سارة حازم طه تكتب: عالم بلا إعلام!
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تخيل أن تستيقظ يوماً لتجد أن العالم بلا إعلام وصحافة؟ كيف كنت ستعرف أن رجلاً وصل للقمر أو أن حرباً قامت فى أقصى نقطة فى العالم، أو حتى سعر السكر والطماطم فى قريتك الصغيرة؟ كيف كنت ستكوّن رأياً عن قضية ما وتنحاز لها أو تتحقق من صحة أية معلومة أو خبر؟ كيف كنت ستسمع أصوات من لا صوت لهم؟ ببساطة كيف كنت «ستعرف»؟
هذا التساؤل التخيلى حول عالم بلا إعلام طرحه منتدى مصر للإعلام عبر شعاره فى نسخته الثانية هذا الأسبوع وحاول الإجابة عنه على مدار يومين بنقاشات موسعة بين العاملين والمتخصصين فى الصحافة و٢٥ ورشة عمل متنوعة لمدربين متخصصين بمختلف الاتجاهات والمدارس الصحفية.
الحرب على غزة استحوذت على نصيب الأسد من النقاشات، وركزت على التباين الواسع بين التغطيات الصحفية عربياً وغربياً. فعلى وسيلة إعلامية تجد الخبر يحمل عبارة «الجيش الإسرائيلى» وعلى وسيلة أخرى هو قطعاً «جيش الاحتلال» وهنا هم شهداء وهناك هم قتلى، ولكل لفظ معنى ولكل معنى دلالة. ومع خروج المظاهرات المناهضة لإسرائيل فى العواصم المختلفة أصبح واضحاً أن السردية الإسرائيلية فى الإعلام الغربى هزمت، وأنه بالرغم من كل هذا التحيز الإعلامى الغربى، اضطرت قناة إخبارية كـ«سكاى نيوز» فى بريطانيا إلى الاعتذار للسفير الفلسطينى حسام زملط والاعتراف بأنها حرفت كلامه.
إشكالية أخرى مهمة تناولها المنتدى وهى الإعلام الغربى الموجه بلغات عربية، هل ينقل لنا ثقافة الآخر دون مراعاة لثقافتنا أم أنه يندمج فى ثقافتنا ويذوب فيها؟ ولذلك كان الحديث عن تنوع الأصوات والثقافات فى غرف الأخبار، لتكون قادرة على نقل وجهات النظر المختلفة.
لم تهتم أجندة المنتدى فقط بالسياسة والثقافة ولكن اهتمت أيضاً بالإعلام الترفيهى والرياضى وأيضاً التحديات التى تواجه المرأة فى مهنة البحث عن المتاعب.
وإذا كان الإعلام التقليدى يسابق منافسيه من وسائل إعلام رقمية أخرى فإن السباق الأكبر هو تطويع التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى هذا السباق، لتكتشف أنه لا حلول سحرية فى الإعلام، فهذه التكنولوجيا تساعدك فى صناعة محتواك ليصل لأكبر عدد ممكن من الجمهور، ولكنه قد يفتقد المصداقية التى توفرها لك الوسائل التقليدية، ولهذا تحدث صراحة الرئيس التنفيذى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الأستاذ عمرو الفقى عن ضرورة التوازن بين تطوير المؤسسات الإعلامية والتوسع فى استخدام الأدوات التكنولوجية فى كافة القطاعات الإخبارية والرياضية والترفيهية وبين اقتحام عوالم جديدة بوسائل جديدة كمجال البودكاست الذى أصبح يجذب إليه الشباب بشكل واسع فى منطقتنا العربية.
يحسب لهذا المنتدى ولرئيسته نهى النحاس أنها أتاحت الفرصة لنا كى نستمع عن قرب لصانعى القرار فى المؤسسات الصحفية المختلفة، وأن نتبادل الخبرات مع صحفيين بتجارب وخلفيات مختلفة وأن يرى الطلبة والشباب كيف يناقش نجوم المهنة وصناعها كل هذه التفاصيل بشغف ورغبة مستمرة فى التطوير.
أذكر عندما كنت طفلة كيف كانت مصادر الأخبار محدودة يسيطر عليها صوت واحد فقط تعتقد وأنت تتابعها أنها الحقيقة المطلقة دون شك، إلى أن بدأ عصر الفضائيات بقنواته التى لا حصر لها ومن بعدها وسائل التواصل الاجتماعى، لتتفتح أعينى على عالم أوسع وأرحب من المعلومات والأفكار والآراء المختلفة. وبعدما كنت فقط أعرف الخبر وأنقله أصبح همى الدائم هو التحقق من هذا الخبر، والآن يضاف لمهامى ضرورة تطوير أدواتى والاطلاع على الوسائل الحديثة والاستفادة منها بقدر الإمكان.
المنتدى الذى تخيل عالماً بدون إعلام أكد لنا أننا نشهد عصراً يمكن أن نسميه «عالم ما بعد الإعلام» الذى يحمل أدوات جديدة وتحديات أكبر تسابقنا وتسابق الزمن.
الإعلام الذى لا يرضى عنه أحد سواء حكومات أو جمهور أو حتى أبناء المهنة نفسها لا غنى عنه، وقد تمر الصحافة والإعلام بتغيرات عميقة ولكن الأكيد أنها لن تموت وأن عالماً بدون إعلام هو الموت بعينه، لأن الأخبار الحقيقية والدقيقة والتحليل الجيد والمصداقية مازالت ضرورية لكل مجتمع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سارة حازم کیف کنت
إقرأ أيضاً:
اختتام المنتدى الإقليمي لتعزيز استجابة الصحة العامة لاضطرابات تعاطي المواد المخدرة
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاختتم المركز الوطني للتأهيل، ومنظمة الصحة العالمية المنتدى الإقليمي لتعزيز استجابة الصحة العامة لاضطرابات تعاطي المواد المخدرة، والذي عقد على مدار ثلاثة أيام من 26 إلى 28 فبراير، بحضور عدد من خبراء الرعاية الصحية وصنّاع السياسات وممثلي المجتمع المدني في أبوظبي.
وتناولت الموضوعات الرئيسية في المنتدى دمج علاج اضطرابات تعاطي المواد المخدرة في السياسات الصحية الوطنية، وتوسيع نطاق خدمات التأهيل، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، وتعزيز استراتيجيات الحد من الأضرار، بالإضافة إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في هذا المجال على الصعيد الإقليمي.
وفي ختام المنتدى، أوصى الخبراء باعتماد استراتيجيات مخصصة تراعي احتياجات كل دولة، مع اتباع آليات تستند إلى الأدلة والجهود الوقائية المتوافقة مع الخصوصيات الثقافية لمواجهة التحديات الإقليمية بشكل أكثر فعالية.
تحسين آليات الرصد وجمع الأدلة
وأكد الخبراء ضرورة تحسين آليات الرصد وجمع الأدلة لمتابعة تطورات أنماط تعاطي المواد المخدرة، مما يسهم في تطوير سياسات فعالة. كما تناول المنتدى أهمية توظيف تقنيات الاتصال وعلوم السلوك في تطوير حملات توعوية مستهدفة، والعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة حول اضطرابات تعاطي المواد المخدرة.
وأكد يوسف الذيب الكتبي، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتأهيل، ضرورة تبني نهج شامل، مشيراً إلى أن التصدي لاضطرابات تعاطي المواد المخدرة يتطلب استجابة صحية عامة متكاملة، تشمل النظم الصحية، والأطر السياسية، والتدخلات المجتمعية، لقد كان المنتدى الإقليمي لتعزيز استجابة الصحة العامة لاضطرابات تعاطي المواد المخدرة، بمثابة حجر الأساس في توحيد الجهود الإقليمية، وإيجاد الحلول التي تمكّن الأفراد وتدعمهم في رحلتهم نحو التعافي.
ويؤكد تنظيم هذا المنتدى ريادة دولة الإمارات في تعزيز الشراكات العالمية وتنفيذ مبادرات استراتيجية للعلاج والتأهيل، حيث يعمل المركز الوطني للتأهيل على بذل كل الجهود لتعزيز الصحة العامة من خلال مبادرات البحث والابتكار والتعاون الدولي بهدف تعزيز جودة الحياة ووضعها في صميم علاج اضطرابات تعاطي المواد المخدرة.