كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": يُظهر الانشغال السياسي بموقع قيادة الجيش أنه صار أكثر تفلّتاً من كل الاعتبارات التي ترافق حرب غزة، واستمرار احتمالات التصعيد بين لبنان وإسرائيل. ومع اعتراف معنيين بالملف بأن الجميع وصل إلى مأزق حقيقي حيال نهائية القرار، ورغم أن المهلة مفتوحة حتى العاشر من كانون الثاني المقبل، إلا أن الوسائل التي اعتُمدت في مقاربة هذا الملف كشفت عن ابتزاز ونكايات سياسية تجعل الجيش ككل واقعاً تحت احتمالات الفوضى والخلافات إذا لم يُتفق على قرار واضح.

كما تضيء على جانب يتبلور عند كل استحقاق، يتعلق بقرار حزب الله التموضع إلى جانب حليفه.فمنذ انتهاء عهد العماد ميشال عون، مارس رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أشكالاً من الابتزاز تجاه حليفه حزب الله، وهي سياسة يعتمدها عند كل محطة مفصلية لتحصيل ما يراه حقاً مكتسباً له من حليفه في ورقة التفاهم التي يستخدمها عند أي خلاف، ويلمّح إلى ضرورة مراجعتها أو حتى الانسحاب منها. لم يخضع حزب الله للابتزاز أحياناً، واضطر في أحيان أخرى لمسايرة باسيل والتوافق معه. هكذا تحفّظ أولاً عن اجتماعات حكومة تصريف الأعمال، ثم شارك فيها مشترطاً إجراءَها تعيينات. بذلك ضرب عصفورين بحجر واحد: مراضاة باسيل وعدم استفزاز القوى المسيحية في غياب رئيس الجمهورية، إلى حد رفض تعيين مدير عام للأمن العام، وهو المنصب الأمني الشيعي الأرفع رتبة، كما تعيين حاكم للمصرف المركزي. وبقي التوافق بين الطرفين بين مدّ وجزر، مع تهدئة ملحوظة. لكنّ الوقائع السياسية ذهبت في اتجاه أكثر حدّة. لم يكن استحقاق انتهاء خدمة قائد الجيش حدثاً مفاجئاً. إلا أن الحزب كان يستمهل إعطاء قرار فيه، وترك لرئيس مجلس النواب نبيه بري أمر معالجته في تفاصيله السياسية واتصالاته مع القوى المسيحية، علماً أن الحزب، في تاريخ علاقته بالجيش، حافظ على وتيرة متوازنة لم تصل في أقصى حدّتها أكثر من عتاب بين الطرفين، وأبقى على علاقة جيدة به بغضّ النظر عمّن يتسلم القيادة من دون أي صدام بينهما. وهو لم يكن يحتاج إلى أن يكون، كما هي الحال الآن، في مرتبة ملتبسة في تعاطيه معه. وفي الوقت نفسه حاول الحزب أن يمسك عصا التوازن من نصفها، فلا يستهدف الجيش ولا يعادي القوى المسيحية، ومنها بكركي بعد التواصل الذي أعقب الجفاء بينهما. لكنّ باسيل لم يترك للحزب مع حرب غزة، فرصة كي يبلور اتجاهاً توافقياً مع حلفائه. بل صعّد وتيرة مطالبته بعدم التمديد، من دون حسم خياره الأخير تعييناً لقائد جديد أو لتسلّم الضابط الأعلى رتبة.
إلى أي حدّ يمكن للحزب أن يخضع لابتزاز التيار؟ هو السؤال الذي كان مطروحاً منذ أن بدأ الكلام عن أن التوافق على التمديد حتى من جانب تيار المردة، لن يكون شاملاً، لأن الحزب يُظهر مع تعثّر محاولة تأمين توافق على التمديد لقائد الجيش، والكلام عن أنه اتخذ قراراً واضحاً بعدم التمديد له، أنه سائر في اتجاه التيار وليس في اتجاه القوى المسيحية. ويعكس بذلك أن الحزب في غياب القوى السُّنية الوازنة التي تقف إلى جانب القضية الفلسطينية لكنها تقف ضد تدخّله في الحرب الدائرة، مضطر إلى تغطية من حليف مسيحي.
والمعارضون لباسيل وحزب الله معاً، ينتظرون كذلك الحد الذي سيصل إليه الحزب في الذهاب إلى خيار معارضة القوى المسيحية وبكركي، لأن الأمور تبدو وكأنها تخطّت الرئيس بري الذي يتولى عادة تبريد الأجواء المحمومة معهم. وستكون من الآن وصاعداً رهناً بموقف حزب الله دون غيره، وعلى هذا الموقف سيُبنى لاحقاً كثير من التحولات الداخلية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القوى المسیحیة حزب الله أن الحزب

إقرأ أيضاً:

حزب الأمة يتخذ خطوة تجاه رئاسة برمة ويضع حدا لعلاقته مع الدعم السريع

متابعات ــ تاق برس    حسم مجلس التنسيق في حزب الأمة القومي، استمرار الرئيس المكلف فضل الله برمة ناصر في قيادة الحزب، على أن يكتفي بخطوة التوقيع على ميثاق نيروبي، دون تقديم أي التزامات مستقبلية للدعم السريع.

وتأتي الخطوة بعد اضطرابات سياسية عنيفة شهدها الحزب بعد أصوات تعالت رافضة لخطوات برمة تجاه الحكومة الموازية المزمع إعلانها في مناطق سيطرة الدعم السريع.  وبحسب “عين الحقيقة” اجتماعاً إسفيرياً التأم أمس الأول الخميس على مستوى مجلس التنسيق برئاسة فضل الله برمة ناصر وبمشاركة 16 عضوًا من أصل 24 يشكلون المجلس، وقالت مصادر واسعة الاطلاع إن المجتمعين اتفقوا على تجاوز الأزمة التنظيمية التي تضرب الحزب. وفي 30 مارس الماضي، أعاد رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر تشكيل مؤسسة الرئاسة بإقالة نوابه الثلاثة وتعيين مساعدين ومستشارين جدد، في تصعيد عملي ضد قرار مؤسسة الرئاسة المناوئة له والتي عينت محمد عبد الله الدومة رئيسًا للحزب، وأكدت مصادر قريبة من ناصر أن اجتماع مجلس التنسيق أمس، أبطل بشكل عملي قراراته بحل مؤسسة الرئاسة، ومضى في تسوية ضمنية وفقا لما تم في اجتماع أبوظبي. الدعم السريعحزب الأمة

مقالات مشابهة

  • حزب الله حاضر دائمًا في الميدان
  • المعارضة التركية تطالب بانتخابات مبكرة وتتعهد بمواصلة الاحتجاجات
  • الشيخ الهجري: هناك أهمية للدور الرقابي الذي يقوم به المجتمع إلى جانب المؤسسات، في سبيل بناء وطن قوي ومتوازن
  • حزب الشعب الجمهوري المعارض يعقد مؤتمرا استثنائيا في أنقرة
  • بكري حسن صالح .. الرجل الذي أخذ معنى الإنسانية بحقها
  • حزب الأمة يتخذ خطوة تجاه رئاسة برمة ويضع حدا لعلاقته مع الدعم السريع
  • نقزة لبنانية قبيل وصول اورتاغوس وسلاح الحزب البند الاصعب
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد
  • مراسل سانا في حلب: قوات الجيش العربي السوري تصل إلى محيط مناطق قوات سوريا الديمقراطية في مدينة حلب وتؤمّن الطريق الذي سيسلكه الرتل العسكري المغادر من حيي الشيخ مقصود والأشرفية باتجاه شرق الفرات
  • خطوة مفاجئة من زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل