«الموارد البشرية»: القطاع الصحي الخاص يباشر توقيع «عقود عمل مواطنين دارسين»
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
دبي- وام
أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن القطاع الصحي الخاص في الدولة بدأ توقيع «عقد عمل مواطن دارس» مع عدد من المواطنين الذين لا يزالون على مقاعد الدراسة الجامعية، والمنضمين لبرنامج تطوير كوارد القطاع الصحي ضمن مبادرات «نافس».
يأتي ذلك بعد أن قامت شركة الخدمات الصحية والطبية «HMS» بتوقيع «عقد عمل مواطن دارس» مع عدد من الطلبة المواطنين في تخصصات طبية متنوعة، مثل التمريض والتصوير الطبي والمختبرات الطبية، حيث سيتم بموجب هذه العقود توفير فرص تدريب عملية للمواطنين المعنيين، في مستشفى القرهود ومستشفى مردف أثناء فترة الدراسة، إضافة لضمان فرص وظيفية ملائمة لهم في تخصصاتهم ذاتها بعد تخرجهم من البرنامج بنجاح.
ودعت وزارة الموارد البشرية والتوطين مؤسسات القطاع الصحي لاستثمار المميزات التي يوفرها «عقد عمل مواطن دارس» عبر توقيع مثل هذا العقد مع المواطنين المنضمين إلى «برنامج تطوير كوارد القطاع الصحي»، والتي تشمل احتساب المواطن الدارس المعين في الشركة بهذا العقد ضمن نسب التوطين المطلوبة.
ويبلغ عدد الطلاب المتدربين في برنامج تطوير كوادر القطاع الخاص حالياً أكثر من 2300 طالب، فيما يستهدف البرنامج 2000 طالب مواطن سنوياً.
وكانت الوزارة وبالتعاون مع مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس» استحدثت عقد عمل جديد تحت مسمى «عقد عمل مواطن دارس» وهو عقد عمل بين صاحب العمل ومواطن دارس ملتحق بالدراسة ضمن إحدى البرامج المدعومة والمعتمدة من قبل المجلس، يحصل بموجبه المواطن على مكافأة شهرية لا تقل عن 4 آلاف درهم بالتوازي مع تسجيله في أحد صناديق المعاشات المعتمدة في الدولة.
ويتوجب على الشركات تعديل عقد عمل المواطن الدارس بعد التخرج إلى عقد عمل مواطن وفق النماذج المعتمدة لدى الوزارة وتعديل مستوى راتبه بما يتوافق مع أنظمة الشركة في المهن ذاتها، وبشرط ألا تقل مدة العقد بعد التعديل عن مدة الدراسة خلال مدة عقد مواطن دارس على الأقل وفي مهنة في نفس مجال التخصص.
وقالت فريدة آل علي، وكيل الوزارة المساعد لتوظيف الموارد البشرية الوطنية: إن عقد عمل المواطن الدارس يحقق منافع كبيرة لطرفيه، حيث يحصل الطالب المواطن على فرصة تدريب في مجال تخصصه تقوده إلى الوظيفة في التخصص ذاته بعد تخرجه من الجامعة، فيما يدعم هذا العقد الشركات المستهدفة بتحقيق مستهدفات التوطين المطلوبة منها.
وأشادت بخطوة شركة الخدمات الصحية والطبية «HMS» المتمثلة بتوقيع عقود مع عدد من المواطنين الدارسين، داعية الشركات الأخرى إلى توقيع مثل هذه العقود، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز مسيرة التوطين في القطاع الخاص وبما يعود بالفائدة على المواطنين والشركات على حد سواء.
من جانبها، قالت ريما السيد، رئيسة الموارد البشرية لشركة الخدمات الصحية والطبية «HMS»: تماشياً مع مبادرة «المواطن الدارس» قامت إدارة الموارد البشرية في المجموعة بالتنسيق مع الإدارات المختصة في جميع شركاتها المتمثلة بمستشفى القرهود ومستشفى مردف ومركز الفيفا الطبي المتميز - دبي ومركز دي اكس بون المتميز، بإعداد برنامج تدريبي يتوافق مع البرنامج الأكاديمي المعتمد للطلبة وشروط هيئة الصحة، حيث تأتي هذه الخطوة في إطار حرص الشركة على المساهمة في تدريب وتأهيل الطلبة المنتسبين لقطاع الرعاية الصحية، بهدف إنشاء كادر طبي مؤهل من مواطني دولة الإمارات، وتوظيفهم في مجال الرعاية الصحية في المستقبل.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات وزارة الموارد البشرية والتوطين القطاع الصحي الموارد البشریة القطاع الصحی
إقرأ أيضاً:
من التوازن المالي إلى الاستدامة الاقتصادية
حاتم الطائي
◄ المواطن تحمَّل ضغوط التوازن المالي وينتظر انفراجة اقتصادية
◄ ضرورة اتخاذ إجراءات ناجعة وفاعلة لضمان النمو الاقتصادي
◄ لا بديل عن دعم القطاع الخاص وتمكينه من قيادة الازدهار الاقتصادي
شهدت السنوات الماضية قيام حكومتنا الرشيدة بتنفيذ خطة "التوازن المالي" والتي رغم ما صاحبها من تحديات اقتصادية، إلّا أنها نجحت في تحقيق المُستهدف منها، والمُتمَثِّل في خفض الدين العام وتقليص العجز المالي في الميزانية العامة للدولة؛ الأمر الذي يستدعي ضرورة الإسراع في ضمان بلورة خطط واستراتيجيات تضمن الاستدامة الاقتصادية.
فمنذ أن أطلقت الحكومة خطتها لتحقيق التوازن المالي في أعقاب الأزمة المزدوجة الناتجة عن التراجع الحاد في أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، شهد اقتصادنا الوطني العديد من التحديات والتقلبات، كان أشدها الانخفاض الشديد في سعر برميل النفط، الذي وصل لمستويات تاريخية مُتدنية، ما أثر بالسلب على الإيرادات العامة للدولة، والتي ما زال النفط والغاز يمثلان حوالي 70% من مجموع هذه الإيرادات. وألقى ذلك بظلال سلبية على أوضاعنا المعيشية والاقتصادية؛ حيث لجأت الدولة إلى الاستدانة لتغطية النفقات الأساسية، والتي تمثلت بصورة رئيسية في رواتب موظفي الدولة ودعم الطاقة، مع تنفيذ بعض المشاريع العاجلة والمحدودة. في حين ظلت الأوضاع الاقتصادية تمضي نحو الركود المحتوم، ونتج عن ذلك غلق الآلاف من الشركات، وتسريح العديد من العاملين، وتراجع لافت في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التشييد والبناء وقطاع العقارات وقطاع السياحة، علاوة على تراجع القوة الشرائية. ومع استمرار خطة التوازن المالي وما أفرزته من زيادة الضرائب ورسوم الخدمات، ورفع الدعم جزئيًا عن الوقود والخدمات الأساسية (الكهرباء والمياه)، وغيرها من الإجراءات التي أثرت بالسلب على دخل المواطن، دخل اقتصادنا الوطني في حالة من الركود لا سيما مع استمرار تراجع الناتج المحلي الإجمالي، ثم تحول هذا الركود مع مرور الوقت إلى كساد اقتصادي، في ظل عدم قدرة المواطن على الشراء، وغياب المبادرات المُحفِّزة للنمو الاقتصادي.
وقد تحمَّل الجميع، حكومةً ومواطنين، هذه الضغوط رغبةً في الخروج من شرنقة الأزمة، وقد نجحت خطة التوازن المالي بالفعل في جني ثمار الضوابط الاقتصادية الصارمة، واستطاع اقتصادنا أن ينعتق من براثن تلك الأزمة الطاحنة، وأخذ يتحول تدريجيًا نحو التعافي الاقتصادي، خاصةً مع نجاح جهود خفض الدين العام وكذلك تقليص عجز الميزانية وتحويله إلى فائض مالي خلال السنتين الماليتين الأخيرتين، علاوة على ذلك، استعادة الجدارة الاستثمارية بفضل رفع التصنيف الائتماني السيادي لسلطنة عُمان، أكثر من مرة، حتى وصل إلى أعلى مستوى في سبع سنوات.
مثل هذه النتائج الإيجابية المُتحققة تفرض على الحكومة ضرورة تبنّي نهج استراتيجي مُغاير يتواكب مع الاستدامة المالية، لكن من منظور آخر، ألا وهو الاستدامة الاقتصادية. وثمّة فارق بين الاستدامة المالية والاستدامة الاقتصادية، فالأولى تَعني ضمان تدفق الموارد المالية للدولة لتدبير الإنفاق العام وخفض العجز المالي إن وُجِد، وهي عملية مُحاسبية تعتمد بصورة أساسية على الإدارة المالية الحصيفة، دون أن تنظر إلى الأبعاد الاقتصادية الأخرى. وهذه الأخيرة تُركِّز عليها الاستدامة الاقتصادية، والتي تهتم بصورة أساسية بآليات تعزيز النمو الاقتصادي، بغض النظر عن الظروف المالية للدولة، وذلك من خلال تبني مبادرات لتحفيز نمو القطاعات المختلفة، وعلى رأسها القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة والخدمات، علاوة على تقديم التسهيلات المالية اللازمة لنمو هذه القطاعات، عبر برامج تمويلية مُيسَّرة توفر القروض منخفضة التكلفة للشركات، لضمان توسيع الأنشطة. كما أن الاستدامة الاقتصادية توفر البيئة اللازمة لنمو القطاع الخاص، وتمكينه من أداء أدواره بما يضمن توفير المزيد من فرص العمل، وزيادة مداخيل الأفراد العاملين في القطاع الخاص، سواء عبر الحوافز أو العمولات أو الزيادات السنوية القائمة على تقييم مستويات الأداء.
وما يواجهه اقتصادنا من تحديات، وما ينتظره أيضًا من فرص واعدة، يُتيح المجال أمام مؤسسات الدولة الفاعلة لاتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة ومُحفِّزة للنمو الاقتصادي، تساعد على تعميق الاقتصاد وتوسيع قاعدة القطاع الخاص، وبصفة خاصة الإنتاجي منه، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنعاش اقتصادنا الوطني، والعمل بكل طاقتنا من أجل زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، والأهم من ذلك كله منح القطاع الخاص الفرصة ومساعدته على تحمل مسؤوليات في قيادة النمو الاقتصادي، وهي أهداف جميعها تتوافق وتتماشى تمامًا مع الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".
ولن يتحقق أي نمو اقتصادي بعيدًا عن القطاعات الحيوية والواعدة التي تزخر بها عُمان، وفي المقدمة قطاعات: التعدين والسياحة والثروة السمكية والصناعات التحويلية؛ حيث إن هذه القطاعات قادرة على أن تقود اقتصادنا لمستويات مرتفعة من النمو، والحقيقة أننا في هذا السياق لا نريد النمو الذي يتوقعه لنا صندوق النقد الدولي أو المؤسسات الدولية، نحن نبحث عن معدلات نمو قياسية كتلك التي حققتها النمور الآسيوية في تسعينيات القرن الماضي، أو ما نجحت في بلوغه بعض اقتصادات أفريقيا؛ إذ نتحدث عن معدلات نمو تتجاوز 7%، أما غير ذلك فنحن "محلك سِرْ"! ولا ينازعني شك في قدرتنا الاقتصادية على تحقيق هذه المعدلات، إذا ما أُتيحت الفرصة أمام الاستثمارات الوطنية والأجنبية لتنفيذ المزيد من المشاريع في تلك القطاعات. ولا يجب الحديث في هذا السياق عن مشروع أو اثنين؛ بل نتحدث عن عشرة مشاريع في القطاع الواحد، مع التوسع في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسريع وتيرة الإحلال، من أجل تخفيف حدة أزمة الباحثين عن عمل، بالتوازي مع توليد وظائف جديدة للعُمانيين.
إن الاستدامة الاقتصادية التي نطالب بها تمثل الرديف الحقيقي لخطط التنويع الاقتصادي، الذي نسعى لتحقيقه منذ عقدين من الزمن على الأقل، ورغم ما تحقق من نتائج إيجابية، إلّا أن مقوماتنا وطبيعة الفرص المُتاحة، تؤكد أننا قادرون على تحقيق المزيد أضعافًا مُضاعفة، فقط نحتاج إلى قرارات جريئة تُنعش الاقتصاد، وتساعد في توفير التمويل اللازم، وهنا أتحدث بصورة أساسية عن دور القطاع المصرفي، الذي -مع الأسف- ما زال يُركز على إقراض الحكومة لمساعدتها في دفع الرواتب عبر أذون الخزانة، وإقراض الموظف الحكومي عبر قروض استهلاكية يُفاقِم التضخم ولا يعكس أي نمو اقتصادي حقيقي. لذلك لا بديل عن برامج تمويلية مُيسَّرة تستهدف بالمقام الأول القطاع الخاص الإنتاجي، وبمعدلات فائدة منخفضة، علاوة على منح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منحًا مالية لا تُسترد، تساعد رائد العمل في مستهل حياته العملية على بدء مشروعه الصغير أو المتوسط؛ إذ لا ينبغي أن يُفرض على رواد الأعمال الجُدد أي أعباء مالية، في وقت يتملس طريقه وسط تحديات اقتصادية متعددة المستويات.
ويبقى القول.. إنَّ أي نمو اقتصادي لا يُتيح فرص التوسع أمام القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية والصادرات، لن يُسهم في تحقيق النتائج المرجوة، وسيظل يتأرجح بين 2% و3%، ما يعني استمرار الركود، ولذلك نحن في أمسِّ الحاجة إلى حلول ناجعة وفاعلة تعكس حيوية الاقتصاد وقدرته على التجدد والتعافي، من أجل ضمان الاستقرار المعيشي للمواطن والرخاء في مختلف جوانب الحياة.
رابط مختصر