لجريدة عمان:
2024-07-05@10:40:34 GMT

إزالة الكربون من طعامنا

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

آنا لابي ـ باتي فونغ

مع اجتماع القادة السياسيين، وصناع السياسات، ودعاة حماية البيئة، والمؤسسات الخيرية في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دبي (مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون ـ كوب 28)، سوف تحتل الأنظمة الغذائية لأول مرة مرتبة عالية على الأجندة. ولأن قطاع الغذاء يمثل ثلث كل الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي، فإن إدراجه كان واجبا منذ أمد بعيد.

يستلزم تجنب سيناريوهات الكارثة المناخية التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وتحويل الأنظمة الغذائية بذات القدر من الإلحاح. ما يدعو إلى التفاؤل أن هذين التحديين لا ينبغي لهما أن يتنافسا على جذب انتباهنا بالضرورة، لأن تحويل الأنظمة الغذائية يشكل أيضا وسيلة قوية للحد من اعتمادنا العالمي على الوقود الأحفوري. فكما تُـظـهِـر منظمتنا في تقرير حديث بعنوان «تحول الطاقة: لماذا نحتاج إلى فطام أنظمتنا الغذائية الصناعية عن الوقود الأحفوري»، تمثل الأنظمة الغذائية، من المزرعة إلى المائدة إلى مدفن النفايات، ما لا يقل عن 15% من استخدام الوقود الأحفوري على مستوى العالم سنويا ــ أي ما يعادل استخدام الاتحاد الأوروبي وروسيا مجتمعتين من الوقود الأحفوري. وإذا استمر النهج الحالي في إنتاج الغذاء الصناعي، فمن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير.

يعتمد النظام الغذائي الصناعي اليوم بشكل متزايد على الوقود الأحفوري. تدخل أشكال الوقود الأحفوري المختلفة في صناعة الأسمدة الاصطناعية والمبيدات الحشرية، فضلا عن المواد البلاستيكية المستخدمة في كل شيء بدءا من أغلفة هذه المبيدات الحشرية والأسمدة إلى أغلب عبوات المواد الغذائية. وأغلب عمليات التغليف، فضلا عن ذلك، مطلوبة لتخزين الأطعمة الفائقة المعالجة ــ من اللحوم ومنتجات الألبان إلى الحلويات والمشروبات السكرية ــ وجميعها تستلزم عمليات تصنيع كثيفة الاستهلاك للطاقة والبتروكيماويات في هيئة مواد بلاستيكية.

من المثير للقلق والانزعاج أن قطاع الطاقة ينظر إلى النظام الغذائي باعتباره سوقا واعدة لتنمية أعماله. تمثل المواد البلاستيكية والأسمدة الاصطناعية المرتبطة بالغذاء ما يقرب من 40% من كل المنتجات البتروكيماوية، وتتوقع الرابطة الدولية للطاقة أن تدفع البتروكيماويات ما يقرب من نصف النمو في الطلب على النفط بحلول عام 2050، لتتفوق بذلك على قطاعات مثل الطيران والشحن. على نحو مماثل، أظهرت أبحاث أجراها مركز القانون البيئي الدولي أن شركات الوقود الأحفوري تعتمد على توسيع هذه الأسواق. وقد أخبرتنا ليزا توستادو من مركز القانون البيئي الدولي أن الصناعة «تنظر إلى النظام الغذائي، بدءا من المدخلات مثل المبيدات الحشرية والأسمدة إلى عمليات الإنتاج والمعالجة، باعتباره منفذا خطيرا للهرب».

وأخيرا، نشهد أيضا دَفعة نحو استخدام مساحات أكبر من الأراضي الزراعية لإنتاج طاقة غير فَـعّـالة بدرجة لا تصدق. تخصص الولايات المتحدة بالفعل نحو 40% من محصولها من الذرة لإنتاج وقود الإيثانول، والذي تشير التقديرات إلى أن إنتاجه يحتاج إلى قدر من الكربون أكبر بنحو 24% من المطلوب لإنتاج البنزين».

ونظرا للزيادة في تسويق الأغذية الكثيفة الاستهلاك للطاقة والطلب عليها، فإن فصل الإنتاج الغذائي عن الوقود الأحفوري يشكل ضرورة أساسية لتلبية أهدافنا المناخية. فحتى لو وفت كل الحكومات بتعهداتها المناخية لعام 2030، فإن استخدام الوقود الأحفوري في النظام الغذائي وحده سوف يستهلك ما تبقى لنا من ميزانية الكربون بموجب هدف الدرجة ونصف الدرجة المئوية بحلول عام 2037.

من حسن الحظ أن طرق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في الأنظمة الغذائية عديدة. فهي تشمل استراتيجيات تهدف إلى إنهاء استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية التي يدخل في تصنيعها الوقود الأحفوري، والابتعاد عن أنظمة الطاقة التي تعتمد على المحاصيل الزراعية مثل إيثانول الذرة؛ والتحول إلى الطاقة المتجددة في معالجة الأغذية وتبريدها وتجفيفها؛ ودعم الأطعمة الأقل خضوعا للمعالجة والأقل استهلاكا للطاقة وتشجيع الأنظمة الغذائية الغنية بالنباتات؛ وتشجيع استهلاك الأغذية الموسمية المزروعة محليا.

الواقع أن التحول بعيدا عن الأساليب الصناعية ونحو طرق أكثر استدامة للزراعة لن يُـفضي إلى حماية الكوكب فحسب، بل إن هذا كفيل أيضا بخلق فرص العمل، وتحسين الصحة، وحماية التنوع البيولوجي، والمساعدة في معالجة أسباب الجوع الجذرية. وتُـظـهِـر الأدلة من مختلف أنحاء العالم أن أساليب مثل الزراعة الإيكولوجية والزراعة التجديدية فعّالة في دفع عجلة التحول بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. بالاستعانة بهذه الاستراتيجيات، تظل غلة المحاصيل ثابتة أو تتحسن، في حين تنخفض الانبعاثات، وتتحسن صحة العاملين في المزارع، وتتوفر الحماية للتنوع البيولوجي.

لا يوجد أي حاجز فني يحول دون التحول من الاعتماد على مدخلات اصطناعية إلى الإنتاج الزراعي البيئي والإنتاج الغذائي التجديدي، أو الاستعاضة عن طاقة الوقود الأحفوري بمصادر متجددة. لكن عددا كبيرا من الحكومات تقدم أقل القليل من إعانات الدعم لتشجيع هذه التحولات، والكثير لتحفيز العمل كالمعتاد. وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، جرى توجيه أموال عامة بلغ مجموعها 528 مليار دولار في كل عام من 2019 إلى 2021 إلى الممارسات الزراعية وعمليات إنتاج الغذاء التي تلحق الضرر بالمناخ والبيئة وصحة الإنسان في عموم الأمر.

الآن بعد أن أدركنا إلى أي مدى انتشر استخدام الوقود الأحفوري في مختلف اقتصاداتنا، يتعين علينا أن نبذل قصارى جهدنا لضمان إدراج كل القطاعات في التحول نحو مستقبل خال من الوقود الأحفوري. يسعدنا أن نرى أن الغذاء يحتل أخيرا مركز الصدارة. ولكن لا ينبغي لهذه المناقشة أن تدور في معزل عن تلك التي تتناول إنهاء استخدام الوقود الأحفوري في أقرب وقت ممكن. فلن يتسنى إطلاق التحول اللازم في الأنظمة الغذائية دون التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ولن يتسنى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في غياب تحول الأنظمة الغذائية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: استخدام الوقود الأحفوری الوقود الأحفوری فی الأنظمة الغذائیة النظام الغذائی

إقرأ أيضاً:

كي تبقى حاد الذهن فترة أطول.. تناول نظاما غذائيا صحيا الآن

كشفت دراسة حديثة عن روابط قوية بين جودة النظام الغذائي للشخص وقدرته المعرفية على مدار حياته، واستخدمت الدراسة بيانات جُمعت من أكثر من 3000 شخص توبعوا لما يقرب من سبعة عقود.

أجرى الدراسة باحثون من جامعة تافتس في الولايات المتحدة، وأُعلن عن نتائجها في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية للتغذية بشيكاغو الأميركية المنعقد في الفترة ما بين 29 يونيو/ حزيران و2 يوليو/ تموز الحالي. وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟list 2 of 2الميكروبات.. هل تؤمّن الغذاء للبشر في المستقبل؟end of list متى يبدأ الأداء المعرفي بالانخفاض؟

والأداء المعرفي هو العمل العقلي أو عملية اكتساب المعرفة والفهم من خلال الفكر والخبرة والحواس، ويشمل جوانب مختلفة من الوظائف والعمليات الفكرية عالية المستوى مثل الاهتمام والذاكرة والإدراك وصنع القرار والتخطيط والتفكير والحكم والفهم واللغة والوظيفة البصرية المكانية، وأمور أخرى.

ويمكن أن يستمر الأداء المعرفي أو القدرة على التفكير في التحسن حتى منتصف العمر، ولكنه يبدأ عادة في الانخفاض بعد سن 65 عاما. وإلى جانب التدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة، يمكن أيضا أن تتطور حالات أكثر خطورة مثل الخرف.

يقول الباحثون إن اتباع نظام غذائي صحي (نظام غذائي غني بالأطعمة النباتية التي تحتوي على مستويات عالية من مضادات الأكسدة والدهون الأحادية وغير المشبعة) يمكن أن يدعم صحة الدماغ عن طريق تقليل الإجهاد التأكسدي وتحسين تدفق الدم إلى الدماغ.

لاحظ باحثون أن الاختلافات الطفيفة في النظام الغذائي بمرحلة الطفولة قد تحدد الأنماط الغذائية التي يتبعها الفرد في الفترات اللاحقة من عمره (بيكسلز) تتبُّع النظام الغذائي سبعة عقود

ويضاف البحث إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن اتباع نظام غذائي صحي يمكن أن يساعد في الوقاية من مرض ألزهايمر والتدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر. وبينما ركزت معظم الأبحاث السابقة عن هذا الموضوع على عادات الأكل للأشخاص في الستينات والسبعينات من أعمارهم، فإن الدراسة الجديدة هي الأولى التي تتتبع النظام الغذائي والقدرة المعرفية طوال العمر؛ من عمر 4 إلى 70 عاما.

واستخدم العلماء في البحث الجديد بيانات من 3059 شخصا في المملكة المتحدة سُجلوا كأطفال في دراسة تسمى المسح الوطني للصحة والتنمية. وقدم أعضاء المجموعة التي تسمى "مجموعة المواليد البريطانية عام 1946″، بيانات عن المدخول الغذائي والنتائج المعرفية وعوامل أخرى عبر الاستبيانات والاختبارات على مدار أكثر من 75 عاما.

نتائج الدراسة

وبتحليل المدخول الغذائي للمشاركين في خمس نقاط زمنية ودراستها مقابل قدراتهم المعرفية في سبع نقاط زمنية، وجد الباحثون أن جودة النظام الغذائي كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقدرة المعرفية. فعلى سبيل المثال، حافظ نحو 8% فقط من الذين اتبعوا نظاما غذائيا غير صحي على قدرة إدراكية عالية، في مقابل نحو 7% فقط من الذين اتبعوا نظاما غذائيا صحيا عانوا من قدرات معرفية منخفضة بمرور الوقت مقارنة بأقرانهم.

وبينما شهد معظم الناس تحسنا مطردا في نوعية نظامهم الغذائي طوال فترة البلوغ، لاحظ الباحثون أن الاختلافات الطفيفة في جودة النظام الغذائي في مرحلة الطفولة قد تحدد الأنماط الغذائية التي يتبعها الفرد في الفترات اللاحقة من عمره؛ للأفضل أو للأسوأ. وقالت كيلي كارا الحاصلة على درجة الدكتوراه من كلية جيرالد جي ودوروثي آر فريدمان لعلوم وسياسات التغذية بجامعة تافتس: "يشير هذا إلى أن المدخول الغذائي في الحياة المبكرة قد يؤثر في قراراتنا الغذائية في وقت لاحق من الحياة، وترتبط التأثيرات التراكمية للنظام الغذائي بتطور قدراتنا المعرفية".

ولتقييم جودة النظام الغذائي، استخدم الباحثون مؤشر الأكل الصحي لعام 2020 الذي يقيس مدى توافق النظام الغذائي للشخص مع المبادئ التوجيهية الغذائية للأمريكيين 2020-2025 (2020-2025 Dietary Guidelines for Americans). ولوحظ أن المشاركين الذين حافظوا على أعلى القدرات المعرفية مع مرور الوقت مقارنة بأقرانهم يميلون لتناول المزيد من الأطعمة الموصى بها مثل الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة وكميات أقل من الصوديوم والسكريات المضافة والحبوب المكررة.

مقالات مشابهة

  • أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تصدر قراراً بشأن تنظيم إجراءات أخذ عينات الغذاء والعلف
  • مليونا شخص في غزة يعانون انعدام الأمن الغذائي
  • لماذا يجب أن يكون تفاح الورد جزءًا من نظامك الغذائي؟
  • مش مجرد توفير .. أهمية ترشيد استهلاك الكهرباء في حياتنا
  • دخول 3.6 مليون طن من الوقود والغذاء إلى موانئ الحديدة منذ مطلع العام الجاري
  • «كاوست» تحقق تقدماً بحثياً في تسريع إزالة خصائص ثاني أكسيد الكربون لخدمة المزايا البيئية والإنشائية
  • كي تبقى حاد الذهن فترة أطول.. تناول نظاما غذائيا صحيا الآن
  • “كاوست” تحقق تقدماً بحثياً في تسريع إزالة خصائص ثاني أكسيد الكربون لخدمة المزايا البيئية والإنشائية
  • باحث زراعي يكشف عن تحديات استخدام نظم الري الحديث وفوائدة
  • وزير الري: بعض الفلاحين يرفضون استخدام شبكات الري الحديث في الزراعة