جريدة الوطن:
2024-10-02@01:08:26 GMT

قراءة فـي النشيد الوطني العماني

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

قراءة فـي النشيد الوطني العماني

ثلاثة وخمسون عامًا مضَت وعجلة التقدُّم والازدهار تَدُور على الدوام بأيدي قادة مَجد عُمان آل سعيد الكرام الَّذين قادوا عُمان منذ عام 1749، نصف قرن من الزمان مضَى وطموحات عُمان المَجد تسمو وتعلو، أيَّام تتالت يوما بعد يوم وفي كُلِّ يوم تضاف لبنة جديدة في صرح الحضارة العُمانيَّة، تلك الحضارة الَّتي امتدَّت عَبْرَ قرون من الزمان.

فباتت عُمان حُبًّا مكنونًا في قلب الشَّعب العُماني جيلًا بعد جيل.
ولكُلِّ وطن نشيد يترجم معاني الوطنيَّة، يُرَدِّد هذا النَّشيد في كُلِّ يوم وفي كُلِّ مناسبة لِيحييَ معانيَ حُب الوطن في قلوب الشَّعب. وبالنظر إلى تاريخ الأناشيد الوطنيَّة العربيَّة، نجدها على اختلافها تحمل بَيْنَ طيَّاتها كلمات تعَبِّرُ عن المراحل والتقلُّبات الَّتي مرَّت بها كُلُّ دَولة. فبعضها ذكر صراحةً اسم الحاكم وبعضها مجَّده بشكلٍ غير مباشر، بَيْنَما ركَّزت أخرى على المحطَّات المُهمَّة في تاريخ البلاد. ولعُمان سلام سُلطاني مُميَّز له طابعه الخاصُّ، حيث يُعرف باسم النشيد الوطني العُماني أو نشيد عُمان الوطني، كتَبَه الشَّاعر حفيظ بن سالم السيل الغساني، مستشار سُلطان عُمان السَّابق قابوس بن سعيد ولحَّن الكلمات الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب. فقَدْ تمَّ تأليف كلمات النَّشيد الوطني العُماني لأوَّل مرَّة في عام 1932، وأُعيدَ كتابة كلماته في عام 1970 عِندما تولَّى جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ مقاليد الحُكم في البلاد. ثمَّ أعيدت مراجعة الكلمات مرَّة أخرى في عام 2020 عِندما تولَّى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم الحُكم خلفًا للسُّلطان الراحل رحمه الله، حيث أصدر سُلطان عُمان هيثم بن طارق المُعظَّم مرسومًا يقضي بتعديل النشيد الوطني واستبدال كلمات كانت تُشير إلى سلفه السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه. ويذكُر النشيد الوطني السُّلطان قابوس بالاسم الصريح، إذ يقول: «أبشري قابوس جاء فلتباركه السَّماء واسعدي والتقيه بالدُّعاء».
وبحسب وكالة الأنباء العُمانيَّة، فقَدْ حُذف ذلك المقطع لتحلَّ محلَّه الكلمات الآتية «فارتقي هام السَّماء واملئي الكونَ ضياء واسعدي وانعمي بالرخاء».
فدعونا نتأمل كلمات النشيد الوطني العُماني في صورته الأخيرة والَّذي أطلق في عهد جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم:
يــــا ربَّنــــــا احفــــــظ لنــــــــا
جلالـــــــــــــــــة السُّلطان
والشَّعب فـــــي الأوطـــــــان
بالعــــــــــــــــزِّ والأمــــــــــــــــان
وليـــــــــــــــــدمْ مؤيــــــــــــــــدا
عاهــــــــــــــــلا ممجــــــــــــــــدا
بالنفــــــــــــوسِ يفتــــــــــــــدى
يا عُمان نحنُ من عهدِ النبي
أوفـيــــاء من كــــرامِ العــــرب
فارتقــــــــي هــــام السمــــــــاء
واملئــــي الكــــونَ ضيــــــــاء
واسعـــدي وانعمــي بالرخـــاء
إذا تأملت كلمات هذا النشيد تجده يتَّصف بالإيجاز في العبارات والعُمق في المعاني، والتدرج في الأفكار، ممَّا يسهل على النَّاس ـ صغارًا وكبارًا ـ حفظ هذا النشيد، وفهمه وتأمُّل معانيه واستشعارها، فيسهل عَلَيْهم ترديده في كُلِّ وقت، فتجد أغلب شطور أبيات هذا النشيد يتكوَّن من كلمتين فقط لِيكونَ للنشيد إيقاع موسيقي جميل مُحبَّب للنَّفْس.
ويُستهلُّ هذا النشيد بالدُّعاء لجلالة السُّلطان المُعظَّم بأن يحفظَه الله ويرعاه، ويقرن هذا الدُّعاء بالدُّعاء للشَّعب بأن يحفظَه الله آمنًا مستقرًّا في وطنه. إنَّ استهلال النشيد بالدُّعاء والتضرُّع لله تعالى لأن يحفظَ السُّلطان وشَعبه في أوطانهم لَيُعَبِّر عن مشاعر الإيمان والتمسُّك بالدِّين، وكذلك يُعَبِّر عن مدى عُمق مشاعر حُب الشَّعب لجلالة السُّلطان ومدى الترابط بَيْنَهما، كما يتضمن مطلع هذا النشيد الدُّعاء إلى الله بأن ينعمَ سبحانه وتعالى على جلالة السُّلطان المُعظَّم بالعزَّة والرّفعة، والعلوِّ والمَجد، ممَّا يدلُّ على عُمق ولاء الشَّعب للسُّلطان المُعظَّم فيصل هذا الولاء إلى درجة الاستعداد لفداء السُّلطان المُعظَّم بروحه، وهو أعلى درجات التضحية عِند الإنسان.
ثمَّ ينتقل النشيد الوطني من الدُّعاء لجلالة السُّلطان وما يتضمنه هذا الدُّعاء من مضامين عظيمة، إلى الجزء الثاني وهو ذكْر مدى عُمق حضارة وعروبة عُمان، فيبَيِّن النشيد أنَّ عُمان بلاد إسلاميَّة عربيَّة لها جذور عميقة تصل إلى عهد النَّبي صلى الله عَلَيْه وسلم، وهو من أصول عربيَّة كريمة، وتلك الأصول الممتدَّة إلى عهد النبوَّة تدلُّ على مدى عراقة عُمان والبُعد التاريخي لها، كما تدلُّ على مدى عروبة وأصالة سلطنة عُمان والتزامها بالمنهج الربَّاني الحكيم.
أمَّا القِسم الثالث من النشيد الوطني العُماني والَّذي يُشكِّل التعديل في السَّلام الوطني العُماني الَّذي أجري في عهد جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم، حيث أصدر جلالته مرسومًا يقضي بتعديل الفقرة الأخيرة والَّتي كانت تشير إلى اسم المغفور له بإذن الله السُّلطان قابوس بن سعيد بحذفها واستبدالها بالكلمات الآتية: «فارتقي هام السماء واملئي الكونَ ضياء واسعدي وانعمي بالرخاء».
فهذا التعديل انتقل بالسَّلام الوطني العُماني من الخصوصيَّة لفترة زمنيَّة مُحدَّدة وهي فترة حُكم السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ إلى العموميَّة لِيناسبَ جميع الأزمنة، حيث يُعَبِّر هذا الجزء عن علوِّ طموح قيادة عُمان وشَعبها للارتقاء والوصول للمعالي، لِتنالَ الريادة في هذا العالَم، واختتم السَّلام الوطني بالدَّعاء له بالسَّعادة والرَّخاء. وأرى أنَّ النشيد الوطني العُماني يختصر معاني المَجد؛ فعُمان بتاريخها العريق وامتدادها الجغرافي الواسع على شواطئ قارَّتَيْنِ، وبنائها لحضارة عُمان العريقة قَدْ حقَّقت مَجدًا مسطَّرًا في تاريخ العالَم.. وكُلُّ عامٍ وعُمان المَجد بخير… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: جلالة الس هذا الن

إقرأ أيضاً:

إقبال كبير على الجناح العُماني في معرض الرياض الدولي للكتاب

 

الرياض- الرؤية

تشارك سلطنة عُمان، في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، من خلال جناحها الرسمي الذي يضم إصدارات لعدد من القطاعات الحكومية، إضافة إلى عدد من دور النشر العُمانية التي تسلط الضوء على إنتاج مبدعين عمانيين في مختلف الفنون المعرفية والفكرية. ويواصل الجناح العماني استقطاب المزيد من الزوار.

ودأبت سلطنة عمان على الحضور بصفة سنوية في التظاهرة الثقافية لمدينة الرياض، وقد كانت ضيف شرف النسخة السابقة للمعرض، وجاءت مشاركتها فرصة لزوار المعرض للتعرف على التجربة الثقافية العمانية عن قرب. وقال مرشد بن محمد الحسني من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إن الجناح الرسمي لسلطنة عمان، مكونٌ من ثلاث وزارات، هي وزارة الإعلام، ووزارة الثقافة والشباب، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مؤكدًا على أن المشاركة العمانية تأتي بصفة سنوية، وقد دأبت سلطنة عمان على المشاركة والحضور في هذه الظاهرة الثقافية المهمة على خارطة المشهد الثقافي العربي.

وقال الحسني إن الجناح العُماني الذي صمم بطريقة فريدة مستوحاة من التراث العماني وألوان علم البلاد، يضمّ مؤلفات عدة في مختلف أصناف الإنتاج الفكري، مثل المجالات الدينية والثقافية والتاريخية والإعلامية، وقد توزعت المؤلفات على ما يقارب 150 عنوانًا بين القطع الصغير والمصنفات الكبيرة، مشيرًا إلى أنه وبجانب الجناح الرسمي للسلطنة، تحضر دور النشر العمانية للمشاركة بإنتاجها الفكري وبأحدث الإصدارات التي كتبت بمداد مثقفين ومبدعين عمانيين.

وقال عوض الشكيلي مؤسس دار "بين السطور" العُمانية التي لم يتجاوز عمرها العامين، إنها المشاركة الأولى للدار في هذه التظاهرة الثقافية اللافتة، مؤكدًا أنه كان يتطلع إلى الحضور بين الأسماء والدور العملاقة التي دأبت على المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب.

ويشارك الشكيلي بأكثر من 15 عنوانًا هي ما قدمته الدار للمكتبة العربية، في مجالات مختلفة، تشمل الروايات وتنمية الذات ومؤلفات أخرى، وقد تحرّى فيها أن يقترب من ذائقة قراء عرب يتصفون بحساسية الذائقة وسعة الإدراك، مشيرًا إلى أن معرض الرياض بالنسبة له ولكثير من نظرائه في دور الطباعة والنشر، يعد مؤشرًا لقياس اتجاهات القراءة والوعي بتطلعات القراء.

وأعرب الكاتب حمد المجرفي، الذي يشارك بإصداره الجديد ضمن المعرض، عن سعادته بالحضور للمرة الأولى إلى معرض الرياض الدولي للكتاب، والتعرف عن كثب على حجم اهتمام السعوديين وتتبعهم لأحدث الإصدارات في المكتبة العربية، مشيرًا إلى أنه من خلال حضوره في الأيام الأولى للمعرض لمس الفرق الذي يصنعه المعرض على المشهد الثقافي العربي، بفضل ما يتصف به زواره من المجتمع السعودي من شغف بصنوف الثقافة وإنتاجها المتجدد.

مقالات مشابهة

  • إقبال كبير على الجناح العُماني في معرض الرياض الدولي للكتاب
  • البنك الوطني العماني يحتفل بـ"اليوم العالمي لتجربة العميل"
  • قراءة في وضع حزب الله بعد مقتل زعيمه وخيارات إيران وتوريط محتمل للحوثيين
  • قراءة.. ماذا سيغيّر اغتيال حسن نصرالله بالمنطقة؟
  • بدء المؤتمر العُماني الأول للمدن الصحية في ظفار.. غدًا
  • الهدوء العُماني ودوره في اتخاذ القرار
  • تعاون بين البنك الوطني العماني و"باي بايت" لتعزيز المدفوعات الرقمية
  • قراءة عراقية: الشرق الأوسط أمام خيارين وإسرائيل لن تتوقف عن التصعيد - عاجل
  • البنك الوطني العُماني يحصد جائزة أفضل الشركات أداءً عن فئة "شركات رأس المال الكبير"
  • تداعيات اغتيال نصر الله على حزب الله ومحور المقاومة.. قراءة في آراء الخبراء (خاص)