أحيت الحرب الحالية في قطاع غزة الحديث مجددا عن مشروع "الممر الاقتصادي" الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة في قمة العشرين الأخيرة بالهند، والذي يضم – بالإضافة إلى الأخيرة – السعودية والإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي ودولا أوروبية.

لكن الحديث هذه المرة يدور حول المعوقات التي تجعل من تنفيذ هذا المشروع - قياسا إلى التطورات الجيوسياسة الحالية، لا سيما حرب غزة – ضربا من الخيال، كما يقول تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد".

وبعد تزايد القلق على مستقبل "الممر الاقتصادي" وسط الحرب الحالية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس"، حاولت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيتارامان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) لديه اعتبارات طويلة المدى، ولا يتوقف مستقبله على أحد الأحداث المثيرة للقلق".

ويتساءل التحليل: هل إجابة الوزيرة الهندية جديرة بالثقة؟

اقرأ أيضاً

مخاوف هندية بشأن الممر الاقتصادي الجديد بعد حرب غزة

تحديات مختلفة

ويقول التحليل إنه من أجل مستقبل "الممر الاقتصادي" يجب على الدول المعنية التغلب على التحديات المختلفة، بما في ذلك الصراع المستمر بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس"، والاختلاف في المصالح السياسية وقضايا التمويل.

ويشير إلى أن الحرب الحالية في غزة تضيف حالة من عدم اليقين إلى المشروع.

وجاء المشروع في سياق مفاوضات اتفاق السلام بين السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بدعم من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فقد أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى توسيع القطيعة بين إسرائيل والعالم العربي، الأمر الذي أدى إلى تعقيد دبلوماسي بين الدول العربية وتل أبيب، وخلق عقبات أمام المفاوضات المتعلقة بـ"الممر الاقتصادي".

وقبل شهر، أدانت الإمارات والأردن والبحرين والسعودية وعمان وقطر والكويت ومصر والمغرب القصف الإسرائيلي العنيف على غزة، وكذلك فعلت تركيا في مناسبات أخرى.

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، إن "الحرب الإسرائيلية تجلب ليس فقط على غزة، بل على المنطقة بشكل عام"، ووصفها بأنها "كارثة".

ومن بين الطرق المتعددة التي يتم أخذها في الاعتبار بالنسبة إلى "الممر الاقتصادي"، تعد إسرائيل عنصرًا حاسمًا فيها بميناء حيفا كطريق ضروري للبضائع من الهند والدول العربية للوصول إلى أوروبا.

ومع سعي "الممر الاقتصادي" إلى ربط الهند بأوروبا عبر طريق يمر عبر الدول العربية، فإن الصراع الدائم في الشرق الأوسط قد يلقي ضوءًا خافتًا على "الممر الاقتصادي".

اقرأ أيضاً

قد لا يرى النور.. الحرب على غزة تعصف بمشروع الممر الاقتصادي

مشكلة التمويل

ولم تقدم الدول الكبرى المشاركة في "الممر الاقتصادي" أي فكرة عن كيفية توزيع الأعباء المالية فيما بينها.

ويُنظر إلى "الممر الاقتصادي" على أنه "نادي الرجال الأغنياء"، بغض النظر عن حقيقة أن العديد من المشاركين يعانون من معضلات مالية كبيرة.

وفي حين أن السعودية قد تكون لديها القدرة على الوفاء بوعدها باستثمار 20 مليار دولار في IMEC، فإن دولًا أخرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا والهند قد تواجه صعوبة في التمويل.

ولا تملك الولايات المتحدة ما يكفي من المال لمشاريع البنية التحتية العالمية الجريئة، وكذلك الاتحاد الأوروبي.

إن أعباء الديون في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ثقيلة إلى الحد الذي يجعلهما غير قادرين على توفير أي شيء من ميزانيتهما المخصصة لـ "الممر الاقتصادي".

اقرأ أيضاً

تركيا وطريق التنمية.. حرب غزة تعزز دعم أنقرة لمنافس الممر الهندي الأوروبي

مستقبل يايدن وفون دير لاين

وتعتبر مشاريع البنية التحتية مرتبطة بملفات سياسية من وجهة نظر واشنطن، فهي تهدف إلى عزل الصين بمساعدة حلفائها، وكذلك إعادة تشكيل مستقبل الشرق الأوسط من خلال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية على خلفية اتفاقيات إبراهيم.

وليس هناك شك في أن بروكسل بقيادة فون دير لاين ستتبع خطى واشنطن.

ومع ذلك، فإن عام 2024 هو عام الانتخابات لكل من واشنطن وبروكسل، حيث يواجه بايدن مصاعب، جراء انخفاض شعبيته، وأيضا لم تعلن فون دير لاين موقفها بشأن ما إذا كانت ستترشح للانتخابات الأوروبية عام 2024، لكن هناك استياء من أسلوب إدارتها، خاصة بسبب "معاييرها المزدوجة" بشأن أوكرانيا وغزة.

ويتساءل التحليل: من يدري ماذا سيحدث لـ "الممر الاقتصادي" إذا خسر بايدن وفون دير لاين إعادة انتخابهما؟

اقرأ أيضاً

غزة تعيق تطبيع السعودية.. فهل تحرم إسرائيل من الممر الاقتصادي؟

ونظرًا لأن الغرب يعتبرها قوة متنامية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في السنوات الأخيرة، فقد أصبحت الهند أكثر طموحًا في منافسة الصين.

أما دول الشرق الأوسط، فتركز على تنويع اقتصادها، وتسعى إلى توسيع علاقاتها مع بقية العالم، لذلك فمسألة منافسة الصين لا تعنيها كثيرا.

ويختتم التحليل بالقول: ربما تؤدي المصالح السياسية المختلفة إلى تصاعد الصعوبات في المفاوضات المتعددة الأطراف، مثل الخلاف حول الحقوق التنظيمية، والاختلافات التي لا يمكن التوفيق بينها في السياسات التجارية.

ويردف: لذلك، فإن "الممر الاقتصادي" يبدو مشروعا بعيدا المنال الآن.

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الممر الاقتصادي غزة حماس الهند أمريكا الاتحاد الأوروبي الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة الممر الاقتصادی الدول العربیة الشرق الأوسط اقرأ أیضا دیر لاین حرب غزة

إقرأ أيضاً:

هل تحرّك الزيارة المرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط المياه الراكدة في "مفاوضات غزة"؟

◄ محللون: زيارة ترامب قد ترسم السيناريوهات المحتملة الأخيرة للتعجيل باتفاق

قطر: نشعر بالإحباط من بطء العملية التفاوضية في بعض الأحيان

◄ اجتماع أمني إسرائيلي لتحديد "المهلة الأخيرة" لتنفيذ مقترح ويتكوف

المقاومة تتمسك بـ"الصفقة الشاملة"

مباحثات سعودية مصرية لوقف إطلاق النار في غزة

 

الرؤية- غرفة الأخبار

تشهد الساحة الإقليمية تحركات سريعة في محاولة للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة قبل زيارة محتملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط والمقرر لها الشهر المقبل.

ويقول عددٌ من المحللين إن هذه الزيارة المرتقبة قد ترسم السيناريوهات المحتملة الأخيرة للتعجيل باتفاق قد يكون مؤقتاً أو شاملاً حسب تطورات الموقف، مؤكدين أن "الجولة الرئاسية الأمريكية ستفرض اتفاقاً بشكل كبير، على طرفي الحرب اللذين يتحركان من الآن لتجهيز خططهما".

ومن المقرر أن يعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني اجتماعا، الثلاثاء، لمناقشة الموعد النهائي الذي تعطيه إسرائيل للوسطاء وحركة حماس لتنفيذ خطة مبعوث ترامب ستيف ويتكوف، التي تشمل إطلاق سراح 10 أسرى، إلى جانب مناقشة الطرق التي يمكن بها إنهاء الحرب، وذلك بحسب القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية.

وفي المقابل، تتحرك حماس إزاء تجهيز سيناريوهات قبل زيارة ترامب، إذ التقى وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأحد، كما أجرى لقاءً مع رئيس جهاز المخابرات إبراهيم قالن؛ لبحث وقف الحرب من خلال رؤيتها، إلى جانب الوضع الفلسطيني الداخلي وقضايا أخرى.

وأكد مصدران من حركة حماس لـ"الشرق الأوسط"، الإثنين، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترامب بشأن "الصفقة الشاملة"، في ظل "العلاقات الجيدة بينهما".

وينصُّ مقترح "حماس" الذي أعلنه رئيس التفاوض بالحركة، خليل الحية، على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين جميعاً، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، ووقف الحرب وانسحاب إسرائيل من مناطق القطاع كافة، مشيداً بتصريحات أدلى بها المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن آدم بوهلر، تؤكد رغبة واشنطن في صفقة واحدة أيضاً.

وعلى المستوى الدبلوماسي، لا تزال مساعي الهدنة في غزة على طاولة المحادثات العربية، إذ قال وزير الدولة في الخارجية القطرية، محمد الخليفي، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، الأحد، "نشعر بالإحباط من بطء العملية التفاوضية في بعض الأحيان، فهناك أرواح مهددة إذا استمرت هذه العملية العسكرية يوماً بعد يوم". وأضاف أن الوسطاء عملوا بـ"شكل مستمر في الأيام الأخيرة لمحاولة جمع الطرفين وإحياء الاتفاق الذي أقره الجانبان وسنظل ملتزمين بهذا رغم الصعوبات".

كما ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الإثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، "الجهود الخاصة بالتهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا سيما في ظل ما يشهده القطاع من أوضاع إنسانية متدهورة"، بحسب بيان للخارجية المصرية.

ولقد دعت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية المجتمع الدولي إلى "العمل بصورة فورية لوقف للانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية، ووضع حد لتصرفاتها المنافية للقانون الدولي، وبما يمنع التدهور المزداد لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط".

ووفق تقديرات الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، فإن كل طرف يحاول أن يعدّ تصوراته الأخيرة قبل زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، فإسرائيل تحاول ترتيب أفكارها مع وضع مهلة أخيرة في إطار الضغوط، وكذلك حماس تدرك أن الرئيس الأميركي سيضغط لاتفاق قد يكون نهائياً أو مؤقتاً، متوقعاً أن تتحرك المياه الراكدة في المفاوضات نحو صفقة قبل الزيارة.

 

مقالات مشابهة

  • قطر تؤكد استمرار جهودها لإنهاء الحرب على غزة
  • تعزيز التعاون الاقتصادي وأزمات الشرق الأوسط تتصدر لقاء السيسي ووزير خارجية إيطاليا
  • أقوى 10 عملات أفريقية في أبريل 2025 وانعكاسها الاقتصادي
  • "الصحة العالمية" تبدأ تسريح موظفين بعد قرار ترامب خفض التمويل الأمريكي
  • نصر عبده: التكامل الاقتصادي لن يجعل الدول العربية تحتاج إلى أحد
  • أستاذ علوم سياسية: زيارة ترامب للشرق الأوسط محاولة لتصحيح الخلل في الاقتصاد الأمريكي
  • الأردن: لا استقرار بالشرق الأوسط دون تسوية شاملة للقضية الفلسطينية
  • ما حجم استفادة دول الشرق الأوسط من الحرب التجارية؟
  • هل تحرّك الزيارة المرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط المياه الراكدة في "مفاوضات غزة"؟
  • الشرق الأوسط على المقاس الإسرائيلي!