غالباً ما يلجأ الأفراد للمغذيات الدقيقة والمكمّلات الغذائية للحفاظ على نشاطهم على اعتبار أنها "الحبة السحرية" للصحة والعافية؛ لكن هل تخيّلتم يوماً أن تصبح هذه المتممات حاجة ملحّة للاستمرار والعيش؟ قد يشكّل القصف والقنابل تهديداً كبيراً لحياة الأفراد إلّا أن انعدام الأمن الغذائي يعدّ خطراً حقيقياً أيضاً!
أثناء فترات الحروب، تبرز تحديات عديدة تجعل من الصعب الوصول إلى مصادر الغذاء المتنوعة والمغذيات الضرورية ويصبح توفير الغذاء الكافي والمتوازن تحدياً يتطلب إجراءات خاصة، هنا يأتي دور المغذيات الدقيقة والمكملات الغذائية في تقديم الدعم الصحي اللازم.


 
هذه المكونات الغذائية الخاصة تلعب دوراً حاسماً في سدّ الفجوة بين الاحتياجات الغذائية والإمكانيات المتاحة خلال الحروب والنزاعات، وفقاً لاختصاصية التغذية والمدربة الرياضية بتول اللو، التي توضح في حديث لـ"لبنان 24" أنه " في ظل الحروب والأزمات حيث يعاني الأفراد من نقص حاد في الطعام، تصبح المكملات الغذائية مورداً حيوياً لتوفير العناصر الغذائية الأساسية"، مؤكدة أن "هذه المكملات يمكن أن تسد الفجوة الغذائية وتقدم الفيتامينات والمعادن الضرورية التي قد لا تتوفر في النظام الغذائي المحدود أثناء النزاعات".
 
خطر سوء التغذية ونقص العناصر الغذائية

في حديثها لـ"لبنان 24"، تقول اللو إن "عدم التوزيع المتساوي للغذاء أثناء الحرب يؤدي إلى نقص في العناصر الغذائية الأساسية للجسم"، مشيرة الى ان "الفئات الضعيفة خاصة الأطفال وكبار السن والمرضى، تواجه أعلى مخاطر سوء التغذية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات طويلة الأمد على الصحة والتطور".
 
كما تؤكّد أن "نقص العناصر الغذائية يمكن أن يكون خفياً لكنه مدمر، حيث يؤثر على استجابة الجهاز المناعي، التطور الإدراكي للأطفال، والصحة بشكل عام"، لافتة الى أنه "في المناطق المتأثرة بالحروب، يشيع نقص البروتين والفيتامينات والمعادن، مما يؤدي إلى حالات مثل فقر الدم والاسقربوط والكساح".
 
هذا وتشير اللو الى أن "الإجهاد البدني والنفسي المرتبط بالنزاعات يرفع من مستويات الحاجة إلى المغذيات لدعم الجهاز المناعي والحفاظ على الصحة تحت ضغط"، مضيفة: "يمكن أن تؤدي الإصابات من الحروب والأمراض إلى زيادة الحاجة إلى المغذيات الدقيقة لتسريع عملية الشفاء وإعادة بناء الأنسجة".
 
المغذيات الضرورية خلال الحروب
بالرغم من رغم صغر حجم الجرعات المطلوبة منها يومياً، تلعب المغذيات الدقيقة أدواراً حيوية في الحفاظ على الصحة العامة ودعم الوظائف الحيوية للجسم. وتفسّر الاختصاصية أن "المغذيات الدقيقة هي فيتامينات ومعادن مطلوبة بكميات ضئيلة ولكنها ضرورية لصحة الإنسان ونموه وتطوره"، موضحة ان "هذه العناصر تعمل كمحفزات للتفاعلات الكيميائية الحيوية داخل الجسم وتساعد في تنظيم العمليات الحيوية مثل النمو الخلوي، التمثيل الغذائي وإنتاج الطاقة".
 
وتضيف: "تؤدي المغذيات الدقيقة وظائف متعددة؛ فهي تعزز الجهاز المناعي، تقوي العظام، تضمن النمو السليم للأطفال، تحافظ على صحة الجلد والعيون. على سبيل المثال، الفيتامينات مثل فيتامين "سي" وفيتامين "إي" تعمل كمضادات للأكسدة لحماية الخلايا من الأضرار، بينما الحديد والزنك مهمان لوظائف المخ والاستجابة المناعية".
 
وعن المكمّلات الغذائية خلال الحروب، تقول اللو، "خلال الحروب، هناك حاجة ماسة للمكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد لمكافحة فقر الدم جراء الإصابات، والفيتامينات المتعددة لضمان تلبية الاحتياجات اليومية من الفيتامينات والمعادن المختلفة، ومكملات البروتين للمساعدة في الحفاظ على كتلة العضلات وإصلاح الأنسجة المتضررة".
 
تنويع مصادر الغذاء باستخدام الموارد المتاحة
لتنويع مصادر الغذاء والتغلب على التحديات الناجمة عن الحروب، من المهم تبني استراتيجيات كتخزين الحبوب والبقوليات طويلة الأمد، زراعة حدائق منزلية صغيرة للخضراوات واستخدام طرق حفظ الطعام كالتجفيف والتمليح.
 
وتقول اللو: "يمكن للأطعمة المحلية مثل الحبوب البدائية، البقوليات المجففة والخضراوات الجذرية أن تكون مصادر مغذية"، مشيرة إلى أن "الوصفات المنزلية القديمة والتي تعتمد على الحبوب الكاملة، البقوليات والمكسرات يمكن أن توفر البروتينات والألياف الضرورية" ولافتة الى ان "استخدام الأعشاب والتوابل لا يعزز النكهة فحسب بل يمكن أن يوفر أيضاً مضادات الأكسدة والمغذيات الأساسية".
 
أيضاً، تشير الى أن "الأعشاب مثل النعناع، البردقوش والزعتر يمكن أن تكون مفيدة في دعم الصحة الهضمية والمناعية. كما أن الأوراق والبذور البرية التي تجمع من الطبيعة يمكن أن تقدم تغذية مهمة في أوقات الندرة".
 
أضف الى ذلك أن النباتات البرية القابلة للأكل يمكن أن تقدم تنوعاً غذائياً وتسهم في تلبية الاحتياجات الغذائية، بحسب اللو التي تؤكّد أن "الأعشاب، الفطر والفواكه البرية يمكن استخدامها لتعزيز النظام الغذائي. كل هذه المصادر غنية بالمغذيات الدقيقة ويمكن أن تكون بديلاً مفيداً عندما تكون المصادر التقليدية للغذاء شحيحة وغير متوفرة".
 
إلّا أنه من الضروري الانتباه إلى السلامة الغذائية والنظافة عند البحث عن مصادر غذائية بديلة، لذا يجب التأكد من جمع النباتات من مناطق خالية من الملوثات. إذ أن النظافة الشخصية وسلامة المياه أمران حيويان لمنع انتشار الأمراض، خصوصاً في الظروف التي قد تكون فيها الرعاية الصحية محدودة.
 
من يؤمّن المكمّلات الغذائية خلال الأزمات؟
تلعب المنظمات الإنسانية دوراً حيوياً في الاستجابة للأزمات والكوارث، حيث تعمل على توفير المكملات الغذائية والأطعمة المقوّية للمتضررين من الحروب لتعويض النقص الحاد في الغذاء ومنع حالات سوء التغذية والأمراض المرتبطة به، وفقاً لبتول اللو، الخبيرة أيضاً في مجال عمل المنظمات غير الحكومية.
 
وترى اللو أن "التعاون بين الحكومات، المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية أساسي لضمان وصول المساعدات الغذائية إلى من يحتاجها. فتنسيق الجهود يساعد في تحقيق توزيع عادل وفعال للموارد، ويضمن أن المساعدات تصل إلى الأشخاص المتأثرين في الوقت المناسب وبالشكل المناسب".
وعن تأثير هذه المساعدات، تقول إن "هناك العديد من الأمثلة التي تظهر تأثيرها"، مضيفة: "هناك برامج عدّة، مثل التوزيع العالمي للقاحات أو البرامج التي تركز على تغذية الأطفال في المدارس في المناطق المتضررة من الصراعات، لها تاريخ طويل ناجح في تحسين الصحة ودعم الاستقرار في المجتمعات الأكثر ضعفاً".
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المکملات الغذائیة العناصر الغذائیة خلال الحروب یمکن أن

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الشرب أصغر من الحد الذي اعتمده الاتحاد الأوروبي

كشف العلماء أن معظم الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الموجودة في مياه الشرب هي أصغر من الحد الذي أقرّه الاتحاد الأوروبي للكشف عنها، مما يثير القلق بشأن تأثيراتها المحتملة على صحة الإنسان.

اعلان

أجرى العلماء تجارب على 10 علامات تجارية مختلفة للمياه المعبأة في زجاجات ومصدر واحد لمياه الصنبور في مدينة تولوز الفرنسية. واستخدموا طريقة جديدة للكشف عن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي يقل حجمها عن 20 ميكرون، وهو الحجم الذي لم يتم قياسه في العديد من الدراسات السابقة بسبب القيود التكنولوجية.

في مارس 2024، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا بشأن منهجية قياس الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الشرب، والذي يقصر القياس على الجسيمات التي تتراوح أحجامها بين 20 ميكرون و5 مم. إلا أن الدراسة الجديدة أظهرت أن الجسيمات الأصغر من 20 ميكرون، والتي لم يتم تضمينها سابقًا، قد تكون الأكثر خطرًا على الصحة.

مياه معبأة في زجاجات بلاستيكية تصطف على الرفوف في متجر بقالة في نيو أورلينز، الأربعاء 17 أبريل/نيسان 2024Gerald Herbert/AP

من جانبه، أوضح أوسكار هاغلسكاير، الرئيس التنفيذي لمؤسسة (Microplastic Solution) والمؤلف الرئيس للدراسة، أن هدف البحث هو إثبات إمكانية تحليل الجسيمات البلاستيكية الدقيقة جدًا ومحاولة إقناع الاتحاد الأوروبي بضرورة تحديث حدّ الكشف. وأضاف أن الجسيمات التي يقل حجمها عن 20 ميكرون هي الأكثر خطورة بالنسبة لصحة الإنسان.

Relatedلماذا تتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية في استهلاك المياه البلاستيكية المعبأة؟محذرة من مخاطره.. مسؤولة أممية: إعادة تدوير البلاستيك غير كافية للحد من تلوثهعملاق أدوات المطبخ البلاستيكية تابروير يشهر إفلاسه بعد سنوات من الصعوبات الماليةدراسة: كيف تؤثر المواد البلاستيكية الدقيقة على صحة القلب؟

كما أكدت بيثاني كارني ألمروث، أستاذة علم السموم البيئية في جامعة غوتنبرغ السويدية، التي لم تشارك في الدراسة، أن المنهجية كانت دقيقة للغاية، حيث أخذ الباحثون في اعتبارهم تأثيرات معالجة العينات وتأكدوا من دقة القياسات.

وجد العلماء عددًا كبيرًا من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في عينات المياه، تراوحت بين 19 و1154 جسيمًا في اللتر الواحد. كانت مياه الصنبور في تولوز تحتوي على 413 جسيمًا لكل لتر، وهو ما يفوق معظم عينات المياه المعبأة في زجاجات. ومع ذلك، يحذر هاغلسكاير من استخلاص استنتاجات قطعية بناءً على عينة واحدة.

رجل يملأ وعاء بلاستيكي بالماء من بئر في لاجوس، نيجيريا، يوم الجمعة، 22 مارس 2024.Sunday Alamba/AP

وأشارت النتائج إلى أن المياه المعبأة في زجاجات والمياه السطحية المعالجة تحتوي على مستويات مشابهة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، بينما قد تكون مياه الشرب المأخوذة من المياه الجوفية أقل تلوثًا. وأشار الباحثون إلى أن التركيزات في هذا النوع من المياه الجوفية في الدنمارك كانت أقل بحوالي 10 مرات.

السائق خوسيه فيفيروس يقوم بتوصيل المياه المعبأة البلاستيكية والمشروبات الأخرى في منطقة ليتل طوكيو في لوس أنجلوس، الخميس، 27 يوليو 2023.Damian Dovarganes/AP

من المثير للدهشة أن المواد البلاستيكية الدقيقة التي تم العثور عليها في المياه المعبأة في زجاجات كانت تحتوي على أنواع بلاستيكية أخرى غير البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، مما يثير تساؤلات حول مصدر التلوث البلاستيكي في المياه.

نقطة تجميع عامة للمياه في مونتيري، المكسيك، الاثنين 20 يونيو 2022AP

وبالرغم من أن التأثيرات الصحية لهذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة ما زالت غير مؤكدة، إلا أن هناك دلائل متزايدة على وجودها في أجسام البشر، ما يثير القلق بشأن تأثيراتها المستقبلية على الصحة.

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: بسبب الجفاف.. النفايات البلاستيكية تغطي الشاطئ في إندونيسيا شاهد: الأكياس البلاستيكية تغطي مسلة بوينس آيرس بمناسبة اليوم العالمي لإعادة التدوير شاهد: شركة مصرية ناشئة تعيد تدوير البلاستيك لإنتاج بلاط صديق للبيئة نفايات بلاستيكيةالاتحاد الأوروبيميكروبلاستيكدراسةبلاستيكمياهاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext مزيد من الضحايا في غزة.. قصف يسابق الزمن قبيل وقف إطلاق النار واجتماع الكابينت للمصادقة على الصفقة يعرض الآنNext مقابل تعويض مالي.. جولياني يتوصل إلى تسوية قانونية في دعوى تشهير ضده على خلفية الانتخابات في جورجيا يعرض الآنNext سبيس إكس تعلن عن فشل اختبار مركبة "ستارشيب" بعد 8 دقائق من الإقلاع يعرض الآنNext الشرع بعد صمت طويل لم يشر إلى احتلال جزء كبير من الجولان واكتفى.. ملتزمون باتفاق 1974 مع إسرائيل يعرض الآنNext الاتحاد الأوروبي يتعهد بتقديم 120 مليون يورو كمساعدات لغزة مع اقتراب التوصل إلى وقف إطلاق نار اعلانالاكثر قراءة ما هي أهم بنود اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة؟ شاهد كيف كان قطاع غزة قبل الحرب الإسرائيلية وكيف اصبح؟ تعرف على أبرز المفاوضين الذين أنجزوا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟ مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز الزائر الأبيض يزين جبال جرجرة في الجزائر اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومقطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقف إطلاق النارحركة حماسغزةإسرائيلدونالد ترامبالاتحاد الأوروبيكير ستارمرمحكمةفرنسادراسةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • فاتن عبد المعبود: لازم كل الناس تشوف قيمة جيش بلدنا القادر على حمايتنا
  • البطولة: المغرب الفاسي ينجو من الهزيمة أمام حسنية أكادير بتعادل مثير في الدقيقة الأخيرة
  • تقرحات مؤلمة.. كيف يمكن علاج الهربس الفموي؟
  • «المكملات الغذائية»: التنسيق مع «سلامة الغذاء» بشأن بيانات جميع المستحضرات
  • المكملات الغذائية: نطالب بإعادة النظر فى القرار 725 وآلية تطبيقه لحماية السوق
  • رئيس شعبة المكملات الغذائية: نطالب بإعادة النظر في القرار 725 وآلية تطبيقه
  • “يمكن أن تكون قاتلة”… كن حذرًا بشأن بعض المنتجات الغذائية في تركيا
  • دراسة تكشف: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الشرب أصغر من الحد الذي اعتمده الاتحاد الأوروبي
  • هاني شاكر يهاجم محمد رمضان: ممكن تغني بس مش لازم تتعرّى
  • الجنين يتحكم في طبيعة المغذيات التي يحصل عليها من الأم