الورقة الحاسمة:

يدين الرئيس التونسي قيس سعيد للقضية الفلسطينية بواحد من العوامل الحاسمة التي أوصلته إلى سدة الحكم في انتخابات ألفين وتسعة عشر. إضافة إلى الصورة التي رسمت له في الحملة الانتخابية- بوصفه خارج التصنيفات الحزبية وخاليًا من أي مظاهر للفساد، وغير مدين لأي جهة داخلية أو خارجية، سياسية أو مالية أو دبلوماسية- ظهرت فلسطين في منعطف حاسم توسط الجولتين: الأولى والثانية التي وضعت سعيد وجهًا لوجه مع المرشح نبيل القروي.

بينما كان التونسيون يتطلعون إلى ما سيصبح عليه المشهد السياسي بعد تلك الانتخابات، بثت إحدى القنوات- التي ستتحول لاحقًا إلى أكثر داعمي الرئيس قيس سعيد فيما أقدم عليه من خطوات، عدت من قبل رافضيها انقلابًا على المسار الديمقراطي- تسجيلًا بالصوت والصورة أنجزه في كندا صحفي مغمور، سرعان ما توارى لاحقًا عن الأنظار، مع من وصف بكونه ضابطًا سابقًا في الجيش الإسرائيلي، اسمه آري بن مناشي، قيل إنه يمتلك شركة للعلاقات العامة، أفاد في الحوار بأن المرشح المنافس لسعيد- أي نبيل القروي- دفع له أموالًا ضمن حملته الانتخابية الرئاسية كي يدير لصالحه حملة علاقات عامة تعزز من حظوظه في الفوز برئاسة تونس، ومن مقبوليته لدى الدوائر الغربية كرجل دولة يمكن التعامل معه.

كان ذلك الحوار كفيلًا بأن يحرق آخر أوراق القروي، وأن يقوي حظوظ سعيد الذي سئل في المناظرة التلفازية الانتخابية الرئاسية عن عدة أمور؛ بينها قضية التطبيع مع إسرائيل، فرفع الرجل شعاره- الذي عاد ليردده بعد أن أصبح رئيسًا- ألا وهو "التطبيع خيانة".

شعار له إخوة:

لم تكن هذه الجملة يتيمة في بابها، فلقد اندرجت في خطاب الرئيس قيس سعيد مع أخوات لها ظهرت تباعًا في مناسبات عدة، من قبيل أن القضية الفلسطينية لا تسقط بالتقادم، وأن الشعب الفلسطيني من حقه استرداد أرضه من النهر إلى البحر، وأن الدولة التونسية ستفعل كل ما بوسعها لدعمه، بل إن نبرة الخطاب كانت ترتفع أحيانًا حتى تصل حد القول: إن "فلسطين ليست مزرعة حتى تكون موضوعًا لصفقة"، في إشارة واضحة إلى المشروع الذي طرحه الرئيس السابق دونالد ترامب لتسوية القضية الفلسطينية، ولا تزال إدارة بايدن الحالية تتحرك ضمن محدداته العامة.

ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة- تلك التي تلت هجمات حماس على فرقة غلاف غزة في الجيش الإسرائيلي، وما يرتبط بها من مستوطنات- عادت الأضواء لينال منها الرئيس التونسي قيس سعيد نصيبًا بموقفين لافتين، هما: الامتناع عن التصويت لصالح قرار عربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا لوقف إطلاق النار بغزة، وكسر الحصار المضروب على القطاع، ومن قبله تحفظ على قرار للجامعة العربية تناول التطورات نفسها، وفي كلتا الحالتين اعتبرت الدبلوماسية التونسية أن المقاربات المطروحة تساوي- بشكل ظاهر أو خفي- بين الجلاد والضحية، ولا ترقى إلى ضمان الحقوق الفلسطينية، بما ينبغي من موقف صارم وإجراءات فاعلة.

ذكّر الموقف التونسي كثيرين بمواقف ليبيا القذافي، عندما كان العقيد الراحل يرفع من سقف الجدالات العربية- العربية، ملقيًا باللائمة على الرسميات العربية التي تعقد قممًا لرفع العتب والاكتفاء بعبارات الإدانة والشجب.

على أن المقارنة تقوم على جوانب متشابهة، وتغفل في المقابل عن فوارق جوهرية، بالنظر إلى أن الزمن والجغرافيا قد اختلفا، ذلك أن الرئيس سعيد ليس القذافي، حتى لو صدقنا من يهمس بأنه كان من معجبيه، ويرى فيه زعامة وتجربة ملهمتين، كما أن ليبيا- التي كانت ولا تزال تسبح على ثروات نفطية وغازية وفيرة- ليست هي تونس التي تغرق في أزمة اقتصادية خانقة أثرت على قدرات الدولة، ومعيشة المواطنين فيها، باعتراف الجميع حتى الرئيس سعيد نفسه.

على أية حال، فقد انقسم التونسيون- كما هي عادتهم- حول الموقف من سياسة الرئيس سعيد؛ بين من يراها مظهرًا لما يصفونه بالخط الوطني السيادي، ذلك الذي يترجم، بطريقة أوضح وأقوى، التزام تونس التاريخي بالقضية الفلسطينية.

وفريق آخر يجد في هذا الخطاب ونبرته، عدولًا عن تقاليد الدبلوماسية التونسية التي كانت توازن دائمًا بين مناصرة الحق الفلسطيني، ولزوم وحدة الصف العربي، إضافة إلى علاقات دولية تشمل الولايات المتحدة، والدول الغربية ذات العلاقات السياسية والاقتصادية الواسعة والمؤثرة مع تونس.

كما وجد هؤلاء الرافضون مواقفَ الرئيس سعيد- ذات العلاقة مع الملف الفلسطيني- "قفزًا شعبويًا" فوق الواقع الذي يذكر كل من ينسى أن تونس لا تملك في الواقع- عدا الكلمات القوية والعبارات الرنانة – أوراقًا اقتصادية أو عسكرية تجعل لما يصدر عن قيادتها قيمة حقيقية وازنة.

المتشددون ضمن هذا الموقف يتوسعون في نقدهم للرئيس سعيد ومواقفه، إلى حد الإشارة إلى أن تلك المواقف لم توقف حج إسرائيليين إلى معبد الغريبة اليهودي التاريخي في جزيرة "جربة" التونسية، ولم توقف في شيء ما تنشره جهات اقتصادية دولية مختصة عن استمرار علاقات تجارية بين تونس وإسرائيل، كما أنها لم تبدد بالشكل الكافي ما قيل عن غضب الجارة الشقيقة الحليفة الجزائر، عندما راجت أخبار غير مؤكدة عن نية تونسية خجولة في التطبيع مع إسرائيل، بتشجيع من بلدان ساندت بقوة إنهاء الرئيس سعيد ما كان يعرف في تونس بعشرية الانتقال الديمقراطي، وافتتاح مسار الخامس والعشرين من يوليو الذي كرس حكمًا رئاسيًا مطلق الصلاحيات، وأحل محله نظامًا برلمانيًا هشًا ومتعثرًا.

سارعت تونس- وفق ما نشرته منابر إعلام جزائرية- إلى التحرك عبر دبلوماسيتها صوب الجزائر لرفع الالتباس، وتأكيد أن الرئيس سعيد لم يغير بوصلته، وأنه رغم علاقات بلاده الوثيقة مع نظم عربية رائدة في التطبيع- تتقدمها الإمارات ومصر- فإن ذلك لا يعني، ولن يعني بحال، التطبيع مع إسرائيل.

وفيما يتمسك المعسكر المناصر لمسار الرئيس سعيد بصدق الرجل وثباته على المبدأ فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية- مشددين على القيمة الرمزية العالية لذلك الموقف في زمن خذلان وتداعي النظام الرسمي العربي إلى التطبيع- يتريث غيرهم قبل التعويل على ناتج فعلي للوفرة الخطابية التي يتعامل بها الرئيس سعيد مع كثير من القضايا وبينها القضية الفلسطينية. وفرة جعلته في نظرهم يربط إعصار دانيال- الذي ضرب ليبيا مخلفًا عددًا كبيرًا من الضحايا ودمارًا هائلًا- بالحركة الصهيونية، في استدعاء لقاموس غاب طويلًا عن الرسميات العربية التي كفت منذ سنوات عن الحديث عن "المشروع الصهيوني"، و"الحركة الصهيونية".

يفعلون ذلك وهم يرون الرئيس سعيد يبادر دون تردد إلى إعلان الدعم الكامل لغزة في "طوفان الأقصى"، مقتربًا دون أن يعلن ذلك من منطق ألا صوت يعلو فوق صوت البندقية، وما البندقية في "الطوفان" سوى بندقية حمساوية إخوانية كانت قد بعثت ببرقية تهنئة حارة له حينما فاز في انتخابات ألفين وتسعة عشر، غير أنه- لاعتبارات غير واضحة- تحاشى، بحسب تلميحات سامي أبو زهري الناطق باسم حماس، ملاقاة وفد للحركة زار تونس في وقت لاحق.

رصيد المواقف:

هل هي فعلًا شعارات وكلمات دون رصيد؟

من السابق لأوانه المسارعة إلى حكم باتّ كهذا، ذلك أن الرصيد المعني في هذه الحالة لا يعني فقط مدى قدرة الرئيس سعيد نفسه على تحويل شعاراته إلى واقع فعلي يجسده دعم دبلوماسي ومالي، وربما عسكري بنحو ما للسلطة والمقاومة الفلسطينية، وإنما يمكن أن يعني الرصيد مفاعيل مضادة من قبيل ثمن تدفعه تونس لقاء مواقفها المعلنة على يد إدارة أميركية ودول غربية أعلنت انحيازها المطلق لإسرائيل، ولم تتعود التسامح مع من يتجاوز عبارات الدعم للفلسطينيين إلى أفعال ما تكون وازنة ومزعجة لأمن إسرائيل وبقائها.

عند هذه النقطة تصبح المواقف التونسية من القضية الفلسطينية ورقة تطرح على مائدة العلاقات التونسية والغربية- الأميركية في الجهة المقابلة. على تلك المائدة توجد حسابات واعتبارات أخرى، ذلك أن سعيد المتحمس للحق الفلسطيني، هو الذي يوشك على إراحة الغرب عامة وفرنسا خاصة من كابوس الإسلام السياسي الساعي لإنشاء تجربة تركية تمقتها باريس في الضفة الجنوبية من المتوسط، وهو كذلك؛ أي الرئيس التونسي، من أبرم مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية غير مسبوقة في مجال الهجرة غير النظامية، طارت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فاندر لاين، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني فرحًا.

إذًا هو قيس سعيد صاحب السياسة ذات الأوجه والأبعاد المتعددة، وهو مع ذلك رئيس تقف وراءه "دولة عميقة" بما لها من عقل سياسي وأمني عريق، يستوعب المتغيرات، لكنه يعرف على الأرجح حدوده جيدًا، خاصة عندما يصل الأمر حد الهجوم الذي قام به عنصر أمني في شهر يونيو من السنة الجارية مستهدفًا "حارة اليهود" في "جربة"، مخلفًا وراءه عددًا من الضحايا، في تذكير بهجمات سابقة ذكّرت بعلاقة تونسية- إسرائيلية مرت في جوانب منها بمراحل دامية؛ بدءًا من غارات إسرائيلية على مقرات منظمة التحرير في منطقة "حمام الشط"، مرورًا بعملية اغتيال "أبو جهاد" في ضاحية "سيدي بوسعيد"، ومنهما إلى اغتيال المهندس محمد الزواري، الذي صارت المسيرات التي صنعها واحدة من مكونات أسطول مسيرات حركة حماس، التي حرصت على إظهارها ضمن ترسانتها التي أعدتها لمعركة "طوفان الأقصى".

الطلقة القاتلة:

لم يتفاعل المستوى السياسي في إسرائيل مع مواقف الرئيس التونسي قيس سعيد سوى من خلال تغريدات وتصريحات لإيدي كوهين- لا تعبر عن الموقف الرسمي، وإن صدرت عمن يصفه البعض بأحد مستشاري رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو- هزأ في جزء منها من شعار "التطبيع خيانة"، ومن تفسير الرئيس سعيد لخلفيات تسمية إعصار ليبيا بدانيال.

مع ذلك ترى قراءات في سحب رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، مستندًا إلى رأي الرئيس سعيد، مشروعَ قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل- بذريعة أن اعتماده سيضر بالأمن القومي التونسي ومصالح البلاد العليا- معيارًا فعليًا يمكن به أن تقاس المسافة بين القول والفعل، لا لجهة صدق الرئيس سعيد بعيدًا عن محاكمة النوايا، وإنما للمفاعيل التي قد تقود إليها خطوة كتلك.

وإذ لم يذكر بودربالة- حتى من باب الدفاع عن نفسه إزاء من اتهمه بإسقاط المشروع- تفاصيل تلك المخاطر، أو ما يمكن أن يكون قد وصل الرئاسة التونسية من رسائل دفعتها للإيعاز بسحب المشروع، يبقى الأكيد هو أن إسرائيل وحلفاءها لا يمكنهم الاكتفاء بتجاهل أو تهوين خطوة من ذلك القبيل، حتى وإن بقيت رمزية في بابها، خشية أن تفتح الباب لخطوات أخرى مماثلة، أو على الأقل خيفة أن ترفع سقف غضب شارع عربي لا يرى من عذر لتقصير حكوماته بشأن القضية الفلسطينية.

بسقفه الخطابي العالي، من المرجح أن يستمر الرئيس التونسي قيس سعيد في إطلاق صواريخه الخطابية، حيث قال مرارًا: "إنها على منصاتها تطلق بين حين وآخر كلما دعت الحاجة لذلك"، ولعل أقرب الحاجات مناسبة مواعيد انتخابية قادمة لا محالة، من المستبعد أن يستغني فيها الرئيس سعيد عن "طلقته القاتلة" ألا وهي القضية الفلسطينية، غير أن المشهد تغير هذه المرة، إذ لا يوجد نبيل القروي، ولا وجود لحوار مصور مع ضابط إسرائيلي اسمه آري بن مناشي يلقَى به فجأة في حملته الانتخابية. هذه المرة هناك الرئيس قيس سعيد منفردًا بصلاحيات واسعة، في مجابهة أزمة اقتصادية قاسية، ودعوات داخلية وخارجية للحوار من أجل تجاوزها.. قبل وبعد أي موقف ناري من القضية الفلسطينية.. مهما كانت النوايا التي تقف وراءه صادقة.

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرئیس التونسی قیس سعید التطبیع مع إسرائیل القضیة الفلسطینیة الرئیس سعید رئیس ا ما کان ا یمکن

إقرأ أيضاً:

مشاركة الترجي بمونديال الأندية تفجر أزمة اللاعبين الأجانب بالدوري التونسي

تونس- عاد الجدل في أوساط كرة القدم بتونس حول قانون اللاعبين الأجانب المحترفين بأندية الدوري المحلي وذلك مع اقتراب مشاركة نادي الترجي في النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية المقررة بالولايات المتحدة.

وقبل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي لكرة القدم، مطلع عام 2025، أثار عدد من نوادي الدوري الممتاز ملف العدد الأقصى للاعبين الأجانب الذين يمكن التعاقد معهم والذين يتم إشراكهم في وقت واحد بالمباراة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2استبدله بعد 10 دقائق على مشاركته.. لاعب مصري يضرب مدربه ويعتزلlist 2 of 2موعد سحب قرعة كأس العالم للأندية 2025 والقنوات الناقلةend of list

وقدّم بعض نوادي الدوري وفي مقدمتهم الترجي حامل لقب الدوري التونسي، مذكّرة لاتحاد كرة القدم من أجل تغيير القوانين الخاصة باللاعبين الأجانب وتبنّي القانون الجديد خلال الجمعية العمومية المقبلة.

ديون متراكمة

وأعربت أغلب الأندية عن رفضها تبني المشروع الجديد باعتبار أن اللاعبين الأجانب شكّلوا خلال السنوات الماضية "كابوسا" لتلك الأندية بسبب تراكم مستحقاتهم والعجز عن دفعها ما تسبب في فرض عقوبة المنع من التعاقدات من قِبَل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد أكثر من نصف فرق الدوري.

ويعدّ ملف اللاعبين الأجانب من أكثر الأسباب التي عمقت أزمات الأندية في تونس، إذ مع تراجع الإيرادات وتفاقم الصعوبات المالية بسبب الأوضاع العامة في البلاد، عجزت جلّ الأندية عن دفع رواتب لاعبيها الأجانب لينتهي الأمر في أغلب الحالات بين أروقة فيفا بعد رفع اللاعبين الأجانب شكاوى للحصول على مستحقاتهم.

إعلان

وفي يوليو/تموز الماضي، سجّلت أندية دوري المحترفين (1) و(2) رقما سلبيا غير مسبوق عندما أصدرت غرفة النزاعات في فيفا أحكاما بمنع 11 ناديا تونسيا من بينها 9 أندية تنشط بالدوري الممتاز بالمنع من التعاقدات لفترات متفاوتة بسبب تفاقم ديونها لفائدة اللاعبين والمدربين الأجانب.

وشملت العقوبات 27 قضية رفعها لاعبون ومدربون سبق لهم الانتماء والعمل مع أندية تونسية دون أن يحصلوا على كامل رواتبهم.

قوانين الكرة التونسية تمنح حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويأمل الترجي التونسي في أن يرفع اتحاد كرة القدم سقف اللاعبين الأجانب في كل فريق حتى يتمكن من ضم لاعبين جدد تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية المقبلة، كما يسعى النادي الأفريقي، متصدر الدوري الممتاز حتى الآن إلى الغاية نفسها لتعزيز حظوظه في التتويج باللقب.

وتدافع بعض الأندية وفي مقدمتها الترجي عن مشروع الرفع في عدد اللاعبين الأجانب لمواكبة التطورات التي تشهدها كرة القدم في العالم، خصوصا أن الفريق سيكون في مواجهات قوية في كأس العالم للأندية 2025.

ويرى مسؤولو الترجي أن النجاح في المسابقات القارية والعالمية يتطلب وجود لاعبين ذوي إمكانيات كبيرة عادة ما تتوفر في اللاعبين الأجانب.

أندية تعارض

لكن عددا من أندية الدوري التونسي للمحترفين أبدت معارضتها لمشروع القانون الجديد، باعتبار أنه سيزيد في تكبيل تلك الأندية وتفاقم ديونها.

ويرى محمد محجوب رئيس الملعب التونسي، أن "سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الكلفة المالية للاعب والتداعيات الممكن وقوعها".

وقال محجوب للجزيرة نت "الملعب التونسي يسعى للانفتاح على كرة القدم في بلدان أخرى وضم لاعبين أجانب، ولكن دون المس بالمبدأ الأساسي للفريق وهو تكوين الشبان ومنحهم الفرصة للعب في الفريق الأول، اللاعب الأجنبي مهم لكن يجب تفادي العقوبات الناتجة عن انفجار أجور بعض اللاعبين وعدم القدرة عن تسوية مستحقاتهم".

محمد محجوب: سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة (الجزيرة) عقوبات الفيفا: خطر محدق

وسبق للكثير من الأندية التونسية أن عوقبت بالمنع من التعاقدات من قبل فيفا، بمن فيها الترجي نفسه، وذلك بسبب عدم تسديد مستحقات لاعبيها الأجانب قبل أن يتم رفع تلك العقوبات بعد تسوية النزاعات المالية.

ووجهت عدة أطراف داخل الأوساط الكروية في تونس اتهامات لمسؤولين بالإقبال على التعاقد مع لاعبين أجانب دون إدراك التداعيات المالية والقانونية لذلك.

إعلان

وقال محمد هشام الذيب، عضو مجلس اتحاد كرة القدم السابق إن "رفع سقف التعاقدات الأجنبية والنسج على منوال دوريات أخرى سواء من دول الجوار أو في أوروبا من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي ويعزز حظوظ الأندية التونسية التي تخوض المسابقات الأفريقية والعالمية مثل الترجي".

محمد هشام الذيب: رفع سقف التعاقدات الأجنبية من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي (الجزيرة)

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال الذيب، وهو محام متخصص في القانون الرياضي "مجال التعاقدات الأجنبية لا بدّ أن يواكب التطور الذي تشهده كرة القدم في العالم، بمثل هذه القوانين لا يمكن للترجي مثلا أو لغيره من الفرق أن ينافس على المسابقات القارية، ما فعله الترجي مثلا في الموسم الماضي بالوصول لنهائي دوري أبطال أفريقيا يشكل معجزة".

وتابع "عندما كنا في اتحاد الكرة (2020 ـ 2024) حرصنا على أن تواكب قوانين اللاعبين الأجانب ما تشهده الكرة الأفريقية من تطور، لا بد من منح اللاعبين الأجانب مكانة أكبر في الدوري التونسي حتى تصبح الأندية قادرة على المنافسة بقوة على الألقاب القارية".

وتمنح قوانين الكرة التونسية حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى في الفترة الواحدة للانتقالات، فيما لا يتم احتساب اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 21 عاما، لكن تلك القوانين لا تسمح بإشراك أكثر من 4 لاعبين في وقت واحد على أرض الملعب.

وتضم أندية دوري المحترفين في تونس، ما يزيد على 80 لاعبا أجنبيا أغلبهم في الأندية الكبيرة مثل الترجي والأفريقي (7 لاعبين) والصفاقسي (6 لاعبين) والملعب التونسي (5 لاعبين).

مقالات مشابهة

  • شاهد | ما الذي يخطط له العدو في الضفة، وكيف يستفيد من التناقضات الفلسطينية؟
  • الرئيس التونسي يشن هجوماً واسعاً على «النهضة الإخوانية»
  • خفر السواحل التونسي ينتشل جثمان 20 مهاجراً بعد غرق قاربهم
  • بطل العالم إبراهيم الخولي لـ«بودكاست المتحدة»: سعيد للغاية بتكريم الرئيس السيسي
  • القحوم: الأطماع الغربية في اليمن لن تعيق دعمنا لغزة والقضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي يضع روشتة للوصول لحلول للأزمة الفلسطينية والسورية|فيديو
  • مشاركة الترجي بمونديال الأندية تفجر أزمة اللاعبين الأجانب بالدوري التونسي
  • المولودية تتفق مع مدربها السابق التونسي بن يحيى
  • ماذا يعني قرار الإدارة العسكرية سحب سلاح الفصائل الفلسطينية في سوريا؟
  • الاتحاد العام التونسي للشغل يواجه أزمة داخلية غير مسبوقة