حكم التقيد بالزي النبوي ومخالفة ثياب أهل البلد.. دار الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (نرى بعض المتدينين يقولون: إِنَّ علينا التَّأَسِّي باللِّبَاس الَّذِي ثَبَتَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يلبسه، وأَنَّ هذا مِنَ السُّنة، وأنَّ من لم يفعل فقد خالف السنة، فهل هذا الكلام صحيح؟
. ماذا كان يقول النبي؟
وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن اللِّبَاسُ هو: ما يَسْتُرُ الْبَدَنَ ويَدْفَعُ الْحَرَّ والْبَرْدَ، والجمع أَلْبِسَةٌ، واستعمال اللِّبَاسِ تعتريه الأَحْكَامُ الخمسة: فالفَرْضُ منه: ما يَسْتُرُ العَوْرَةَ ويدفع الحرَّ والبرد؛ قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، أي: ما يَسْتُرُ عورتكم عند الصَّلاة، والْمَنْدُوب إليه أو الْمُسْتَحَبُّ: هو ما يَحْصُل به أصل الزِّينة وإظهار النِّعمة؛ قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11]، والْمَكْرُوه: هو اللِّباسُ الذي يكون مظنَّةً للتَّكبُّر والخيلاء، والحرام: هو اللبس بقصد الكبر والخيلاء.
وذكرت أن الأَصْلُ في اللِّبَاسِ الْحِلُّ مهما كانت المادَّة التي صُنِعَ منها إلا ما ورد نصٌّ بتحريمه كالحرير للرجال.
وأشارت إلى أن السُّنَّةُ في اصطلاح الأصوليين أَصْلٌ من أصول الأحكام الشرعية، ودليل من أدلتها يلي القرآن الكريم في الرُّتْبَةِ، فإنهم عرَّفوها بأنها: [ما صَدَرَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير القرآن من قول، ويسمى الحديث، أو فعل أو تقرير] اهـ. "شرح التلويح على التوضيح" (2/ 3، ط. مكتبة صبيح).
وتُطْلَقُ عند الفقهاء على ما يُقَابِلُ الواجب والمباح وغيرهما، فالسُّنَّة عندهم حُكْمٌ أُخِذَ من الدليل، فهي ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، فهي ترادف: المندوب، والمستحب، والتطوع، والطاعة، والنفل، والقُرْبَة، والْمُرَغَّب فيه، والفضيلة.
وتُطْلَقُ عند الْمُحَدِّثين على ما أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلٍ أو فِعْلٍ أو تَقْرِيرٍ، أو صِفَةٍ خِلْقِيَّةٍ أو خُلقِيَّة، سواء أكان قبل البعثة أم بعدها.
وتابع: ونلاحظ أَنَّ الْمُحَدِّثين توسَّعُوا في إطلاق السُّنَّةِ؛ وذلك لأنهم لا يقصرونها على إفادة حُكْمٍ شرعي، وإِنَّمَا غرضهم هو بَيَانُ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الهادي لنا، والذي أخبر الله عنه أنه أسوة لنا وقدوة؛ فنقلوا كل ما يتصل به من سيرة وخُلق، وشمائل وأخبار، وأقوال وأفعال، سواء أكان مُثْبِتًا حُكْمًا شَرْعِيًّا أم لا، بخلاف الأصوليين، فإنَّهم يبحثون عن السُّنَّةِ التي فيها استدلال على حكم شرعي. انظر: "حاشية الشيخ بخيت المطيعي على نهاية السول" (3/ 5، ط. عالم الكتب)، و"إتحاف ذوي البصائر" للدكتور عبد الكريم النملة (3/ 14، ط. دار العاصمة).
وعليه: فلا ينبغي جعل مُرَادِ الْمُحَدِّثِين من معنى السُّنَّة في وَصْف النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من حيث هَيْئَتهِ ولِبَاسهِ موضع السُّنة في اصطلاح الفقهاء من الاسْتِحْبَاب والنَّدْبِ؛ لأَنَّ هذا فيه خَلْطٌ بيِّن.
وأوضحت، أن لِبَاسُ الرَّجُلِ أو الْمَرْأَةِ من الأمور العادية التِي تخضع لِمُتَعارف كُلِّ أُمَّةٍ أو أُسْرَةٍ ولِزَمَانِهَا ومَكَانِهَا، ولتحقق المصلحة أو الضَّرَر في اسْتِعْمَالِهَا، ولَيْسَت مِمَّا يُتَعَبَّدُ به حتَّى يَتَقَيَّد لابسها بنوع أو زيٍّ منها، فهي على أَصْلِ الإِبَاحَةِ، أَمَّا إِذَا اقترن باللِّبْسِ ما يحرم شرعًا كَأَنْ يلبس نَوْعًا من اللِّبَاسِ إِعْجَابًا وخيلاء، أو تلبس المرأة لِبَاسًا يُظْهِرُ عَوْرَتَهَا أو يلبس زِيًّا يَقْصِدُ بلبسه التَّشَبُّه بزي الكُفَّارِ كان ذلك غير جَائِزٍ شَرْعًا، لا لِذَات الْمَلْبَسِ ولكن لِمَا قَارَنَهُ من الْمَعَانِي الممنوعة، وقد يكون ذلك مُحَرَّمًا، وقد يكون مكروهًا، ويُقَدَّرُ ذلك بِقَدْرِ ما قَارَنَهُ من تلك المعاني.
وروى الإمام البخاري تعليقًا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخِيلَةٍ»، وقال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "كُلْ ما شِئْتَ وَالْبَسْ واشرب ما شِئْتَ ما أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أو مَخِيلَةٌ" رواه البخاري في (كتاب اللِّبَاس)، يدلُّ هذا على أنَّ الْمَمْنُوع هو ما كان فيه إِسْرَافٌ وما قُصِدَ به الخيلاء، وإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج.
وأكدت أن الشَّرْعُ الشريف لم ترد فيه نصوص تُحَدِّدُ نوع الثياب ولا هيئتها؛ لأَنَّ الإسلام يُشَرِّعُ أُصُولًا صالحة لِكُلِّ زمان ومكان، وما اصطلح عليه الناس من هيئة للزي ورسمه وحب الزينة وتهيئة الثياب أَمْرٌ مشروع في الإسلام، وقد نقلت كتب السُّنَّة أنه كان يلبس الضيق من الثياب والواسع منها، وكذلك الصحابة والتابعون -انظر:"فتح الباري" للعلامة ابن حجر (10/ 268، ط. دار المعرفة)-، ولم يرد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين صفة أو هيئة خاصة للثياب سواء أكان للرجال أم للنساء.
وترك الشرع الشريف بيان هيئة الثياب وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصيلها؛ لاعتبارها من الأمور الدنيوية التي تعرف بالضرورات والتَّجَارِبِ والعادات، وقد نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن لبس ثوب الشهرة فقال: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ، ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ» رواه أبو داود (حديث: 4029).
وقد رأى الإمام أحمد رَجُلًا لابِسًا بُرْدًا مخططًا بَيَاضًا وسوادًا، فقال: [ضع هذا، والبس لباس أهل بلدك، وقال: ليس هو بحرام، ولو كنت بمكة، أو المدينة لم أعب عليك] اهـ. "غذاء الألباب" (2/ 163، ط. مؤسسة قرطبة).
وروى الإمام ابن أبي شيبة في "مصنفه" (5/ 205، ط. مكتبة الرشد) عن عباد بن العوام عن الحصين قال: [كان زبيد اليامي يلبس بُرنسًا، قال: فسمعت إبراهيم عابه عليه، قال: فقلت له: إن الناس كانوا يلبسونها، قال: أجل، ولكن قد فني مَنْ كان يلبسها، فَإِن لبسها أحدٌ اليوم شهروه، وأشاروا إليه بالأصابع] اهـ.
وأشارت إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يتميَّز عن غيره من أهل زمانه في اللباس والعادات الشَّكْلِيَّة، مما يدخله في الشُّهْرَةِ والانعزال.
وعليه نقول: إِنَّ التأسي بالملابس والأزياء المتعارف عليها في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التزيي بها ليس من الأشياء التي يُطَالَبُ المسلم بالتأسي بها؛ فهي من الأمور العادية الَّتِي تخضع لِمُتَعارف كُلِّ أُمَّةٍ أو أُسْرَةٍ ولِزَمَانِهَا ومَكَانِهَا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الفقهاء الثياب العادات صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
العراق: توزيع استخبارات بالزي المدني ضمن الخطة الأمنية للعيد
كشفت قيادة عمليات بغداد، اليوم الخميس، خطة تأمين عيد الفطر والمكون من 11 نقطة وتوجيها، من بينها تأمين الاماكن العامة والمقابر، ومنع مرور الدراجات وعربات الخيول في الاماكن المزدحمة، فضلا عن زج الاجهزة الاستخبارية بالزي المدني لمتابعة الظواهر السلبية.
وقالت القيادة في بيان, انه "ضمن الخطة الأمنية المرسومة لتأمين أيام عيد الفطر المبارك أصدرت قيادة عمليات بغداد عدد من التوصيات والتعليمات الصادرة لتعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على امن وسلامة المواطنين في عموم مناطق العاصمة".
واوضحت ان هذه التوصيات هي:1.تأمين الحماية للمواطنين والعتبات المقدسة ودور العبادة وكذلك الأماكن العامة في (الأسواق والمولات والمطاعم والمتنزهات ومدن ألعاب الأطفال) وجميع المواقع التي تشهد أقبال وتجمعات ومنها "المقابر وأماكن الدفن" خلال أيام عيد الفطر المبارك.
2.تنفذ الخطة الأمنية بمراحل ومن خلال تواجد القادة والآمرين على رأس قطعاتهم في كافة تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية والقطعات والأجهزة الاستخبارية الملحقة بها والاستمرار بعمليات البحث والتفتيش المناطقي لملاحقة الخارجين عن القانون وعصابات الجريمة المنظمة والجنائية.
3.تم تهيئة (١٢) مقر مسيطر وذلك للإشراف المباشر على تطبيق الخطة الأمنية ومعالجة الحالات الطارئة والمواقف الآنية بالتنسيق مع القطعات الماسكة للأرض.
4.منع مرور الدراجات النارية بكافة أنواعها والعربات التي تجرها "الخيول" في الأماكن المزدحمة والأسواق العامة وتدقيقها جيداً اذا وجبت الحاجة لدخولها.
5.متابعة إجراءات السلامة والأمن للفنادق والمطاعم ومدن الألعاب والكراجات "ساحات وقوف العجلات" بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص.
6.نشر وتوزيع دوريات النجدة وفرق الإطفاء والإسعاف بالقرب من الأماكن العامة والترفيهية لمعالجة الحالات الطارئة والفورية.
7.نشر مفارز الاجهرة الاستخبارية بالزي المدني لمراقبة ومتابعة الظواهر السلبية التي تسيئ إلى سمعة المجتمع البغدادي واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها.
8.إجراء حملات التوعية والإرشاد للمواطنين من خلال أقسام وشعب الإعلام والتوجيه المعنوي للقيادات بالتنسيق مع دوائر مديرية الإعلام والعلاقات في وزارة الداخلية "الشرطة المجتمعية - مكافحة الشائعات".
9.التأكيد على عدم قطع أي طريق رئيسي أو فرعي وفي الحالات الملحة للقطع يكون بشكل وقتي وبعد استحصال موافقة مقر قيادتنا حصراً.
10. التأكيد على تسهيل مهمة الكوادر الإعلامية للقنوات الفضائية والوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام الأخرى في تغطياتهم الميدانية خلال ايام عيد الفطر المبارك.
11.الاتصال بالارقام الساخنة ادناه والخاصة بقيادة عمليات بغداد لإستقبال اية شكوى او الاخبار عن معلومات تخل بالأمن:
07730009708
07834887408
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن