطاب الكفاءات الباحثة عن عمل.
واستهدفت الأيام المفتوحة المواطنين والمواطنات من حملة شهادات الثانوية العامة والشهادات الجامعية، حيث شهدت الفعالية إقبالاً كبيراً من الباحثين عن عمل، وأتيحت لهم الفرصة للتواصل المباشر مع مسؤولي التوظيف وتقديم الإرشادات المهنية بهدف تعزيز مهاراتهم في دخول سوق العمل في القطاع الخاص.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
  • طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص
  • النجار: العراق على موعد مع نقلة نوعية بقطاعي الإسكان والتعليم
  • «تنمية الموارد البشرية» بدبي يشكّل فريق تمكين التوطين
  • 300 مقابلة وظيفية في «الأيام المفتوحة» بعجمان
  • الإمارات.. 1 يناير عطلة رأس السنة الميلادية في القطاع الخاص
  • المشاط: مباحثات مع بنك الاستثمار الأوروبى لتمويل القطاع الخاص المحليي والأجنبي
  • مهنيون: الحرارة غير المعتادة التي شهدها المغرب بعد الأمطار الأخيرة، تثير شكوك حول مصير الموسم الفلاحي
  • مدير تعليم الفيوم يفاجئ مدرسة القاياتي بسنورس لمتابعة انتظام التعليم
  • تفاصيل جولة مدير عام التعليم الفني بالدقهلية في مدارس طلخا..صور