لقد فقدت ليبيا برحيل معالي الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو خزام أحد أبنائها البررة المسكونين بحبها حد الوله!

لا أدري من أين أبدأ الكتابة عن شخصية عظيمة متعددة الأبعاد، مثل شخصية الدكتور إبراهيم أبو خزام، فهو من متخصصي القانون الدستوري المتمكنين على مستوى الوطن العربي إن لم نقل على مستوى العالم، وهو مفكر عربي مهموم بهموم الأمة وقضاياها، وهو العالم الفذ بالقضايا الدولية والشؤون الإستراتيجية والكاتب الساحر بقلمه ويكتب بأناقة وجمال لا نظير له.

ولد الدكتور إبراهيم أبو خزام في بالشاطئ 1952م، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي ثم انتقل إلى سبها للدراسة الثانوية واستكمل دراسة القانون العام بجامعة بنغازي “قاريونس” سابقا.

وقد عمل الراحل أستاذًا للقانون العام بجامعة طرابلس، وأكاديمية الدراسات العليا جنزور طرابلس، وأكاديمية الدراسات الأمنية طرابلس.

وقد عمل الفقيد كمكلف بمهام الأمين العام المساعد لمؤتمر الشعب العام (السلطة التشريعية) خلال الفترة من 1986 حتى 1990م، ثم أمينًا (وزيرا) للتعليم العالي عام 1990 وحتى 1992م، ثم سفيرًا لليبيا لدى العراق من 1995 حتى 2003م، وبعد غزو العراق رجع إلى بلاده حيث تم تكليفه برئاسة جامعة ناصر الأممية في سوق الأحد بترهونة خلال الفترة من 2004 حتى 2011م، كما كلف بعمادة المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية من 2008 إلى 2011م.

أما إذا تحدثنا عن جانبه التأليفي فللفقيد الراحل عدد كبير من المؤلفات في القانون الدستوري والعلاقات الدولية والفكر السياسي من

أهمها: “العرب وتوازن القوى في القرن الحادي والعشرين” 1995م، و”الحروب وتوازن القوى” 1998، و”أقواس الهيمنة” 2005م، و”أزمات الدول” و”الوسيط في القانون الدستوري” و”الوجيز في القانون الدستوري” 1994م، و”شرح القانون الدستوري الليبي” 1997م، و”الدساتير والظاهرة الدكتاتورية الديموقراطية الغربية والعالم الثالث” 2002، و”العوامل المحركة للتاريخ” 1986، و”الصراع على سيادة العالم القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين” 2016م، و”آراء في مشروع الدستور الليبي” 2020، و”المحافظون الجدد” 2017 و”شروط الديموقراطية” 2022، و”سلالة من طين” (رواية) تحت الطبع.

وأبحاث علمية منشورة من أهمها: شروط النهضة، وثورة الشبيبة علاقة الحضارات، وتآكل الأوطان، وديموقراطيات الكوارث ملاحظات في التربية الوطنية، ونهاية الصراع لا نهاية التاريخ حلم الوحدة، ومقالات سياسية في الصحافة الليبية والعربية.

ولقد ربطتني بالفقيد علاقة إنسانية مميزة بدأت منذ اللقاء الأول عام 2004، تولدت فيه كيمياء إنسانية تعززت مع السنوات حتى وصلت لمرحلة أصبحت أخاطبه بباتي، وأتحدث إليه في كل كبيرة وصغيرة وزادت سنوات الغربة في مصر من قوة العلاقة وترسخها.

شهر مايو الماضي كنت في رحلة إلي القاهرة وكعادتي بمجرد وصولي أرسل له رسالة فيها خبر وصولي وأين أقيم ومدة إقامتي وأخبرته أني أتطلع للقاء به إذا ظروفه ووقته يسمح، وهكذا تعلمت منه الانضباط والتنظيم.

تواصل معي نفس اليوم وأخبرني أنه سوف يأتي لزيارتي غدًا في الساعة المحددة وبالفعل التقينا وتحدثنا، وفي هذا اللقاء شعرت به ليس كعادته كان متعبًا ويبدو عليه الوهن والمرض، وبعد مدة قليلة سمعت بمرضه وتطور حالته الصحية إلى الأسوأ.

لم يكن الدكتور إبراهيم بوخزام شخصية أكاديمية تقليدية كان ذا بعد إنساني وثقافي قل نظيره ومجالسته لا يمل منها.

كثيرون عرب وأجانب تعرفوا عليه عن قرب خلال هذه السنوات في القاهرة، وعرفوا مقدار أخلاقه ووطنيته وقدراته القيادية وحكمته وبعد نظره.

لقد ترك الراحل الكبير إرثًا كبيرًا ستفخر به الأجيال الليبية، وبصمته في التاريخ اللببي المعاصر لن يطويها النسيان، بل ستظل شعلة متقدة تلهم أبناء الوطن وتعينهم على صيانته وحمايته والعبور به إلى بر الأمان.

تعازينا لأبنائه أديب ومحمد ووائل ومصطفى وكل أفراد أسرته الكريمة.

رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الوسومإبراهيم أبو خزام ليبيا ياسين الزوي

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: ليبيا القانون الدستوری الدکتور إبراهیم

إقرأ أيضاً:

محمد عامر يكتب: حقيقة الوطن ووهم الجماعة.. «30 يونيو» معجزة شعب

بين الوهم والحقيقة.. كان الإيمان بالله والوطن وجيش مصر العظيم هو الحقيقة، وأن عصابات الظلام وجماعات الإرهاب لن تنتصر، وأن وجودهم فى عام 2012 وهمٌ لن يدوم، وأن التاريخ بقراءة الماضى ورؤية الحاضر يقول إنه لن تستطيع جماعة أو فرقة أن تحكم مصر العظيمة التى ذُكرت فى القرآن الكريم مرات كثيرة، وعندما ذكرها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وامتدحها ذكر جندها ورباطهم إلى يوم الدين.

نعم ضاقت الأيام وتسارع الزمان، وكانت جماعات الشر فى الداخل والخارج تمارس علينا الضغط والترهيب، وأنهم إن تركوا حكم مصر سيحرقون البلاد والعباد، وتكون نهاية الدولة، كان الإيمان لا ينقطع بشعب قوى أبى وجيش يحمى البلاد والعباد ومقدَّرات الشعب.

فشعب مصر عنوانه الصبر لا الذل.. مؤمن بفطرته لا تخدعه المظاهر أو الشعارات، ينظر إلى الأمور بروية وثبات، لا تخدعه مؤامرات من الداخل، سواء جماعة الشر أو طموح مَن باعوا أنفسهم لشيطان المال، ولا خداع من الخارج، سواء منمّق بدعاية كاذبة أو أجهزة لبعض الدول، فجيشه وشرطته حصنه وأمانه، فهم بعض منه، يد تبنى ويد تحمل السلاح لحماية مقدَّراته.

مرت الأحداث تترى، وزاد الكذب والتدليس من أصحاب مظاهر التديّن الزائف، الذين استخدموا الدين لأهداف سياسية تخص جماعات الشر وتجار الأديان، والشعب كل همّه جيشه، يحافظ عليه ويقف بجواره، واتّسعت رقعة الإرهاب من الداخل، ونما التعاون من الخارج يحصد أرواح الشهداء فى سيناء وبعض المناطق فى مصر، أرادوا فتنة بين أشقاء الوطن وإخوة الدم، ففجَّروا الكنائس.

لكن الشعب الأبى والجيش القوى والشرطة الباسلة وقفوا لهم بالمرصاد، فالمساجد تُفتح لإخوتنا وشركاء الوطن، فكلها دور عبادة، فلما رأوا ذلك أحدثوا التفجير فى المساجد، قتلوا جموع المصلين فى سيناء، فالشهداء من الشعب كانوا يصلون ويدعون الله تعالى بالخير والسلام، وآخرون يقتلون ويفجّرون خدمة لأهداف مرشدهم وشياطين الإنس.

كانت التهديدات فوق كل تصوُّر، وكنت أحد شهود العيان قبل ثورة ٣٠ يونيو، يوم حاولوا الهجوم على وزارة الدفاع فى 2012، واندفع مرتزقة الجماعة نحوها فى حى العباسية العريق، وكانت بطولات الشعب وأهالى العباسية تفوق الخيال، شاهد الجميع كيف حافظ الجيش والشرطة على الأهالى، وكيف كان التعامل الذكى والقوة الهادئة التى تعرف كيف تنجو بهذا الوطن من براثن جماعات الشر.

هددت الجماعة أهالى العباسية، وأرادوا أن يجعلوهم، بخيالاتهم المريضة، سبايا من خلال فرض الأمر الواقع واحتلال المنطقة، ولم لا وهم من قالوا: إحنا شعب وأنتم شعب؟! ذهبت إليهم مع بعض الشباب الراقى، تحدّثنا معهم لترك الميدان والمنطقة وترك وزارة الدفاع، فكان التهديد والوعيد من بلطجية الإرهاب.

وكان الاتهام الذى حفظوه من سدنة الجماعة وعصابات البلطجة بأننا أمنجية أو مضحوك علينا، قُلنا لهم: جيش بلدك ركن دولتكم وحامى الحمى فى الداخل والخارج، وكان ردهم: إما الجماعة وإما الدمار والقتل، نحكم أو الدماء. وبدأ الأمر بمناوشات انتهت باستشهاد بعض من خيرة شباب العباسية رحمة الله عليهم، وبدأ غدرهم، وظهرت شجاعة الشعب فى التصدى لهم.

وأقسم غير حانث، لقد وجدتهم يُكبرون أننا كفار وأنهم وجماعات الضلال أهل الإيمان، وكان بجوارى شاب فتى فى أول العشرينات من عمره، وتلقى طلقة من سلاح آلى، وذهبنا به إلى دار الشفاء وإذا بالطبيب يقول البقاء لله مات، قتلوا الشباب بدم بارد، ورأيت جموعاً من الشعب جاءوا من جميع الأماكن يروون ما يحدث، وإذا بصرخات الشعب تقول: لا للإخوان، لا للإرهاب، جماعات الظلام لن تحكم مصر.

تفحّصت وجوه الناس وتأكدت أن النهاية حتمية لحكم المرشد، وأن مصر آن الأوان لها أن تقوم، وأن الجميع ينادى جيش بلده، فهم أمان البلاد وحُماة الوطن، وكل الجماعات وغيرهم من أفراد مشكوك فى أمرهم فى التعامل مع الخارج وأجهزتهم.

علمت بعدما رأيت قادتهم على منصات النهضة ورابعة يقولون إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جاءهم وبشَّرهم، وبدأ الأمر بكذب على الرسول الكريم، علمت أن الجماعة أفلست، وعندما اعترفوا بأن الجيش لو انسحب ستتوقف العمليات فى سيناء، أنطقهم الله أمام العالم أجمع لكى يعرف شعب مصر والعالم مَن قادة الإرهاب، مَن الذين قتلوا الجنود والنساء والأطفال، مَن الذين فجَّروا الكنائس والمساجد، فقام الشعب وطالب جيشه حتى تكون نهاية الظلام، وبداية عصر تكون فيه مصرنا الحبيبة قائدة ورائدة فى أفريقيا والشرق الأوسط، وأن يسطر جيشها البطولات ويحافظ عليها من كل الجهات.

سلام على أرواح الشهداء من الجيش والشرطة والشعب

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: الوطنية المصرية «المنقوصة» !!
  • سمو أمير البلاد يستقبل رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية صالح يوسف الفضالة
  • أحمد عبدالوهاب يكتب: "رحلة نجاح بين  التحديات والعثرات والإنجازات"
  • السيد عبد الله.. الرحيل المُفاجئ
  • أحمد ياسر يكتب: كيف ينظر العالم إلى مرشحي الرئاسة الأمريكية؟
  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • محمد عامر يكتب: حقيقة الوطن ووهم الجماعة.. «30 يونيو» معجزة شعب
  • الشيخ خالد الجندي يكتب: ثورة انتصار لمقاصد الشرع الشريف
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز
  • خلال آب وتموز وأيلول.. إليكم ما ستشهده الطريق من الدّورة الى نهر إبراهيم