الوطن:
2024-07-02@00:13:59 GMT

سارة حازم طه تكتب: عالم بلا إعلام!

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

سارة حازم طه تكتب: عالم بلا إعلام!

تخيل أن تستيقظ يوماً لتجد أن العالم بلا إعلام وصحافة؟ كيف كنت ستعرف أن رجلاً وصل للقمر أو أن حرباً قامت فى أقصى نقطة فى العالم، أو حتى سعر السكر والطماطم فى قريتك الصغيرة؟ كيف كنت ستكوّن رأياً عن قضية ما وتنحاز لها أو تتحقق من صحة أية معلومة أو خبر؟ كيف كنت ستسمع أصوات من لا صوت لهم؟ ببساطة كيف كنت «ستعرف»؟

هذا التساؤل التخيلى حول عالم بلا إعلام طرحه منتدى مصر للإعلام عبر شعاره فى نسخته الثانية هذا الأسبوع وحاول الإجابة عنه على مدار يومين بنقاشات موسعة بين العاملين والمتخصصين فى الصحافة و٢٥ ورشة عمل متنوعة لمدربين متخصصين بمختلف الاتجاهات والمدارس الصحفية.

الحرب على غزة استحوذت على نصيب الأسد من النقاشات، وركزت على التباين الواسع بين التغطيات الصحفية عربياً وغربياً. فعلى وسيلة إعلامية تجد الخبر يحمل عبارة «الجيش الإسرائيلى» وعلى وسيلة أخرى هو قطعاً «جيش الاحتلال» وهنا هم شهداء وهناك هم قتلى، ولكل لفظ معنى ولكل معنى دلالة. ومع خروج المظاهرات المناهضة لإسرائيل فى العواصم المختلفة أصبح واضحاً أن السردية الإسرائيلية فى الإعلام الغربى هزمت، وأنه بالرغم من كل هذا التحيز الإعلامى الغربى، اضطرت قناة إخبارية كـ«سكاى نيوز» فى بريطانيا إلى الاعتذار للسفير الفلسطينى حسام زملط والاعتراف بأنها حرفت كلامه.

إشكالية أخرى مهمة تناولها المنتدى وهى الإعلام الغربى الموجه بلغات عربية، هل ينقل لنا ثقافة الآخر دون مراعاة لثقافتنا أم أنه يندمج فى ثقافتنا ويذوب فيها؟ ولذلك كان الحديث عن تنوع الأصوات والثقافات فى غرف الأخبار، لتكون قادرة على نقل وجهات النظر المختلفة.

لم تهتم أجندة المنتدى فقط بالسياسة والثقافة ولكن اهتمت أيضاً بالإعلام الترفيهى والرياضى وأيضاً التحديات التى تواجه المرأة فى مهنة البحث عن المتاعب.

وإذا كان الإعلام التقليدى يسابق منافسيه من وسائل إعلام رقمية أخرى فإن السباق الأكبر هو تطويع التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى هذا السباق، لتكتشف أنه لا حلول سحرية فى الإعلام، فهذه التكنولوجيا تساعدك فى صناعة محتواك ليصل لأكبر عدد ممكن من الجمهور، ولكنه قد يفتقد المصداقية التى توفرها لك الوسائل التقليدية، ولهذا تحدث صراحة الرئيس التنفيذى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الأستاذ عمرو الفقى عن ضرورة التوازن بين تطوير المؤسسات الإعلامية والتوسع فى استخدام الأدوات التكنولوجية فى كافة القطاعات الإخبارية والرياضية والترفيهية وبين اقتحام عوالم جديدة بوسائل جديدة كمجال البودكاست الذى أصبح يجذب إليه الشباب بشكل واسع فى منطقتنا العربية.

يحسب لهذا المنتدى ولرئيسته نهى النحاس أنها أتاحت الفرصة لنا كى نستمع عن قرب لصانعى القرار فى المؤسسات الصحفية المختلفة، وأن نتبادل الخبرات مع صحفيين بتجارب وخلفيات مختلفة وأن يرى الطلبة والشباب كيف يناقش نجوم المهنة وصناعها كل هذه التفاصيل بشغف ورغبة مستمرة فى التطوير.

أذكر عندما كنت طفلة كيف كانت مصادر الأخبار محدودة يسيطر عليها صوت واحد فقط تعتقد وأنت تتابعها أنها الحقيقة المطلقة دون شك، إلى أن بدأ عصر الفضائيات بقنواته التى لا حصر لها ومن بعدها وسائل التواصل الاجتماعى، لتتفتح أعينى على عالم أوسع وأرحب من المعلومات والأفكار والآراء المختلفة. وبعدما كنت فقط أعرف الخبر وأنقله أصبح همى الدائم هو التحقق من هذا الخبر، والآن يضاف لمهامى ضرورة تطوير أدواتى والاطلاع على الوسائل الحديثة والاستفادة منها بقدر الإمكان.

المنتدى الذى تخيل عالماً بدون إعلام أكد لنا أننا نشهد عصراً يمكن أن نسميه «عالم ما بعد الإعلام» الذى يحمل أدوات جديدة وتحديات أكبر تسابقنا وتسابق الزمن.

الإعلام الذى لا يرضى عنه أحد سواء حكومات أو جمهور أو حتى أبناء المهنة نفسها لا غنى عنه، وقد تمر الصحافة والإعلام بتغيرات عميقة ولكن الأكيد أنها لن تموت وأن عالماً بدون إعلام هو الموت بعينه، لأن الأخبار الحقيقية والدقيقة والتحليل الجيد والمصداقية مازالت ضرورية لكل مجتمع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سارة حازم کیف کنت

إقرأ أيضاً:

المشيئة الكتابية

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

ها هي الورقة البيضاء بين يديك لتكتب فيها ما تشاء؛ هي لك في متناولك، اصنع فيها ما تشاء لتخطه على ورق.

حرية الرأي والتعبير مكفولة بالقانون، وهناك مسائل محظورة لا يجب التطرق إليها خارجة عن إطار حرية التعبير؛ لأنها عدوان وتهجم وتجاوز على القانون. ومنها التعدي على الذات الإلهية والذات السلطانية، وكل ما من شأنه أن يُعرِّض سلامة الدولة أو أمنها الداخلي والخارجي للخطر، والمساس بالديانات والأخلاقيات العامة، وغيرها من محظورات واضحة ينص عليها القانون. وما عدا ذلك، فبإمكان الكاتب أن يُعبِّر عن رأيه في إطار حرية التعبير، وهذا أبسط حقوقه حتى لا يشعر بالاختناق والانحباس الذاتي في بلده.

فماذا يتبقى إذا حصل ذلك، ووسائل النشر متاحة بحركة زر لتصل الكلمة إلى أي مكان وكل مكان دون رقيب؟!

يمكنك أيُّها الكاتب في ورقتك البيضاء أن تكتب عن النَّاس والأماكن والمواقف والحالات والظروف في إطار حرية التعبير؛ لأنك واثق من نفسك، مستقل مكتفٍ بما لديك مُدرك لحقوقك القانونية، لست ضعيفًا مُترددًا؛ بل مُحق حر شجاع كالكلمة الشجاعة الواثقة التي تقولها.

والكلمة الذي يُخطّها الكاتب وتصل في كل مكان قد تُصحح المسار وتُغيِّر الحال، ويمكنك أن تكتب عن أشخاص في ورقتك البيضاء أو تمحهم كما كتبتهم هم أو غيرهم، وتكتب عن آخرين فيتواجدون في ورقتك البيضاء.

تختار في ورقتك البيضاء ما تكتبه؛ فينكتب بالأماكن والحالات والظروف الذي تريد. في ورقتك البيضاء تستطيع أن تُقدِّم الأشخاص أو تؤخرهم، تُبعدهم أو تُقرِّبهم، يُمكنك أن تحركهم أو توقفهم، تمنحهم أو تمنعهم، تستدعيهم أو تصرفهم. يمكنك أن تلغيهم أو تُبقيهم دون أن تُبدي الأسباب فيما كتبت ولماذا كتبت، فهي ورقتك البيضاء وعليها اسمك ورسمك. تكتبهم بخطوط قلمك، تخطهم بجرة قلمك ثم تتركهم هناك؛ حيث أردتهم يتبعون نمط السرد اللغوي.

يمكنك بكتاباتك في صفحتك البيضاء أن تتنقل في الأماكن، تكتب الرحيل فترحل، أو تكتب الحضور فتحضر! فيتحقق ما كتبت على الورق؛ فالقلم قلمك والورقة البيضاء بين يديك. تخلق عوالمك الكتابية، تختلط بها وتختلط بك تسرح في ملكوتها، ويبقى ما تكتب واقعًا تتفرع منه الأشخاص والأحداث والوقائع والحضور والغياب والذهاب والإياب والبُعد والقرب وما يكون وما لا يكون.

تُفصِّل أدوار الكتابة على مقاسك ومقاسات آخرين تُوجِدْهُم بقلمك فيتواجدون. يذهب أناس ويبقى آخرون، ويأتي أناس آخرون تمنحهم دورًا في ورقتك البيضاء، ممن تريد أن يكونوا في كتاباتك ولا شيء غير مشيئتك الكتابية تكون؛ فيتفاعل الشخوص مع الحالة، والحالة تتفاعل معهم، تتغير أحوالهم وظروفهم وأماكنهم ونفسياتهم وفق ما يخط قلمك. وتصيبهم الحالة بالأعراض الإنسانية التي تنال من واقعيتهم، ويصبحون هم الحالة، والحالة هُم، ويكتب القلم واصفًا وضعهم الذي تَغيَّر وشعورهم الذي تحول وأحوالهم التي تبدلت.

صفحة بيضاء وقلم تكتب عوالم كثيرة لتصبح سردية حياة، ترسم قصتك المختلفة المتنوعة التي تريد.

وإذا أردت أن تُحضِر شخصًا مغمورًا وتُظهِره في كتاباتك لتمنحه الدور الذي أردت دون أن تفسر ذلك في صفحتك البيضاء، فلا أحد سيسألك كيف أتى ومن أين أتى ولماذا أتى؟

وإذا بهذا الذي به أتيت يصبح واقعًا على ورق لأنك جئت به في صفحتك البيضاء، وإذا بمشهده يصبح متحركًا بعد أن كان مُتوقفًا، حاضرًا بعد أن كان غائبًا وظاهرًا بعد أن كان مُتواريًا.

وذلك الحاضر في صفحتك البيضاء إذا أردت أن تُبعده أو تُلغه، فسيُلغى، ولن يُصبح له ذكر أو وجود، وسيختفي ويتلاشى، لأنها ورقتك البيضاء ولك المشيئة الكتابية في كتابة ما فيها.

وأن يكون للمرء ورقة بيضاء يخط عليها كلماته التامات مسؤولية كبيرة لمن يفهمها.. كتابات أزلية ثابتة تبقى في محركات البحث الإلكتروني وسجلات الزمن، بعد أن كانت مجرد ورقة بيضاء ويفنى الإنسان وتبقى الكلمات.

فماذا ستكتب في قادم الأيام؛ فالورقة ورقتك، والقلم قلمك، وروايتك لا بُد أن تسردها حيثما توجد وتكون، هنا أوهناك أو في أي مكان! وأنت وحدك أيها الكاتب من ترسم كتاباتك كما تريد، لتظهر واقعًا مقروءًا، ولا يبقى إلّا ما تخطه يداك ليُكتب على ورقتك البيضاء. وأنت الحقيقي الباقي في المشهد الكتابي، وأنت من لا أحد يستطيع أن ينتزع ذلك منك، فبوركت من مكانةٍ وبورك من قلمٍ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الماجستير للباحثة “سارة الصعفاني” من كلية الإعلام بجامعة صنعاء
  • "إعلام ونيل الفيوم": ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفوضى وطمس هويتها
  • هبة عبد العزيز تكتب: ثورة 30 يونيو كانت بمثابة المخرج للمرأة المصرية من الوقوع فى فخ الجهل والتجهيل الذى مارسته الجماعة المحظورة
  • إعلام الفيوم: الثورة أنقذت مصر من الفوضى وطمس هويتها الثقافية والحضارية
  • شركة BLEND.. ابتكار وجودة في عالم الدعاية والإعلان منذ 2019  
  • إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى على الصحراوى الغربى بقنا
  • إعلام إسرائيلي: غالانت ينصح الكابينت بتجنب الحرب مع لبنان.. وسموتريتش وبن غفير يعترضان
  • جمعية الصحفيين تطلق 3 مبادرات للكوادر الوطنية الشابة
  • المشيئة الكتابية
  • إعلام فلسطيني: آليات الاحتلال تقتحم قرية قصرة بمدينة نابلس